[ ص: 361 ] حذيفة بن اليمان ( ع )
من نجباء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- وهو صاحب السر .
واسم اليمان : حسل - ويقال : حسيل- بن جابر العبسي اليماني ، أبو عبد الله . حليف الأنصار ، من أعيان المهاجرين .
حدث عنه : أبو وائل ; ، وزر بن حبيش وزيد بن وهب ، وربعي بن حراش ، ، وصلة بن زفر وثعلبة بن زهدم ، ، وأبو العالية الرياحي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومسلم بن نذير ، ، وأبو إدريس الخولاني وقيس بن عباد ، ، وأبو البختري الطائي ونعيم بن أبي هند ، ; وخلق سواهم . وهمام بن الحارث
له في " الصحيحين " اثنا عشر حديثا ، وفي " " ثمانية ، وفي البخاري مسلم سبعة عشر حديثا . [ ص: 362 ]
وكان والده " حسل " قد أصاب دما في قومه ، فهرب إلى المدينة ، وحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه " اليمان " لحلفه لليمانية ، وهم الأنصار .
شهد هو وابنه حذيفة أحدا ، فاستشهد يومئذ . قتله بعض الصحابة غلطا ، ولم يعرفه ; لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب ، ويسترون وجوههم ; فإن لم يكن لهم علامة بينة ، وإلا ربما قتل الأخ أخاه ، ولا يشعر .
ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح : أبي ! أبي ! يا قوم ! فراح خطأ . فتصدق حذيفة عليهم بديته .
قال الواقدي : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بين حذيفة وعمار . وكذا قال ابن إسحاق .
إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن حذيفة : أنه أقبل هو [ ص: 363 ] وأبوه ، فلقيهم أبو جهل ، قال : إلى أين ؟ قالا : حاجة لنا . قال : ما جئتم إلا لتمدوا محمدا . فأخذوا عليهما موثقا ألا يكثرا عليهم . فأتيا رسول الله ، فأخبراه .
: أخبرني ابن جريج أبو حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ; قال : وعن رجل ، عن زاذان : أن عليا سئل عن حذيفة ، فقال : علم المنافقين ، وسأل عن المعضلات ; فإن تسألوه تجدوه بها عالما .
أبو عوانة ، عن سليمان ، عن ثابت أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، قال : سأل رجل حذيفة ، وأنا عنده ، فقال : ما النفاق ؟ قال : أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به .
سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين : أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن : اسمعوا له وأطيعوا ، وأعطوه ما سألكم . فخرج من عند عمر على حمار موكف ، تحته زاده . فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف ، وعرق من لحم . [ ص: 364 ]
ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر ، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان ، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة .
قال حذيفة : بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي ، فأخذنا كفار قريش ، فقالوا : إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا : ما نريد إلا المدينة ; فأخذوا العهد علينا : لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال : نفي بعهدهم ، ونستعين الله عليهم . ما منعني أن أشهد
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة .
وقد ناشده عمر : أأنا من المنافقين ؟ فقال : لا ، ولا أزكي أحدا بعدك .
وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو . وعلى يده فتح الدينور عنوة . ومناقبه تطول ، رضي الله عنه .
أبو إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة ، قال : . أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم- [ ص: 365 ] بعضلة ساقي فقال : الائتزار هاهنا ، فإن أبيت فأسفل ، فإن أبيت فلا حق للإزار فيما أسفل من الكعبين
وفي لفظ : . فلا حق للإزار في الكعبين
عقيل ، ويونس ، عن الزهري : أخبرني أبو إدريس : سمع حذيفة يقول : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة .
قال حذيفة : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، مخافة أن يدركني .
الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : . [ ص: 366 ] قام فينا رسول الله مقاما ، فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة ، فحفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه
قلت : قد كان - صلى الله عليه وسلم- يرتل كلامه ويفسره ; فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء ; فذكر أكبر الكوائن ، ولو ذكر أكثر ما هو كائن في الوجود ، لما تهيأ أن يقوله في سنة ، بل ولا في أعوام ، ففكر في هذا .
مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين ، وقد شاخ .
قال ابن سيرين : بعث عمر حذيفة على المدائن ، فقرأ عهده عليهم ، فقالوا : سل ما شئت . قال : طعاما آكله ، وعلف حماري هذا - ما دمت فيكم- من تبن .
فأقام فيهم ، ما شاء الله ; ثم كتب إليه عمر : اقدم .
فلما بلغ عمر قدومه ، كمن له على الطريق ; فلما رآه على الحال التي خرج عليها ، أتاه فالتزمه ، وقال : أنت أخي ، وأنا أخوك .
، عن مالك بن مغول طلحة : قدم حذيفة المدائن على حمار سادلا رجليه ، وبيده عرق ورغيف .
سعيد بن مسروق الثوري ، عن عكرمة : هو ركوب الأنبياء ، يسدل رجليه من جانب .
أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق يقول : كان حذيفة يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة . قال أبو بكر : فقلت له : يمكن هذا ؟ قال : كانت له بغلة فارهة .
ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي : حدثنا عبد الجبار بن [ ص: 367 ] العباس ، عن أبي عاصم الغطفاني ، قال : كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه . فقيل له : يوشك أن تحدثنا : أنه يكون فينا مسخ ! قال : نعم ! ليكونن فيكم مسخ : قردة وخنازير .
أبو وائل ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس . فكتبنا له ألفا وخمسمائة .
سفيان ، عن الأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، عن أمه : قالت : كان في خاتم حذيفة : كركيان ، بينهما : الحمد لله .
عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن موسى ، عن أمه ، قالت : كان خاتم حذيفة من ذهب فيه فص ياقوت أسمانجونه ; فيه : كركيان متقابلان ; بينهما : الحمد لله .
حماد بن سلمة : أخبرنا علي بن زيد ، عن الحسن ، عن جندب : أن [ ص: 368 ] حذيفة قال : ما كلام أتكلم به ، يرد عني عشرين سوطا ، إلا كنت متكلما به .
خالد ، عن أبي قلابة ، عن حذيفة ، قال : إني لأشتري ديني بعضه ببعض ، مخافة أن يذهب كله .
أبو نعيم : حدثنا سعد بن أوس ، عن بلال بن يحيى ، قال : بلغني أن حذيفة كان يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض . قالوا : وأنت ؟ قال : وأنا والله ، إني لأدخل على أحدهم - وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه ، وأعرض عما سوى ذلك ، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء ، فأقول : إني صائم ، ولست بصائم .
جماعة ، عن الحسن ، قال : لما حضر حذيفة الموت ، قال : حبيب جاء على فاقة ; لا أفلح من ندم! أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة! قادتها وعلوجها .
شعبة : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قلت لأبي مسعود الأنصاري : ماذا قال حذيفة عند موته ؟ قال : لما كان عند السحر ، قال : أعوذ بالله من صباح إلى النار . ثلاثا . ثم قال : اشتروا لي ثوبين أبيضين ; فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما ، أو أسلبهما سلبا قبيحا . [ ص: 369 ]
شعبة - أيضا- عن أبي إسحاق ، عن ، عن صلة بن زفر حذيفة ، قال : ابتاعوا لي كفنا . فجاءوا بحلة ثمنها ثلاثمائة ، فقال : لا ، اشتروا لي ثوبين أبيضين .
وعن جزي بن بكير ، قال : لما قتل عثمان ، فزعنا إلى حذيفة ، فدخلنا عليه .
قال ابن سعد : مات حذيفة بالمدائن بعد عثمان وله عقب ، وقد شهد أخوه صفوان بن اليمان أحدا .