[ ص: 472 ] بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها  
قال أبو زرعة الدمشقي    : حدثنا عبد الله بن صالح ،  حدثني معاوية بن صالح  ، عمن حدثه قال : أنزلت التوراة على موسى  في ست ليال خلون من شهر رمضان ، ونزل الزبور على داود  في اثنتي عشر ليلة خلت من شهر رمضان ، وذلك بعد التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة ، وأنزل الإنجيل على عيسى ابن مريم  في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، بعد الزبور بألف عام وخمسين عاما ، وأنزل الفرقان على محمد  صلى الله عليه وسلم ، في أربع وعشرين من شهر رمضان . وقد ذكرنا في " التفسير " عند قوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن  الأحاديث الواردة في ذلك ، وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى ابن مريم ،  عليه السلام ، في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان . 
وذكر ابن جرير  في " تاريخه " أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة ، ومكث حتى رفع إلى السماء ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة . كما سيأتي بيانه ، إن شاء الله تعالى . 
وقال  إسحاق بن بشر    : وأنبأنا  سعيد بن أبي عروبة ،  عن قتادة  ، ومقاتل  ،   [ ص: 473 ] عن قتادة ،  عن عبد الرحمن بن آدم ،  عن  أبي هريرة  قال : أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم    : يا عيسى  جد في أمري ولا تهن ، واسمع وأطع يا ابن الطاهرة البكر البتول ، إنك من غير فحل وأنا خلقتك آية للعالمين ، إياي فاعبد وعلي فتوكل ، خذ الكتاب بقوة ، فسر لأهل السريانية ، بلغ من بين يديك أني أنا الحي القائم الذي لا أزول ، صدقوا النبي الأمي العربي ، صاحب الجمل والتاج - وهي العمامة - والمدرعة والنعلين والهراوة - وهي القضيب - الأنجل العينين ، الصلت الجبين ، الواضح الخدين ، الجعد الرأس ، الكث اللحية ، المقرون الحاجبين ، الأقنى الأنف ، المفلج الثنايا ، البادي العنفقة ، الذي كأن عنقه إبريق فضة ، وكأن الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ، ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره ، شثن الكف والقدم ، إذا التفت التفت جميعا ، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، وريح المسك ينفح منه ، لم ير قبله ولا بعده مثله ، الحسن القامة ، الطيب الريح ، نكاح النساء ، ذا النسل القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت - يعني في الجنة - من قصب ، لا نصب فيه ولا صخب ، تكفله - يا عيسى - في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك ، له منها فرخان مستشهدان ، وله عندي منزلة ليست لأحد من البشر ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيامه ، وسمع كلامه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					