الإمام العلامة الحافظ ذو الفنون ، أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن [ ص: 119 ] ميمون التميمي الموصلي الأخباري ، صاحب الموسيقى ، والشعر الرائق ، والتصانيف الأدبية مع الفقه واللغة ، وأيام الناس ، والبصر بالحديث ، وعلو المرتبة . ولد سنة بضع وخمسين ومائة .
وسمع من : مالك بن أنس ، ، وهشيم بن بشير ، وسفيان بن عيينة ، وبقية بن الوليد ، وأبي معاوية الضرير ، وعدد كثير . والأصمعي
حدث عنه : ولده حماد الراوية ، وشيخه الأصمعي ، ، والزبير بن بكار وأبو العيناء ، ويزيد بن محمد المهلبي ، وآخرون . ولم يكثر عنه الحفاظ لاشتغاله عنهم بالدولة ، وقيل : ولد سنة خمسين ومائة .
قال : كان ثقة عالما . وقال إبراهيم الحربي الخطيب : كان حلو النادرة ، حسن المعرفة ، جيد الشعر ، مذكورا بالسخاء . صنف كتاب " الأغاني " الذي يرويه عنه ابنه .
وعن إسحاق الموصلي قال : بقيت دهرا من عمري أغلس كل يوم إلى هشيم أو غيره من المحدثين ، ثم أصير إلى الكسائي ، أو الفراء ، أو ابن غزالة ، فأقرأ عليه جزءا من القرآن ، ثم إلى أبي منصور زلزل فيضاربني [ ص: 120 ] طرقين أو ثلاثة ، ثم آتي عاتكة بنت شهدة ، فآخذ منها صوتا أو صوتين ، ثم آتي الأصمعي ، وأبا عبيدة فأستفيد منهما ، وآتي مجلس الرشيد بالعشي .
كان ابن الأعرابي يصف إسحاق بالعلم والصدق والحفظ . ويقول : هل سمعتم بأحسن من ابتدائه :
هل إلى أن تنام عيني سبيل إن عهدي بالنوم عهد طويل
وقال المأمون : لولا شهرة إسحاق بالغناء ، لوليته القضاء . الصولي : أخبرنا أبو العيناء ، حدثنا إسحاق الموصلي قال : كنت قد جئت أبا معاوية الضرير بمائة حديث ، فوجدت ضريرا يحجبه لينفعه ، فوهبته مائة درهم ، فاستأذن لي ، فقرأت المائة حديث ، فقال لي أبو معاوية : هذا معيد ضعيف ، وما وعدته فيأخذه من أذناب الناس ، وأنت أنت قلت : قد [ ص: 121 ] جعلتها مائة دينار . قال : أحسن الله جزاءك . وقد أنشد إسحاق الرشيد أبياتا يقول فيها :
عطائي عطاء المكثرين تكرما ومالي كما قد تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ورأي أمير المؤمنين جليل