أبو الأسود ( ع ) 
الدؤلي ، ويقال : الديلي العلامة الفاضل ، قاضي البصرة  واسمه ظالم بن عمرو على الأشهر ولد في أيام النبوة 
 [ ص: 82 ] وحدث عن عمر  ، وعلي  ،  وأبي بن كعب  ، وأبي ذر  ،  وعبد الله بن مسعود  ،  والزبير بن العوام  ، وطائفة . 
وقال أبو عمرو الداني   : قرأ القرآن على عثمان  ، وعلي   . قرأ عليه ولده أبو حرب  ونصر بن عاصم الليثي  ، وحمران بن أعين  ،  ويحيى بن يعمر   . 
قلت : الصحيح أن حمران  هذا إنما قرأ على أبي حرب بن أبي الأسود  نعم . 
وحدث عنه ابنه  ويحيى بن يعمر  ، وابن بريدة  ، وعمر مولى غفرة  ، وآخرون . 
قال أحمد العجلي   : ثقة ، كان أول من تكلم في النحو . 
وقال الواقدي   : أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم . وقال غيره : قاتل أبو الأسود  يوم الجمل مع  علي بن أبي طالب  ، وكان من وجوه الشيعة  ، ومن أكملهم عقلا ورأيا . وقد أمره علي   -رضي الله عنه- بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن . 
قال : فأراه أبو الأسود  ما وضع ، فقال علي   : ما أحسن هذا النحو الذي نحوت ، فمن ثم سمي النحو نحوا . 
وقيل : إن أبا الأسود  أدب عبيد الله ابن الأمير زياد بن أبيه   . 
ونقل ابن داب  أن أبا الأسود  وفد على معاوية  بعد مقتل علي  ، فأدنى مجلسه وأعظم جائزته . 
قال  محمد بن سلام الجمحي  أبو الأسود  هو أول من وضع باب  [ ص: 83 ] الفاعل والمفعول والمضاف ، وحرف الرفع والنصب والجر والجزم ، فأخذ ذلك عنه  يحيى بن يعمر   . 
قال أبو عبيدة   : أخذ أبو الأسود  عن علي  العربية . فسمع قارئا يقرأ ( أن الله بريء من المشركين ورسوله ) فقال : ما ظننت أمر الناس قد صار إلى هذا ، فقال لزياد الأمير   : ابغني كاتبا لقنا فأتى به فقال له أبو الأسود   : إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه ، وإذا رأيتني قد ضممت فمي ، فانقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت ، فانقط نقطة تحت الحرف ، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة فاجعل مكان النقطة نقطتين . فهذا نقط أبي الأسود   . 
وقال المبرد  حدثنا المازني  قال : السبب الذي وضعت له أبواب النحو أن بنت أبي الأسود  قالت له : ما أشد الحر ! فقال : الحصباء بالرمضاء ، قالت : إنما تعجبت من شدته . فقال : أوقد لحن الناس؟ ! فأخبر بذلك عليا   -رضي الله عنه- فأعطاه أصولا بنى منها ، وعمل بعده عليها ، وهو أول من نقط المصاحف ، وأخذ عنه النحو عنبسة الفيل  ، وأخذ عن عنبسة  ميمون الأقرن  ، ثم أخذه عن ميمون  عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي  ، وأخذه عنه عيسى بن عمر  ، وأخذه عنه الخليل بن أحمد  ، وأخذه عنه  سيبويه  ، وأخذه عنه سعيد الأخفش   . 
يعقوب الحضرمي   : حدثنا سعيد بن سلم الباهلي  ، حدثنا أبي ، عن  [ ص: 84 ] جدي عن أبي الأسود  قال : دخلت على علي  ، فرأيته مطرقا ، فقلت : فيم تتفكر يا أمير المؤمنين؟ قال : سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية . فقلت : إن فعلت هذا ، أحييتنا . فأتيته بعد أيام ، فألقى إلي صحيفة فيها : 
الكلام كله اسم ، وفعل ، وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ، ثم قال لي : زده وتتبعه ، فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه  . 
عمر بن شبة   : حدثنا حيان بن بشر  ، حدثنا  يحيى بن آدم  ، عن أبي بكر  ، عن عاصم  ، قال : جاء أبو الأسود  إلى زياد  فقال : أرى العرب قد خالطت العجم فتغيرت ألسنتهم ، أفتأذن لي أن أضع للعرب كلاما يقيمون به كلامهم؟ قال : لا ، قال : فجاء رجل إلى زياد  فقال : أصلح الله الأمير ، توفي أبانا وترك بنون . فقال : ادع لي أبا الأسود   . فدعي فقال : ضع للناس الذي نهيتك عنه . 
قال  الجاحظ  أبو الأسود  مقدم في طبقات الناس ، كان معدودا في الفقهاء والشعراء ، والمحدثين ، والأشراف ، والفرسان ، والأمراء ، والدهاة ، والنحاة ، والحاضري الجواب والشيعة  ، والبخلاء ، والصلع الأشراف . 
ومن تاريخ دمشق :  أبو الأسود ظالم بن عمرو بن ظالم   . وقيل : جده سفيان   . ويقال : هو عثمان بن عمرو  ، ويقال : عمرو بن ظالم  ، وأنه ولي قضاء البصرة  زمن علي   . 
 [ ص: 85 ] قال  الحازمي   : أبو الأسود الدؤلي  منسوب إلى دؤل بن حنيفة بن لجيم   . 
وقال أبو اليقظان   : الدؤل  بضم الدال وسكون الواو من بكر بن وائل  ، عددهم كثير ، منهم فروة بن نفاثة  ، صاحب بعض الشام  في الجاهلية . وزعم يونس  أن الدؤل  امرأة من كنانة  ، وهم رهط أبي الأسود  وأما بنو عدي بن الدؤل  ، فلهم عدد كثير بالحجاز  ، منهم عمرو بن جندل  والد أبي الأسود ظالم  ، وأمه من بني عبد الدار بن قصي   . 
وقال ابن حبيب   : في عنزة الدؤل بن سعد  مناة . وفي ضبة الدؤل بن جل   . 
قال أبو محمد بن قتيبة  الدؤل  في بني حنيفة  ، والديل  في بني عبد القيس   . والدئل  بالهمز في كنانة  ، منهم  أبو الأسود الدئلي   . 
وقال  أبو علي الغساني  أبو الأسود الدؤلي  على زنة العمري -هكذا يقول البصريون   - منسوب إلى دؤل  حي من كنانة   . 
وقال عيسى بن عمر   : بالكسر على الأصل ، وكان جماعة يقولونه : الديلي   . 
وقال  ابن فارس   : الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة ، قبيلة من كنانة   . قال : والدئل   -يعني بكسر الهمزة- في عبد القيس   . وقال أبو عبد الله البخاري   : الديل  من بني حنيفة  ، والدؤل  من كنانة   . وقال  محمد بن سلام الجمحي   أبو الأسود الدئلي  بضم الدال وكسر الهمزة . وقال المبرد بضم الدال وفتح الهمزة ، من الدئل بالكسر وهي دابة ، امتنعوا من الكسر لئلا يوالوا بين الكسرات كما قالوا في النمر : النمري . 
 [ ص: 86 ] قال ابن حبيب  في تغلب  الديل  وفي عبد القيس  ، وفي إياد  ، وفي الأزد   . انتهى ما نقله  الحازمي   . 
فيجيء في أبي الأسود   : الدولي  ، والديلي  ، والدؤلي  ، والدئلي   . 
وقال ابن السيد   : الدئل  بكسر الهمزة ، لا أعلم فيه خلافا . 
وقد قال غير واحد : إن  ابن ماكولا   والحازمي  وهما في أن فروة بن نفاثة  من الدؤل  ، بل هو جذامي   . وجذام  والدؤل  لا يجتمعان إلا في سبأ بن يشجب   . 
قال  يحيى بن معين   : مات أبو الأسود  في طاعون الجارف  سنة تسع وستين . وهذا هو الصحيح . وقيل : مات قبيل ذلك . وعاش خمسا وثمانين سنة . وأخطأ من قال : توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز   . 
				
						
						
