[ ص: 136 ] فصل في
ثبت في صحيح ترتيب الإخبار بالغيوب المستقبلة بعده صلى الله عليه وسلم البخاري ومسلم من حديث الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة بن اليمان قال : . قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا مقاما ما ترك فيه شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره ، علمه من علمه وجهله من جهله ، وقد كنت أرى الشيء قد كنت نسيته فأعرفه كما يعرف الرجل الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه
وقال : ثنا البخاري يحيى بن موسى ، حدثنا الوليد ، حدثني ابن جابر ، حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي ، حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر; مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : " نعم " . قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : " نعم . وفيه دخن " . قلت وما دخنه؟ فقال : " قوم يهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر " . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : " نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت يا رسول الله ، صفهم لنا قال : " هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا " . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم [ ص: 137 ] جماعة المسلمين وإمامهم " . قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام . قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " وقد رواه أيضا البخاري ومسلم ، عن عن محمد بن المثنى ، الوليد بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به .
ثم قال : ثنا البخاري ثنا محمد بن المثنى ، يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن حذيفة قال : تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر . تفرد به . البخاري
وفي " صحيح مسلم " من حديث شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، عن حذيفة قال : . لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يكون حتى تقوم الساعة ، غير أني لم أسأله : ما يخرج أهل المدينة منها؟
وفي " صحيح مسلم " من حديث علباء بن أحمر ، عن أبي يزيد عمرو بن أخطب قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأعلمنا أحفظنا . وفي الحديث الآخر حتى دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار وقد تقدم حديث : " والله ليتمن الله هذا الأمر ، ولكنكم تستعجلون " . [ ص: 138 ] وكذا حديث خباب بن الأرت عدي بن حاتم في ذلك ، وقال الله تعالى : ليظهره على الدين كله [ التوبة : 33 ] . وقال تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية [ النور : 55 ] .
وفي " صحيح مسلم " من حديث عن أبي نضرة ، أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء; فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " . وفي حديث آخر : ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء وفي " الصحيحين " من حديث الزهري ، عن عروة بن المسور ، عن عمرو بن عوف ، فذكر قصة بعث أبي عبيدة إلى البحرين ، وفيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تنبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم "
في " الصحيحين " من حديث عن سفيان الثوري ، محمد بن المنكدر ، [ ص: 139 ] عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : " هل لكم من أنماط؟ " قال : قلت : يا رسول الله ، وأنى يكون لنا أنماط؟ فقال : " أما إنها ستكون لكم أنماط " . قال : فأنا أقول لامرأتي نحي عني أنماطك . فتقول : ألم يقل رسول الله : " أنها ستكون لكم أنماط " ؟ فأتركها
وفي " الصحيحين " و " المسانيد " و " السنن " وغيرها من حديث عن أبيه عن هشام بن عروة ، عبد الله بن الزبير ، عن سفيان بن أبي زهير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تفتح اليمن ، فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " . كذلك رواه عن جماعة كثيرون ، وقد أسنده هشام بن عروة من حديث الحافظ بن عساكر مالك ، وسفيان بن عيينة ، وابن جريج ، وأبي معاوية ، ومالك بن سعير بن الخمس ، و وأبي ضمرة أنس بن عياض ، عبد العزيز بن أبي حازم ، وسلمة بن دينار ، . ورواه وجرير بن عبد الحميد أحمد ، عن يونس ، عن حماد بن زيد عن هشام بن عروة وعبد الرزاق ، عن ابن [ ص: 140 ] جريج ، عن هشام . ومن حديث مالك ، عن هشام به بنحوه .
ثم روى أحمد عن سليمان بن داود الهاشمي ، عن إسماعيل بن جعفر ، أخبرني يزيد بن خصيفة أن أخبره أنه سمع في مجلس الليثيين يذكرون أن بسر بن سعيد سفيان أخبرهم ، فذكر قصة ، وفيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ويوشك الشام أن يفتتح فيأتيه رجال من هذا البلد - يعني المدينة - فيعجبهم ريفه ورخاؤه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، ثم يفتح ، العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وأخرجه من طريق ابن خزيمة إسماعيل . ورواه من حديث الحافظ بن عساكر أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وكذا حديث ابن حوالة .
ويشهد لذلك : منعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم " وهو في [ ص: 141 ] " الصحيح " وكذا حديث المواقيت لأهل الشام واليمن ، وهو في " الصحيحين " ، وعند مسلم ميقات أهل العراق ويشهد لذلك أيضا حديث : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ، عز وجل "
وفي " صحيح " من حديث البخاري عن أبي إدريس الخولاني عوف بن مالك ، أنه قال : تبوك : " اعدد ستا بين يدي الساعة " فذكر موته ، عليه الصلاة والسلام ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم موتانا - وهو الوباء - ثم كثرة المال ، ثم فتنة ، ثم هدنة بين المسلمين والروم . وسيأتي الحديث فيما بعد . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة
وفي " صحيح مسلم " من حديث عبد الرحمن بن شماسة ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ; فإن لهم ذمة ورحما ، فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها " إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا قال : فمر : " بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يختصمان في موضع لبنة ، فخرج منها . يعني ديار مصر على يدي عمرو بن العاص في سنة عشرين ، كما سيأتي .
وقد روى ابن وهب ، عن مالك والليث ، عن الزهري عن ابن لكعب [ ص: 142 ] بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مصر فاستوصوا بالقبط خيرا; فإن لهم ذمة ورحما " رواه إذا افتتحتم من حديث البيهقي إسحق بن راشد ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه . وحكى عن أحمد بن حنبل ، سفيان بن عيينة ، أنه سئل عن قوله " ذمة ورحما " . فقال : من الناس من قال : إن أم إسماعيل هاجر كانت قبطية . ومن الناس من قال : أم إبراهيم . قلت : الصحيح الذي لا شك فيه أنهما قبطيتان ، كما قدمنا ذكر ذلك ومعنى قوله : " ذمة " . يعني بذلك هديةالمقوقس إليه وقبوله ذلك منه ، وذلك نوع ذمام ومهادنة . والله تعالى أعلم .
وتقدم ما رواه من حديث البخاري محل بن خليفة ، عن عدي بن حاتم في فتح كنوز كسرى وانتشار الأمن وفيضان المال حتى لا يتقبله أحد ، وفي الحديث أن عديا شهد الفتح ، ورأى الظعينة ترتحل من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا الله ، قال : ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم من كثرة المال حتى لا يقبله أحد . قال : وقد كان ذلك في زمن البيهقي عمر بن عبد العزيز . قلت : ويحتمل أن يكون ذلك متأخرا إلى زمن المهدي ، كما جاء في صفته ، أو إلى زمن نزول عيسى بن مريم ، عليه السلام ، بعد قتله الدجال ، فإنه [ ص: 143 ] قد ورد في " الصحيح " أنه يقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد . والله تعالى أعلم .
وفي " صحيح مسلم " من حديث ابن أبي ذئب ، عن مهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : جابر بن سمرة " قريش ، ثم يخرج كذابون بين يدي الساعة ، وليفتحن عصابة من المسلمين كنز القصر الأبيض قصر كسرى ، وأنا فرطكم على الحوض " لا يزال هذا الدين قائما ما كان اثنا عشر خليفة كلهم من الحديث بمعناه .
وتقدم حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام عن مرفوعا : أبي هريرة " ، إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ، عز وجل " وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده أخرجاه وقال : المراد زوال ملك قيصر عن البيهقي الشام ، ولا يبقى كبقاء ملكه على الروم; لقوله ، عليه السلام ، لما عظم كتابه : " ثبت ملكه " . وأما ملك فارس فباد بالكلية لقوله له : " مزق الله ملكه " .
وقد روى أبو داود ، عن محمد بن عبيد ، عن حماد ، عن يونس ، عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب - وروينا في طريق أخرى ، عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه - لما جيء بفروة كسرى وسيفه ومنطقته وتاجه [ ص: 144 ] وسواريه ، ألبس ذلك كله لسراقة بن مالك بن جعشم وقال : قل : الحمد لله الذي ألبس ثياب كسرى لرجل أعرابي من البادية . قال : إنما ألبسه ذلك; لأن الشافعي " . والله أعلم . النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه : " كأني بك قد لبست سواري كسرى
وقال سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عن قيس بن أبي حازم ، عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحيرة كأنياب الكلاب ، وإنكم ستفتحونها " . فقام رجل فقال : يا رسول الله ، هب لي ابنة بقيلة . قال " هي لك " . فأعطوه إياها . فجاء أبوها فقال : أتبيعها؟ قال : نعم . قال : فبكم؟ احكم ما شئت . قال ألف درهم . قال : قد أخذتها . فقالوا له : لو قلت ثلاثين ألفا لأخذها . فقال : وهل عدد أكثر من ألف؟ . مثلت لي
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا معاوية ، عن ضمرة بن حبيب ، أن ابن زغب الإيادي حدثه قال : نزل على عبد الله بن حوالة الأزدي فقال لي : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حول المدينة على أقدامنا لنغنم ، فرجعنا ولم نغنم شيئا ، وعرف الجهد في وجوهنا ، فقام فينا فقال : " اللهم لا تكلهم إلي فأضعف ، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها ، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم " . ثم قال : " الشام والروم وفارس - أو : لتفتحن لكم الروم وفارس - وحتى يكون لأحدكم من الإبل كذا وكذا ، ومن البقر كذا وكذا ، ومن الغنم كذا [ ص: 145 ] وكذا ، وحتى يعطى أحدكم مائة دينار فيسخطها " . ثم وضع يده على رأسي أو على هامتي فقال : " يا ابن حوالة ، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك " ورواه أبو داود من حديث معاوية بن صالح .
وقال أحمد حدثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه ، قالا : ثنا بقية حدثني بجير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي قتيلة ، عن ابن حوالة ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيصير الأمر إلى أن تكون جنود مجندة; جند بالشام ، وجند باليمن ، وجند بالعراق " . فقال ابن حوالة : خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك . فقال " عليك بالشام; فإنه خيرة الله من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده ، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدره; فإن الله تكفل لي بالشام وأهله " وهكذا رواه أبو داود ، عن حيوة بن شريح به . وقد رواه أحمد أيضا ، عن عصام بن خالد كلاهما عن وعلي بن عياش ، حريز [ ص: 146 ] بن عثمان ، عن سليمان بن شمير ، عن عبد الله بن حوالة ، فذكر نحوه . ورواه عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول وربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس ، عن عبد الله بن حوالة به .
وقال : أنا البيهقي أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، ثنا عبد الله بن يوسف ، ثنا يحيى بن حمزة ، حدثني أبو علقمة نصر بن علقمة ، يرد الحديث إلى قال : جبير بن نفير عبد الله بن حوالة : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه العري والفقر وقلة الشيء ، فقال : " أبشروا ، فوالله لأنا بكثرة الشيء أخوفني عليكم من قلته ، والله لا يزال هذا الأمر فيكم حتى يفتح الله عليكم أرض الشام - أو قال : أرض فارس - وأرض الروم وأرض حمير ، وحتى تكونوا أجنادا ثلاثة; جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن ، وحتى يعطى الرجل المائة فيسخطها " . قال ابن حوالة : قلت : يا رسول الله ، ومن يستطيع الشام وبه الروم ذوات القرون؟! قال : " والله ليفتحنها الله عليكم ، وليستخلفنكم فيها ، حتى تظل العصابة البيض منهم قمصهم ، الملحمة أقفاؤهم قياما على الرويجل الأسود منكم المحلوق ، ما أمرهم من شيء فعلوه " وذكر الحديث ، قال قال أبو علقمة : سمعت عبد الرحمن بن جبير [ ص: 147 ] يقول : فعرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نعت هذا الحديث في جزء بن سهيل السلمي ، وكان على الأعاجم في ذلك الزمان ، فكانوا إذا رجعوا إلى المسجد نظروا إليه وإليهم قياما حوله ، فيتعجبون لنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وفيهم .
وقال أحمد : حدثنا حجاج ، ثنا الليث بن سعد ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن عن ربيعة بن لقيط التجيبي ، عبد الله بن حوالة الأزدي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نجا من ثلاث فقد نجا " . قالوا : ماذا يا رسول الله؟ قال : " موتي ، ومن قتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه ، والدجال "
وقال أحمد : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، ثنا الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، عن عبد الله بن حوالة قال : أتيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل دومة ، وعنده كاتب له يملي عليه ، فقال : ابن حوالة؟ " قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله . فأعرض عني وقال إسماعيل مرة في الأولى : " نكتبك يا ابن حوالة؟ " قلت : فيم يا رسول الله؟ [ ص: 148 ] فأعرض عني - وأكب على كاتبه يملي عليه ، ثم قال : " ألا نكتبك يا ابن حوالة؟ " قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله . فأعرض عني وأكب على كاتبه يملي عليه . قال : فنظرت فإذا في الكتاب عمر ، فقلت : إن عمر لا يكتب إلا في خير . ثم قال : " أنكتبك يا ابن حوالة؟ " قلت : نعم . فقال : " يا ابن حوالة ، كيف تفعل في فتنة تخرج في أطراف الأرض كأنها صياصي بقر؟ " قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله . قال : " فكيف تفعل في أخرى تخرج بعدها كأن الأولى منها انتفاجة أرنب؟ " قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله . قال : " اتبعوا هذا " . قال : ورجل مقف حينئذ . قال : فانطلقت فسعيت وأخذت بمنكبه ، فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : هذا؟ قال : " نعم " . قال فإذا هو عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ألا نكتبك يا
وثبت في " صحيح مسلم " من حديث ، عن يحيى بن آدم زهير بن معاوية ، عن سهل ، عن أبيه ، عن قال : أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم شهد على ذلك لحم ودمه . قال أبي هريرة وغيره من أهل [ ص: 149 ] العلم : هذا يحيى بن آدم حيث أخبر عما ضربه من دلائل النبوة; عمر على أرض العراق من الدراهم والقفزان ، وعما ضرب من الخراج بالشام ومصر ، قبل وجود ذلك ، صلوات الله وسلامه عليه . وقد اختلف الناس في معنى قوله ، عليه الصلاة والسلام : " منعت العراق " . إلى آخره ، فقيل : معناه أنهم يسلمون فيسقط عنهم الخراج . ورجحه . وقيل : معناه أنهم يرجعون عن الطاعة ولا يؤدون الخراج المضروب عليهم ، ولهذا قال : " وعدتم من حيث بدأتم " . أي رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل ذلك ، كما ثبت في " صحيح مسلم " البيهقي : " إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا ، فطوبى للغرباء "
ويؤيد هذا القول ما رواه : حدثنا الإمام أحمد إسماعيل عن الجريري ، عن قال : أبي نضرة كنا عند فقال : يوشك جابر بن عبد الله أهل العراق أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم . قلنا : من أين ذاك؟ قال : من قبل العجم ، يمنعون ذلك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدي . قلنا : من أين ذاك؟ قال : من قبل الروم ، يمنعون ذاك . قال : ثم سكت هنيهة . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ، لا يعده عدا " . قال الجريري : فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء : أتريانه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا : لا . وقد رواه مسلم من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن علية [ ص: 150 ] كلاهما عن وعبد الوهاب الثقفي ، سعيد بن إياس الجريري ، عن عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة العبدي ، جابر كما تقدم . والعجب أن احتج به على ما رجحه من أحد القولين المتقدمين . وفيما سلكه نظر ، والظاهر خلافه . الحافظ أبا بكر البيهقي
وثبت في " الصحيحين " من غير وجه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل اليمن يلملم . وفي " صحيح " مسلم عن جابر : ولأهل العراق ذات عرق . فهذا من دلائل النبوة ، حيث أخبر عما وقع من حج أهل الشام واليمن والعراق ، صلوات الله وسلامه عليه .
وفي " الصحيحين " من حديث سفيان بن عيينة ، عن عن عمرو بن دينار ، جابر ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليأتين على الناس زمان يغزو فيه فئام من الناس ، فيقال لهم : هل فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقال : نعم . فيفتح لهم ، ثم يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام من الناس ، فيقال لهم : هل فيكم من صحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقال : نعم . فيفتح لهم ، ثم يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام من الناس ، فيقال : هل فيكم من صحب من صاحبهم؟ فيقال : نعم . فيفتح لهم "
[ ص: 151 ] وثبت في " الصحيحين " من حديث ثور بن زيد ، عن أبي الغيث ، عن قال : أبي هريرة كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة " الجمعة " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم [ الجمعة : 3 ] . فقال رجل : من هؤلاء يا رسول الله؟ فوضع يده على سلمان الفارسي وقال : " لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " وهكذا وقع كما أخبر به ، عليه الصلاة والسلام .
وروى من حديث الحافظ البيهقي محمد بن عبد الرحمن بن عرق ، عن عبد الله بن بشر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لتفتحن عليكم فارس والروم حتى يكثر الطعام فلا يذكر عليه اسم الله عز وجل
وروى الإمام أحمد والبيهقي وغير واحد ، من حديث وابن عدي أوس بن عبد الله بن بريدة ، عن أخيه سهل ، عن أبيه عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة بن الحصيب مرفوعا : " مرو; فإنه بناها ذو القرنين ، ودعا لها بالبركة ، وقال : لا يصيب أهلها سوء " وهذا الحديث يعد من غرائب " المسند " ، ومنهم من يجعله موضوعا . فالله أعلم . وقد تقدم حديث ستبعث بعوث فكن في بعث خراسان ، ثم اسكن مدينة من جميع طرقه في قتال الترك ، وقد وقع ذلك كما أخبر به سواء بسواء ، وسيقع أيضا . أبي هريرة
[ ص: 152 ] وفي " صحيح " من حديث البخاري شعبة ، عن فرات القزاز ، عن أبي حازم ، عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيكون خلفاء فيكثرون " . قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال " فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم
وفي " صحيح مسلم " من حديث أبي رافع ، عن قال : عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كان نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه ، ويستنون بسنته ، ثم يكون من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ، ويعملون ما ينكرون "
وروى من حديث الحافظ البيهقي عبد الله بن الحارث بن محمد بن حاطب الجمحي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ، ويعدلون في عباد الله ، ثم يكون من بعد الخلفاء ملوك يأخذون بالثأر ، ويقتلون الرجال ، ويصطفون الأموال ، فمغير بيده ومغير بلسانه ، ومغير بقلبه وليس وراء ذلك من الإيمان شيء يكون بعد الأنبياء خلفاء يعملون بكتاب الله
[ ص: 153 ] وقال : ثنا أبو داود الطيالسي جرير بن حازم ، عن ليث ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عن أبي ثعلبة الخشني ، أبي عبيدة بن الجراح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ومعاذ بن جبل ، " وهذا كله واقع . إن الله بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة ، وكائنا خلافة ورحمة ، وكائنا ملكا عضوضا ، وكائنا عزة وجبرية وفسادا في الأمة ، يستحلون الفروج والخمور والحرير ، وينصرون على ذلك ، ويرزقون أبدا حتى يلقوا الله عز وجل
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه ، والترمذي من حديث والنسائي سعيد بن جمهان ، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ، ثم تكون ملكا الخلافة بعدي ثلاثون سنة " وفي رواية : " ثم يؤتي الله ملكه من يشاء " وهكذا وقع سواء; أبا بكر ، رضي الله عنه ، كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال ، وكانت فإن عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام ، خلافة عثمان اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشر يوما ، وخلافة علي بن أبي طالب خمس سنين إلا شهرين . قلت : وتكميل الثلاثين بخلافة وكانت خلافة الحسن بن علي نحوا من ستة أشهر ، حتى نزل عنها لمعاوية عام أربعين من الهجرة ، كما سيأتي بيانه وتفصيله .
وقال يعقوب بن سفيان : حدثني ثنا محمد بن فضيل ، مؤمل ، ثنا حماد [ ص: 154 ] بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عبد الرحمن بن أبي بكرة ، " خلافة نبوة ثلاثون عاما ثم يؤتي الله الملك من يشاء " فقال معاوية : رضينا بالملك . وهذا الحديث فيه رد صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة ، وعلى النواصب من بني أمية ومن تبعهم من أهل الشام في إنكار خلافة علي بن أبي طالب ، فإن قيل : فما وجه الجمع بين حديث سفينة هذا وبين حديث المتقدم في " صحيح جابر بن سمرة مسلم " : " لا يزال هذا الدين قائما ما كان في الناس اثنا عشر خليفة كلهم من قريش؟ فالجواب : إن من الناس من قال : إن الدين لم يزل قائما حتى ولي اثنا عشر خليفة ، ثم وقع تخبيط بعدهم في زمان بني أمية ، وقال آخرون : بل هذا الحديث فيه بشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلا من قريش ، وإن لم يوجدوا على الولاء ، وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة ، ثم كانت بعد ذلك خلفاء راشدون ، فمنهم رضي الله عنه ، وقد نص على خلافته وعدله وكونه من الخلفاء الراشدين غير واحد من الأئمة ، حتى قال عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي ، رضي الله عنه : ليس قول أحد من التابعين حجة إلا قول أحمد بن حنبل ، عمر بن عبد العزيز . ومنهم من ذكر من هؤلاء والمهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم أيضا ، بالنص [ ص: 155 ] على كونه من أهل البيت ، واسمه المهتدي بأمر الله العباسي ، محمد بن عبد الله ، وليس بالمنتظر في سرداب سامراء ; فإن ذاك ليس بموجود بالكلية ، وإنما ينتظره الجهلة من الروافض . وقد تقدم في " الصحيحين " من حديث الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : " لقد هممت أن أدعو أباك وأخاك وأكتب كتابا; لئلا يقول قائل أو يتمنى متمن أبا بكر " وهكذا وقع ، فإن الله ولاه ، وبايعه المؤمنون قاطبة ، كما تقدم . يأبى الله والمؤمنون إلا
وفي " صحيح " البخاري أبا بكر أن امرأة قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - كأنها تعرض بالموت - فقال : " إن لم تجديني فأتي " .
وثبت في " الصحيحين " من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأبي هريرة بينا أنا نائم رأيتني على قليب ، فنزعت منها ما شاء الله ، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين ، وفي نزعه ضعف والله يغفر له ، ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا ، فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه ، حتى ضرب الناس بعطن " قال رحمه الله : الشافعي ، ، وقوله : " وفي نزعه ضعف " . قصر مدته ، وعجلة موته ، واشتغاله بحرب رؤيا الأنبياء وحي أهل الردة عن الفتح الذي ناله عمر بن الخطاب في طول مدته . قلت : وهذا فيه البشارة [ ص: 156 ] بولايتهما على الناس ، فوقع كما أخبر سواء ، ولهذا جاء في الحديث الآخر الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث وابن حبان ، عن ربعي بن حراش ، حذيفة بن اليمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : اقتدوا باللذين من بعدي; أبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما ، وقال الترمذي : حسن . وأخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وتقدم من طريق الزهري ، عن رجل ، عن أبي ذر حديث تسبيح الحصا في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يد أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان . وقوله عليه الصلاة والسلام : " هذه خلافة النبوة .
وفي الصحيح عن أبي موسى قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا فدلى رجليه في القف ، فقلت : لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست خلف الباب ، فجاء رجل فقال : افتح . فقلت : من أنت؟ قال : أبو بكر . فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " افتح له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فقال كذلك ، ثم جاء عثمان فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " . فدخل وهو يقول : الله المستعان
وثبت في " صحيح " من حديث البخاري عن سعيد بن أبي عروبة ، قتادة ، عن أنس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ، [ ص: 157 ] فرجف بهم الجبل ، فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله وقال : " أحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان اثبت "
وقال عبد الرزاق : أنا معمر ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن حراء ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اثبت ، ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان وقال معمر : قد سمعت قتادة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
وقد روى مسلم عن قتيبة ، عن الداروردي عن ، سهيل ، عن أبيه ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على أبي هريرة ، حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ، فتحركت الصخرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اهدأ ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " . وهذا من دلائل النبوة; فإن هؤلاء كلهم أصابوا الشهادة ، واختص رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مراتب الرسالة والنبوة ، واختص أبو بكر بأعلى مقامات الصديقية وقد ثبت في الصحيح الشهادة للعشرة بالجنة بل لجميع من شهد بيعة الرضوان عام الحديبية . وكانوا ألفا وأربعمائة ، وقيل : وثلاثمائة . وقيل : خمسمائة . فكلهم استمر على السداد والاستقامة حتى مات ، رضي الله عنهم أجمعين . وثبت في " صحيح " البشارة [ ص: 158 ] البخاري لعكاشة بأنه من أهل الجنة ، فقتل شهيدا يوم اليمامة .
وفي " الصحيحين " من حديث يونس ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبي هريرة ، عكاشة بن محصن الأسدي يجر نمرة عليه ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعله منهم " . ثم قام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بهاعكاشة . وهذا الحديث قد روي من طرق متعددة تفيد القطع ، وسنورده في باب صفة الجنة ، وسنذكر في قتال يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا بغير حساب ، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر " . فقام أهل الردة أن طليحة الأسدي قتل شهيدا ، رضي الله عنه ، ثم رجع عكاشة بن محصن طليحة الأسدي عما كان يدعيه من النبوة وتاب إلى الله عز وجل ، وقدم على أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، واعتمر وحسن إسلامه .
وقد ثبت في " الصحيحين " من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، " بينا أنا نائم رأيت كأنه وضع في يدي سواران ففظعتهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما ، فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابين يخرجان; صنعاء ، وصاحب اليمامة صاحب " وقد تقدم في الوفود لمسيلمة حين قدم مع قومه وجعل يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته ، فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : " والله لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت " . وهكذا وقع; عقره الله وأهانه وكسره وغلبه يوم أنه ، عليه الصلاة [ ص: 159 ] والسلام ، قال اليمامة ، كما قتل الأسود العنسي بصنعاء ، على ما سنورده ، إن شاء الله تعالى .
وروى من حديث البيهقي عن مبارك بن فضالة ، الحسن ، عن أنس قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسيلمة ، فقال له مسيلمة : أتشهد أني رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " آمنت بالله وبرسله " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن هذا الرجل أخر لهلكة قومه "
وقد ثبت في الحديث الآخر مسيلمة كتب بعد ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم; من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك; أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك; فلك المدر ولي الوبر ، ولكن قريشا قوم يعتدون . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى; أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين [ ص: 160 ] وقد جعل الله العاقبة أن لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، رضي الله عنهم; لأنهم هم المتقون ، وهم العادلون المؤمنون ، لا من عداهم . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق عنه صلى الله عليه وسلم في الإخبار عن الردة التي وقعت في زمن الصديق ، فقاتلهم الصديق بالجنود المحمدية حتى رجعوا إلى دين الله أفواجا ، وعذب ماء الإيمان كما كان ، بعد ما صار أجاجا ، وقد قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين الآية . [ المائدة : 54 ] .
قال المفسرون هم أبو بكر وأصحابه رضي الله عنهم .
وثبت في " الصحيحين " من حديث عامر الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة في قصة مسارة النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وإخباره إياها بأن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل عام مرة ، " وأنه عارضني العام مرتين ، وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي فبكت ، ثم سارها فأخبرها بأنها وأنها أول أهله لحوقا به ، فكان كما أخبر سيدة نساء أهل الجنة ، . قال : واختلفوا في البيهقي فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : شهران . وقيل : ثلاثة . وقيل : ستة . وقيل : ثمانية . قال : وأصح الروايات رواية مكث الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : مكثت فاطمة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر . أخرجاه في الصحيحين .