البغوي 
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن  [ ص: 441 ] شاهنشاه ، الحافظ الإمام الحجة المعمر ، مسند العصر أبو القاسم البغوي الأصل ، البغدادي الدار والمولد . 
منسوب إلى مدينة بغشور  من مدائن إقليم خراسان ،  وهي على مسيرة يوم من هراة   . كان أبوه وعمه الحافظ  علي بن عبد العزيز البغوي  منها . 
وهو أبو القاسم بن منيع  نسبة إلى جده لأمه الحافظ أبي جعفر أحمد بن منيع البغوي  الأصم ، صاحب " المسند " ونزيل بغداد ،  ومن حدث عنه : مسلم ،  وأبو داود ،  وغيرهما . 
ولد أبو القاسم  يوم الاثنين أول يوم من شهر رمضان ، سنة أربع عشرة ومائتين هكذا أملاه أبو القاسم  على عبيد الله بن محمد بن حبابة البزاز ،  وأخبره أنه رآه بخط جده -يعني أحمد بن منيع   . 
حرص عليه جده ، وأسمعه في الصغر ، بحيث إنه كتب بخطه إملاء ، في ربيع الأول ، سنة خمس وعشرين ومائتين ، فكان سنه يومئذ عشر سنين ونصفا ، ولا نعلم أحدا في ذلك العصر طلب الحديث وكتبه أصغر من أبي القاسم ،  فأدرك الأسانيد العالية ، وحدثه جماعة عن صغار التابعين . 
سمع من :  أحمد بن حنبل ،   وعلي بن المديني ،   وعلي بن الجعد ،  وأبي نصر التمار ،   وخلف بن هشام البزار ،   وهدبة بن خالد ،   وشيبان بن فروخ ،  ومحمد بن عبد الواهب الحارثي ،  ويحيى بن عبد الحميد الحماني ،   وبشر بن الوليد الكندي ،  وعبيد الله بن محمد العيشي ،  وحاجب بن الوليد ،  وأبي الأحوص محمد بن حيان ، البغوي   . 
ومحرز بن عون ،   وسويد بن سعيد ،   وداود بن عمرو الضبي ،   وداود بن رشيد ،  وأبي بكر بن شيبة ،  ومحمد بن حسان السمتي ،  وأبي الربيع الزهراني ،  وعبيد الله بن عمر  [ ص: 442 ] القواريري ،  ومحمد بن جعفر الوركاني ،  وهارون بن معروف ،   وسريج بن يونس ،  وأبي خيثمة ،  وعبد الجبار بن عاصم ،  ومحمد بن أبي سمينة ،  وجده أحمد بن منيع .   . 
 ومصعب بن عبد الله الزبيري ،   ومحمد بن بكار بن الريان ،   وإبراهيم بن الحجاج السامي ،   وعمرو بن محمد الناقد ،  والعلاء بن موسى الباهلي ،  وطالوت بن عباد الصيرفي ،  ونعيم بن الهيصم ،  وقطن بن نسير الغبري ،   وكامل بن طلحة ،   وعبد الأعلى بن حماد ،   وعبيد الله بن معاذ ،  وإسحاق بن أبي إسرائيل المروزي ،  وعمار بن نصر ،  وخلق كثير ، حتى إنه كتب عن أقرانه . وصنف كتاب : " معجم الصحابة " وجوده ، وكتاب : " الجعديات " وأتقنه . وكان علي بن الجعد  أكبر شيخ له ، وهو ثبت فيه ، مكثر عنه . 
حدث عنه : يحيى بن صاعد ،  وابن قانع ،   وأبو علي النيسابوري ،   وأبو حاتم بن حبان ،  وأبو بكر الإسماعيلي ،   وأبو أحمد بن عدي ،  وأبو بكر الشافعي ،  ودعلج السجزي ،   والطبراني ،  وأبو بكر الجعابي ،  وأبو علي بن السكن ،  وأبو بكر بن السني ،  وأبو أحمد حسينك النيسابوري ،   وأبو أحمد الحاكم ،  ومحمد بن المظفر   . . 
وأبو حفص بن الزيات ،  وأبو عمر بن حيويه ،   وأبو الحسن الدارقطني ،   وأبو بكر بن شاذان ،  وأبو حفص بن شاهين ،  وأبو القاسم بن حبابة ،  وأبو بكر بن المهندس المصري ،  لقيه بمكة  سنة عشر وثلاث مائة ، وأبو الفتح القواس ،  وأبو عبد الله بن بطة ،  وزاهر بن أحمد السرخسي ،  وأبو بكر محمد بن محمد الطرازي ،  وأبو  [ ص: 443 ] القاسم عيسى بن علي الوزير ،  وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي ،  وأبو حفص الكتاني ،  وأبو طاهر المخلص ،  وأبو بكر بن المقرئ الأصبهاني ،  وأبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق ،  وأبو سليمان بن زبر ،  وأبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي  محدث الأهواز ،  والمعافى بن زكريا الجريري ،  وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب  بمصر   - خاتمة أصحابه ، وخلق كثير إلى الغاية ، وبقي حديثه عاليا بالاتصال إلى سنة خمس وثلاثين وستمائة عند أبي المنجا بن اللتي ،  وبعد ذلك بالإجازة العالية عند أبي الحسن بن المقير   . 
ثم كان في الدور الآخر المعمر شهاب الدين أحمد بن أبي طالب  الحجار ،  فكان خاتمة من روى حديثه عاليا بالسماع ، بل وبالإجازة ، كان بينه وبينه أربعة أنفس ، نعم وبعده يمكن اليوم أن يسمع حديثه بعلو بثلاث إجازات متواليات ، لا بل بإجازتين ، فإن عجيبة الباقدارية  لها إجازة هبة الله بن الشبلي ،  والله أعلم . 
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق  بمصر ،  أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب ،  أخبرنا هبة الله بن أبي شريك ،  أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور  قال : حدثنا عيسى بن علي الوزير  إملاء ، حدثنا أبو القاسم البغوي ،  حدثنا علي بن الجعد ،  أخبرنا  زهير -هو ابن معاوية-  ، عن سماك ،   وزياد بن علاقة ،  وحصين ،  كلهم عن  جابر بن سمرة   -رضي الله عنهما- : أن رسول الله قال : " يكون بعدي اثنا عشر أميرا  [ ص: 444 ] ثم تكلم بشيء لم أفهمه ، فسألت أبي -وقال بعضهم في حديثه : فسألت القوم- ، فقالوا : قال : كلهم من قريشهذا حديث صحيح من العوالي لنا ولصاحب الترجمة . 
أخبرنا أبو محمد عبد الحافظ بن بدران ،  ويوسف بن أحمد  بقراءتي قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ،  أخبرنا سعيد بن أحمد بن الحسن ،  أخبرنا ، علي بن أحمد بن البسري ،  أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص ،  حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد ،  أخبرنا أحمد بن محمد بن حنبل ،   وعبيد الله بن عمر القواريري  قالا : حدثنا  معاذ بن هشام ،  حدثني أبي ، عن قتادة ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس   : أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا نبي الله ، إني شيخ كبير ، شق علي القيام ، فمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر . فقال : عليك بالسابعة قال البغوي   : لفظ  أحمد بن حنبل ،  ولا أعلمه روى هذا الحديث بهذا الإسناد غير معاذ . 
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن العلوي  بالثغر ،  أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر المؤرخ ،  أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني   ( ح ) ، وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن أبي محمد الزاهد   : أخبرنا شيخنا أبو حفص عمر بن محمد السهروردي ،  أخبرنا أبو المظفر هبة الله بن أحمد القصار  قالا : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ،  أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي ،  وقال  [ ص: 445 ] الشيخ رشيد الدين أحمد بن مسلمة   : أنبأنا أبو الفتح بن البطي ،  عن أبي نصر الزينبي ،  أخبرنا الذهبي ،  حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ،  حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ،  حدثنا يحيى بن سعيد ،  عن شعبة ،  أخبرني أبو جمرة ،  سمعت ابن عباس  ، يقول : قدم وفد عبد القيس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأمرهم بالإيمان بالله قال : تدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تعطوا الخمس من المغنم متفق على ثبوته أخرجه أبو داود  عن  الإمام أحمد   . 
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد اليونيني  وأبو العباس أحمد  [ ص: 446 ] بن محمد الحلبي ،  ومحمد بن إبراهيم النحوي ،  وسليمان بن قدامة الحاكم ،  وأخوه داود ،  وعبد المنعم بن عبد اللطيف ،  وعبد الرحمن بن عمر ،  وعيسى بن أبي محمد ،  وعبد الحميد بن أحمد ،  وإبراهيم بن صدقة ،  وعيسى بن حمد  قالوا : أخبرنا عبد الله بن عمر   ( ح ) وأخبرنا أحمد بن إسحاق الأبرقوهي ،  أخبرنا زكريا بن حسان  ، قالا : أخبرنا أبو الوقت السجزي  أخبرتنا أم الفضل بيبى بنت عبد الصمد ،  أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري ،  أخبرنا عبد الله محمد البغوي ،  حدثنا مصعب بن عبد الله ،  حدثني مالك ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  عن عائشة   : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " الولاء لمن أعتق "  . 
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الحسيني ،  وأحمد بن  [ ص: 447 ] محمد الحافظ  قالا : أخبرنا أبو المنجا عبد الله بن عمر الحريمي ،  أخبرنا عبد الأول بن عيسى ،  أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد البوشنجي ،  أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الهروي ،  أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ،  حدثنا  سويد بن سعيد ،  حدثنا علي بن مسهر  قال : سمعت أنا وحمزة الزيات  من أبان بن أبي عياش  خمسمائة حديث -أو ذكر أكثر - فأخبرني حمزة  قال : رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام ، فعرضتها عليه ، فما عرف منها إلا اليسير ، خمسة أو ستة أحاديث ، فتركت الحديث عنه  . أخرجها مسلم  في مقدمة صحيحه عن سويد ،  فوافقناه بعلو . 
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن بقاء ،  وجماعة قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك ،   وعبد الله بن عمر ،  وأخبرنا علي بن عثمان ،  وجماعة ، قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك ،  وأخبرنا عبد الحافظ بن بدران ،  أخبرنا موسى بن عبد القادر ،  وأخبرنا أحمد بن بيان الديرمقري ،  وخلق ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن عمر ،  وأخبرنا أحمد بن المؤيد ،  أخبرنا عبد اللطيف بن عسكر ،  ونفيس بن كرم ،  وحسن بن أبي بكر اليمني  قالوا جميعا : 
أخبرنا أبو الوقت السجزي ،  أخبرنا محمد بن أبي مسعود ،  أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح ،  حدثنا أبو القاسم البغوي ،  حدثنا العلاء بن موسى الباهلي ،  حدثنا الليث ،  عن نافع ،  عن عبد الله ،  عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة "  . 
 [ ص: 448 ] هذا حديث صحيح متفق عليه وإسناده كالشمس وضوحا . 
قال الحافظ أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي   : سمعت أحمد بن يعقوب الأموي  يقول : سمعت ابن منيع  يقول : رأيت  أبا عبيد القاسم بن سلام ،  إلا أني لم أسمع منه شيئا ، وشهدت جنازته في سنة أربع وعشرين ومائتين . قلت : الأموي  كذبه  أبو بكر البيهقي   . وقال أبو بكر بن شاذان   : سمعت البغوي  يقول : ولدت سنة ثلاث عشرة ومائتين . 
قال الخطيب   : وقال ابن شاهين   : سمعته يقول : ولدت سنة أربع عشرة قال الخطيب   : وابن شاهين  أتقن . 
قال ابن شاهين   : وسمعته يقول : أول ما كتبت الحديث سنة خمس وعشرين ، عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني   . 
قال أبو محمد الرامهرمزي   : لا يعرف في الإسلام محدث وازى البغوي  في قدم السماع . 
قلت : أما إلى وقته فنعم ، وأما بعده فاتفق ذلك لطائفة منهم : عبد الواحد الزبيري   -مسند ما وراء النهر   - ولأبي علي الحداد ،  وبالأمس لأبي العباس بن الشحنة .  
قال  أبو أحمد الحاكم   : قال لي البغوي   : ما خبر شيخكم ذاك؟ قلت : عن أي الشيخين تسأل؟ قال : الذي يحدث عن قتيبة -يعني أبا العباس السراج   - قلت ، خلفته حيا ، قال : كم عنده عن قتيبة؟  قلت :  [ ص: 449 ] جملة . قال : كم عنده عن إسحاق بن راهويه؟  قلت : كثير . قال : عمن كتب من مشايخنا؟ ففكرت -قلت : إن ذكرت له شيخا كتب عنه يزري به- قلت : كتب عن محمد بن إسحاق المسيبي ،  ومحفوظ بن أبي توبة ،  وعيسى بن مساور الجوهري ،  قال : أي سنة دخل بغداد ،  قلت : سنة أربع وثلاثين ومائتين أظن ، فاهتز لذاك وقال : أمرت أن يثبت لي أسماء مشايخي الذين لا يحدث عنهم غيري اليوم ، فبلغوا سبعة وثمانين شيخا . قال  الحاكم   : وكان إذ ذاك ببغداد  الباغندي ،  وأبو الليث الفرائضي ،  والحسين بن محمد بن عفير ،  وعلي بن المبارك المسروري ،  وغيرهم . 
قلت : عاش البغوي  بعد قوله ستة أعوام ، وتفرد عن خلق سوى من ذكر . 
وقيل : إنه لم يرو عن  يحيى بن معين  غير قوله : لما خرج من عند يحيى بن عبد الحميد ،  فقلنا : ما تقول في الرجل؟ فقال : الثقة وابن الثقة . 
قال أحمد بن عبدان الحافظ   : سمعت أبا القاسم البغوي  يقول : كنت يوما ضيق الصدر ، فخرجت إلى الشط ، وقعدت وفي يدي جزء عن  يحيى بن معين  أنظر فيه ، فإذا بموسى بن هارون ،  فقال لي : أيش معك؟ قلت : جزء عن ابن معين ،  فأخذه من يدي ، فرماه في دجلة وقال : تريد أن تجمع بين  أحمد بن حنبل ،   ويحيى بن معين ،   وعلي بن المديني   ! 
قلت : بئس ما صنع موسى   ! عفا الله عنه . 
وروينا عن البغوي  قال : حضرت مع عمي مجلس عاصم بن علي   . 
أخبرنا أبو الغنائم القيسي ،  ومؤمل بن محمد ،  ويوسف الشيباني  إجازة قالوا : أخبرنا أبو اليمن الكندي ،  أخبرنا أبو منصور الشيباني ،  أخبرنا  [ ص: 450 ] أبو بكر الحافظ  قال : حدثنا علي بن أبي علي المعدل ،  حدثنا علي بن الحسن بن جعفر البزاز ،  حدثني البغوي  قال : كنت أورق ، فسألت جدي أحمد بن منيع  أن يمضي معي إلى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ،  يسأله أن يعطيني الجزء الأول من المغازي ، عن أبيه ، حتى أورقه عليه ، فجاء معي ، وسأله ، فأعطاني ، فأخذته وطفت به ، فأول ما بدأت بأبي عبد الله بن مغلس ،  أريته الكتاب ، وأعلمته أني أريد أن أقرأ المغازي على الأموي ،  فدفع إلي عشرين دينارا وقال : اكتب لي منه نسخة . ثم طفت بعده بقية يومي ، فلم أزل آخذ من عشرين دينارا وإلى عشرة دنانير وأكثر وأقل إلى أن حصل معي في ذلك اليوم مائتا دينار ، فكتبت نسخا لأصحابها بشيء يسير ، وقرأتها لهم ، واستفضلت الباقي  . 
وبه : إلى الحافظ أبي بكر   : حدثني أبو الوليد الدربندي   : سمعت عبدان بن أحمد الخطيب   -سبط أحمد بن عبدان الشيرازي   - سمعت جدي يقول : اجتاز أبو القاسم البغوي  بنهر طابق على باب مسجد ، فسمع صوت مستمل ، فقال : من هذا؟ فقالوا : ابن صاعد   . قال : ذاك الصبي؟ قالوا : نعم . قال : والله لا أبرح حتى أملي هاهنا . فصعد دكة وجلس ، ورآه أصحاب الحديث ، فقاموا وتركوا ابن صاعد   . 
ثم قال : حدثنا  أحمد بن حنبل  قبل أن يولد المحدثون ، وحدثنا طالوت  قبل أن يولد المحدثون ، وحدثنا أبو نصر التمار   . فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ، ما بقي من يروي عنهم سواه . 
 [ ص: 451 ] وبه : أخبرنا أحمد بن أحمد بن محمد القصري ،  سمعت أبا زيد ،  الحسين بن الحسن بن عامر الكوفي  يقول : قدم البغوي  إلى الكوفة ،  فاجتمعنا مع  ابن عقدة  إليه لنسمع منه ، فسألنا عنه ، فقالت الجارية : قد أكل سمكا ، وشرب فقاعا ونام ، فعجب  ابن عقدة  من ذلك لكبر سنه . 
ثم أذن لنا ، فدخلنا ، فقال : يا أبا العباس ،  حدثتني أختي أنها كانت نازلة في بني حمان ،  وكان في الموضع طحان ، فكان يقول لغلامه : اصمد أبا بكر   . فيصمد البغل إلى أن يذهب بعض الليل ، ثم يقول : اصمد عمر   . فيصمد الآخر . فقال له  ابن عقدة   : يا أبا القاسم ،  لا تحملك عصبيتك  لأحمد بن حنبل  أن تقول في أهل الكوفة  ما ليس فيهم ، ما روى : خير هذه الأمة بعد نبيها ، أبو بكر وعمر عن علي  إلا أهل الكوفة ،   ولكن أهل المدينة   رووا : " أن عليا  لم يبايع أبا بكر  إلا بعد ستة أشهر  " . 
فقال له أبو القاسم   : " يا أبا العباس ،  لا تحملك عصبيتك لأهل الكوفة   على أن تتقول على أهل المدينة    . ثم بعد ذلك أخرج الكتب ، وانبسط ، وحدثنا  . 
 [ ص: 452 ] وبه : حدثني علي بن محمد   : سمعت حمزة بن يوسف ،  سمعت أبا الحسين يعقوب الأردبيلي  يقول : سألت أحمد بن طاهر ،  قلت : أيش كان موسى بن هارون  يقول في ابن بنت منيع؟  فقال : أيش كان يقول ابن بنت منيع  في موسى بن هارون؟  قلت : كيف هذا؟ قال : لأنه كان يرضى منه رأسا برأس . 
قال الخطيب  المحفوظ عن موسى  توثيق البغوي ،  وثناؤه عليه ، ومدحه له . قال عمر بن الحسن الأشناني   : سألت موسى بن هارون  عن البغوي ،  فقال : ثقة صدوق ، لو جاز لإنسان أن يقال له : فوق الثقة ، لقيل له . قلت : يا أبا عمران ، إن هؤلاء يتكلمون فيه؟ فقال : يحسدونه ، سمع من ابن عائشة  ولم نسمع . ابن منيع  لا يقول إلا الحق . 
وبه : إلى أبي بكر   : حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي ،  أخبرنا علي بن بقاء ،  أخبرنا عبد الغني بن سعيد  قال : سألت أبا بكر محمد بن علي النقاش   : تحفظ شيئا مما أخذ على ابن بنت منيع؟  فقال : غلط في حديث عن محمد بن عبد الواهب ،  عن أبي شهاب ،  عن  أبي إسحاق الشيباني ،  عن نافع ،  عن ابن عمر   . حدث به عن ابن عبد الواهب ،  وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ  عنه ، فأخذه عبد الحميد الوراق  بلسانه ، ودار على أصحاب الحديث ، فبلغ ذلك أبا القاسم ،  فخرج إلينا يوما ، فعرفنا أنه غلط فيه ، وأنه أراد أن يكتب : حدثنا إبراهيم بن هانئ ،  فمرت يده . 
 [ ص: 453 ] قلت : هذه الحكاية تدل على تثبت أبي القاسم  وورعه ، وإلا فلو كاشر -ورواه عن محمد بن عبد الواهب   - شيخه على سبيل التدليس من كان يمنعه؟! 
ثم قال النقاش   : ورأيت فيه الانكسار والغم ، وكان ثقة . 
قلت : متن الحديث : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتناجى اثنان دون الثالث إذا كانوا جميعا  . 
ورواه أبو العباس  السراج : أخبرنا إبراهيم بن هانئ  فذكره . 
وقال الأردبيلي   : سئل ابن أبي حاتم  عن  أبي القاسم البغوي   : أيدخل في الصحيح؟ قال : نعم . 
وقال حمزة السهمي   : سألت أبا بكر بن عبدان  عن البغوي ،  فقال : لا شك أنه يدخل في الصحيح . 
وبه قال أبو بكر :  حدثنا حمزة بن محمد الدقاق :  سمعت  الدارقطني  يقول : كان أبو القاسم بن منيع  قل ما يتكلم على الحديث ، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج . 
وقال أبو عبد الرحمن السلمي   : سألت  الدارقطني  عن البغوي ،  فقال : ثقة جبل ، إمام من الأئمة ثبت ، أقل المشايخ خطأ ، وكلامه في  [ ص: 454 ] الحديث أحسن من كلام ابن صاعد   . 
ابن الطيوري   : سمعت ابن المذهب ،  سمعت ابن شاهين ،  سمعت البغوي ،  وقال له مستمليه : أرجو أن أستملي عليك سنة عشرين وثلاثمائة ، قال : قد ضيقت علي عمري ، أنا رأيت رجلا في الحرم له مائة وست وثلاثون سنة يقول : رأيت الحسن   وابن سيرين ،  أو كما قال  . 
قلت : كان يسر البغوي  أن لو قال له مستمليه : أرجو أن أستملي عليك سنة خمسين وثلاث مائة . 
قال  أبو أحمد بن عدي  في " الكامل " له : كان أبو القاسم  صاحب حديث ، وكان وراقا من ابتداء أمره ، يورق على جده وعمه وغيرهما ، وكان يبيع أصل نفسه كل وقت . 
ووافيت العراق  سنة سبع وتسعين ومائتين ، وأهل العلم والمشايخ منهم مجتمعون على ضعفه ، وكانوا زاهدين في حضور مجلسه ، وما رأيت في مجلسه قط -في ذلك الوقت- إلا دون العشرة غرباء ، بعد أن يسأل بنوه الغرباء مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم ، فيقرأ عليهم لفظا . قال : وكان مجانهم يقولون : في دار ابن منيع  سحرة تحمل داود بن عمر الضبي  من كثرة ما يروي عنه ، وما علمت أحدا حدث عن علي بن الجعد  أكثر مما حدث هو . 
قال : وسمعه قاسم المطرز  يقول : حدثنا عبيد الله العيشي ،  فقال : في حر أم من يكذب . وتكلم فيه قوم ، ونسبوه إلى الكذب عند عبد الحميد الوراق ،  فقال : هو أنعش من أن يكذب -يعني ما يحسن- ، قال : وكان بذيء اللسان ، يتكلم في الثقات ، سمعته يقول يوم مات محمد بن يحيى المروزي   : أنا قد ذهب بي  [ ص: 455 ] عمي إلى أبي عبيد ،   وعاصم بن علي ،  وسمعت منهما . قال : ولما مات أصحابه احتمله الناس ، واجتمعوا عليه ، ونفق عندهم ، ومع نفاقه وإسناده كان مجلس ابن صاعد  أضعاف مجلسه . 
قلت : قد أسرف  ابن عدي  وبالغ ، ولم يقدر أن يخرج له حديثا غلط فيه سوى حديثين ، وهذا مما يقضي له بالحفظ والإتقان ; لأنه روى أزيد من مائة ألف حديث لم يهم في شيء منها ، ثم عطف وأنصف ، وقال : وأبو القاسم  كان معه طرف من معرفة الحديث ، ومن معرفة التصانيف ، وطال عمره ، واحتاجوا إليه ، وقبله الناس ، ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته -يعني في الكامل- وإلا كنت لا أذكره . 
قال  أبو يعلى الخليلي   : أبو القاسم البغوي  من العلماء المعمرين ، سمع  داود بن رشيد ،  والحكم بن موسى ،   وطالوت بن عباد ،  وابني أبي شيبة   . إلى أن قال : وعنده مائة شيخ لم يشاركه أحد فيهم ، في آخر عمره لم ينزل إلى الشيوخ . 
قال : وهو حافظ عارف ، صنف مسند عمه علي بن عبد العزيز ،  وقد حسدوه في آخر عمره ، فتكلموا فيه بشيء لا يقدح فيه ، وقد سمعت عبد الرحمن بن محمد  يقول : سمعت أبا أحمد الحاكم ،  سمعت البغوي  يقول : ورقت لألف شيخ . 
قال أحمد بن علي السليماني  الحافظ : البغوي  يتهم بسرقة الحديث . 
قلت : هذا القول مردود ، وما يتهم أبا القاسم  أحد يدري ما يقول ; بل هو ثقة مطلقا . 
قال إسماعيل بن علي الخطبي   : مات أبو القاسم البغوي الوراق  ليلة الفطر من سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ودفن يوم الفطر ، وقد استكمل مائة  [ ص: 456 ] سنة وثلاث سنين وشهرا واحدا . 
قال الخطيب  ودفن في مقبرة باب التبن ،  رحمه الله . 
قلت : قد سمعوا عليه يوم وفاته ، فذكر محمد بن أبي شريح   -في غالب ظني- قال : كنا نسمع على البغوي  ورأسه بين ركبتيه ، فرفع رأسه وقال : كأني بهم يقولون : مات أبو القاسم البغوي ،  ولا يقولون : مات مسند الدنيا . ثم مات عقيب ذلك أو يومئذ ، رحمه الله . 
قلت : وهو من الذين جاوزوا المائة -بيقين-  كالطبراني  والسلفي ،  وقد أفردتهم في جزء ختمته بالشيخ شهاب الدين الحجار   . 
ومات مع البغوي  في سنة سبع عشرة أبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري الأصبهاني ،  وشيخ الحنفية أبو سعيد أحمد بن الحسين البرذعي  ببغداد ،  وأبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص الحيري النيسابوري ،  وحرمي بن أبي العلاء المكي  ببغداد ،  والقاضي أبو القاسم بدر الدين بن الهيثم بن خلف الكوفي ،  ومسند أصبهان أبو علي الحسن بن محمد بن دكة الفرضي .  
وشيخ الشافعية الزبير بن أحمد بن سليمان البصري الزبيري ،  ومحدث مصر  أبو الحسن علي بن أحمد بن سليمان بن الصيقل علان ،  والثقة أبو العباس الفضل بن أحمد بن منصور الزبيدي   -صاحب  أحمد بن حنبل   - والحافظ أبو الحسن محمد بن أحمد بن زهير الطوسي ،  والحافظ الشهيد أبو الفضل محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمار الهروي  بمكة ،  ومسند مصر  أبو بكر محمد بن  [ ص: 457 ] زبان بن حبيب الحضرمي ،  والزاهد الواعظ أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي   - خاتمة أصحاب قتيبة بن سعيد   . 
				
						
						
