الإمام الحافظ البارع المجود العلامة أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن سعيد الأزدي الأندلسي الإشبيلي المعروف في زمانه بابن الخراط .
مولده فيما قيده أبو جعفر بن الزبير سنة أربع عشرة وخمسمائة .
حدث عن : أبي الحسن شريح بن محمد وأبي الحكم بن برجان ، وعمر بن أيوب ، وأبي بكر بن مدير ، وأبي الحسن طارق بن يعيش ، والمحدث طاهر بن عطية ، وطائفة .
سكن مدينة بجاية وقت الفتنة التي زالت فيها الدولة اللمتونية بالدولة المؤمنية فنشر بها علمه ، وصنف التصانيف ، واشتهر اسمه ، وسارت [ ص: 199 ] ب " أحكامه الصغرى " و " الوسطى " الركبان ، وله " أحكام كبرى " قيل هي بأسانيده -فالله أعلم .
وولي خطابة بجاية .
ذكره الحافظ أبو عبد الله البلنسي الأبار ، فقال : كان فقيها ، حافظا ، عالما بالحديث وعلله ، عارفا بالرجال ، موصوفا بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا ، مشاركا في الأدب وقول الشعر ، قد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى ، وسبقه إلى مثل ذلك الفقيه أبو العباس بن أبي مروان الشهيد بلبلة فحظي الإمام عبد الحق دونه .
قلت : وعمل " الجمع بين الصحيحين " بلا إسناد على ترتيب مسلم ، وأتقنه ، وجوده .
قال الأبار وله مصنف كبير جمع فيه بين الكتب الستة ، وله كتاب " المعتل من الحديث " وكتاب " الرقاق " ومصنفات أخر .
قلت : وله كتاب " العاقبة " في الوعظ والزهد .
وقال الأبار : وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به كتاب " الغريبين " لأبي عبيد الهروي . حدثنا عنه جماعة من شيوخنا .
وقال : ولد سنة عشر وخمسمائة وتوفي ببجاية بعد محنة نالته من قبل الدولة في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة .
قلت : روى عنه خطيب بيت المقدس أبو الحسن علي بن محمد [ ص: 200 ] المعافري ، وأبو الحجاج ابن الشيخ ، وأبو عبد الله بن نقيمش ، ومحمد بن أحمد بن غالب الأزدي ، وأبو العباس العزفي وآخرون ، وصنف الحافظ القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الحميري الكتامي الفاسي المشهور بابن القطان كتابا نفيسا في مجلدتين سماه " الوهم والإيهام فيما وقع من الخلل في الأحكام الكبرى لعبد الحق " يناقشه فيه فيما يتعلق بالعلل بالجرح والتعديل ، طالعته ، وعلقت منه فوائد جليلة .
ومن مسموع الحافظ عبد الحق " صحيح مسلم " يحمله عن أبي القاسم بن عطية ، قال : أخبرنا محمد بن بشر ، قال : أخبرنا أبو علي بن سكرة الصدفي ، أخبرنا أبو العباس بن دلهاث العذري ، أخبرنا الرازي بإسناده . فهذا نزول بحيث أن في إزاء ابن سكرة المؤيد الطوسي ، وشيخنا القاسم الإربلي في طبقة ابن بشر هذا ، وصاحبه ابن عطية ونحن في العدد سواء ، فكأن عبد الحق سمعه من المزي والبرزالي - والله أعلم .
[ ص: 201 ] وقد أنبأنا " بالأحكام الصغرى " الإمام أبو محمد بن هارون في كتابه إلينا من المغرب ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي نصر بسماعه من المصنف أبي محمد عبد الحق .
قال ابن الزبير في ترجمة عبد الحق : كان يزاحم فحول الشعراء ، ولم يطلق عنانه في نطقه .
قلت : ما أحلى قوله وأوعظه إذ قال :
إن في الموت والمعاد لشغلا وادكارا لذي النهى وبلاغا فاغتنم خطتين قبل المنايا
صحة الجسم يا أخي والفراغا
أخبرنا محمد بن عبد الكريم التبريزي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي سنة خمس وثلاثين وستمائة ، أخبرنا مجد الدين محمد بن أحمد بن غالب الأزدي سنة ست وثمانين وخمسمائة ، أخبرنا أبو محمد عبد الحق الأزدي أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أبو علي الصدفي ، أخبرنا عبد الله بن طاهر التميمي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله النيسابوري المقرئ وغيره ، قالوا : أخبرنا علي بن أحمد الخزاعي ، أخبرنا الهيثم بن كليب الشاشي ببخارى ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة عن قتادة ، سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد ، قال : [ ص: 202 ] . كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره شيئا ، عرفناه في وجهه
وأنبأناه عاليا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد المطلب بن هاشم ، أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد وجماعة قالوا : أخبرنا أحمد بن محمد الخليلي ، أخبرنا علي بن أحمد الخزاعي ، فذكره .