الدزبري 
أمير الجيوش المظفر ، سيف الخلافة ، عضد الدولة ، أبو منصور ، نوشتكين بن عبد الله التركي . 
اشتراه بدمشق  سنة أربعمائة القائد تزبر الديلمي  ، فرأى منه فرط شهامة وإقدام ، وشاع ذكره ، فقدمه للحاكم ، وقيل : بل نفذ الحاكم بطلبه في سنة  [ ص: 512 ] ثلاث وأربعمائة . وجعل بين المماليك الحجرية فقهرهم واستطال ، فضربه واليهم ، ثم لزم الخدمة ، وتودد إلى الأمراء ، فارتضاه الحاكم ، وأعجب به ، فأمره ، وبعثه إلى دمشق  سنة ست ، فتلقاه تزبر  ، فتأدب وترجل لمولاه ، ثم أعيد إلى مصر  ، وجرد إلى الريف ، ثم بعث واليا على بعلبك  ، وحسنت سيرته ، ثم نقل إلى قيسارية  ، واتفق قتل متولي حلب  فاتك   ; قتله غلامه ، ثم ولي فلسطين  ، فخافه ملك العرب حسن بن مفرج الطائي  ، وقلق ، وجرت لأمير الجيوش هذا وقائع ، ودوخ العرب ، فخبث حسان  ، وكاتب فيه وزير مصر  الحسن بن صالح  ، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع عشرة وأربعمائة ، فشفع فيه سعيد السعداء ، فأطلق له ، ثم ترقى ، وكثرت غلمانه وأمواله . 
وأما الشام  ، فعاثت العرب فيها ، وأفسدت ، ووزر نجيب الدولة الجرجرائي  ، فقدم نوشتكين  على العساكر سبعة آلاف ، فقصد حسان  وصالح بن مرداس  ، فكانت المصاف على الأقحوانة  ، فهزم العرب ، وقتل صالح  فبعثت الخلع إلى نوشتكين  ، ثم نازل حلب  ، ثم عاد إلى دمشق  ، ونزل بالقصر ، ثم رد إلى حلب  ودخلها ، فأحسن إلى الرعية ، وعدل ، ثم تغير ، وشرب الخمر ، فجاء كتاب بذمه وتهديده ، فقلق وتنصل ، وكتب : من عبد الدولة العلوية ، والإمامية الفاطمية متبرئا من ذنوبه  [ ص: 513 ] لائذا بالعفو ، ثم حم ، وطلب طبيبا ، فوصف له مسهلا  ، فأبى ، وأصابه فالج أبطل يده ورجله ، ثم مات بعد أيام من جمادى الأولى ، سنة ثلاث وثلاثين . بحلب  ومما خلف من النقد ستمائة ألف دينار ، وأصله من بلاد ختن  ، ومن قواده مقلد بن منقذ الكناني   . 
				
						
						
