عبد الرحمن بن مهدي ( ع )
ابن حسان ، بن عبد الرحمن ، الإمام الناقد المجود ، سيد [ ص: 193 ] الحفاظ أبو سعيد العنبري ، وقيل : الأزدي ، مولاهم البصري اللؤلؤي .
ولد سنة خمس وثلاثين ومائة قاله . أحمد بن حنبل
وطلب هذا الشأن ، وهو ابن بضع عشرة سنة .
سمع ، أيمن بن نابل وعمر بن أبي زائدة ، ومعاوية بن صالح الحضرمي ، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وإسماعيل بن مسلم العبدي قاضي جزيرة قيس ، وأبا خلدة خالد بن دينار ، وسفيان ، وشعبة ، والمسعودي ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، وأبا يعلى عبد الله بن عبد الرحمن الثقفي ، وعبد الجليل بن عطية البصري ، ، وعكرمة بن عمار وعلي بن مسعدة الباهلي ، ، وعمران القطان والمثنى بن سعيد الضبعي ، ، ويونس بن أبي إسحاق وأبا حرة واصل بن عبد الرحمن ، ، وحماد بن سلمة ، وأبان بن يزيد ومالك بن أنس ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وأمما سواهم .
حدث عنه : ابن المبارك ، - وهما من شيوخه - وابن وهب وعلي ، ويحيى ، وأحمد ، وإسحاق ، ، وابن أبي شيبة ، وبندار ، وأبو خيثمة ، وأحمد بن سنان والقواريري ، وأبو عبيد ، ، وأبو ثور وعبد الله بن هاشم ، وعبد الرحمن بن عمر : رستة ، ومحمد بن يحيى ، وهارون بن سليمان الأصبهاني ، وعبد الرحمن بن محمد الحارثي كربزان ، ومحمد بن ماهان زنبقة ، وخلق يتعذر حصرهم . [ ص: 194 ]
وكان إماما حجة ، قدوة في العلم والعمل .
قال الخليلي : قال : لا أعرف له نظيرا في هذا الشأن . الشافعي
قال : أحمد بن حنبل عبد الرحمن أفقه من وقال : إذا اختلف عبد يحيى القطان الرحمن ، ووكيع فعبد الرحمن أثبت ، لأنه أقرب عهدا بالكتاب ، واختلفا في نحو من خمسين حديثا قال : فنظرنا ، فإذا عامة الصواب في يد للثوري عبد الرحمن .
قال أيوب بن المتوكل : كنا إذا أردنا أن ننظر إلى الدين والدنيا ، ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي .
إسماعيل القاضي : سمعت ابن المديني يقول : أعلم الناس بالحديث عبد الرحمن بن مهدي . قلت له : قد كتبت حديث الأعمش ، وكنت عند نفسي أنني قد بلغت فيها ، فقلت : ومن يفيدني عن الأعمش ؟ فقال لي : من يفيدك عن الأعمش ؟ قلت : نعم . فأطرق ، ثم ذكر ثلاثين حديثا ليست عندي ، يتبع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أنا ولم أكتب حديثهم نازلا . قال إسماعيل : أحفظ من ذلك منصور بن أبي الأسود .
قال محمد بن أبي بكر المقدمي : ما رأيت أحدا أتقن لما سمع ولما لم يسمع ولحديث الناس من عبد الرحمن بن مهدي إمام [ ص: 195 ] ثبت ، أثبت من يحيى بن سعيد ، وأتقن من ، كان عرض حديثه على وكيع سفيان .
قال عبيد الله بن عمر القواريري : أملى علي عبد الرحمن عشرين ألف حديث حفظا .
وقال عبيد الله بن سعيد : سمعت ابن مهدي يقول : لا يجوز أن يكون الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لا يصح .
قال : كان علم علي بن المديني عبد الرحمن في الحديث كالسحر .
وقال أبو عبيد : سمعت عبد الرحمن يقول : ما تركت حديث رجل إلا دعوت الله له وأسميه .
قال إبراهيم بن زياد سبلان قلت : ما تقول فيمن يقول : القرآن مخلوق ؟ فقال : لو كان لي سلطان ، لقمت على الجسر ، فلا يمر بي أحد إلا سألته ، فإذا قال : مخلوق ، ضربت عنقه ، وألقيته في الماء . لعبد الرحمن بن مهدي
قال أبو داود السجستاني : التقى وكيع وعبد الرحمن في الحرم بعد العشاء ، فتواقفا ، حتى سمعا أذان الصبح . وروي عن ابن مهدي قال : لولا أني أكره أن يعصى الله ، لتمنيت [ ص: 196 ] أن لا يبقى أحد في المصر إلا اغتابني ! أي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها ؟ ! .
وعنه قال : كنت أجلس يوم الجمعة ، فإذا كثر الناس ، فرحت ، وإذا قلوا ، حزنت ، فسألت بشر بن منصور ، فقال : هذا مجلس سوء ، فلا تعد إليه ، فما عدت إليه .
قال عبد الرحمن رسته : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن مهدي ، أن أباه قام ليلة ، وكان يحيي الليل كله ، قال : فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش حتى طلعت الشمس ، ولم يصل الصبح ، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئا شهرين ، فقرح فخذاه جميعا .
وقال : سمعت رسته ابن مهدي يقول لفتى من ولد الأمير جعفر بن سليمان : بلغني أنك تتكلم في الرب ، وتصفه وتشبهه . قال : نعم ، نظرنا ، فلم نر من خلق الله شيئا أحسن من الإنسان ، فأخذ يتكلم في الصفة ، والقامة . فقال له : رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق ، فإن عجزنا عنه ، فنحن عن الخالق أعجز ، أخبرني عما حدثني شعبة ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى جبريل له ستمائة جناح فبقي الغلام ينظر . فقال : أنا أهون عليك صف لي خلقا [ ص: 197 ] له ثلاثة أجنحة ، وركب الجناح الثالث منه موضعا حتى أعلم . قال : يا أبا سعيد ، عجزنا عن صفة المخلوق ، فأشهدك أني قد عجزت ، ورجعت .
قال : سئل أبو حاتم الرازي عن أحمد بن حنبل يحيى وابن مهدي ، فقال : ابن مهدي أكثر حديثا .
قال أحمد العجلي : شرب عبد الرحمن بن مهدي البلاذر وكذا الطيالسي ، فبرص عبد الرحمن ، وجذم الآخر . قال : وقيل لعبد الرحمن : أيما أحب إليك ، يغفر لك ذنبا ، أو تحفظ حديثا ؟ قال : أحفظ حديثا .
أبو الربيع الزهراني : سمعت جريرا الرازي يقول : ما رأيت مثل عبد الرحمن بن مهدي . ووصف حفظه وبصره بالحديث .
قال نعيم بن حماد : قلت : كيف تعرف الكذاب ؟ قال : كما يعرف الطبيب المجنون . لعبد الرحمن بن مهدي
قال محمد بن أبي صفوان : سمعت يقول : لو [ ص: 198 ] أخذت ، فحلفت بين الركن والمقام ، لحلفت بالله أني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من علي بن المديني عبد الرحمن بن مهدي . سمعه منه . أبو حاتم الرازي
أخبرنا محمد بن قيماز ، وغيره ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن اللتي ، أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري ، أخبرنا عبد الجبار الجراحي ، أخبرنا ابن محبوب ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، سمعت محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان الثقفي ، سمعت يقول : لو حلفت بين الركن والمقام ، لحلفت أني لم أر أحدا أعلم من علي بن المديني عبد الرحمن بن مهدي .
وبه إلى الترمذي : حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : ما رأيت بعيني مثل أحمد بن حنبل يحيى بن سعيد ، إمام . وعبد الرحمن بن مهدي
وقال زياد بن أيوب الطوسي : قمنا من مجلس هشيم ، فأخذ أحمد وأصحابه بيد فتى ، فأدخلوه مسجدا ، وكتبنا عنه ، فإذا الفتى وابن معين عبد الرحمن بن مهدي .
محمد بن عيسى الطرسوسي : سمعت عبد الرحمن رسته يقول : كانت لعبد الرحمن بن مهدي جارية ، فطلبها منه رجل ، فكان منه شبه العدة ، فلما عاد إليه ، قيل لعبد الرحمن : هذا صاحب الخصومات . [ ص: 199 ] فقال له عبد الرحمن : بلغني أنك تخاصم في الدين . فقال : يا أبا سعيد ، إنا نضع عليهم لنحاجهم بها فقال : أتدفع الباطل بالباطل ، إنما تدفع كلاما بكلام ، قم عني ، والله لا بعتك جاريتي أبدا .
قال ابن المديني : قال عبد الرحمن : اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها .
وقال ابن المديني : دخلت على امرأة عبد الرحمن بن مهدي ، وكنت أزورها بعد موته ، فرأيت سوادا في القبلة ، فقلت : ما هذا ؟ قالت : موضع استراحة عبد الرحمن ، كان يصلي بالليل ، فإذا غلبه النوم ، وضع جبهته عليه .
ويروى عن ابن مهدي قال : من طلب العربية ، فآخره مؤدب ، ومن طلب الشعر ، فآخره شاعر ، يهجو أو يمدح بالباطل ، ومن طلب الكلام ، فآخر أمره الزندقة ، ومن طلب الحديث ، فإن قام به ، كان إماما ، وإن فرط ، ثم أناب يوما ، يرجع إليه ، وقد عتقت وجادت .
قال يحيى بن يحيى : كنت أسأل عبد الرحمن عن المشايخ بالبصرة .
ونقل غير واحد عن عبد الرحمن بن مهدي قال : إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى ، وأن يكون استوى على العرش ، [ ص: 200 ] أرى أن يستتابوا ، فإن تابوا ، وإلا ضربت أعناقهم .
قال ابن المديني : ثم كان بعد مالك بن أنس عبد الرحمن بن مهدي ، يذهب مذهب تابعي أهل المدينة ، ويقتدي بطريقتهم .
وقال : نظرت ، فإذا الإسناد يدور على ستة ، ثم صار علمهم إلى اثني عشر نفسا ، ثم صار علمهم إلى يحيى بن سعيد ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ، وابن المبارك ، ووكيع ، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن آدم .
قال علي : وأوثق أصحاب سفيان يحيى القطان وعبد الرحمن .
قال : أحمد بن حنبل عبد الرحمن ثقة خيار صالح مسلم ، من معادن الصدق .
قال ابن مهدي : كان أبو الأسود يتيم عروة أخا من [ ص: 201 ] الرضاعة ، وقد قال لهشام بن عروة هشام : حدثنا أخي محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن أبي ، قال : لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا ، حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم ، فقالوا فيهم بالرأي ، فضلوا وأضلوا .
قال أيوب بن المتوكل : كان حماد بن زيد إذا نظر إلى عبد الرحمن بن مهدي في مجلسه ، تهلل وجهه .
وقال صدقة بن الفضل المروزي الحافظ : أتيت يحيى بن سعيد أسأله ، فقال لي : إلزم عبد الرحمن بن مهدي ، وأفادني عنه أحاديث ، فسألت عبد الرحمن عنها ، فحدثني بها .
قال : سمعت أحمد بن سنان القطان مهدي بن حسان يقول : كان عبد الرحمن يكون عند سفيان عشرة أيام ، خمسة عشر يوما بالليل والنهار ، فإذا جاءنا ساعة ، جاء رسول سفيان في أثره يطلبه ، فيدعنا ، ويذهب إليه .
قال أحمد بن سنان : وسمعت عبد الرحمن يقول : أفتى سفيان في مسألة ، فرآني كأني أنكرت فتياه ، فقال : أنت ما تقول ؟ قلت : كذا وكذا ، خلاف قوله ، فسكت .
قال ابن المديني : حدثنا عبد الرحمن ، قال لي سفيان : لو أن عندي كتبي ، لأفدتك علما .
قال أحمد بن سنان : كان لا يتحدث في مجلس عبد الرحمن ، ولا يبرى قلم ، ولا يتبسم أحد ، ولا يقوم أحد قائما ، كأن على رءوسهم الطير ، [ ص: 202 ] أو كأنهم في صلاة ، فإذا رأى أحدا منهم تبسم أو تحدث ، لبس نعله ، وخرج .
قال أحمد بن سنان : سمعت عبد الرحمن يقول : عندي عن المغيرة بن شعبة في المسح على الخفين ثلاثة عشر حديثا - يعني الطرق .
قال بندار : سمعت عبد الرحمن يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لكتبت تفسير الحديث إلى جنبه ، ولأتيت المدينة حتى أنظر في كتب قوم سمعت منهم .
قال محمد بن عبد الرحيم صاعقة : سمعت عليا يقول : - وذكر الفقهاء السبعة - فقال : كان أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب ، ثم بعده مالك ، ثم بعده عبد الرحمن بن مهدي . [ ص: 203 ]
وقال : إذا حدث أحمد بن حنبل عبد الرحمن عن رجل ، فهو ثقة .
وقال علي : كان ورد عبد الرحمن كل ليلة نصف القرآن .
وقال محمد بن يحيى الذهلي : ما رأيت في يد عبد الرحمن بن مهدي كتابا قط - يعني كان يحدث حفظا .
وقال : سمعت رسته عبد الرحمن يقول : كان يقال : إذا لقي الرجل الرجل فوقه في العلم ، فهو يوم غنيمته ، وإذا لقي من هو مثله ، دارسه ، وتعلم منه ، وإذا لقي من هو دونه ، تواضع له ، وعلمه ، ولا يكون إماما في العلم من حدث بكل ما سمع ، ولا يكون إماما من حدث عن كل أحد ، ولا من يحدث بالشاذ ، والحفظ للإتقان .
وقال ابن نمير : قال عبد الرحمن بن مهدي : معرفة الحديث إلهام .
قال يوسف بن ضحاك : سمعت القواريري يقول : كان ابن مهدي يعرف حديثه وحديث غيره ، وكان يعرف حديثه ، فسمعت [ ص: 204 ] يحيى القطان حماد بن زيد يقول : لئن عاش عبد الرحمن بن مهدي ، لنخرجن رجل أهل البصرة .
قال أبو بكر بن أبي الأسود : سمعت ابن مهدي يقول بحضرة ، وذكر يحيى القطان الجهمية ، فقال : ما كنت لأناكحهم ، ولا أصلي خلفهم .
قال عبد الرحمن بن عمر رسته : سمعت عبد الرحمن يقول : الجهمية يريدون أن ينفوا الكلام عن الله ، وأن يكون القرآن كلام الله ، وأن يكون كلم موسى ، وقد وكده الله تعالى فقال : وكلم الله موسى تكليما .
قال عبد الرحمن رسته : سألت ابن مهدي عن الرجل يبني بأهله ، أيترك الجماعة أياما ؟ قال : لا ، ولا صلاة واحدة . وحضرته صبيحة بني على ابنته ، فخرج ، فأذن ، ثم مشى إلى بابهما ، فقال للجارية : قولي لهما : يخرجان إلى الصلاة ، فخرج النساء والجواري ، فقلن : سبحان الله ! أي شيء هذا ؟ فقال : لا أبرح حتى يخرجا إلى الصلاة ، فخرجا بعدما صلى ، فبعث بهما إلى مسجد خارج من الدرب .
قلت : هكذا كان السلف في الحرص على الخير .
قال : وكان رسته عبد الرحمن يحج كل عام ، فمات أخوه ، وأوصى إليه ، فأقام على أيتامه ، فسمعته يقول : قد ابتليت بهؤلاء الأيتام ، [ ص: 205 ] فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربعمائة دينار احتجت إليها في مصلحة أرضهم .
ذكر أبو نعيم الحافظ لابن مهدي في " الحلية " ترجمة طويلة جدا ، فروى فيها من حديثه مائتين وثمانين حديثا وقد لحق صغار التابعين كأيمن بن نابل ، وصالح بن درهم ، ويزيد بن أبي صالح ، ، وكان قد ارتحل في آخر عمره من وجرير بن حازم البصرة ، فحدث بأصبهان .
قال بندار : سمعت عبد الرحمن يقول : ما نعرف كتابا في الإسلام بعد كتاب الله أصح من " موطأ مالك " .
وقال : سمعت رسته عبد الرحمن يقول : أئمة الناس في زمانهم : سفيان بالكوفة ، وحماد بن زيد بالبصرة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام .
: حدثنا أبو حاتم بن حبان عمر بن محمد الهمداني ، حدثنا عمرو بن علي ، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : حدثنا أبو خلدة ، فقال له رجل : أكان ثقة ؟ فقال : كان صدوقا ، وكان خيارا ، وكان مأمونا ، الثقة سفيان وشعبة .
ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، سمعت ابن مهدي يقول : لزمت حتى ملني ، فقلت يوما : قد غبت عن أهلي هذه الغيبة الطويلة ، ولا أعلم ما حدث بهم بعدي قال : يا بني ، وأنا بالقرب من أهلي ، ولا أدري ما حدث بهم منذ خرجت . [ ص: 206 ] مالكا
قال في صدر كتابه في " الضعفاء " : إلا إن من أكثرهم : تنقيرا عن شأن المحدثين وأتركهم للضعفاء والمتروكين حتى يجعله لهذا الشأن صناعة لهم لم يتعدوها - مع لزوم الدين ، والورع الشديد ، والتفقه في السنن - رجلين : ابن حبان ، يحيى بن سعيد القطان . وعبد الرحمن بن مهدي
قال سهل بن صالح : سمعت يقول : وقعت بين أسدين : يزيد بن هارون عبد الرحمن بن مهدي . ويحيى القطان
قلت : توفي ابن مهدي بالبصرة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائة .
وعاش أبوه بعده ، وكان شيخا عاميا ، ربما كان يمزح بجهل ، ويشير إلى الجماعة إلى ابنه ، ويشير إلى متاعه ، فيقول : هذا خرج من هذا .
وقال عبد الرحمن بن محمد بن سلم : سمعت ، سمعت عبد الرحمن بن عمر ابن مهدي يقول : فتنة الحديث أشد من فتنة المال والولد .
قال أبو قدامة : سمعت ابن مهدي يقول : لأن أعرف علة حديث أحب إلي من أن أستفيد عشرة أحاديث .
قال عبد الله أخو : سمعت رسته ابن مهدي يقول : محرم على الرجل أن يفتي إلا في شيء سمعه من ثقة " . [ ص: 207 ]
وعن عبد الرحمن أنه كان يكره الجلوس إلى ذي هوى أو ذي رأي .
وقال : قام رسته ابن مهدي من المجلس ، وتبعه الناس ، فقال : يا قوم ، لا تطؤن عقبي ، ولا تمشن خلفي ، حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن ، قال عمران : خفق النعال خلف الأحمق قل ما يبقي من دينه .
قال : سألت رسته ابن مهدي عن الرجل يتمنى الموت مخافة الفتنة على دينه ، قال : ما أرها بذلك بأسا ، لكن لا يتمناه من ضر به ، أو فاقة ، تمنى الموت أبو بكر وعمر ومن دونهما .
وسمعت ابن مهدي يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فقلت : الآمر رجل ، فقال : خذ بما لا يريبك حتى لا يصيبك ما يريبك - يعني الحيل .
وبلغنا عن ابن مهدي قال : ما هو - يعني الغرام بطلب الحديث - إلا مثل لعب الحمام ونطاح الكباش .
قلت : صدق والله إلا لمن أراد به الله ، وقليل ما هم .
أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم أخبرنا القاضي جمال الدين [ ص: 208 ] عبد الصمد بن محمد ، أخبرنا علي بن المسلم ، أخبرنا أبو نصر بن طلاب ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جميع بصيدا ، حدثنا عبد الملك بن أحمد ببغداد ، حدثنا حفص بن عمرو الربالي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النفخ في الطعام والشراب .
قال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : قال أحمد بن سنان : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو كان لي عليه سلطان - على من يقرأ قراءة حمزة - لأوجعت ظهره وبطنه .
قلت : جاء نحو هذا عن جماعة وإنما ذلك عائد إلى ما فيها من [ ص: 209 ] قبيل الأداء ، والله أعلم ، وقد استقر اليوم الإجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول .