وكان ممن توفي في هذه السنة  
في قول أبي مسهر  ، و أبي عبيد    : 
 العرباض بن سارية السلمي أبو نجيح  
سكن حمص  ، وهو صحابي جليل ، أسلم قديما هو  وعمرو بن عبسة  رضي الله عنهما ، ونزل الصفة ،  وكان من البكائين المذكورين في سورة براءة ، كما قد ذكرنا أسماءهم عند قوله تعالى : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون    ( التوبة : 92 ) . 
وهو راوي حديث : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، حتى قلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع فأوصنا . قال : أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد حبشي ، كأن رأسه زبيبة ، عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ; فإن كل محدثة بدعة رواه   [ ص: 254 ] أحمد  ، وأهل السنن ، وصححه الترمذي  وغيره . 
وروى أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الصف المقدم ثلاثا ، وعلى الثاني واحدة   . وقد كان العرباض  شيخا كبيرا ، وكان يحب أن يقبضه الله إليه ، وكان يدعو : اللهم كبرت سني ، ووهن عظمي ، فاقبضني إليك . وروى أحاديث . 
أبو ثعلبة الخشني  
صحابي جليل ، شهد بيعة الرضوان ، وغزا حنينا ،  وكان ممن نزل الشام  بداريا غربي دمشق  إلى جهة القبلة ، وقيل : ببلاط    - قرية شرقي دمشق    - فالله أعلم . 
وقد اختلف في اسمه ، واسم أبيه على أقوال كثيرة ، والأشهر منها : جرثوم بن ناشر    . 
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ، وعن جماعة من الصحابة ، وعنه جماعة من التابعين ; منهم  سعيد بن المسيب  ، و  مكحول الشامي  ،  وأبو إدريس الخولاني  ،  وأبو قلابة الجرمي    . 
وكان ممن يجالس كعب الأحبار  ، وكان في كل ليلة يخرج ، فينظر إلى السماء ، فيتفكر ، ثم يرجع إلى المنزل فيسجد لله عز وجل ، وكان يقول : إني لأرجو أن   [ ص: 255 ] لا يخنقني الله عند الموت كما أراكم تختنقون . فبينما هو ليلة يصلي من الليل إذ قبضت روحه وهو ساجد ، ورأت ابنته في المنام كأن أباها قد مات ، فانتبهت مذعورة ، فقالت لأمها : أين أبي ؟ قالت : هو في مصلاه . فنادته فلم يجبها ، فجاءته فحركته فسقط لجنبه ، فإذا هو ميت ، رحمه الله . 
قال أبو عبيدة  ، ومحمد بن سعد  ، وخليفة  وغير واحد : كانت وفاته سنة خمس وسبعين . وقال غيرهم : كانت وفاته في أول إمرة معاوية  ، فالله أعلم . 
وقد توفي في هذه السنة : 
الأسود بن يزيد  
صاحب ابن مسعود  ، وهو  الأسود بن يزيد النخعي  ، من كبار التابعين ، ومن أعيان أصحاب ابن مسعود  ، ومن كبار أهل الكوفة  ، وكان يصوم الدهر ، وقد ذهبت عينه من كثرة الصوم ، وقد حج البيت  ثمانين حجة وعمرة ، وكان يهل من الكوفة  ، توفي في هذه السنة ، وكان يصوم حتى يخضر ويصفر ، فلما احتضر بكى ، فقيل له : ما هذا الجزع ؟ فقال : ما لي لا أجزع ؟ ومن أحق بذلك مني ؟ والله لو أنبئت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت ، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه ، فلا يزال مستحييا منه . 
 [ ص: 256 ]  حمران بن أبان ، مولى عثمان بن عفان  
كان من سبي عين التمر  ، اشتراه عثمان  ، وهو الذي كان يأذن للناس على عثمان    . توفي في هذه السنة ، والله سبحانه أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					