باب في كلام الأموات وعجائبهم
حدثنا الحكم بن هشام الثقفي ، حدثنا عن عبد الملك بن عمير ، قال : مرض أخي ربعي بن حراش العبسي الربيع بن حراش فمرضناه ، ثم مات فذهبنا نجهزه ، فلما جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال : السلام عليكم . قلنا : وعليك السلام ، ألست قد مت؟! قال : بلى ، ولكن لقيت بعدكم ربي ولقيني بروح وريحان ورب غير غضبان ، ثم كساني ثيابا من سندس خضر ، وإني سألته أن يأذن لي فأبشركم فأذن لي ، وإن الأمر ، أيسر مما تذهبون إليه ، فسددوا وقاربوا ، فأبشروا ولا تغتروا . فلما قالها كانت كحصاة وقعت في ماء ثم أورد أشياء كثيرة في هذا الباب ، وهي آخر كتابه .
[ ص: 60 ] حديث غريب جدا :
قال : أنا البيهقي علي بن أحمد بن عبدان ، ثنا أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا محمد بن يونس الكديمي ، ثنا شاصونة بن عبيد أبو محمد اليمامي وانصرفنا من عدن بقرية يقال لها : الحردة - حدثني معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليماني ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حججت حجة الوداع ، فدخلت دارا بمكة ، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجهه مثل دارة القمر ، وسمعت منه عجبا ، جاءه رجل بغلام يوم ولد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . قال : " صدقت ، بارك الله فيك قال : ثم إن الغلام لم يتكلم بعد ذلك حتى شب . قال أبي : فكنا نسميه مبارك اليمامة قال شاصونة : وقد كنت أمر على معمر فلا أسمع منه . قلت : هذا الحديث مما تكلم الناس في محمد بن يونس الكديمي بسببه ، وأنكروه عليه واستغربوا شيخه هذا ، وليس هذا مما ينكر عقلا بل ولا شرعا ، فقد ثبت في " الصحيح " في قصة جريج العابد ، أنه استنطق ابن تلك البغى فقال له : يا بابوس ابن من أنت؟ قال : ابن الراعي . فعلم بنو إسرائيل براءة عرض جريج مما كان نسب إليه ، وقد تقدم ذلك .
على أنه قد روى هذا الحديث من غير طريق الكديمي ، إلا أنه بإسناد غريب أيضا ، قال : أنا البيهقي أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ، أنا [ ص: 61 ] أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني بثغر صيدا ، ثنا العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد أبو الفضل ، ثنا أبي ، ثنا جدي شاصونة بن عبيد ، حدثني معرض بن عبد الله بن معيقيب ، عن أبيه ، عن جده قال : حججت حجة الوداع ، فدخلت دارا بمكة ، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه كدارة القمر ، فسمعت منه عجبا; أتاه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد ، وقد لفه في خرقة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا غلام ، من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . فقال له : " بارك الله فيك " . ثم إن الغلام لم يتكلم بعدها . قال : وقد ذكره شيخنا البيهقي أبو عبد الله الحافظ ، عن أبي الحسن علي بن العباس الوراق ، عن أبي الفضل أحمد بن خلف بن محمد المقرئ القزويني عن أبي الفضل العباس بن محمد بن شاصونة به . قال : وقد أخبرني الثقة من أصحابنا ، عن الحاكم قال : لما دخلت أبي عمر الزاهد اليمن دخلت حردة ، فسألت عن هذا الحديث ، فوجدت فيها لشاصونة عقبا ، وحملت إلى قبره فزرته
قال : ولهذا الحديث أصل من حديث الكوفيين بإسناد مرسل يخالفه في وقت الكلام . ثم أورد من حديث البيهقي عن وكيع الأعمش ، ، عن شمر بن عطية ، عن بعض أشياخه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي قد شب لم يتكلم قط ، قال : من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . ثم روي ، عن عن الحاكم ، الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن عن يونس بن بكير الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن بعض أشياخه قال : جاءت امرأة بابن لها قد تحرك فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا لم يتكلم منذ ولد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدنيه مني " . [ ص: 62 ] فأدنته منه . فقال : " من أنا؟ " فقال : أنت رسول الله .