أعني سنة إحدى عشرة ، من الأعيان والمشاهير ، وذكرنا معهم من قتل ذكر من توفي في هذه السنة . باليمامة ; لأنها كانت في سنة إحدى عشرة على قول بعضهم ، وإن كان المشهور أنها في ربيع
توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثنتي عشرة . محمد بن عبد الله ، سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، وذلك في ربيعها الأول يوم الاثنين ثاني عشره على المشهور ، كما قدمنا بيانه وبعده بستة أشهر - على الأشهر - توفيت ابنته فاطمة ، رضي الله عنها ، وتكنى بأم أبيها ، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه عهد إليها أنها أول أهله لحوقا به ، وقال لها مع ذلك : أما ترضين أن تكوني ؟ سيدة نساء أهل الجنة . وكانت أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم على المشهور ، ولم يبق بعده سواها ، [ ص: 486 ] فلهذا عظم أجرها ; لأنها أصيبت به ، عليه الصلاة والسلام ، ويقال : إنها كانت توأما لعبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس له ، عليه الصلاة والسلام ، نسل إلا من جهتها ، قاله الزبير بن بكار . وقد ورد . أنه عليه الصلاة والسلام ، ليلة زفاف علي على فاطمة توضأ وصب عليه وعلى فاطمة ، ودعا لهما أن يبارك في نسلهما . وقد تزوجها ابن عمها علي بن أبي طالب بعد الهجرة ، وذلك بعد بدر ، وقيل : بعد أحد . وقيل : بعد تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بأربعة أشهر ونصف . وبنى بها بعد ذلك بسبعة أشهر ونصف ، أصدقها درعه الحطمية ، وقيمته أربعمائة درهم ، وكان عمرها إذ ذاك خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ، وكان علي أسن منها بست سنين . وقد وردت أحاديث موضوعة في تزويج علي بفاطمة ، لم نذكرها ; رغبة عنها فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا ، وأم كلثوم ، التي تزوج بها عمر بن الخطاب بعد ذلك .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، ثنا حماد ، أنا عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن علي ، فاطمة بعث معها بخميلة ، [ ص: 487 ] ووسادة من أدم حشوها ليف ، ورحيين وسقاء وجرتين ، فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه علي لفاطمة ذات يوم : والله لقد سنوت حتى لقد اشتكيت صدري ، وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه . فقالت : وأنا والله لقد طحنت حتى مجلت يداي . فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما جاء بك أي بنية ؟ " قالت : جئت لأسلم عليك . واستحيت أن تسأله ، ورجعت . فقال : ما فعلت ؟ قالت : استحييت أن أسأله . فأتياه جميعا ، فقال علي : يا رسول الله ، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري . وقالت فاطمة : لقد طحنت حتى مجلت يداي ، وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا . فقال : " والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم ، لا أجد ما أنفق عليهم ، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم " . فرجعا فأتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما ، إذا غطت رءوسهما تكشفت أقدامهما ، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رءوسهما ، فثارا ، فقال : " مكانكما " . ثم قال : " ألا أخبركما بخير مما سألتماني ؟ " قالا : بلى . قال : " كلمات علمنيهن جبريل ; تسبحان الله في دبر كل صلاة عشرا ، وتحمدان عشرا ، وتكبران عشرا ، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين . قال : فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقال له ابن الكواء : ولا ليلة صفين ؟ فقال : قاتلكم الله يا أهل [ ص: 488 ] العراق ، نعم ، ولا ليلة صفين . وآخر هذا الحديث ثابت في " الصحيحين " من غير هذا الوجه . فقد كانت فاطمة صابرة مع علي على جهد العيش وضيقه ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، ولكنه أراد أن يتزوج في وقت بدرة بنت أبي جهل ، فأنف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وخطب الناس ، فقال : إني لا أحرم حلالا ولا أحل حراما ، فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها ، وإني أخشى أن تفتن عن دينها ، ولكن إن أحب وإن ابن أبي طالب أن يطلقها ويتزوج بنت أبي جهل ، فإنه والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله تحت رجل واحد أبدا . قال : فترك علي الخطبة . أبي بكر الميراث ، فأخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت من . فسألت أن يكون زوجها ناظرا على هذه الصدقة ، فأبى ذلك وقال : إني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول ، وإني أخشى إن تركت شيئا مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله أن أضل ، ووالله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . فكأنها وجدت في نفسها من ذلك ، فلم تزل مغضبة مدة حياتها ، فلما مرضت جاءها الصديق ، فدخل عليها فجعل يترضاها ، وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة ، إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله [ ص: 489 ] ومرضاتكم أهل البيت . فرضيت ، رضي الله عنهما . رواه لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة من طريق البيهقي إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، ثم قال : وهذا مرسل حسن بإسناد صحيح . امرأة الصديق أن تغسلها أسماء بنت عميس ، فغسلتها هي ولما حضرتها الوفاة أوصت إلى وعلي بن أبي طالب وسلمى أم رافع ، قيل : . وما روي من أنها اغتسلت قبل وفاتها ، وأوصت أن لا تغسل بعد ذلك فضعيف لا يعول عليه . والله أعلم . والعباس بن عبد المطلب
وكان الذي صلى عليها زوجها علي ، وقيل : عمها العباس . وقيل : أبو بكر الصديق . فالله أعلم . ودفنت ليلا ، وذلك ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة . وقيل : إنها توفيت بعده ، عليه الصلاة والسلام ، بشهرين . وقيل : بسبعين يوما . وقيل : بخمسة وسبعين يوما . وقيل : بثلاثة أشهر . وقيل : بثمانية أشهر .
والصحيح ما ثبت في " الصحيح " من طريق الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن فاطمة عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ، ودفنت ليلا . ويقال : إنها لم تضحك في مدة بقائها بعده ، عليه الصلاة والسلام ، وإنها كادت تذوب [ ص: 490 ] من حزنها عليه ، وشوقها إليه . واختلف في مقدار سنها يومئذ ، فقيل : سبع . وقيل : ثمان . وقيل : تسع وعشرون . وقيل : ثلاثون . وقيل : خمس وثلاثون سنة . وهذا بعيد ، وما قبله أقرب منه . والله أعلم . ودفنت بالبقيع ، وهي . أول من ستر سريرها
وقد ثبت في " الصحيح " أن عليا كان له وجه من الناس حياة فاطمة ، فلما ماتت التمس مبايعة الصديق فبايعه . كما هو مروي في " " . وهذه البيعة لإزالة ما كان وقع من وحشة حصلت بسبب الميراث ، ولا ينفي ما ثبت من البيعة المتقدمة عليها كما قررنا . والله أعلم . البخاري
وممن توفي في هذه السنة ، بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان ، أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورثها من أبيه ، وقيل : من أمه . وحضنته وهو صغير ، وكذلك بعد ذلك ، وقد شربت بوله ، فقال لها : . وقد أعتقها وزوجها لقد احتظرت بحظار من النار عبيدا ، فولدت منه ابنها أيمن فعرفت به ، ثم تزوجها مولى رسول الله [ ص: 491 ] صلى الله عليه وسلم ، فولدت زيد بن حارثة أسامة بن زيد ، وقد الحبشة والمدينة ، وكانت من الصالحات ، وكان عليه الصلاة والسلام يزورها في بيتها ويقول : هاجرت الهجرتين ; إلى هي أمي بعد أمي . وكذلك كان أبو بكر وعمر يزورانها في بيتها ، كما تقدم ذلك في ذكر الموالي ، وقد توفيت بعده ، عليه الصلاة والسلام ، بخمسة أشهر ، وقيل : بستة أشهر .
ومنهم ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوي ، حليف الأنصار ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان ممن حضر مؤتة فلما قتل عبد الله بن رواحة دفعت الراية إليه ، فسلمها ، وقال : أنت أعلم بالقتال مني . وقد تقدم أن لخالد بن الوليد طليحة الأسدي قتله وقتل معه ، وذلك حين يقول عكاشة بن محصن طليحة :
عشية غادرت ابن أقرم ثاويا وعكاشة الغنمي تحت مجال
وذلك في سنة إحدى عشرة ، وقيل : سنة ثنتي عشرة . وعن عروة أنه قتل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا غريب ، والصحيح الأول . والله أعلم .ومنهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي ، أبو محمد خطيب [ ص: 492 ] الأنصار ، ويقال له أيضا : خطيب النبي صلى الله عليه وسلم . وقد ثبت عنه ، عليه الصلاة والسلام ، أنه بشره بالجنة وأنه بشره بالشهادة - وقد تقدم الحديث في دلائل النبوة - اليمامة شهيدا ، وكانت راية الأنصار يومئذ بيده . وروى فقتل يوم الترمذي بإسناد على شرط مسلم ، عن ، أن رسول الله قال : أبي هريرة بن قيس بن شماس نعم الرجل ثابت .
وقال : ثنا أبو القاسم الطبراني أحمد بن المعلى الدمشقي ، ثنا سليمان بن عبد الرحمن ، ثنا ، حدثني الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : قدمت عطاء الخراساني المدينة فسألت عمن يحدثني بحديث ، فأرشدوني إلى ابنته ، فسألتها ، فقالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثابت بن قيس بن شماس إن الله لا يحب كل مختال فخور [ لقمان : 18 ] . اشتدت على ثابت وغلق عليه بابه ، وطفق يبكي ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله فأخبره بما كبر عليه منها ، وقال : أنا رجل أحب الجمال ، وأنا أسود قومي . فقال : تعيش بخير وتموت بخير ، ويدخلك الله الجنة . فلما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست منهم ، بل يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق [ ص: 493 ] صوت النبي ولا تجهروا له بالقول [ الحجرات : 2 ] . فعل مثل ذلك ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه ، فأخبره بما كبر عليه منها ، وأنه جهير الصوت ، وأنه يتخوف أن يكون ممن حبط عمله ، فقال : . فلما استنفر إنك لست منهم ؛ بل تعيش حميدا ، وتقتل شهيدا ، ويدخلك الله الجنة أبو بكر المسلمين إلى أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب ، سار فيمن سار ، فلما لقوا ثابت بن قيس مسيلمة وبني حنيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات ، فقال ثابت : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها ، فقاتلا حتى قتلا . قالت : وأري رجل من المسلمين وسالم مولى أبي حذيفة في منامه ، فقال : إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين ، فانتزع مني درعا نفيسة ، ومنزله في أقصى العسكر ، وعند منزله فرس يستن في طوله ، وقد أكفأ على الدرع برمة ، وجعل فوق البرمة رحلا ، وائت ثابت بن قيس خالد بن الوليد ، ، فليبعث إلى درعي فليأخذها ، فإذا قدمت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أن علي من الدين كذا ، ولي من المال كذا ، وفلان من رقيقي عتيق ، وإياك أن تقول : هذا حلم ، فتضيعه . قال : فأتى خالدا فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر ، وقدم على أبي بكر ، فأخبره فأنفذ أبو بكر وصيته بعد موته ، ثابت بن قيس بن شماس . ولهذا الحديث وهذه القصة [ ص: 494 ] شواهد أخر ، والحديث المتعلق بقوله : فلا نعلم أحدا جازت وصيته بعد موته إلا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي في " صحيح مسلم " عن أنس .
وقال حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أنس ، أن جاء يوم ثابت بن قيس بن شماس اليمامة وقد تحنط ونشر أكفانه ، وقال : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء . فقتل ، وكانت له درع فسرقت ، فرآه رجل فيما يرى النائم ، فقال : إن درعي في قدر تحت الكانون في مكان كذا وكذا . وأوصاه بوصايا ، فطلبوا الدرع فوجدوها وأنفذوا الوصايا . رواه أيضا . الطبراني
ومنهم حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران المخزومي ، له هجرة ، ويقال : أسلم عام الفتح . وهو جد ، أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسميه سهلا فامتنع وقال : لا أغير اسما سمانيه أبواي . قال سعيد بن المسيب سعيد : فلم تزل الحزونة فينا . استشهد يوم اليمامة وقتل معه أيضا ابناه عبد الرحمن ووهب ، وابن ابنه حكيم بن وهب بن حزن .
وممن استشهد في هذه السنة داذويه الفارسي ، أحد أمراء اليمن الذين قتلوا الأسود العنسي ، قتله غيلة حين ارتد قبل أن يرجع قيس بن مكشوح قيس [ ص: 495 ] إلى الإسلام ، فلما عنفه الصديق على قتله أنكر ذلك ، فقبل علانيته وإسلامه .
ومنهم زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي أبو محمد ، وهو أخو عمر بن الخطاب لأبيه ، وكان زيد أكبر من عمر ، أسلم قديما ، وشهد بدرا وما بعدها ، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين ، وقد قتلا جميعا معن بن عدي الأنصاري باليمامة ، وقد كانت راية المهاجرين يومئذ بيده ، فلم يزل يتقدم بها حتى قتل فسقطت ، فأخذها ، وقد قتل سالم مولى أبي حذيفة زيد يومئذ الرجال بن عنفوة ، واسمه نهار ، وكان الرجال هذا قد أسلم وقرأ " البقرة " ثم ارتد ورجع فصدق مسيلمة ، وشهد له بالرسالة ، فحصل به فتنة عظيمة ، فكانت وفاته على يد زيد ، رضي الله عن زيد ، ثم قتل زيدا رجل يقال له : أبو مريم الحنفي . وقد أسلم بعد ذلك ، وقال لعمر : يا أمير المؤمنين ، إن الله أكرم زيدا بيدي ولم يهني على يده . وقيل : إنما قتله سلمة بن صبيح ، ابن عم أبي مريم هذا . ورجحه أبو عمر ، وقال : لأن عمر استقضى أبا مريم ، وهذا لا يدل على نفي ما تقدم . والله أعلم . وقد قال عمر لما بلغه مقتل سبقني إلى الحسنيين ; أسلم قبلي ، واستشهد قبلي . وقال زيد بن الخطاب لمتمم بن نويرة حين جعل يرثي أخاه بتلك الأبيات المتقدم ذكرها : لو كنت أحسن الشعر لقلت كما قلت . فقال له مالكا متمم : لو أن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت [ ص: 496 ] عليه . فقال له عمر : ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به . ومع هذا كان عمر يقول : ما هبت الصبا إلا ذكرتني ، رضي الله عنه . وكان له من الولد زيد بن الخطاب عبد الرحمن وأسماء ، تزوجها عبد الله بن عمر .
ومنهم سالم بن عبيد ويقال : ابن معقل . مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وإنما كان معتقا لزوجته ثبيتة بنت يعار ، وقد تبناه أبو حذيفة وزوجه بابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة ، فلما أنزل الله ادعوهم لآبائهم [ الأحزاب : 5 ] . جاءت امرأة أبي حذيفة سهلة بنت سهيل بن عمرو فقالت : يا رسول الله ، إن سالما يدخل علي وأنا فضل . فأمرها أن ترضعه فأرضعته ، فكان يدخل عليها بتلك الرضاعة . وكان من سادات المسلمين ، أسلم قديما وهاجر إلى المدينة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يصلي بمن بها من المهاجرين وفيهم عمر بن الخطاب ; لكثرة حفظه القرآن ، وشهد بدرا وما بعدها ، وهو أحد الأربعة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : استقرئوا القرآن من أربعة . فذكر منهم سالما مولى أبي حذيفة .
وروي عن عمر أنه قال لما احتضر : لو كان سالم حيا لما جعلتها شورى . قال أبو عمر بن عبد البر : معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن يوليه الخلافة . [ ص: 497 ] ولما أخذ الراية يوم اليمامة بعد مقتل قال له زيد بن الخطاب المهاجرون : أتخشى أن نؤتى من قبلك ؟ فقال : بئس حامل القرآن أنا إذا . انقطعت يده اليمنى فأخذها بيساره ، فقطعت فاحتضنها وهو يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [ آل عمران : 144 ] ، وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير [ آل عمران : 146 ] . فلما صرع قال لأصحابه : ما فعل أبو حذيفة ؟ قالوا : قتل . قال : فما فعل فلان ؟ قالوا : قتل . قال : فأضجعوني بينهما .
وقد بعث عمر بميراثه إلى مولاته التي أعتقته ; ثبيتة ، فردته وقالت : إنما أعتقته سائبة . فجعله عمر في بيت المال .
ومنهم أبو دجانة سماك بن خرشة - ويقال : سماك بن أوس بن خرشة - بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج ، الأنصاري الخزرجي ، شهد بدرا وأبلى يوم أحد ، وقاتل قتالا شديدا ، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سيفا فأعطاه حقه ، وكان يتبختر عند الحرب ، فقال عليه الصلاة والسلام : . وكان يعصب رأسه بعصابة حمراء ؛ شعارا له بالشجاعة ، وشهد إن هذه لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن اليمامة ويقال : إنه ممن اقتحم على بني حنيفة يومئذ الحديقة ، فانكسرت رجله ، [ ص: 498 ] فلم يزل يقاتل حتى قتل يومئذ .
وقد قتل مسيلمة مع وحشي بن حرب ; رماه وحشي بالحربة ، وعلاه أبو دجانة بالسيف . قال وحشي : فربك أعلم أينا قتله . وقد قيل : إنه عاش حتى شهد صفين مع علي . والأول أصح . وأما ما يروى عنه من ذكر الحرز المنسوب إلى ، فإسناده ضعيف ولا يلتفت إليه . والله أعلم . أبي دجانة
ومنهم شجاع بن وهب بن ربيعة الأسدي ، حليف بني عبد شمس ، أسلم قديما وهاجر ، وشهد بدرا وما بعدها ، وكان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ، فلم يسلم ، وأسلم حاجبه مري . شجاع بن وهب يوم اليمامة عن بضع وأربعين سنة ، وكان رجلا طوالا نحيفا أجنأ . واستشهد
ومنهم بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس الدوسي الطفيل بن عمرو أسلم قديما قبل الهجرة ، وذهب إلى قومه فدعاهم إلى الله فهداهم الله على يديه ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاءه بتسعين أهل بيت من دوس مسلمين ، وقد خرج عام اليمامة مع المسلمين ، ومعه ابنه عمرو ، فرأى الطفيل في المنام كأن رأسه قد حلق ، وكأن امرأة أدخلته في فرجها ، وكأن ابنه يجتهد أن يلحقه فلم يصل . فأولها بأنه سيقتل [ ص: 499 ] ويدفن ، وأن ابنه يحرص على الشهادة فلا ينالها عامه ذلك . وقد وقع الأمر كما أولها ، ثم قتل ابنه شهيدا يوم اليرموك . كما سيأتي .
ومنهم بن وقش الأنصاري عباد بن بشر ، أسلم على يدي قبل الهجرة ، قبل إسلام مصعب بن عمير معاذ ، وشهد بدرا وما بعدها ، وكان ممن قتل وأسيد بن الحضير كعب بن الأشرف ، وكانت عصاه تضيء له إذا خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلمة . قال عن موسى بن عقبة الزهري : قتل يوم اليمامة شهيدا عن خمس وأربعين سنة ، وكان له بلاء وغناء . وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عن عباد بن عبد الله بن الزبير عائشة قالت : تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمع صوت عباد فقال : اللهم اغفر له .
ومنهم السائب بن عثمان بن مظعون ، بدري ، من الرماة ، أصابه يوم اليمامة سهم فقتله وهو شاب ، رحمه الله .
ومنهم السائب بن العوام ، أخو ، استشهد يومئذ ، رحمه الله . الزبير بن العوام
ومنهم عبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود القرشي العامري ، أسلم قديما وهاجر ، ثم استضعف بمكة ، فلما كان يوم بدر خرج [ ص: 500 ] معهم ، فلما توجهوا فر إلى المسلمين فشهدها معهم ، وما بعدها ، وقتل يوم اليمامة ، فلما حج أبو بكر عزى أباه فيه ، فقال سهيل : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشهيد يشفع لسبعين من أهله . فأرجو أن يبدأ بي .
ومنهم الخزرجي عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول الأنصاري ، كان من سادات الصحابة وفضلائهم ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان أبوه رأس المنافقين ، وكان أشد الناس على أبيه ، ولو أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لضرب عنقه ، وكان اسمه الحباب ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ، وقد استشهد يوم اليمامة ، رضي الله عنه .
ومنهم عبد الله بن أبي بكر الصديق أسلم قديما ، ويقال : إنه الذي كان يأتي بالطعام والشراب والأخبار ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبيه أبي بكر وهما بغار ثور ، ويبيت عندهما ويصبح بمكة كبائت ، فلا يسمع بأمر يكادان به إلا أخبرهما به .
وقد شهد الطائف فرماه رجل يقال له : أبو محجن الثقفي . بسهم فدوي منها فاندملت ، ولكن لم يزل منها ضمنا حتى مات في شوال سنة إحدى عشرة .
ومنهم بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم [ ص: 501 ] بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي عكاشة بن محصن ، حليف بني عبد شمس ، يكنى أبا محصن ، وكان من سادات الصحابة وفضلائهم ، هاجر وشهد بدرا ، وأبلى يومئذ بلاء حسنا ، وانكسر سيفه ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عرجونا ، فعاد في يده سيفا أبيض الحديد شديد المتن . وكان ذلك السيف يسمى العون . وشهد أحدا والخندق وما بعدها .
عكاشة : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " اللهم اجعله منهم " . ثم قام رجل آخر فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة . والحديث مروي من طرق تفيد القطع . ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، قال
وقد خرج عكاشة مع خالد يوم أمره الصديق بذي القصة ، فبعثه وثابت بن أقرم بين يديه طليعة ، فتلقاهما طليحة الأسدي وأخوه سلمة فقتلاهما ، وقد قتل عكاشة قبل مقتله حبال بن طليحة ، ثم أسلم طليحة بعد ذلك ، كما ذكرنا ، وكان عمر عكاشة يومئذ أربعا وأربعين سنة ، وكان من أجمل الناس ، رضي الله عنه .
ومنهم ، حليف معن بن عدي بن الجد بن عجلان بن ضبيعة البلوي بني عمرو بن عوف ، وهو أخو عاصم بن عدي ، شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق [ ص: 502 ] وسائر المشاهد ، وكان قد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين ، فقتلا جميعا يوم اليمامة ، رضي الله عنهما . زيد بن الخطاب
وقال مالك عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه قال : بكى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات وقالوا : والله وددنا أنا متنا قبله ، ونخشى أن نفتتن بعده . فقال معن بن عدي : لكني والله ما أحب أن أموت قبله ; لأصدقه ميتا كما صدقته حيا .
ومنهم الوليد وأبو عبيدة ابنا عمارة بن الوليد بن المغيرة ، قتلا مع عمهما خالد بن الوليد بالبطاح ، وأبوهما عمارة بن الوليد ، وهو صاحب عمرو بن العاص إلى النجاشي ، وقصته مشهورة .
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي العبشمي ، أسلم قديما قبل دار ومنهم الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة ، وشهد بدرا وما بعدها ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين ، وقد قتلا شهيدين يوم عباد بن بشر اليمامة . وكان عمر أبي حذيفة يومئذ ثلاثا أو أربعا وخمسين سنة ، وكان طويلا ، حسن الوجه ، أحول أثعل ، وهو الذي له سن زائدة ، وكان اسمه هشيما ، وقيل : مهشم . وقيل : هاشم .
وبالجملة فقد قتل من المسلمين يوم اليمامة أربعمائة وخمسون من حملة القرآن ومن الصحابة وغيرهم . وإنما أوردنا هؤلاء لشهرتهم ، وبالله المستعان .
[ ص: 503 ] قلت : وممن استشهد يومئذ من المهاجرين ; مالك بن عمرو ، حليف بني غنم ، مهاجري بدري . ويزيد بن رقيش بن رئاب الأسدي ، بدري ، والحكم بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي ، وجبير بن مالك بن بحينة ، أخو عبد الله بن مالك الأزدي ، حليف بني المطلب بن عبد مناف . وعامر بن البكير الليثي ، حليف بني عدي ، بدري . ومالك بن ربيعة ، حليف بني عبد شمس . وأبو أمية صفوان بن أمية بن عمرو . ويزيد بن أوس ، حليف بني عبد الدار . وحيي ، ويقال : معلى بن حارثة الثقفي . وحبيب بن أسيد بن جارية الثقفي . والوليد بن عبد شمس المخزومي . وعبد الله بن عمرو بن بجرة العدوي . وأبو قيس بن الحارث بن قيس السهمي ، وهو من مهاجرة الحبشة . وعبد الله بن الحارث بن قيس . وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر العامري ، من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها ، وقتل يومئذ . وعمرو بن أويس بن سعد بن أبي سرح العامري . [ ص: 504 ] وسليط بن عمرو العامري . وربيعة بن أبي خرشة العامري . وعبد الله بن الحارث بن رحضة ، من بني عامر .
ومن الأنصار غير من ذكرنا تراجمهم ; عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان النجاري ، وهو أخو عمرو بن حزم ، كانت معه راية قومه يوم الفتح ، وقد شهد بدرا ، وقتل يومئذ . وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام السلمي ، شهد العقبة الأولى وشهد بدرا وما بعدها . وثابت بن هزال من بني سالم بن عوف ، بدري في قول . وأبو عقيل عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة ، من بني جحجبى ، شهد بدرا وما بعدها ، فلما كان يوم اليمامة أصابه سهم فنزعه ، ثم تحزم وأخذ سيفه ، فقاتل حتى قتل ، وقد أصابته جراحات كثيرة . وعبد الله بن عتيك . ورافع بن سهل . وحاجب بن يزيد الأشهلي . وسهل بن عدي . . ومالك بن أوس وعمير بن أوس . وطلحة بن عتبة ، من بني جحجبى . ورباح مولى الحارث . . ومعن بن عدي وجزء بن مالك بن عامر ، من بني جحجبى . وودقة [ ص: 505 ] بن إياس بن عمرو الخزرجي ، بدري . وجرول بن العباس . وعامر بن ثابت . وبشر بن عبد الله الخزرجي . وكليب بن تميم . وعبد الله بن عتبان . وإياس بن ودقة . وأسيد بن يربوع . وسعد بن حارثة . وسعد بن حمان . ومخاشن بن حمير . وسلمة بن مسعود . وقيل : مسعود بن سنان . وضمرة بن عياض . وعبد الله بن أنيس . وأبو حبة بن غزية المازني . وحبيب بن زيد . وحبيب بن عمرو بن محصن . وثابت بن خالد . وفروة بن النعمان . وعائذ بن ماعص . ويزيد بن ثابت بن الضحاك أخو . زيد بن ثابت
قال خليفة بن خياط : فجميع من استشهد من المهاجرين والأنصار يوم اليمامة ثمانية وخمسون رجلا . يعني وبقية الأربعمائة والخمسين من غيرهم . والله أعلم .
وقد قتل من الكفار فيما سقنا من المواطن التي التقى فيها المسلمون والمشركون في هذه وأوائل التي قبلها ، ما ينيف على خمسين ألفا ، ولله الحمد والمنة ، وبه التوفيق والعصمة .
[ ص: 506 ] فمن مشاهيرهم ; الأسود العنسي ، لعنه الله ، واسمه عبهلة بن كعب بن غوث ، خرج أول مخرجه من بلدة باليمن يقال لها : كهف خبان ، ومعه سبعمائة مقاتل ، فما مضى شهر حتى ملك صنعاء ، ثم استوثقت له اليمن بحذافيرها في أقصر مدة ، وكان معه شيطان يمخرق له ، ولكن خانه أحوج ما كان إليه ، ثم لم تمض له ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر حتى قتله الله على يدي إخوان صدق ، وأمراء حق ، كما قدمنا ذكره ، وهم داذويه الفارسي ، وفيروز الديلمي ، ، وذلك في ربيع الأول من سنة إحدى عشرة قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال ، وقيل : بليلة . فالله أعلم . وقد أطلع الله رسوله ليلة قتله على ذلك ، كما أسلفناه . وقيس بن مكشوح المرادي
ومنهم مسيلمة بن حبيب الحنفي اليمامي الكذاب لعنه الله .
قدم المدينة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه بني حنيفة ، وقد وقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه وهو يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته . فقال له : . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام كأن في يده سوارين من ذهب ، فأهمه شأنهما ، فأوحى الله إليه في المنام أن انفخهما ، فنفخهما فطارا ، فأولهما بكذابين يخرجان ، وهما صاحب لو سألتني هذا العود - لعرجون في يده - ما أعطيتكه ، ولئن أدبرت [ ص: 507 ] ليعقرنك الله ، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت صنعاء وصاحب اليمامة . وهكذا وقع فإنهما ذهبا وذهب أمرهما ; أما الأسود فذبح في داره ، وأما مسيلمة فعقره الله على يدي وحشي بن حرب ، رماه بالحربة ، فأنفذه كما تعقر الإبل ، وضربه أبو دجانة على رأسه ففلقه ، وذلك بعقر داره في الحديقة التي يقال لها : حديقة الموت . وقد وقف عليه خالد بن الوليد وهو طريح ، أراه إياه من بين القتلى مجاعة بن مرارة ، ويقال : كان أصيفر أخينس . وقيل : كان ضخما أسمر اللون كأنه جمل أورق . ويقال : إنه مات وعمره مائة وأربعون سنة . فالله أعلم .
وقد قتل قبله وزيراه ومستشاراه ، لعنهما الله ، وهما محكم بن الطفيل الذي يقال له : محكم اليمامة . قتله عبد الرحمن بن أبي بكر ، رماه بسهم وهو يخطب قومه يأمرهم بمصالح حربهم فقتله ، والآخر نهار بن عنفوة الذي يقال له : الرجال بن عنفوة ، وكان ممن أسلم ، ثم ارتد وصدق مسيلمة ، لعنهما الله ، وشهد له أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر له أنه قد أشرك في الأمر معه ، وقد كذب الرجال ، لعنه الله ، في هذه الشهادة ، وقد رزق الله قتله قبل أن يقتل زيد بن الخطاب زيد ، رضي الله عنه .
[ ص: 508 ] ومما يدل على كذب الرجال في هذه الشهادة الضرورة في دين الإسلام ، وما رواه وغيره أن البخاري مسيلمة ، لعنه الله ، كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، فلك المدر ولي الوبر . ويروى : فلكم نصف الأرض ولنا نصفها ، ولكن قريشا قوم يعتدون . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين . بسم الله الرحمن الرحيم ، من
وقد قدمنا ما كان يتعاطاه مسيلمة ويتعاناه ، لعنه الله ، من الكلام الذي هو أسخف من الهذيان ، مما كان يزعم أنه وحي من الرحمن ، تعالى الله عما يقوله وأمثاله علوا كبيرا .
ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم زعم أنه استقل بالأمر من بعده ، واستخف قومه فأطاعوه ، وكان يقول :
خذي الدف يا هذه والعبي وبثي محاسن هذا النبي
تولى نبي بني هاشم وقام نبي بني يعرب