عبد الرحمن بن أبي ليلى
الإمام العلامة الحافظ ، أبو عيسى الأنصاري الكوفي ، الفقيه ، ويقال : [ ص: 263 ] أبو محمد ، من أبناء الأنصار ، ولد في خلافة الصديق أو قبل ذلك .
وحدث عن عمر ، وعلي ، وأبي ذر ، ، وابن مسعود وبلال ، ، وأبي بن كعب وصهيب ، ، وقيس بن سعد ، والمقداد وأبي أيوب ، ووالده - وما إخاله لقيه ، مع كون ذلك في السنن الأربعة . ومعاذ بن جبل
وقيل بل ولد في وسط خلافة عمر ورآه يتوضأ ويمسح على الخفين .
حدث عنه : عمرو بن مرة ، ، والحكم بن عتيبة وحصين بن عبد الرحمن ، ، وعبد الملك بن عمير ، وطائفة سواهم . والأعمش
وقيل : إنه قرأ القرآن على علي .
قال : جلست إلى محمد بن سيرين عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأصحابه يعظمونه كأنه أمير .
وقال ثابت البناني : كنا إذا قعدنا إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال لرجل : اقرأ القرآن ; فإنه يدلني على ما تريدون ، نزلت هذه الآية في كذا ، وهذه الآية في كذا .
وروى عطاء بن السائب عن قال : أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ابن أبي ليلى ، الأنصار ، إذا سئل أحدهم عن شيء ، ود أن أخاه كفاه .
[ ص: 264 ] وعن عبد الله بن الحارث ، أنه اجتمع بابن أبي ليلى فقال : ما شعرت أن النساء ولدن مثل هذا .
شعبة : عن عمرو بن مرة عن ، قال : صحبت ابن أبي ليلى عليا -رضي الله عنه- في الحضر والسفر ، وأكثر ما يتحدثون عنه باطل .
قال الأعمش : رأيت وقد ضربه ابن أبي ليلى الحجاج ، وكأن ظهره مسح وهو متكئ على ابنه وهم يقولون : العن الكذابين فيقول : لعن الله الكذابين . يقول : الله الله ، علي بن أبي طالب عبد الله بن الزبير ، المختار بن أبي عبيد . قال : وأهل الشام كأنهم حمير لا يدرون ما يقصد ، وهو يخرجهم من اللعن .
قلت : ثم كان عبد الرحمن من كبار من خرج مع من العلماء والصلحاء ، وكان له وفادة على عبد الرحمن بن الأشعث معاوية ذكرها ولده القاضي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى .
أخبرنا إسحاق الصفار ، حدثنا ابن خليل ، حدثنا اللبان ، حدثنا أبو علي ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن عمر ، حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، قال : كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي ، فإذا دخل الداخل ، نام على فراشه .
وبه قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، [ ص: 265 ] حدثنا يزيد بن مهران ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، قال : رأيت عبد الرحمن محلوقا على المصطبة وهم يقولون له : العن الكذابين ، وكان رجلا ضخما به ربو فقال : اللهم العن الكذابين ، آه -ثم يسكت- علي ، ، وعبد الله بن الزبير والمختار .
اسم والده أبي ليلى : يسار ، وقيل : بلال . وقيل : داود بن أبي أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي بن كلفة .
ابن عيينة : عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : كان لعبد الرحمن بن أبي ليلى بيت فيه مصاحف يجتمع إليه فيه القراء ، قلما تفرقوا إلا عن طعام ، فأتيته ومعي تبر ، فقال : أتحلي به سيفا؟ قلت : لا . قال : فتحلي به مصحفا؟ قلت : لا . قال : فلعلك تجعلها أخراصا فإنها تكره .
قال ثابت : كان إذا صلى الصبح نشر المصحف ، وقرأ حتى تطلع الشمس . ابن أبي ليلى
شريك : عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : كان رجل من بني إسرائيل يعمل بمسحاة له ، فأصاب أباه ، فشجه ، فقال : لا يصحبني من فعل بأبي ما فعل ، فقطع يده ، فبلغ ذلك بني إسرائيل ; ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس ، فقال : من نبعث بها؟ قالوا : فلان ، فبعث إليه ، فقال : أعفني ، قال : لا ، قال : فأجلني إذا أياما . قال : فذهب فقطع مذاكيره في حق ثم جاء به خاتمه [ ص: 266 ] عليه ، فقال : هذه وديعتي عندك فاحفظها . قال : ونزلها الملك منزلا منزلا ، أنزل يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ; ويوم كذا وكذا ، كذا وكذا ، فوقت له وقتا ، فلما سار ، جعلت ابنة الملك لا ترتقع به فتنزل حيث شاءت ، وترتحل متى شاءت ، وجعل إنما هو يحرسها وينام عندها ، فلما قدم عليه ، قالوا له : إنما كان ينام عندها ، فقال له الملك : خالفت ! وأراد قتله ; فقال : اردد علي وديعتي ، فلما ردها ، فتح الحق ، وتكشف عن مثل الراحة ، ففشا ذلك في بني إسرائيل . قال : فمات قاض لهم ، فقالوا : من نجعل مكانه؟ قالوا : فلان ، فأبى ، فلم يزالوا به حتى قال : دعوني حتى أنظر في أمري ، فكحل عينيه بشيء حتى ذهب بصره . قال : ثم جلس على القضاء فقام ليلة فدعا الله ، فقال : اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك رضى ، فاردد علي خلقي أصح ما كان . فأصبح وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا ويده ومذاكيره .
أنبأنا بها أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أبو أحمد -يعني العسال - في كتابه حدثنا موسى بن إسحاق ، حدثنا ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة شريك فذكرها .
وبه : إلى أبي نعيم ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : كنت جالسا عند عمر فأتاه راكب فزعم أنه رأى الهلال هلال شوال ، فقال : أيها الناس أفطروا ، ثم قام إلى عس من ماء ، [ ص: 267 ] فتوضأ ومسح على موقين له ثم صلى المغرب ، فقال له الراكب : ما جئتك إلا لأسألك عن هذا ، أشيئا رأيت غيرك يفعله؟ قال : نعم ، رأيت خيرا مني وخير الأمة ، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك . تفرد به إسرائيل .
روي عن أبي حصين ، أن الحجاج استعمل عبد الرحمن بن أبي ليلى على القضاء ثم عزله ، ثم ضربه ليسب أبا تراب -رضي الله عنه- وكان قد شهد النهروان مع علي .
وقال شعبة بن الحجاج : قدم ، عبد الله بن شداد بن الهاد فاقتحم بهما فرسهما الفرات فذهبا - يعني غرقا . وابن أبي ليلى
وأما أبو نعيم الملائي فقال : قتل بوقعة الجماجم ، يعني سنة اثنتين وثمانين . وقيل : سنة ثلاث . ابن أبي ليلى