[ ص: 156 ] ابن راجح
الشيخ الإمام العالم الفقيه المناظر شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن خلف بن راجح بن بلال بن هلال بن عيسى المقدسي الجماعيلي الحنبلي . ولد سنة خمسين وخمسمائة ظنا بجماعيل .
وتربى بالدير بقاسيون ، وأخذه الحافظ عبد الغني معه في سنة ست وستين إلى السلفي ، فسمع منه كثيرا ، ورجع فسار إلى بغداد فسمع من ابن الخشاب ، وشهدة والطبقة .
[ ص: 157 ] وسمع بدمشق من أبي المكارم بن هلال وجماعة ، وكتب الكثير واشتغل على ابن المني .
قال الحافظ الضياء : صار أوحد زمانه في علم النظر ، وكان يقطع الخصوم ، ويذهب فيناظر الحنفية ، ويتأذون منه ، وقد ألبسه شيخه ابن المني طرحة ، ثم إنه مرض واصفر حتى قيل : هو مسحور . وكان كثير الخير والصلاة ، سليم الصدر ، رأيتهم بجماعيل يعظمونه ، ولا يشكون في ولايته وكراماته .
وسمعت الإمام عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار يقول : حدثني جماعة من جماعيل منهم خالي عمر بن عوض قال : وقعت في جماعيل فتنة ، فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف ، وكان ابن راجح عندنا . قالوا : فسجد ودعا ، قالوا : فضرب بعضهم بعضا بالسيوف فما قطعت شيئا . قال عمر : فلقد رأيتني ضربت بسيفي رجلا ، وكان سيفا مشهورا فما قطع شيئا ، وكانوا يرون أن هذا ببركة دعائه .
قال عمر بن الحاجب في " معجمه " : هو إمام محدث ، فقيه ، عابد ، دائم الذكر ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، صاحب نوادر وحكايات ، عنده وسوسة زائدة في الطهارة ، وكان يحدث بعد الجمعة من حفظه ، وكانت أعداؤه تشهد بفضله .
وقال المنذري كان كثير المحفوظ ، متحريا في العبادات ، حسن الأخلاق .
قلت : حدث عنه الضياء ، والبرزالي والمنذري ، والقوصي ، وابن [ ص: 158 ] عبد الدائم ، وابن أبي عمر ، والفخر علي وابن الكمال ، والتقي وابن الواسطي ، والعماد عبد الحافظ ، والعز بن العماد ، وإسماعيل بن الفراء وخلق .
قرأت وفاته بخط الضياء في التاسع والعشرين من صفر سنة ثماني عشرة وستمائة .