قال  أبو بكر الطرطوشي   : شحن أبو حامد   " الإحياء " بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا أعلم كتابا على بسيط الأرض أكثر كذبا منه ، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة  ، ومعاني رسائل إخوان الصفا  ، وهم قوم يرون النبوة مكتسبة ، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق . 
قال  ابن عساكر  حج أبو حامد  وأقام بالشام  نحوا من عشر سنين ، وصنف ، وأخذ نفسه بالمجاهدة ، وكان مقامه بدمشق  في المنارة الغربية من الجامع ، سمع " صحيح  البخاري   " من أبي سهل الحفصي  ، وقدم دمشق  في سنة تسع وثمانين . 
وقال ابن خلكان   : بعثه النظام على مدرسته ببغداد  في سنة أربع وثمانين ، وتركها في سنة ثمان وثمانين ، وتزهد ، وحج ، وأقام بدمشق  مدة بالزاوية الغربية ، ثم انتقل إلى بيت المقدس  وتعبد ، ثم قصد مصر  ، وأقام مدة بالإسكندرية  ، فقيل : عزم على المضي إلى يوسف بن تاشفين  سلطان مراكش ، فبلغه نعيه ، ثم عاد إلى طوس  ، وصنف " البسيط " و " الوسيط " و " الوجيز " و " الخلاصة " و " الإحياء " ، وألف " المستصفى " في أصول الفقه ، و " المنخول " و " اللباب " و " المنتحل في الجدل " و " تهافت الفلاسفة "  [ ص: 335 ] و " محك النظر " و " معيار العلم " و " شرح الأسماء الحسنى " و " مشكاة الأنوار " و " المنقذ من الضلال " و " حقيقة القولين " وأشياء . 
قال ابن النجار   : أبو حامد  إمام الفقهاء على الإطلاق ، ورباني الأمة بالاتفاق ، ومجتهد زمانه ، وعين أوانه ، برع في المذهب والأصول والخلاف والجدل والمنطق ، وقرأ الحكمة والفلسفة ، وفهم كلامهم ، وتصدى للرد عليهم ، وكان شديد الذكاء ، قوي الإدراك ، ذا فطنة ثاقبة ، وغوص على المعاني ، حتى قيل : إنه ألف " المنخول " ، فرآه أبو المعالي  ، فقال : دفنتني وأنا حي ، فهلا صبرت الآن ، كتابك غطى على كتابي . 
ثم روى ابن النجار  بسنده أن والد أبي حامد  كان يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس  ، فأوصى بولديه محمد وأحمد  إلى صديق له صوفي صالح ، فعلمهما الخط ، وفني ما خلف لهما أبوهما ، وتعذر عليهما القوت ، فقال : أرى لكما أن تلجآ إلى المدرسة كأنكما طالبان للفقه عسى يحصل لكما قوت ، ففعلا ذلك . 
قال أبو العباس أحمد الخطيبي   : كنت في حلقة  الغزالي  ، فقال : مات أبي ، وخلف لي ولأخي مقدارا يسيرا ففني بحيث تعذر علينا القوت ، فصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه ، ليس المراد سوى تحصيل القوت ، فكان تعلمنا لذلك ، لا لله ، فأبى أن يكون إلا لله . 
قال أسعد الميهني   : سمعت أبا حامد  يقول : هاجرت إلى أبي نصر الإسماعيلي  بجرجان  ، فأقمت إلى أن أخذت عنه التعليقة . 
 [ ص: 336 ] قال عبد الله بن علي الأشيري  سمعت عبد المؤمن بن علي القيسي  ، سمعت أبا عبد الله بن تومرت  يقول :  أبو حامد الغزالي  قرع الباب وفتح لنا . 
قال ابن النجار   : بلغني أن إمام الحرمين  قال :  الغزالي  بحر مغرق ، وإلكيا  أسد مطرق والخوافي  نار تحرق . 
قال أبو محمد العثماني  وغيره : سمعنا محمد بن يحيى العبدري المؤدب  يقول : رأيت بالإسكندرية  سنة خمسمائة كأن الشمس طلعت من مغربها ، فعبره لي عابر ببدعة تحدث فيهم ، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب  الغزالي  من المرية . 
 [ ص: 337 ] وفي التوكل من " الإحياء " ما نصه : وكل ما قسم الله بين عباده من رزق وأجل ، وإيمان وكفر ، فكله عدل محض ، ليس في الإمكان أصلا أحسن ولا أتم منه ، ولو كان وادخره تعالى مع القدرة ولم يفعله ، لكان بخلا وظلما . 
قال  أبو بكر ابن العربي  في " شرح الأسماء الحسنى " : قال شيخنا أبو حامد  قولا عظيما انتقده عليه العلماء ، فقال : وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم في الإتقان والحكمة ، ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه ولم يفعله ، لكان ذلك منه قضاء للجود ، وذلك محال . ثم قال : والجواب أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدورات المتعلقة بها ، ولكن في تفاصيل هذا العالم المخلوق ، لا في سواه ، وهذا رأي فلسفي قصدت به الفلاسفة  قلب الحقائق ، ونسبت الإتقان إلى الحياة مثلا ، والوجود إلى السمع والبصر ، حتى لا يبقى في القلوب سبيل إلى الصواب ، وأجمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد ، وقالت عن بكرة أبيها : إن المقدورات لا نهاية لها لكل مقدر الوجود ، لا لكل حاصل الوجود ، إذ القدرة صالحة ، ثم قال : وهذه وهلة لا لعا لها ومزلة لا تماسك فيها ، ونحن وإن كنا نقطة من بحره ، فإنا لا نرد عليه إلا بقوله . 
قلت : كذا فليكن الرد بأدب وسكينة . 
ومما أخذ عليه قال : إن للقدر سرا نهينا عن إفشائه ، فأي سر للقدر ؟  [ ص: 338 ] فإن كان مدركا بالنظر ، وصل إليه ولا بد ، وإن كان مدركا بالخبر ، فما ثبت فيه شيء ، وإن كان يدرك بالحال والعرفان ، فهذه دعوى محضة ، فلعله عنى بإفشائه أن نعمق في القدر ، ونبحث فيه . 
أخبرنا محمد بن عبد الكريم  أخبرنا أبو الحسن السخاوي  ، أخبرنا حطلبا بن قمرية الصوفي  ، أخبرنا سعد بن أحمد الإسفراييني  بقراءتي ، أخبرنا أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الطوسي  قال : اعلم أن الدين شطران : أحدهما ترك المناهي ، والآخر فعل الطاعات ، وترك المناهي هو الأشد ، والطاعات يقدر عليها كل أحد ، وترك الشهوات لا يقدر عليها إلا الصديقون ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : المهاجر من هجر السوء ، والمجاهد من جاهد هواه  . 
 [ ص: 339 ] وقال أبو عامر العبدري   : سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القادر الطوسي  يحلف بالله أنه أبصر في نومه كأنه ينظر في كتب  الغزالي  رحمه الله ، فإذا هي كلها تصاوير . 
قلت :  الغزالي  إمام كبير ، وما من شرط العالم أنه لا يخطئ . 
وقال محمد بن الوليد الطرطوشي  في رسالة له إلى ابن مظفر   : فأما ما ذكرت من أبي حامد  ، فقد رأيته ، وكلمته ، فرأيته جليلا من أهل العلم ، واجتمع فيه العقل والفهم ، ومارس العلوم طول عمره ، وكان على ذلك معظم زمانه ، ثم بدا له عن طريق العلماء ، ودخل في غمار العمال ، ثم تصوف ، وهجر العلوم وأهلها ، ودخل في علوم الخواطر ، وأرباب القلوب ، ووساوس الشيطان ، ثم شابها بآراء الفلاسفة  ، ورموز الحلاج  ، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين ، ولقد كاد أن ينسلخ من الدين ، فلما عمل " الإحياء " ، عمد يتكلم في علوم الأحوال ، ومرامز الصوفية  ، وكان غير أنيس بها ، ولا خبير بمعرفتها ، فسقط على أم رأسه ، وشحن كتابه بالموضوعات . 
قلت : أما " الإحياء " ففيه من الأحاديث الباطلة جملة وفيه خير  [ ص: 340 ] كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية  ، نسأل الله علما نافعا ، تدري ما العلم النافع ؟ هو ما نزل به القرآن ، وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ، ولم يأت نهي عنه ، قال عليه السلام : من رغب عن سنتي ، فليس مني فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله ، وبإدمان النظر في " الصحيحين " ، وسنن  النسائي  ، ورياض النواوي  وأذكاره ، تفلح وتنجح ، وإياك وآراء عباد الفلاسفة  ، ووظائف أهل الرياضات ، وجوع الرهبان ، وخطاب طيش رءوس أصحاب الخلوات ، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة ، فواغوثاه بالله ، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم . 
نعم ، وللإمام محمد بن علي المازري الصقلي  كلام على " الإحياء " يدل على إمامته ، يقول : وقد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم ب " إحياء علوم الدين " ، وذكرتم أن آراء الناس فيه قد اختلفت ، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره ، وطائفة حذرت منه ونفرت ، وطائفة لكتبه أحرقت ، وكاتبني أهل المشرق أيضا يسألوني ، ولم يتقدم لي  [ ص: 341 ] قراءة هذا الكتاب سوى نبذ منه ، فإن نفس الله في العمر ، مددت فيه الأنفاس ، وأزلت عن القلوب الالتباس : اعلموا أن هذا رأيت تلامذته ، فكل منهم حكى لي نوعا من حاله ما قام مقام العيان ، فأنا أقتصر على ذكر حاله ، وحال كتابه ، وذكر جمل من مذاهب الموحدين والمتصوفة  ، وأصحاب الإشارات ، والفلاسفة  ، فإن كتابه متردد بين هذه الطرائق . 
ثم إن المازري  أثنى على أبي حامد  في الفقه ، وقال : هو بالفقه أعرف منه بأصوله ، وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين ، فإنه صنف فيه ، وليس بالمتبحر فيها ، ولقد فطنت لعدم استبحاره فيها ، وذلك أنه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فن الأصول ، فأكسبته الفلسفة جرأة على المعاني ، وتسهلا للهجوم على الحقائق ، لأن الفلاسفة  تمر مع خواطرها ، لا يزعها شرع ، وعرفني صاحب له أنه كان له عكوف على رسائل إخوان الصفا  ، وهي إحدى وخمسون رسالة ، ألفها من قد خاض في علم الشرع والنقل ، وفي الحكمة ، فمزج بين العلمين ، وقد كان رجل يعرف بابن سينا ملأ الدنيا تصانيف ، أدته قوته في الفلسفة إلى أن حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة ، وتلطف جهده ، حتى تم له ما لم يتم لغيره ، وقد رأيت جملا من دواوينه ، ووجدت أبا حامد  يعول عليه في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة . 
وأما مذاهب الصوفية  ، فلا أدري على من عول فيها ، لكني رأيت فيما علق بعض أصحابه أنه ذكر كتب  ابن سينا  وما فيها ، وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي  ، وعندي أنه عليه عول في مذهب التصوف ، وأخبرت أن أبا حيان  ألف ديوانا عظيما في هذا الفن ، وفي " الإحياء " من الواهيات كثير . 
قال : وعادة المتورعين أن لا يقولوا : قال مالك  ، " قال  الشافعي   " ، فيما لم يثبت عندهم . 
 [ ص: 342 ] ثم قال : ويستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له ، كقص الأظفار أن يبدأ بالسبابة ، لأن لها الفضل على باقي الأصابع ، لأنها المسبحة ، ثم قص ما يليها من الوسطى ، لأنها ناحية اليمين ، ويختم بإبهام اليمنى ، وروى في ذلك أثرا . 
قلت : هو أثر موضوع . 
ثم قال : وقال : من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن البارئ قديم ، مات مسلما إجماعا . قال : فمن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون الإجماع في خلافه ، فحقيق أن لا يوثق بما روى ، ورأيت له في الجزء الأول يقول : إن في علومه ما لا يسوغ أن يودع في كتاب ، فليت شعري أحق هو أو باطل ؟ ! فإن كان باطلا ، فصدق ، وإن كان حقا ، وهو مراده بلا شك ، فلم لا يودع في الكتب ، ألغموضه ودقته ؟ ! فإن كان هو فهمه ، فما المانع أن يفهمه غيره ؟ ! . قال  أبو الفرج ابن الجوزي   : صنف أبو حامد   " الإحياء " ، وملأه بالأحاديث الباطلة ، ولم يعلم بطلانها ، وتكلم على الكشف ، وخرج عن قانون الفقه ، وقال : إن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم  ، أنوار هي حجب الله عز وجل ، ولم يرد هذه المعروفات ، وهذا من جنس كلام الباطنية ، وقد رد  ابن الجوزي  على أبي حامد  في كتاب " الإحياء " ، وبين خطأه في مجلدات ، سماه كتاب " الأحياء " . 
ولأبي الحسن بن سكر  رد على  الغزالي  في مجلد سماه : " إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء " . 
قلت : ما زال الأئمة يخالف بعضهم بعضا ، ويرد هذا على هذا ،  [ ص: 343 ] ولسنا ممن يذم العالم بالهوى والجهل . 
نعم ، وللإمام كتاب " كيمياء السعادة " ، وكتاب " المعتقد " ، وكتاب " إلجام العوام " ، وكتاب " الرد على الباطنية   " ، وكتاب " معتقد الأوائل " ، وكتاب " جواهر القرآن " ، وكتاب " الغاية القصوى " ، وكتاب " فضائح الإباحية " و " مسألة عوز الدور " ، وغير ذلك . 
قال عبد الغافر الفارسي   : توفي يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة وله خمس وخمسون سنة ، ودفن بمقبرة الطابران قصبة بلاد طوس  ، وقولهم :  الغزالي  ، والعطاري  ، والخبازي  ، نسبة إلى الصنائع بلسان العجم ، بجمع ياء النسبة والصيغة . 
وللغزالي  أخ واعظ مشهور ، وهو أبو الفتوح أحمد  ، له قبول عظيم في الوعظ ، يزن برقة الدين وبالإباحة ، بقي إلى حدود العشرين وخمسمائة ، وقد ناب عن أخيه في تدريس النظامية ببغداد  لما حج مديدة . 
قرأت بخط النواوي  رحمه الله : قال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح   : وقد سئل : لم سمي  الغزالي  بذلك ، فقال : حدثني من أثق به ، عن أبي الحرم الماكسي الأديب  ، حدثنا أبو الثناء محمود الفرضي  ، قال : حدثنا تاج الإسلام ابن خميس  ، قال لي الغزالي   : الناس يقولون لي  الغزالي  ، ولست  الغزالي  ، وإنما أنا  الغزالي  منسوب إلى قرية يقال لها : غزالة  ، أو كما قال . 
 [ ص: 344 ] وفي أواخر " المنخول "  للغزالي  كلام فج في إمام لا أرى نقله هنا . 
ومن عقيدة أبي حامد  رحمه الله تعالى أولها : الحمد لله الذي تعرف إلى عباده بكتابه المنزل على لسان نبيه المرسل ، بأنه في ذاته واحد لا شريك له ، فرد لا مثل له ، صمد لا ضد له ، لم يزل ولا يزال منعوتا بنعوت الجلال ، ولا تحيط به الجهات ، ولا تكنفه السماوات ، وأنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال ، وهو فوق كل شيء إلى التخوم ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد ، لا يماثل قربه قرب الأجسام ، كان قبل خلق المكان والزمان ، وهو الآن على ما كان عليه ، وأنه بائن بصفاته من خلقه ، ما في ذاته سواه ، ولا في سواه ذاته ، مقدس عن التغير والانتقال ، لا تحله الحوادث ، وأنه مرئي الذات بالأبصار في دار القرار ، إتماما للنعم بالنظر إلى وجهه الكريم . 
إلى أن قال : ويدرك حركة الذر في الهواء ، لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر ، ولا فلتة خاطر ، وأن القرآن مقروء بالألسنة ، محفوظ في القلوب ، مكتوب في المصاحف ، وأنه مع ذلك قائم بذات الله ، لا يقبل الانفصال  [ ص: 345 ] بالانتقال إلى القلوب والصحف ، وأن موسى  سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف كما ترى ذاته من غير شكل ولا لون ، وأنه يفرق بالموت بين الأرواح والأجسام ، ثم يعيدها إليها عند الحشر ، فيبعث من في القبور . 
ميزان الأعمال معيار يعبر عنه بالميزان ، وإن كان لا يساوي ميزان الأعمال ميزان الجسم الثقيل ، كميزان الشمس ، وكالمسطرة التي هي ميزان السطور ، وكالعروض ميزان الشعر . 
قلت : بل ميزان الأعمال له كفتان ، كما جاء في " الصحيح " وهذا المعتقد غالبه صحيح ، وفيه ما لم أفهمه ، وبعضه فيه نزاع بين أهل  [ ص: 346 ] المذاهب ، ويكفي المسلم في الإيمان أن يؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، والقدر خيره وشره ، والبعث بعد الموت ، وأن الله ليس كمثله شيء أصلا ، وأن ما ورد من صفاته المقدسة حق ، يمر كما جاء ، وأن القرآن كلام الله وتنزيله ، وأنه غير مخلوق ، إلى أمثال ذلك مما أجمعت عليه الأمة ، ولا عبرة بمن شذ منهم ، فإن اختلفت الأمة في شيء من مشكل أصول دينهم ، لزمنا فيه الصمت ، وفوضناه إلى الله ، وقلنا : الله ورسوله أعلم ، ووسعنا فيه السكوت . فرحم الله الإمام أبا حامد  ، فأين مثله في علومه وفضائله ، ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ ، ولا تقليد في الأصول . 
				
						
						
