البهاء
الشيخ الإمام العالم المفتي المحدث بهاء الدين أبو محمد عبد الرحمن [ ص: 270 ] بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي شارح " المقنع " ، وابن عم الحافظ الضياء والشمس أحمد والد الفخر بن البخاري .
ولد بقرية الساويا - وكان أبوه يؤم بها - في سنة خمس وخمسين وخمسمائة أو في سنة ست .
هاجر به أبوه من حكم الفرنج ، فسافر تاجرا إلى مصر - أعني الأب - ثم ماتت الأم فكفلته عمته فاطمة زوجة الشيخ أبي عمر ، وختم القرآن سنة سبعين ، وتنبه بالحافظ عبد الغني ، ثم ارتحل في سنة اثنتين وسبعين في صحبة الشيخ العماد فسمع بحران من أحمد بن أبي الوفاء ، وجرد بها الختمة ، وصلى التراويح ، فجمعوا له فطرة واشتروا له بهيمة وسار إلى بغداد ، وقد سبقه العماد ومعه ابن راجح وعبد الله بن عمر بن أبي بكر . وسمع بالموصل من خطيبها ، فسمع ببغداد من شهدة الكاتبة كثيرا ، ومن عبد الحق وأبي هاشم الدوشابي ، ومحمد بن نسيم ، وأحمد بن الناعم ، وأبي الفتح بن شاتيل ، وعبد المحسن بن تريك وطبقتهم ، ونسخ الأجزاء ، وحصل ، وسمع بدمشق من محمد بن بركة الصلحي ، وعبد الرحمن بن أبي العجائز ، والقاضي كمال الدين الشهرزوري وجماعة ، وروى الكثير بدمشق وبنابلس وبعلبك ، وكان بصيرا بالمذهب . [ ص: 271 ] قال الضياء : كان فقيها إماما مناظرا ، اشتغل على ابن المني ، وسمع الكثير ، وكتبه ، وأقام سنين بنابلس بعد الفتوح بجامعها الغربي ، وانتفع به خلق ، وكان سمحا كريما جوادا حسن الأخلاق متواضعا ، رجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير ، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه ، وشرح كتاب " المقنع " وكتاب " العمدة " لشيخنا موفق الدين ووقف مسموعاته .
وقال الحاجب : كان مليح المنظر ، مطرحا للتكلف ، كثير الفائدة ، قوالا بالحق ، ذا دين وخير ، لا يخاف في الله لومة لائم ، راغبا في الحديث ، كان ينزل من الجبل قاصدا لمن يسمع عليه ، وربما أطعم غداءه لمن يقرأ عليه ، وانقطع بموته حديث كثير - يعني من دمشق . ومات في سابع ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة .
قلت : روى عنه البرزالي ، والضياء ، وابن المجد ، والشرف بن النابلسي ، والجمال بن الصابوني ، والشمس بن الكمال ، والتاج عبد الخالق ، ومحمد بن بلغزا ، وداود بن محفوظ ، وعبد الكريم بن زيد ، والعز بن الفراء ، والعز بن العماد ، والعماد عبد الحافظ والتقي ابن مؤمن ، وست الأهل بنت الناصح ، وإسحاق بن سلطان ، وأبو جعفر بن الموازيني ، وآخرون . وقد سقت من تفاصيل أحواله في " تاريخ الإسلام " . وأقدم شيء سمعه بدمشق في سنة سبع وستين وخمسمائة من عبد الله بن عبد الواحد الكناني ، سمعت الكثير على أصحابه .
وفيها مات القدوة أبو أحمد جعفر بن عبد الله بن سيد بونه الخزاعي صاحب ابن هذيل ، وداود بن الفاخر ، وطاغية التتار ، وقاضي [ ص: 272 ] جنكزخان حران ، وأبو بكر عبد الله بن نصر الحنبلي ، وعبد البر بن أبي العلاء الهمذاني ، وعبد الجبار بن الحرستاني ، وأبو بكر عبد العزيز بن علي السماتي والحجة عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي ، والمعظم عيسى بن العادل ، والمسند الفتح بن عبد السلام ، وأبو هريرة محمد بن الليث الوسطاني .