[ ص: 699 ] nindex.php?page=treesubj&link=33750وقعة عين وردة
واستراح
سليمان وأصحابه واطمأنوا ، فلما اقترب قدوم أهل
الشام إليهم خطب
سليمان أصحابه ، فرغبهم في الآخرة ، وزهدهم في الدنيا ، وحثهم على الجهاد ، وقال : إن قتلت فالأمير عليكم
المسيب بن نجبة ، فإن قتل
فعبد الله بن سعد بن نفيل ، فإن قتل
فعبد الله بن وال ، فإن قتل
فرفاعة بن شداد . ثم بعث بين يديه
المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس ، فأغاروا على جيش
شرحبيل بن ذي الكلاع وهم غارون ، فقتلوا منهم جماعة وجرحوا آخرين ، واستاقوا نعما ، وأتى الخبر إلى
عبيد الله بن زياد ، فأرسل بين يديه
الحصين بن نمير فصبح
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد وجيشه فتواقفوا في يوم الأربعاء لثمان بقين من جمادى الأولى ،
وحصين بن نمير قائم في اثني عشر ألفا ، وقد تهيأ كل من الفريقين لصاحبه ، فدعا
الشاميون أصحاب
سليمان إلى الدخول في طاعة
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم ، ودعا أصحاب
سليمان الشاميين إلى أن يسلموا إليهم
عبيد الله بن زياد فيقتلوه عن
الحسين ، وامتنع كل من الفريقين أن يجيب إلى ما دعا إليه الآخر ، فاقتتلوا قتالا شديدا عامة يومهم إلى الليل ، وكانت الدائرة فيه
للعراقيين على
الشاميين ، فلما أصبحوا أصبح
ابن ذي الكلاع ، وقد وصل إلى
الشاميين في ثمانية آلاف فارس ، وقد أنبه وشتمه
عبيد الله بن زياد ، فاقتتل الناس في هذا اليوم
[ ص: 700 ] قتالا لم ير الشيب والمرد مثله قط ، لا يحجز بينهم إلا أوقات الصلوات إلى الليل ، فلما أصبح الناس من اليوم الثالث وصل إلى
الشاميين أدهم بن محرز في عشرة آلاف ، وذلك في يوم الجمعة ، فاقتتلوا قتالا شديدا إلى حين ارتفاع الضحى ، ثم استدار أهل
الشام بأهل
العراق وأحاطوا بهم من كل جانب ، فخطب
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد الناس ، وحرضهم على الجهاد ، فاقتتل الناس قتالا عظيما جدا ، ثم ترجل
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد وكسر جفن سيفه ، ونادى : يا عباد الله ، من أراد الرواح إلى الجنة ، والتوبة من ذنبه ، والوفاء بعهده فليأت إلي . فترجل معه ناس كثيرون وكسروا جفون سيوفهم ، وحملوا حتى صاروا في وسط القوم ، وقتلوا من أهل
الشام مقتلة عظيمة حتى خاضوا في الدماء ، وقتل
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد ، رماه
يزيد بن الحصين بسهم فوقع ، ثم وثب ، ثم وقع ، ثم وثب ، ثم وقع ، فأخذ الراية
المسيب بن نجبة ، فقاتل بها قتالا شديدا ، وهو يقول :
قد علمت ميالة الذوائب واضحة اللبات والترائب أني غداة الروع والتغالب
أشجع من ذي لبدة مواثب
قطاع أقران مخوف الجانب
ثم قتل ، رحمه الله ، فقضى في ذلك الموقف نحبه ، ولحق صحبه ، فأخذ الراية
عبد الله بن سعد بن نفيل ، فقاتل قتالا شديدا أيضا وهو يقول :
[ ص: 701 ] رحم الله أخوي ، منهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا . وحمل حينئذ
ربيعة بن المخارق على أهل
العراق حملة منكرة ، وتبارز هو
وعبد الله بن سعد بن نفيل ، ثم اتحدا فحمل ابن أخي
ربيعة على
عبد الله بن سعد فقتله ، ثم احتمل عمه ، فأخذ الراية
عبد الله بن وال ، فحرض الناس على الجهاد ، وجعل يقول : الرواح إلى الجنة . وذلك بعد العصر ، وحمل بالناس ففرق من كان حوله ، ثم قتل ، وكان من الفقهاء المفتين ، قتله
أدهم بن محرز الباهلي أمير الحرب ساعتئذ من جهة
الشاميين ، فأخذ الراية
رفاعة بن شداد ، فانحاز بالناس ، وقد دخل الظلام ، ورجع
الشاميون إلى رحالهم ، وانشمر
رفاعة بمن بقي معه راجعا إلى بلاده ، فلما أصبح
الشاميون إذا
العراقيون قد كروا راجعين إلى بلادهم ، فلم يبعثوا وراءهم طلبا ولا أحدا ، فقطع
رفاعة بمن معه الخابور ومر على
قرقيسيا ، فبعث إليهم
زفر بن الحارث الطعام والعلف والأطباء فأقاموا ثلاثا حتى استراحوا ثم رحلوا ، فلما وصلوا إلى
هيت إذا
سعد بن حذيفة بن اليمان قد أقبل بمن معه من أهل المدائن قاصدين إلى نصرتهم ، فلما أخبروه بما كان من أمرهم ، وما حل بهم ، ونعوا إليه أصحابهم ترحموا عليهم واستغفروا لهم وتباكوا على إخوانهم ، وانصرف أهل المدائن إليها ، ورجع راجعة أهل
الكوفة إليها ، وقد قتل منهم خلق كثير وجم غفير ، وإذا
المختار بن أبي عبيد كما هو في السجن لم يخرج منه بعد ، فكتب إلى
رفاعة بن شداد يعزيه فيمن قتل
[ ص: 702 ] منهم ويترحم عليهم ، ويغبطهم بما نالوا من الشهادة وجزيل الثواب ، ويقول : مرحبا بالذين أعظم الله أجورهم ، ورضي عنهم ، والله ما خطا منهم أحد خطوة إلا كان ثواب الله له فيها أعظم من الدنيا وما فيها ، وإن
سليمان قد قضى ما عليه ، وتوفاه الله وجعل روحه في أرواح النبيين والشهداء والصالحين ، وبعد فأنا الأمير
المأمون ، قاتل الجبارين والمفسدين إن شاء الله ، فأعدوا واستعدوا وأبشروا ، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله ، والطلب بدماء أهل البيت . وذكر كلاما كثيرا في هذا المعنى ، وقد كان قبل قدومهم أخبر الناس بهلاكهم عن رئيه الذي كان يأتي إليه من الشياطين ، فإنه قد كان يأتيه شيطان فيوحي إليه قريبا مما كان يوحي شيطان
مسيلمة إليه . وكان جيش
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد وأصحابه يسمى بجيش التوابين .
وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد الخزاعي أبو مطرف الكوفي صحابيا جليلا نبيلا عابدا زاهدا ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في " الصحيحين " وغيرهما ، وشهد مع علي
صفين ، وكان أحد من كان يجتمع
الشيعة في داره لبيعة
الحسين ، وكتب إلى
الحسين فيمن كتب بالقدوم إلى
العراق ، فلما قدمها تخلوا عنه ، وقتل
بكربلاء ، ورأى هؤلاء أنهم كانوا سببا في قدومه ، وأنهم خذلوه حتى قتل هو وأهل بيته ، فندموا على ما فعلوا ، ثم اجتمعوا في هذا الجيش ،
[ ص: 703 ] وسموا جيشهم جيش التوابين ، وسموا
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد أمير التوابين ، فقتل
سليمان ، رضي الله عنه ، في هذه الوقعة
بعين وردة ، سنة خمس وستين . وقيل : سنة سبع وستين . والأول أصح . وكان عمره يوم قتل ثلاثا وتسعين سنة ، رحمه الله .
وأما
المسيب بن نجبة بن ربيعة الفزاري ، فإنه قدم مع
خالد بن الوليد من
العراق وشهد فتح
دمشق ، ثم عاد إلى
العراق وشهد مع
علي صفين وغيرها ، وكان أحد الكبار الذين خرجوا يطلبون بدم
الحسين ، رضي الله عنه ، وحمل رأسه ورأس
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم بعد الوقعة ، وكتب أمراء
الشاميين إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان بما فتح الله عليهم ، وأظفرهم من عدوهم ، فخطب الناس ، وأعلمهم بما كان من أمر الجنود ومن قتل من أهل
العراق ، وقد قال : أهلك الله رءوس الضلال ;
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد وأصحابه . وعلق الرءوس
بدمشق . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم قد عهد بالأمر من بعده إلى ولديه ;
عبد الملك ، ثم
عبد العزيز ، وأخذ بيعة الأمراء على ذلك في هذه السنة . قاله
ابن جرير وغيره .
وفيها دخل
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم وعمرو بن سعيد الأشدق إلى
الديار المصرية ،
[ ص: 704 ] فأخذاها من يد نائبها الذي كان
nindex.php?page=showalam&ids=16414لعبد الله بن الزبير ، وهو
عبد الرحمن بن جحدم ، وكان سبب ذلك أن
مروان قصدها ، فخرج إليه نائبها
ابن جحدم ، فقابله
مروان ليقاتله ، فاشتغل به ، وخلص
عمرو بن سعيد بطائفة من الجيش من وراء
عبد الرحمن بن جحدم ، فدخل
مصر ، فملكها ، وهرب
عبد الرحمن ودخل
مروان إلى
مصر ، فملكها وجعل عليها ولده
عبد العزيز بن مروان .
وفيها بعث
ابن الزبير أخاه
مصعبا ليفتح له
الشام ، فبعث إليه
مروان عمرو بن سعيد ، فتلقاه إلى
فلسطين ، فهرب منه
مصعب بن الزبير ، وكر راجعا ، ولم يظفر بشيء ، واستقر ملك
الشام ومصر لمروان .
وفيها جهز
مروان جيشين ; أحدهما مع
حبيش بن دلجة القيني ليأخذ له
المدينة ، وكان من أمره ما سنذكره ، والآخر مع
عبيد الله بن زياد إلى
العراق [ ص: 705 ] لينتزعه من نواب
ابن الزبير ، فلما كانوا ببعض الطريق لقوا جيش التوابين مع
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد ، وكان من أمرهم ما ذكرناه عند
عين الوردة ; قتلوا أكثر أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد معه واستمروا ذاهبين فلما كانوا بالجزيرة بلغهم موت
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم ، وكانت وفاته في شهر رمضان من هذه السنة ، وكان سبب موته أنه تزوج
بأم خالد امرأة يزيد بن معاوية ، وهي أم هاشم بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة ، وإنما أراد
مروان بتزويجه إياها ليصغر ابنها
خالدا في أعين الناس ، فإنه قد كان في نفوس كثير من الناس منه أن يملكوه بعد أخيه
معاوية ، فتزوج أمه ليصغر أمره ، فبينما هو ذات يوم داخل إلى عند
مروان ، إذ جعل
مروان يتكلم فيه عند جلسائه ، فلما جلس قال له فيما خاطبه به : يابن الرطبة الاست . فذهب
خالد إلى أمه ، فأخبرها بما قال له ، فقالت : اكتم ذلك ، ولا تعلمه أنك أعلمتني بذلك . فلما دخل عليها
مروان قال لها : هل ذكرني
خالد عندك بسوء ؟ فقالت له : وما عساه يقول لك وهو يحبك ويعظمك . ثم إن
مروان رقد عندها ، فلما أخذه النوم عمدت إلى وسادة ، فوضعتها على وجهه ، وتحاملت عليها هي وجواريها حتى مات غما ، وكان ذلك في ثالث شهر رمضان سنة خمس وستين
بدمشق ، وله من العمر ثلاث وستون سنة . وقيل : إحدى وستون وقيل : إحدى وثمانون سنة . وكانت إمارته تسعة أشهر . وقيل : عشرة أشهر إلا ثلاثة أيام .
[ ص: 699 ] nindex.php?page=treesubj&link=33750وَقْعَةُ عَيْنِ وَرْدَةَ
وَاسْتَرَاحَ
سُلَيْمَانُ وَأَصْحَابُهُ وَاطْمَأَنُّوا ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ قُدُومُ أَهْلِ
الشَّامِ إِلَيْهِمْ خَطَبَ
سُلَيْمَانُ أَصْحَابَهُ ، فَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَزَهَّدَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ ، وَقَالَ : إِنْ قُتِلْتُ فَالْأَمِيرُ عَلَيْكَمُ
الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ ، فَإِنْ قُتِلَ
فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ ، فَإِنْ قُتِلَ
فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَالٍ ، فَإِنْ قُتِلَ
فَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ . ثُمَّ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ
الْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ ، فَأَغَارُوا عَلَى جَيْشِ
شُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ وَهُمْ غَارُّونَ ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَجَرَحُوا آخَرِينَ ، وَاسْتَاقُوا نَعَمًا ، وَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ، فَأَرْسَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ
الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فَصَبَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَجَيْشَهُ فَتَوَاقَفُوا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى ،
وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ قَائِمٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، وَقَدْ تَهَيَّأَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِصَاحِبِهِ ، فَدَعَا
الشَّامِيُّونَ أَصْحَابَ
سُلَيْمَانَ إِلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَدَعَا أَصْحَابُ
سُلَيْمَانَ الشَّامِيِّينَ إِلَى أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ
عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ فَيَقْتُلُوهُ عَنِ
الْحُسَيْنِ ، وَامْتَنَعَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يُجِيبَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ الْآخَرَ ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ إِلَى اللَّيْلِ ، وَكَانَتِ الدَّائِرَةُ فِيهِ
لِلْعِرَاقِيِّينَ عَلَى
الشَّامِيِّينَ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَصْبَحَ
ابْنُ ذِي الْكَلَاعِ ، وَقَدْ وَصَلَ إِلَى
الشَّامِيِّينَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافِ فَارِسٍ ، وَقَدْ أَنَّبَهُ وَشَتَمَهُ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ فِي هَذَا الْيَوْمِ
[ ص: 700 ] قِتَالًا لَمْ يَرَ الشِّيبُ وَالْمُرْدُ مِثْلَهُ قَطُّ ، لَا يَحْجِزُ بَيْنَهُمْ إِلَّا أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ إِلَى اللَّيْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَصَلَ إِلَى
الشَّامِيِّينَ أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا إِلَى حِينِ ارْتِفَاعِ الضُّحَى ، ثُمَّ اسْتَدَارَ أَهْلُ
الشَّامِ بِأَهْلِ
الْعِرَاقِ وَأَحَاطُوا بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَخَطَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ النَّاسَ ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ ، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا عَظِيمًا جِدًّا ، ثُمَّ تَرَجَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ وَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ ، وَنَادَى : يَا عِبَادَ اللَّهِ ، مَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَالتَّوْبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَالْوَفَاءَ بِعَهْدِهِ فَلْيَأْتِ إِلَيَّ . فَتَرَجَّلَ مَعَهُ نَاسٌ كَثِيرُونَ وَكَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهِمْ ، وَحَمَلُوا حَتَّى صَارُوا فِي وَسَطِ الْقَوْمِ ، وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً حَتَّى خَاضُوا فِي الدِّمَاءِ ، وَقُتِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ ، رَمَاهُ
يَزِيدُ بْنُ الْحُصَيْنِ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ ، ثُمَّ وَثَبَ ، ثُمَّ وَقَعَ ، ثُمَّ وَثَبَ ، ثُمَّ وَقَعَ ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ
الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ ، فَقَاتَلَ بِهَا قِتَالًا شَدِيدًا ، وَهُوَ يَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ مَيَّالَةُ الذَّوَائِبِ وَاضِحَةَ اللَّبَاتِ وَالتَّرَائِبِ أَنِّي غَدَاةَ الرَّوْعِ وَالتَّغَالُبِ
أَشْجَعُ مِنْ ذِي لِبْدَةٍ مُوَاثِبِ
قَطَّاعُ أَقْرَانٍ مَخُوفُ الْجَانِبِ
ثُمَّ قُتِلَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَقَضَى فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ نَحْبَهُ ، وَلَحِقَ صَحْبَهُ ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ ، فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا أَيْضًا وَهُوَ يَقُولُ :
[ ص: 701 ] رَحِمَ اللَّهُ أَخَوَيَّ ، مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا . وَحَمَلَ حِينَئِذٍ
رَبِيعَةُ بْنُ الْمُخَارِقِ عَلَى أَهْلِ
الْعِرَاقِ حَمْلَةً مُنْكَرَةً ، وَتَبَارَزَ هُوَ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ ، ثُمَّ اتَّحَدَا فَحَمَلَ ابْنُ أَخِي
رَبِيعَةَ عَلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ احْتَمَلَ عَمَّهُ ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَالٍ ، فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ . وَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ ، وَحَمَلَ بِالنَّاسِ فَفَرَّقَ مَنْ كَانَ حَوْلَهُ ، ثُمَّ قُتِلَ ، وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُفْتِينَ ، قَتَلَهُ
أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ أَمِيرُ الْحَرْبِ سَاعَتَئِذٍ مِنْ جِهَةِ
الشَّامِيِّينَ ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ
رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ ، فَانْحَازَ بِالنَّاسِ ، وَقَدْ دَخَلَ الظَّلَامُ ، وَرَجَعَ
الشَّامِيُّونَ إِلَى رِحَالِهِمْ ، وَانْشَمَرَ
رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ رَاجِعًا إِلَى بِلَادِهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ
الشَّامِيُّونَ إِذَا
الْعِرَاقِيُّونَ قَدْ كَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ ، فَلَمْ يَبْعَثُوا وَرَاءَهُمْ طَلَبًا وَلَا أَحَدًا ، فَقَطَعَ
رِفَاعَةُ بِمَنْ مَعَهُ الْخَابُورَ وَمَرَّ عَلَى
قَرْقِيسِيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ
زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ وَالْأَطِبَّاءَ فَأَقَامُوا ثَلَاثًا حَتَّى اسْتَرَاحُوا ثُمَّ رَحَلُوا ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى
هِيتَ إِذَا
سَعْدُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَدْ أَقْبَلَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ قَاصِدِينَ إِلَى نُصْرَتِهِمْ ، فَلَمَّا أَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ ، وَنَعَوْا إِلَيْهِ أَصْحَابَهُمْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُمْ وَتَبَاكَوْا عَلَى إِخْوَانِهِمْ ، وَانْصَرَفَ أَهْلُ الْمَدَائِنِ إِلَيْهَا ، وَرَجَعَ رَاجِعَةُ أَهْلِ
الْكُوفَةِ إِلَيْهَا ، وَقَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ ، وَإِذَا
الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ كَمَا هُوَ فِي السِّجْنِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بَعْدُ ، فَكَتَبَ إِلَى
رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ يُعَزِّيهِ فِيمَنْ قُتِلَ
[ ص: 702 ] مِنْهُمْ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِمْ ، وَيَغْبِطُهُمْ بِمَا نَالُوا مِنَ الشَّهَادَةِ وَجَزِيلِ الثَّوَابِ ، وَيَقُولُ : مَرْحَبًا بِالَّذِينِ أَعْظَمَ اللَّهُ أُجُورَهُمْ ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ ، وَاللَّهِ مَا خَطَا مِنْهُمْ أَحَدٌ خُطْوَةً إِلَّا كَانَ ثَوَابُ اللَّهِ لَهُ فِيهَا أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَإِنَّ
سُلَيْمَانَ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ وَجَعَلَ رُوحَهُ فِي أَرْوَاحِ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَبَعْدُ فَأَنَا الْأَمِيرُ
الْمَأْمُونُ ، قَاتِلُ الْجَبَّارِينَ وَالْمُفْسِدِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعَدُّوا وَأَبْشِرُوا ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ . وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ قُدُومِهِمْ أَخْبَرَ النَّاسَ بِهَلَاكِهِمْ عَنْ رَئِيِّهِ الَّذِي كَانَ يَأْتِي إِلَيْهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَأْتِيهِ شَيْطَانٌ فَيُوحِي إِلَيْهِ قَرِيبًا مِمَّا كَانَ يُوحِي شَيْطَانُ
مُسَيْلِمَةَ إِلَيْهِ . وَكَانَ جَيْشُ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَأَصْحَابِهِ يُسَمَّى بِجَيْشِ التَّوَّابِينَ .
وَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ أَبُو مُطَرِّفٍ الْكُوفِيُّ صَحَابِيًّا جَلِيلًا نَبِيلًا عَابِدًا زَاهِدًا ، رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَغَيْرِهِمَا ، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ
صِفِّينَ ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ كَانَ يَجْتَمِعُ
الشِّيعَةُ فِي دَارِهِ لِبَيْعَةِ
الْحُسَيْنِ ، وَكَتَبَ إِلَى
الْحُسَيْنِ فِيمَنْ كَتَبَ بِالْقُدُومِ إِلَى
الْعِرَاقِ ، فَلَمَّا قَدِمَهَا تَخَلَّوْا عَنْهُ ، وَقُتِلَ
بِكَرْبَلَاءَ ، وَرَأَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا فِي قُدُومِهِ ، وَأَنَّهُمْ خَذَلُوهُ حَتَّى قُتِلَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ ، فَنَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي هَذَا الْجَيْشِ ،
[ ص: 703 ] وَسَمَّوْا جَيْشَهُمْ جَيْشَ التَّوَّابِينَ ، وَسَمَّوْا
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ أَمِيرَ التَّوَّابِينَ ، فَقُتِلَ
سُلَيْمَانُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ
بِعَيْنِ وَرْدَةَ ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ . وَقِيلَ : سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ . وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ . وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ قُتِلَ ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا
الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ ، فَإِنَّهُ قَدِمَ مَعَ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ
الْعِرَاقِ وَشَهِدَ فَتْحَ
دِمَشْقَ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
الْعِرَاقِ وَشَهِدَ مَعَ
عَلِيٍّ صِفِّينَ وَغَيْرِهَا ، وَكَانَ أَحَدَ الْكِبَارِ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ
الْحُسَيْنِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ وَرَأْسُ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ ، وَكَتَبَ أُمَرَاءُ
الشَّامِيِّينَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَظْفَرَهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجُنُودِ وَمَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ
الْعِرَاقِ ، وَقَدْ قَالَ : أَهْلَكَ اللَّهُ رُءُوسَ الضُّلَّالِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَأَصْحَابَهُ . وَعَلَّقَ الرُّءُوسَ
بِدِمَشْقَ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَدْ عَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَلَدَيْهِ ;
عَبْدِ الْمَلِكِ ، ثُمَّ
عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَخَذَ بَيْعَةَ الْأُمَرَاءِ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ . قَالَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ .
وَفِيهَا دَخَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقُ إِلَى
الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ،
[ ص: 704 ] فَأَخَذَاهَا مِنْ يَدِ نَائِبِهَا الَّذِي كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16414لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَهُوَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَحْدَمٍ ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ
مَرْوَانَ قَصَدَهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ نَائِبُهَا
ابْنُ جَحْدَمٍ ، فَقَابَلَهُ
مَرْوَانُ لِيُقَاتِلَهُ ، فَاشْتَغَلَ بِهِ ، وَخَلَصَ
عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ مِنْ وَرَاءِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحْدَمٍ ، فَدَخَلَ
مِصْرَ ، فَمَلَكَهَا ، وَهَرَبَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَدَخَلَ
مَرْوَانُ إِلَى
مِصْرَ ، فَمَلَكَهَا وَجَعَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ
عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ .
وَفِيهَا بَعَثَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ
مُصْعَبًا لِيَفْتَحَ لَهُ
الشَّامَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ
مَرْوَانُ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ ، فَتَلَقَّاهُ إِلَى
فِلَسْطِينَ ، فَهَرَبَ مِنْهُ
مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَكَرَّ رَاجِعًا ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُ
الشَّامِ وَمِصْرَ لِمَرْوَانَ .
وَفِيهَا جَهَّزَ
مَرْوَانُ جَيْشَيْنِ ; أَحَدُهُمَا مَعَ
حُبَيْشِ بْنِ دُلَجَةَ الْقَيْنِيِّ لِيَأْخُذَ لَهُ
الْمَدِينَةَ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا سَنَذْكُرُهُ ، وَالْآخَرُ مَعَ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى
الْعِرَاقِ [ ص: 705 ] لِيَنْتَزِعَهُ مِنْ نُوَّابِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَقُوا جَيْشَ التَّوَّابِينَ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ
عَيْنِ الْوَرْدَةِ ; قَتَلُوا أَكْثَرَ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ مَعَهُ وَاسْتَمَرُّوا ذَاهِبِينَ فَلَمَّا كَانُوا بِالْجَزِيرَةِ بَلَغَهُمْ مَوْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ
بِأُمِّ خَالِدٍ امْرَأَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَهِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ
مَرْوَانُ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا لِيُصَغِّرَ ابْنَهَا
خَالِدًا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْهُ أَنْ يُمَلِّكُوهُ بَعْدَ أَخِيهِ
مُعَاوِيَةَ ، فَتَزَوَّجَ أُمَّهُ لِيُصَغِّرَ أَمْرَهُ ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ دَاخِلٌ إِلَى عِنْدِ
مَرْوَانَ ، إِذْ جَعَلَ
مَرْوَانُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عِنْدَ جُلَسَائِهِ ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ فِيمَا خَاطَبَهُ بِهِ : يَابْنَ الرَّطْبَةِ الِاسْتِ . فَذَهَبَ
خَالِدٌ إِلَى أُمِّهِ ، فَأَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ لَهُ ، فَقَالَتْ : اكْتُمْ ذَلِكَ ، وَلَا تُعْلِمْهُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِذَلِكَ . فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا
مَرْوَانُ قَالَ لَهَا : هَلْ ذَكَرَنِي
خَالِدٌ عِنْدَكِ بِسُوءٍ ؟ فَقَالَتْ لَهُ : وَمَا عَسَاهُ يَقُولُ لَكَ وَهُوَ يُحِبُّكُ وَيُعَظِّمُكَ . ثُمَّ إِنَّ
مَرْوَانَ رَقَدَ عِنْدَهَا ، فَلَمَّا أَخَذَهُ النَّوْمُ عَمَدَتْ إِلَى وِسَادَةٍ ، فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ ، وَتَحَامَلَتْ عَلَيْهَا هِيَ وَجَوَارِيهَا حَتَّى مَاتَ غَمًّا ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي ثَالِثِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ
بِدِمَشْقَ ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً . وَقِيلَ : إِحْدَى وَسِتُّونَ وَقِيلَ : إِحْدَى وَثَمَانُونَ سَنَةً . وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ . وَقِيلَ : عَشَرَةَ أَشْهُرٍ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .