ابن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي الوزير .
ولي الوزارة للمعتضد بعد موت والده الوزير الكبير عبيد الله ، في سنة ثمان وثمانين ، وظهرت شهامته ، وزاد تمكنه ، فلما مات المعتضد في سنة تسع وثمانيين ومائتين قام القاسم بأعباء الخلافة ، وعقد البيعة للمكتفي ، وكان ظلوما عاتيا ، يدخله من أملاكه في العام سبع مائة ألف دينار ، وإنما تقدم بخدمته للمكتفي ، وكان سفاكا للدماء ، أباد جماعة ، ولما مات شمت الناس بموته .
[ ص: 19 ] وقال النوفلي : كنت أبغضه لكفره ، ولمكروه نالني منه .
قال ابن النجار : أخذ البيعة للمكتفي ، وكان غائبا بالرقة ، وضبط له الخزائن ، فلقبه ولي الدولة ، وزوج ولده بابنة القاسم على مائة ألف دينار .
ثم قال ابن النجار : كان جوادا ممدحا ، إلا أنه كان زنديقا ، وكان مؤدبه ، فنال في دولته مالا جزيلا من الرشوة ، فحصل أربعين ألف دينار . أبو إسحاق الزجاج
هلك القاسم عن ثلاث وثلاثين سنة ، لا رحمه الله .
قال الصولي : حدثنا شادي المغني ، قال : كنت عند القاسم وهو يشرب ، فقرأ عليه ابن فراس من عهد أردشير فأعجبه ، فقال له ابن فراس : هذا والله -وأومأ إلي- أحسن من بقرة هؤلاء وآل عمرانهم . وجعلا يتضاحكان .
قال الصولي : وأخبرنا ابن عبدون : حدثني الوزير عباس بن الحسن : كنت عند القاسم بن عبيد الله ، فقرأ قارئ : كنتم خير أمة أخرجت فقال ابن فراس : بنقصان ياء ، فوثبت فزعا ، فردني القاسم وغمزه ، فسكت .
[ ص: 20 ] الصولي : أخبرنا علي بن العباس النوبختي ، قال : انصرف ابن الرومي الشاعر من عند القاسم بن عبيد الله ، فقال لي : ما رأيت مثل حجة أوردها اليوم الوزير في قدم العالم ، وذكر أبياتا .
قلت : هذه أمور مؤذنة بشقاوة هذا المعثر ، نسأل الله خاتمة خير .
مات هذا في ذي القعدة ، سنة إحدى وتسعين ومائتين ووزر بعده العباس بن الحسن ، الذي قتل مع ابن المعتز .
وقال شاعر :
شربنا عشية مات الوزير سرورا ونشرب في ثالثه فلا رحم الله تلك العظام
ولا بارك الله في وارثه