ابن بقي
الإمام العلامة المحدث المسند قاضي الجماعة أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد [ ص: 275 ] الرحمن بن أحمد ابن شيخ الأندلس الحافظ بقي بن مخلد ، الأموي ، مولاهم ، البقوي القرطبي المالكي .
سمع أباه ، وجده أبا الحسن ، ومحمد بن عبد الحق الخزرجي صاحب محمد بن الفرج الطلاعي ، وخلف بن بشكوال ، وأبا زيد السهيلي وطائفة . وأجاز له المقرئ أبو الحسن شريح بن محمد ، وعبد الملك بن مسرة . وتفرد بأشياء منها " موطأ " يحيى بن يحيى عن الخزرجي . وقد روى الحديث هو وجميع آبائه .
قال أبو عبد الله الأبار : هو من رجالات الأندلس جلالا وكمالا لا نعلم بيتا أعرق من بيته في العلم والنباهة إلا بيت بني مغيث بقرطبة ، وبني الباجي بإشبيلية ، وله التقدم على هؤلاء ، ولي قضاء الجماعة بمراكش مضافا إلى خطتي المظالم والكتابة العليا ، فحمدت سيرته ، ولم تزده الرفعة إلا تواضعا ، ثم عزل ، وأقام بطالا إلى أن قلد قضاء بلده ، وذهب إليه ، ثم عزل قبل موته ، فازدحم الطلبة عليه ، وكان لذلك أهلا .
وقال ابن الزبير - أو غيره - : كان له باع مديد في النحو والأدب ، تنافس الناس في الأخذ عنه ، وقرأ جميع " كتاب " على سيبويه أبي العباس بن مضاء ، وقرأ عليه " المقامات " .
وقال ابن مسدي : رأس شيخنا هذا بالمغربين ، وولي القضاء بالعدوتين ، ولما أسن استعفى ، ورجع إلى بلده ، فأقام قاضيا بها إلى أن [ ص: 276 ] غلب عليه الكبر ، فلزم منزله ، وكان عارفا بالإجماع والخلاف ، مائلا إلى الترجيح والإنصاف .
قلت : حدث عنه المعمر أبو محمد بن هارون الذي كتب إلينا بالإجازة من المغرب ، وجماعة .
وروى عنه بالإجازة محمد بن عياش الخزرجي ، والخطيب أبو القاسم بن الأيسر الجذامي ، وأبو الحكم مالك بن المرحل الأديب ، وآخرون . وقد كان - رحمه الله - يغلب عليه الميل إلى مذهب أهل الأثر ، والظاهر في أموره وأحكامه . ومن الرواة عنه العلامة أبو الحسين بن أبي الربيع ، وبالإجازة محمد بن محمد المومنائي الفاسي .
أخبرنا عبد الله بن محمد بن هارون الطائي الفقيه إذنا قال : أنبأنا أحمد بن يزيد القاضي ، عن شريح بن محمد المقرئ ، عن الفقيه ، أخبرنا أبي محمد بن حزم يحيى بن عبد الرحمن ، أخبرنا ، حدثنا قاسم بن أصبغ إبراهيم بن عبد الله العبسي ، حدثنا ، عن وكيع الأعمش ، عن أبي صالح ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة ولد الصوم جنة ابن بقي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة .
ومات يوم الجمعة بعد الصلاة منتصف رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة بقرطبة ، وقد تجاوز ثمانيا وثمانين سنة - رحمه الله - وهو آخر من [ ص: 277 ] حدث " بالموطأ " في الدنيا عاليا بينه وبين الإمام مالك فيه ستة رجال بالسماع المتصل ، وهكذا العدد في " الموطأ " ليحيى بن بكير لمكرم بن أبي الصقر البزاز ، وفي " موطأ " القعنبي للموفقين : ابن قدامة وعبد اللطيف ، وابن الخير ، وفي " موطأ " أبي مصعب لأبي نصر بن الشيرازي وابن البرهان ، وفي " موطأ " سويد بن سعيد للبهاء عبد الرحمن .