القطب
الإمام العلامة ، شيخ الشافعية قطب الدين أبو المعالي مسعود بن
[ ص: 107 ] محمد بن مسعود الطريثيثي النيسابوري .
ولد سنة خمس وخمسمائة .
وتفقه على أبيه ،
ومحمد بن يحيى تلميذ الغزالي ،
وعمر بن علي ، عرف
بسلطان .
وتفقه
بمرو على
أبي إسحاق إبراهيم بن محمد .
وسمع من
هبة الله بن سهل السيدي ،
وعبد الجبار الخواري .
وتأدب على أبيه ، وبرع ، وتقدم ، وأفتى ، ووعظ في أيام مشايخه ، ودرس بنظامية
نيسابور نيابة ، وصار من فحول المناظرين ، وبلغ رتبة الإمامة .
وقدم
بغداد في سنة 538 ، فوعظ وناظر ، ثم سكن
دمشق ، وقد رأى
أبا نصر القشيري . وكان صاحب فنون ، أقبلوا عليه
بدمشق في أيام
أبي الفتح المصيصي ، ودرس بالمجاهدية ، فلما توفي
أبو الفتح ، ولي بعده تدريس الغزالية ، ثم انفصل إلى
حلب ، فولي تدريس المدرستين اللتين أنشأهما
نور الدين وأسد الدين ، ثم سار إلى
همذان ، ودرس بها مدة ، ثم عاد إلى
دمشق ، ودرس بالغزالية ثانيا ، وتفقه به الأصحاب . وكان حسن الأخلاق ، متوددا ، قليل التصنع . ثم سار إلى
بغداد رسولا .
روى عنه :
أبو المواهب بن صصرى ، وأخوه
الحسين ،
والتاج ابن حمويه ، وطائفة .
[ ص: 108 ] وأجاز
للحافظ الضياء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : كان أبوه من
طريثيث . كان أديبا يقرئ الأدب ، قدم ووعظ ، وحصل له قبول ، وكان حسن النظر مواظبا على التدريس ، وقد تفرد برئاسة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
قال
ابن النجار : قدم
بغداد رسولا ، وتزوج بابنة
أبي الفتوح الإسفراييني . أنشدني
أبو الحسن القطيعي ، أنشدني
أبو المعالي مسعود بن محمد الفقيه :
يقولون : أسباب الفراغ ثلاثة ورابعها خلوه وهو خيارها وقد ذكروا أمنا ومالا وصحة
ولم يعلموا أن الشباب مدارها
قلت : كان فصيحا ، مفوها ، مفسرا ، فقيها ، خلافيا ، درس أيضا بالجاروخية وقيل : إنه وعظ
بدمشق ، وطلب من الملك
نور الدين أن يحضر مجلسه ، فحضره ، فأخذ يعظه ، ويناديه : يا
محمود ، كما كان يفعل
البرهان البلخي شيخ الحنفية ، فأمر الحاجب ، فطلع ، وأمره أن لا يناديه باسمه ، فقيل فيما بعد للملك ، فقال : إن
البرهان كان إذا قال : يا
محمود قف شعري هيبة له ، ويرق قلبي ، وهذا إذا قال ، قسا قلبي ، وضاق صدري . حكى هذه
سبط ابن الجوزي وقال : كان القطب غريقا في بحار الدنيا .
[ ص: 109 ] قال
القاسم ابن عساكر : مات في سلخ رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ودفن يوم العيد في مقبرة أنشأها جوار
مقبرة الصوفية غربي
دمشق .
قلت : وبنى مسجدا ، ووقف كتبه -رحمه الله .
الْقُطْبُ
الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ قُطْبُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي مَسْعُودُ بْنُ
[ ص: 107 ] مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الطُّرَيْثِيثِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ .
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِمِائَةٍ .
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيهِ ،
وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى تِلْمِيذِ الْغَزَّالِيِّ ،
وَعُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عُرِفَ
بِسُلْطَانٍ .
وَتَفَقَّهَ
بِمَرْوَ عَلَى
أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ .
وَسَمِعَ مِنْ
هِبَةِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ السَّيِّدِيِّ ،
وَعَبْدِ الْجَبَّارِ الْخُوَارِيِّ .
وَتَأَدَّبَ عَلَى أَبِيهِ ، وَبَرَعَ ، وَتَقَدَّمَ ، وَأَفْتَى ، وَوَعَظَ فِي أَيَّامِ مَشَايِخِهِ ، وَدَرَسَ بِنِظَامِيَّةِ
نَيْسَابُورَ نِيَابَةً ، وَصَارَ مِنْ فُحُولِ الْمُنَاظِرِينَ ، وَبَلَغَ رُتْبَةَ الْإِمَامَةِ .
وَقَدِمَ
بَغْدَادَ فِي سَنَةِ 538 ، فَوَعَظَ وَنَاظَرَ ، ثُمَّ سَكَنَ
دِمَشْقَ ، وَقَدْ رَأَى
أَبَا نَصْرٍ الْقُشَيْرِيَّ . وَكَانَ صَاحِبَ فُنُونٍ ، أَقْبَلُوا عَلَيْهِ
بِدِمَشْقَ فِي أَيَّامِ
أَبِي الْفَتْحِ الْمِصِّيصِيِّ ، وَدَرَّسَ بِالْمُجَاهِدِيَّةِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
أَبُو الْفَتْحِ ، وَلِيَ بَعْدَهُ تَدْرِيسَ الْغَزَّالِيَّةِ ، ثُمَّ انْفَصَلَ إِلَى
حَلَبَ ، فَوَلِيَ تَدْرِيسَ الْمَدْرَسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَنْشَأَهُمَا
نُورُ الدِّينِ وَأَسَدُ الدِّينِ ، ثُمَّ سَارَ إِلَى
هَمَذَانَ ، وَدَرَّسَ بِهَا مُدَّةً ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
دِمَشْقَ ، وَدَرَّسَ بِالْغَزَّالِيَّةِ ثَانِيًا ، وَتَفَقَّهَ بِهِ الْأَصْحَابُ . وَكَانَ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ ، مُتَوَدِّدًا ، قَلِيلَ التَّصَنُّعِ . ثُمَّ سَارَ إِلَى
بَغْدَادَ رَسُولًا .
رَوَى عَنْهُ :
أَبُو الْمَوَاهِبِ بْنُ صَصْرَى ، وَأَخُوهُ
الْحُسَيْنُ ،
وَالتَّاجُ ابْنُ حَمَوَيْهِ ، وَطَائِفَةٌ .
[ ص: 108 ] وَأَجَازَ
لِلْحَافِظِ الضِّيَاءِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ : كَانَ أَبُوهُ مِنْ
طُرَيْثِيثَ . كَانَ أَدِيبًا يُقْرِئُ الْأَدَبَ ، قَدِمَ وَوَعَظَ ، وَحَصَلَ لَهُ قَبُولٌ ، وَكَانَ حَسَنَ النَّظَرِ مُوَاظِبًا عَلَى التَّدْرِيسِ ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِرِئَاسَةِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
قَالَ
ابْنُ النَّجَّارِ : قَدِمَ
بَغْدَادَ رَسُولًا ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ
أَبِي الْفُتُوحِ الِإِسْفَرَايِينِيِّ . أَنْشَدَنِي
أَبُو الْحَسَنِ الْقَطِيعِيُّ ، أَنْشَدَنِي
أَبُو الْمَعَالِي مَسْعُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ :
يَقُولُونَ : أَسْبَابُ الْفَرَاغِ ثَلَاثَةٌ وَرَابِعُهَا خَلَّوْهُ وَهُوَ خِيِارُهَا وَقَدْ ذَكَرُوا أَمْنًا وَمَالًا وَصِحَّةً
وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الشَّبَابَ مَدَارُهَا
قُلْتُ : كَانَ فَصِيحًا ، مُفَوَّهًا ، مُفَسِّرًا ، فَقِيهًا ، خِلَافِيًّا ، دَرَّسَ أَيْضًا بِالْجَارُوخِيَّةِ وَقِيلَ : إِنَّهُ وَعَظَ
بِدِمَشْقَ ، وَطَلَبَ مِنَ الْمَلِكِ
نُورِ الدِّينِ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ ، فَحَضَرَهُ ، فَأَخَذَ يَعِظُهُ ، وَيُنَادِيهِ : يَا
مَحْمُودُ ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ
الْبَرْهَانُ الْبَلْخِيُّ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ ، فَأَمَرَ الْحَاجِبَ ، فَطَلَعَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ ، فَقِيلَ فِيمَا بَعْدُ لِلْمَلِكِ ، فَقَالَ : إِنَّ
الْبَرْهَانَ كَانَ إِذَا قَالَ : يَا
مَحْمُودُ قَفَّ شَعْرِي هَيْبَةً لَهُ ، وَيَرِقُّ قَلْبِي ، وَهَذَا إِذَا قَالَ ، قَسَا قَلْبِي ، وَضَاقَ صَدْرِي . حَكَى هَذِهِ
سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ : كَانَ الْقُطْبُ غَرِيقًا فِي بِحَارِ الدُّنْيَا .
[ ص: 109 ] قَالَ
الْقَاسِمُ ابْنُ عَسَاكِرَ : مَاتَ فِي سَلْخِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَدُفِنَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي مَقْبَرَةٍ أَنْشَأَهَا جِوَارَ
مَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ غَرْبِيَّ
دِمَشْقَ .
قُلْتُ : وَبَنَى مَسْجِدًا ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ .