الإمام العلامة ، سيد الفقهاء يوسف أبو يعقوب بن يحيى ، [ ص: 59 ] المصري البويطي ، صاحب الإمام الشافعي ، لازمه مدة ، وتخرج به ، وفاق الأقران .
وحدث عن : ابن وهب ، ، وغيرهما . والشافعي
روى عنه : الربيع المرادي ، ، وإبراهيم الحربي ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، ، وأبو محمد الدارمي وأبو حاتم - وقال : هو صدوق - وأحمد بن إبراهيم بن فيل ، والقاسم بن هاشم السمسار ، وآخرون . وكان إماما في العلم ، قدوة في العمل ، زاهدا ربانيا ، متهجدا ، دائم الذكر والعكوف على الفقه .
بلغنا أن قال : ليس في أصحابي أحد أعلم من الشافعي البويطي .
وقال الربيع بن سليمان : كان البويطي أبدا يحرك شفتيه بذكر الله ، وما أبصرت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي . ولقد رأيته على بغل في عنقه غل ، وفي رجليه قيد ، وبينه وبين الغل سلسلة فيها لبنة وزنها أربعون رطلا ، وهو يقول : إنما خلق الله الخلق ب " ، كن " ، ، فإذا كانت مخلوقة ، فكأن مخلوقا خلق بمخلوق . ولئن أدخلت عليه لأصدقنه ، يعني : الواثق ، ولأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم . [ ص: 60 ]
قال : كان ابن خزيمة محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أعلم من رأيت بمذهب مالك ، فوقع بينه وبين البويطي عند موت ، فحدثني الشافعي أبو جعفر السكري قال : تنازع ابن عبد الحكم والبويطي مجلس ، فقال الشافعي البويطي : أنا أحق به منك ، وقال الآخر كذلك . فجاء ، وكان الحميدي بمصر ، فقال : قال : ليس أحد أحق بمجلسي من الشافعي يوسف ، ليس أحد من أصحابي أعلم منه . فقال ابن عبد الحكم : كذبت . قال : بل كذبت أنت وأبوك وأمك . وغضب ابن عبد الحكم . فجلس البويطي في مكان ، وجلس الشافعي ابن عبد الحكم في الطاق الثالث .
القاضي زكريا بن أحمد البلخي : حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي ، حدثنا الربيع بن سليمان قال : كان البويطي حين مرض الشافعي بمصر هو وابن عبد الحكم والمزني ، فتنازعوا الحلقة ، فبلغ ذلك ، فقال : الحلقة الشافعي للبويطي . فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم وأصحابه ، وكانت أعظم حلقة في المسجد . فكان الشافعي البويطي يصوم ، ويتلو غالبا في اليوم والليلة ختمة مع صنائع المعروف إلى الناس . وبه إلى الربيع ، قال : فسعي بالبويطي ، وكان أبو بكر الأصم ممن سعى به -وما هو بابن كيسان الأصم - وكان أصحاب ابن أبي دواد ، وابن الشافعي ممن سعى به ، حتى كتب فيه ابن أبي دواد إلى والي مصر ، [ ص: 61 ] فامتحنه فلم يجب ، وكان الوالي حسن الرأي فيه ، فقال له : قل فيما بيني وبينك ، قال : إنه يقتدي بي مائة ألف . ولا يدرون المعنى ، قال : وقد كان أمر أن يحمل إلى بغداد في أربعين رطل حديد .
قال الربيع : وكان المزني ممن سعى به ، وحرملة .
قال أبو جعفر الترمذي : فحدثني الثقة ، عن البويطي ، أنه قال : برئ الناس من دمي إلا ثلاثة : حرملة والمزني وآخر .
قلت : استفق ، ويحك ، وسل ربك العافية ، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب ، وقع فيه سادة ، فرحم الله الجميع .
قال الربيع : كتب إلي أبو يعقوب البويطي أن اصبر نفسك للغرباء ، وحسن خلقك لأهل حلقتك ، فإني لم أزل أسمع يقول كثيرا ويتمثل : الشافعي
أهين لهم نفسي لكي يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها
مات الإمام البويطي في قيده مسجونا بالعراق في سنة إحدى وثلاثين ومائتين .عندي حديث في " ، مسند " أبي محمد الدارمي : حدثنا أبو يعقوب البويطي ، حدثنا فذكره . الشافعي