داود الطائي ( س )
الإمام الفقيه ، القدوة الزاهد أبو سليمان ، داود بن نصير الطائي ، الكوفي ، أحد الأولياء .
ولد بعد المائة بسنوات .
وروى عن : ، عبد الملك بن عمير ، وحميد الطويل [ ص: 423 ] وهشام بن عروة وسليمان الأعمش ، وجماعة .
حدث عنه : ، ابن علية وزافر بن سليمان ، ومصعب بن المقدام ، وإسحاق بن منصور السلولي ، وأبو نعيم ، وآخرون .
وكان من كبار أئمة الفقه والرأي ، برع في العلم ، ثم أقبل على شأنه ، ولزم الصمت ، وآثر الخمول ، وفر بدينه . بأبي حنيفة
سأله رجل عن حديث ، فقال : دعني أبادر خروج نفسي . وكان الثوري يعظمه ، ويقول : أبصر داود أمره قال ابن المبارك : هل الأمر إلا ما كان عليه داود . وقيل : إنه غرق كتبه . وسأله زائدة عن تفسير آية فقال : يا فلان ! انقطع الجواب .
قال ابن عيينة : كان داود ممن علم وفقه ونفذ في الكلام ، فحذف إنسانا ، فقال أبو حنيفة : يا أبا سليمان ! طال لسانك ويدك . فاختلف بعد ذلك سنة ، لا يسأل ولا يجيب قلت : حرب نفسه ودربها ، حتى قوي على العزلة . [ ص: 424 ] قال أبو أسامة : جئت أنا وابن عيينة إليه ، فقال : قد جئتماني مرة ، فلا تعودا . وقيل : كان إذا سلم من الفريضة ، أسرع إلى منزله .
قال له رجل : أوصني . قال : اتق الله ، وبر والديك ، ويحك ! صم الدنيا ، واجعل فطرك الموت ، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم . وعنه قال : كفى باليقين زهدا ، وكفى بالعلم عبادة ، وكفى بالعبادة شغلا قال أبو نعيم : رأيت داود الطائي ، وكان من أفصح الناس ، وأعلمهم بالعربية ، يلبس قلنسوة طويلة سوداء .
وعن حفص الجعفي قال : ورث داود الطائي من أمه أربع مائة درهم ، فمكث يتقوت بها ثلاثين عاما ، فلما نفدت ، جعل ينقض سقوف الدويرة ، فيبيعها .
قال عطاء بن مسلم : عاش داود عشرين سنة بثلاث مائة درهم .
وقال إسحاق السلولي : حدثتني أم سعيد ، قالت : كان بيننا وبين داود الطائي جدار قصير ، فكنت أسمع حنينه عامة الليل ، لا يهدأ ، وربما ترنم في السحر بالقرآن ، فأرى أن جميع النعيم قد جمع في ترنمه ، وكان لا يسرج عليه . قال أبو داود الحفري : قال لي داود الطائي : كنت تأتينا إذ كنا ، ثم ما أحب أن تأتيني . [ ص: 425 ] قال : حضرت أبو داود الطيالسي داود ، فما رأيت أشد نزعا منه وقال حسن بن بشر : حضرت جنازة داود الطائي ، فحمل على سريرين أو ثلاثة ، تكسر من الزحام .
قيل : إن داود صحب حبيبا العجمي . وليس يصح ، ولا علمنا داود سار إلى البصرة ، ولا قدم حبيب الكوفة . ومناقب داود كثيرة ، كان رأسا في العلم والعمل ، ولم يسمع بمثل جنازته ، حتى قيل : بات الناس ثلاث ليال مخافة أن يفوتهم شهوده مات سنة اثنتين وستين ومائة وقيل : سنة خمس وستين وقد سقت من حديثه وأخباره في : " تاريخ الإسلام " ولم يخلف بالكوفة أحدا مثله .