ابن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم . السيد العالم ، أبو جعفر القرشي الهاشمي ، الحبشي المولد ، المدني الدار ، الجواد بن الجواد ذي الجناحين .
له صحبة ورواية ، عداده في صغار الصحابة .
استشهد أبوه يوم مؤتة فكفله النبي - صلى الله عليه وسلم - ونشأ في حجره .
وروى أيضا عن عمه علي ، وعن أمه . أسماء بنت عميس
حدث عنه : أولاده إسماعيل ، وإسحاق ، ومعاوية ، ، وأبو جعفر الباقر ، وسعد بن إبراهيم ، والقاسم بن محمد ، وابن أبي مليكة ، والشعبي وعروة ، ، وعباس بن سهل بن سعد ، وآخرون . وعبد الله بن محمد بن عقيل
وهو آخر من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه من بني هاشم .
وله وفادة على معاوية ، وعلى عبد الملك . وكان كبير الشأن ، كريما ، جوادا ، يصلح للإمامة . [ ص: 457 ]
مهدي بن ميمون : حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : . أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه ، فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا ، فدخل حائطا ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حن ، وذرفت عيناه
ضمرة بن ربيعة ، عن علي بن أبي حملة ، قال : وفد عبد الله بن جعفر على يزيد ، فأمر له بألفي ألف .
قلت : ما ذاك بكثير ، جائزة ملك الدنيا لمن هو أولى بالخلافة منه .
قال مصعب الزبيري : هاجر جعفر إلى الحبشة ؛ فولدت له أسماء ؛ عبد الله ، وعونا ومحمدا .
إسماعيل بن عياش : عن ، عن أبيه : هشام بن عروة أن عبد الله بن جعفر وابن الزبير بايعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما ابنا سبع سنين ، فلما رآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسم ، وبسط يده ، وبايعهما .
محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الله [ ص: 458 ] ابن جعفر : جعفر بعد ثالثة ، فقال : لا تبكوا أخي بعد اليوم . ثم قال : ائتوني ببني أخي ، فجيء بنا كأننا أفرخ ، فقال : ادعوا لي الحلاق . فأمره ، فحلق رءوسنا ، ثم قال : أما محمد ؛ فشبه عمنا أبي طالب ، وأما عبد الله ؛ فشبه خلقي وخلقي . ثم أخذ بيدي ، فأشالها . ثم قال : اللهم اخلف جعفرا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقته . قال : فجاءت أمنا ، فذكرت يتمنا . فقال : العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة ؟ . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاهم بعد ما أخبرهم بقتل
رواه أحمد في " مسنده " .
وروى أيضا لعاصم الأحول ، عن مورق العجلي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : فاطمة ، فأردفه خلفه ، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر ، تلقي بالصبيان من أهل بيته ، وإنه قدم مرة من سفر ، فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ، ثم جيء بأحد ابني
فطر بن خليفة : عن أبيه ، عن عمرو بن حريث ، قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن جعفر وهو يلعب بالتراب ، فقال : اللهم بارك له في تجارته .
قال الشعبي : كان ابن عمر إذا سلم على عبد الله بن جعفر ، قال : [ ص: 459 ] السلام عليك يا ابن ذي الجناحين .
عن ، قال : ذكر لنا أن أبان بن تغلب عبد الله بن جعفر قدم على معاوية ، وكانت له منه وفادة في كل سنة ، يعطيه ألف ألف درهم ، ويقضي له مائة حاجة .
قيل : إن أعرابيا قصد مروان ، فقال : ما عندنا شيء ، فعليك بعبد الله بن جعفر ، فأتى الأعرابي عبد الله ، فأنشأ يقول :
أبو جعفر من أهل بيت نبوة صلاتهم للمسلمين طهور أبا جعفر ضن الأمير بماله
وأنت على ما في يديك أمير أبا جعفر يا ابن الشهيد الذي
له جناحان في أعلى الجنان يطير أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي
فلا تتركني بالفلاة أدور
فقال : يا أعرابي سار الثقل ، فعليك بالراحلة بما عليها ، وإياك أن تخدع عن السيف ، فإني أخذته بألف دينار .
ويروى أن شاعرا جاء إلى عبد الله بن جعفر ، فأنشده :
رأيت أبا جعفر في المنام كساني من الخز دراعه
شكوت إلى صاحبي أمرها فقال ستوتى بها الساعه سيكسوكها الماجد الجعفري
ومن كفه الدهر نفاعه ومن قال للجود : لا تعدني
فقال له : السمع والطاعه
فقال عبد الله لغلامه : أعطه جبتي الخز . ثم قال له : ويحك كيف لم تر جبتي الوشي ؟ اشتريتها بثلاثمائة دينار منسوجة بالذهب . فقال : أنام ، [ ص: 460 ] فلعلي أراها . فضحك عبد الله ، وقال : ادفعوها إليه .
قال أبو عبيدة : كان على قريش وأسد وكنانة يوم صفين عبد الله بن جعفر .
حماد بن زيد : أخبرنا هشام ، عن محمد ، قال : مر عثمان بسبخة فقال : لمن هذه ؟ فقيل : اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفا ، فقال : ما يسرني أنها لي بنعل . فجزأها عبد الله ثمانية أجزاء ؛ وألقى فيها العمال . ثم قال عثمان لعلي : ألا تأخذ على يدي ابن أخيك ، وتحجر عليه ؟ اشترى سبخة بستين ألفا . قال : فأقبلت . فركب عثمان يوما ، فرآها ، فبعث إليه ، فقال : ولني جزءين منها . قال : أما والله دون أن ترسل إلي من سفهتني عندهم ، فيطلبون إلي ذلك ، فلا أفعل . ثم أرسل إليه أني قد فعلت . قال : والله لا أنقصك جزءين من مائة ألف وعشرين ألفا . قال : قد أخذتها .
وعن العمري ؛ أن ابن جعفر أسلف الزبير ألف ألف ، فلما توفي الزبير ، قال ابن الزبير لابن جعفر : إني وجدت في كتب الزبير أن له عليك ألف ألف . قال : هو صادق . ثم لقيه بعد ، فقال : يا أبا جعفر ، وهمت ؛ المال لك عليه . قال : فهو له . قال : لا أريد ذلك . [ ص: 461 ] عن الأصمعي ؛ أن امرأة أتت بدجاجة مسموطة ، فقالت لابن جعفر : بأبي أنت! هذه الدجاجة كانت مثل بنتي ، فآليت أن لا أدفنها إلا في أكرم موضع أقدر عليه ؛ ولا والله ما في الأرض أكرم من بطنك . قال : خذوها منها ، واحملوا إليها ، فذكر أنواعا من العطاء ، حتى قالت : بأبي أنت ! إن الله لا يحب المسرفين .
هشام ، عن ابن سيرين ؛ أن رجلا جلب سكرا إلى المدينة ، فكسد ، فبلغ عبد الله بن جعفر ، فأمر قهرمانه أن يشتريه ، وأن ينهبه الناس .
ذكر الزبير بن بكار ، أن عبيد الله بن أبي مليكة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : دخل ابن أبي عمار وهو يومئذ فقيه أهل الحجاز على نخاس ، فعرض عليه جارية ، فعلق بها ، وأخذه أمر عظيم ، ولم يكن معه مقدار ثمنها ، فمشى إليه عطاء ، ، وطاوس ومجاهد ، يعذلونه . وبلغ خبره عبد الله ، فاشتراها بأربعين ألفا ، وزينها ، وحلاها ، ثم طلب ابن أبي عمار ، فقال : ما فعل حبك فلانة ؟ قال : هي التي هام قلبي بذكرها ، والنفس مشغولة بها ، فقال : يا جارية ، أخرجيها ، فأخرجتها ترفل في الحلي والحلل . فقال : شأنك بها ، بارك الله لك فيها . فقال : لقد تفضلت بشيء ما يتفضل به إلا الله . فلما ولى بها ، قال : يا غلام ! احمل معه مائة ألف درهم . فقال : لئن والله وعدنا نعيم الآخرة ، فقد عجلت نعيم الدنيا .
ولعبد الله بن جعفر أخبار في الجود والبذل . [ ص: 462 ]
وكان وافر الحشمة ، كثير التنعم ، وممن يستمع الغناء .
قال الواقدي : مات في سنة ثمانين . ومصعب الزبيري
وقال المدائني : توفي سنة أربع أو خمس وثمانين .
وقال أبو عبيد : سنة أربع وثمانين ويقال سنة تسعين .