[ ص: 649 ] . وقعة حمص الأولى
لما وصل أبو عبيدة في اتباعه الروم المنهزمين إلى حمص ، نزل حولها يحاصرها ، ولحقه خالد بن الوليد ، فحاصروها حصارا شديدا ، وذلك في زمن البرد الشديد ، وصابر أهل البلد ; رجاء أن يصرفهم عنهم شدة البرد ، وصبر الصحابة صبرا عظيما ، بحيث إنه ذكر غير واحد أن من الروم من كان يرجع وقد سقطت رجله وهي في الخف ، والصحابة ليس في أرجلهم شيء سوى النعال ، ومع هذا لم يصب منهم قدم ولا أصبع أيضا ، ولم يزالوا كذلك حتى انسلخ فصل الشتاء فاشتد الحصار ، وأشار بعض كبار أهل حمص عليهم ، فأبوا عليه ذلك وقالوا : أنصالح والملك منا قريب ؟ فيقال : إن بالمصالحة في بعض الأيام تكبيرة ارتجت منها المدينة حتى تفطرت منها بعض الجدران ، ثم تكبيرة أخرى فسقطت بعض الدور ، فجاءت عامتهم إلى خاصتهم فقالوا : ألا تنظرون إلى ما نزل بنا ، وما نحن فيه ؟ ألا تصالحون القوم عنا ؟ قال : فصالحوهم على ما صالحوا عليه الصحابة كبروا أهل دمشق ; على نصف المنازل ، وضرب الخراج على الأراضي ، وأخذ الجزية على الرقاب بحسب الغنى والفقر ، وبعث أبو عبيدة بالأخماس والبشارة إلى عمر مع . وأنزل عبد الله بن مسعود أبو عبيدة بحمص جيشا كثيفا يكون بها ، مع جماعة من الأمراء منهم بلال ، وكتب والمقداد أبو عبيدة إلى عمر يخبره بأن هرقل قد قطع الماء إلى الجزيرة ، وأنه يظهر تارة ويخفى أخرى . فبعث إليه عمر يأمره بالمقام ببلده .