[ ص: 531 ] فصل
المسيح ، عليه السلام - بعد رفعه إلى السماء - فيه على أقوال ، كما قاله اختلف أصحاب ابن عباس وغيره من أئمة السلف ، كما أوردناه عند قوله : فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين قال ابن عباس وغيره : قال قائلون منهم : كان فينا عبد الله ورسوله ، فرفع إلى السماء . وقال آخرون : هو الله . وقال آخرون : هو ابن الله . فالأول هو الحق ، والقولان الآخران كفر عظيم ، كما قال : فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم [ مريم : 37 ] . وقد اختلفوا في نقل الأناجيل على أربعة أقاويل ، ما بين زيادة ونقصان وتحريف وتبديل ، ثم بعد المسيح بثلاثمائة سنة حدثت فيه الطامة العظمى ، والبلية الكبرى اختلف البطاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين في المسيح على أقوال متعددة لا تنحصر ولا تنضبط ، واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك قسطنطين ، باني القسطنطينية وهم المجمع الأول ، فصار الملك إلى قول أكثر فرقة اتفقت على قول من تلك المقالات ، فسموا الملائكة ، ودحض من عداهم ، وأبعدهم ، وتفردت الفرقة التابعة لعبد الله بن أديوس ، الذي ثبت على أن عيسى عبد من عباد الله ، ورسول من رسله ، فسكنوا البراري والبوادي ، وبنوا الصوامع [ ص: 532 ] والديارات والقلايات ، وقنعوا بالعيش الزهيد ، ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل ، وبنت الملائكة الكنائس الهائلة ، عمدوا إلى ما كان من بناء اليونان ، فحولوا محاريبها إلى الشرق ، وقد كانت إلى الشمال إلى الجدي .