[ ص: 92 ] صاحب بخارى
الملك الملقب بالمنتصر ، أبو إبراهيم ، إسماعيل بن ملوك ما وراء النهر ، ولد الملك نوح بن نصر بن نوح بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الساماني البخاري .
طول الملك في هذا البيت ، وقد ولي جدهم
إسماعيل ممالك
خراسان للمعتضد .
وكان قد عزل من الملك
منصور بن نوح ، واعتقل
بسرخس ، وملكوا أخاه
عبد الملك بن نوح فطمع في البلاد
أيلك خان ، وحاربهم ، وظفر
بعبد الملك ، وسجنه ، واستولى على
بخارى ، فمات في السجن بعد قليل ، ثم قام
المنتصر أخوهما ، فسجنه -أيضا-
أيلك خان وأقاربه فيهرب
المنتصر في هيئة امرأة كانت تتردد إلى السجن ، واختفى أمره ، فذهب إلى
خوارزم ، فتلاحق به من بذ من بقايا
السامانية ، حتى استقام أمره ، وكثر جيشه ، فأغار عسكره على
بخارى ، وكبسوا بضعة عشر أميرا من
الخانية ، وأسروهم ، وجاءوا بهم إلى
المنتصر ، وهرب بقايا عسكر
أيلك خان ، وجاء
المنتصر ، وفرح به الرعية ، فجمع
أيلك خان عساكره ، فعبر
المنتصر إلى
خراسان ، ثم حارب متولي
نيسابور نصر بن سبكتكين أخا السلطان
محمود ، وأخذ منه
نيسابور ، فتنمر السلطان ، وطوى المفاوز ، ووافى
نيسابور ، ففر
[ ص: 93 ] منها
المنتصر ، وجال في أطراف
خراسان ، وجبى الخراج ، وصادر ، ووزن له
شمس المعالي ثمانين ألف دينار ، وخيلا وبغالا مصانعة عن
جرجان ، ثم إنه عاود
نيسابور ، فهرب منها أخو السلطان ، فدخلها
المنتصر ، وعثر أهلها ، ثم كان بينه وبين السلطان
محمود ملحمة مشهودة ، وانهزم
المنتصر إلى
جرجان ، ثم التقى هو والعساكر السبكتكينية على
سرخس ، وقتل خلق من الفريقين ، وتمزق جمع المنتصر ، وقتل أبطاله ، فسار يعتسف المهالك حتى وقع إلى محال الترك الغزية ، وكان لهم ميل إلى
آل سامان ، فحركتهم الحمية له في سنة ثلاث وتسعين ، والتقوا
أيلك خان ، وحاربوه ، ثم إن
المنتصر تخيل منهم ، وهرب ، ثم راسل السلطان
محمودا يذكر سلفه ، فعطف عليه ، ثم تماثل حاله ، وتمت له أمور طويلة .
وكان بطلا شجاعا مقداما ، وافر الهيبة ، ثم التقى
بأيلك في شعبان سنة أربع ، فانهزم
أيلك ، ثم حشد وجمع وأقبل ، فالتقوا أيضا ، فانهزم
المنتصر بمخامرة عسكره وفر إلى
بسطام ، وضاقت عليه المسالك ، ثم بيتوه ، وقتل ، وأسرت إخوته في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة حتى مات بين الطعن والضرب ميتة تقوم مقام النصر إذ فاته النصر ، كما قيل :
وأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من دون أخمصك الحشر
[ ص: 92 ] صَاحِبُ بُخَارَى
الْمَلِكُ الْمُلَقَّبُ بِالْمُنْتَصِرِ ، أَبُو إِبْرَاهِيمَ ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُلُوكِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ ، وَلَدُ الْمَلِكِ نُوحِ بْنِ نَصْرِ بْنِ نُوحِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ سَامَانَ السَّامَانِيُّ الْبُخَارِيُّ .
طَوَّلَ الْمُلْكُ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، وَقَدْ وَلِيَ جَدُّهُمْ
إِسْمَاعِيلُ مَمَالِكَ
خُرَاسَانَ لِلْمُعْتَضِدِ .
وَكَانَ قَدْ عُزِلَ مِنَ الْمُلْكِ
مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ ، وَاعْتُقِلَ
بِسَرَخْسَ ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ
عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ نُوحٍ فَطَمِعَ فِي الْبِلَادِ
أَيْلَكْ خَانْ ، وَحَارَبَهُمْ ، وَظَفِرَ
بِعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَسَجَنَهُ ، وَاسْتَوْلَى عَلَى
بُخَارَى ، فَمَاتَ فِي السِّجْنِ بَعْدَ قَلِيلٍ ، ثُمَّ قَامَ
الْمُنْتَصِرُ أَخُوهُمَا ، فَسَجَنَهُ -أَيْضًا-
أَيْلَكْ خَانْ وَأَقَارِبَهُ فَيَهْرُبُ
الْمُنْتَصِرُ فِي هَيْئَةِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَتَرَدَّدُ إِلَى السِّجْنِ ، وَاخْتَفَى أَمْرُهُ ، فَذَهَبَ إِلَى
خُوَارَزْمَ ، فَتَلَاحَقَ بِهِ مَنْ بَذَّ مِنْ بَقَايَا
السَّامَانِيَّةِ ، حَتَّى اسْتَقَامَ أَمْرُهُ ، وَكَثُرَ جَيْشُهُ ، فَأَغَارَ عَسْكَرُهُ عَلَى
بُخَارَى ، وَكَبَسُوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَمِيرًا مِنَ
الْخَانِيَّةِ ، وَأَسَرُوهُمْ ، وَجَاءُوا بِهِمْ إِلَى
الْمُنْتَصِرِ ، وَهَرَبَ بَقَايَا عَسْكَرِ
أَيْلَكْ خَانْ ، وَجَاءَ
الْمُنْتَصِرُ ، وَفَرِحَ بِهِ الرَّعِيَّةُ ، فَجَمَعَ
أَيْلَكْ خَانْ عَسَاكِرَهُ ، فَعَبَرَ
الْمُنْتَصِرُ إِلَى
خُرَاسَانَ ، ثُمَّ حَارَبَ مُتَوَلِّي
نَيْسَابُورَ نَصْرَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ أَخَا السُّلْطَانِ
مَحْمُودٍ ، وَأَخَذَ مِنْهُ
نَيْسَابُورَ ، فَتَنَمَّرَ السُّلْطَانُ ، وَطَوَى الْمَفَاوِزَ ، وَوَافَى
نَيْسَابُورَ ، فَفَرَّ
[ ص: 93 ] مِنْهَا
الْمُنْتَصِرُ ، وَجَالَ فِي أَطْرَافِ
خُرَاسَانَ ، وَجَبَى الْخَرَاجَ ، وَصَادَرَ ، وَوَزَنَ لَهُ
شَمْسُ الْمَعَالِي ثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَخَيْلًا وَبِغَالًا مُصَانَعَةً عَنْ
جُرْجَانَ ، ثُمَّ إِنَّهُ عَاوَدَ
نَيْسَابُورَ ، فَهَرَبَ مِنْهَا أَخُو السُّلْطَانِ ، فَدَخَلَهَا
الْمُنْتَصِرُ ، وَعَثَّرَ أَهْلَهَا ، ثُمَّ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ
مَحْمُودٍ مَلْحَمَةٌ مَشْهُودَةٌ ، وَانْهَزَمَ
الْمُنْتَصِرُ إِلَى
جُرْجَانَ ، ثُمَّ الْتَقَى هُوَ وَالْعَسَاكِرُ السُّبُكْتِكِينِيَّةُ عَلَى
سَرَخْسَ ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ، وَتَمَزَّقَ جَمْعُ الْمُنْتَصِرِ ، وَقُتِلَ أَبْطَالُهُ ، فَسَارَ يَعْتَسِفُ الْمَهَالِكَ حَتَّى وَقَعَ إِلَى مَحَالِّ التُّرْكِ الْغُزِّيَّةِ ، وَكَانَ لَهُمْ مَيْلٌ إِلَى
آلِ سَامَانَ ، فَحَرَّكَتْهُمُ الْحَمِيَّةُ لَهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ ، وَالْتَقَوْا
أَيْلَكْ خَانْ ، وَحَارَبُوهُ ، ثُمَّ إِنَّ
الْمُنْتَصِرَ تَخَيَّلَ مِنْهُمْ ، وَهَرَبَ ، ثُمَّ رَاسَلَ السُّلْطَانَ
مَحْمُودًا يَذْكُرُ سَلَفَهُ ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ تَمَاثَلَ حَالُهُ ، وَتَمَّتْ لَهُ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ .
وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا مِقْدَامًا ، وَافِرَ الْهَيْبَةِ ، ثُمَّ الْتَقَى
بِأَيْلَكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ ، فَانْهَزَمَ
أَيْلَكُ ، ثُمَّ حَشَدَ وَجَمَعَ وَأَقْبَلَ ، فَالْتَقَوْا أَيْضًا ، فَانْهَزَمَ
الْمُنْتَصِرُ بِمُخَامَرَةِ عَسْكَرِهِ وَفَّرَ إِلَى
بِسْطَامَ ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَسَالِكُ ، ثُمَّ بَيَّتُوهُ ، وَقُتِلَ ، وَأُسِرَتْ إِخْوَتُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ حَتَّى مَاتَ بَيْنَ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ مَيْتَةً تَقُومُ مَقَامَ النَّصْرِ إِذْ فَاتَهُ النَّصْرُ ، كَمَا قِيلَ :
وَأَثْبَتَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَوْتِ رِجْلَهُ وَقَالَ لَهَا مِنْ دُونِ أَخْمَصَكِ الْحَشْرُ