غزوة السويق
في ذي الحجة
قال عن موسى بن عقبة ، ابن شهاب : كان حين بلغه وقعة أبو سفيان بن حرب ، بدر ، نذر أن لا يمس رأسه دهن ولا غسل ، ولا يقرب أهله ، حتى يغزو محمدا ويحرق في طوائف المدينة . فخرج من مكة سرا خائفا ، في ثلاثين فارسا ، ليحل يمينه . حتى نزل بجبل من جبال المدينة يقال له : نبت . فبعث رجلا أو رجلين من أصحابه ، وأمرهما أن يحرقا أدنى نخل يأتيانه من نخل المدينة . فوجدوا صورا من صيران نخل العريض ، فأحرقا فيها وانطلقا ، وانطلق أبو سفيان مسرعا .
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى بلغ قرقرة الكدر ففاته أبو سفيان ، [ ص: 372 ] فرجع .
وذكر مثل هذا ابن لهيعة عن أبي الأسود ، عن عروة ، وقال : وركب المسلمون في آثارهم ، فأعجزوهم وتركوا أزوادهم ، فسميت غزوة أبي سفيان : غزوة السويق .
وقال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، ويزيد بن رومان ، وحدثني من لا أتهم ، عن عبيد الله بن كعب بن مالك ، قالوا :
لما رجع أبو سفيان إلى مكة ، ورجع فل قريش من يوم بدر ، نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا . فخرج في مائتي راكب ، إلى أن نزل بجبل يقال له : نبت ، على نحو بريد من المدينة . ثم خرج من الليل حتى أتى حيي بن أخطب ، فضرب عليه بابه ، فلم يفتح له وخافه . فانصرف إلى سلام بن مشكم ، وكان سيد بني النضير ، فأذن له وقراه ، وأبطن له من خبر الناس . ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه ، فبعث رجالا ، فأتوا ناحية العريض ، فوجدوا رجلين من المسلمين ، فقتلوهما وردوا ونذر بهم الناس .
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم ، حتى بلغ قرقرة الكدر ، ثم انصرف ، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه ، قد رموا زادا لهم في جرب ، وسويقا كثيرا ، يتخففون منها للنجاء . فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أنطمع أن تكون لنا غزوة ؟ فقال : نعم . قال : وذلك بعد بدر بشهرين .
وفي هذه السنة : تزوج عثمان بأم كلثوم ، رضي الله عنهم .
علي رضي الله عنه بفاطمة الزهراء رضي الله عنها . وفيها تزوج
[ ص: 373 ] قال عن يونس بن بكير ، ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن نجيح ، عن مجاهد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت لي مولاة لي : علمت أن فاطمة خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : لا . قالت : فما يمنعك أن تأتيه فيزوجك ؟ فقلت : وعندي شيء أتزوج به ؟ قالت : إنك إن جئته زوجك . قال : فوالله ما زالت ترجيني ، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلالة وهيبة ، فأفحمت ، فوالله ما استطعت أن أتكلم . فقال : ما حاجتك ، ألك حاجة ؟ فسكت . ثم قال : لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ قلت : نعم . قال : وهل عندك شيء تستحلها به ؟ فقلت : لا والله . فقال : ما فعلت درع سلحتكها ؟ فوالذي نفس علي بيده إنها لحطمية ما ثمنها أربعة دراهم . فقلت : عندي . فقال : قد زوجتكها ، فابعث إلي بها . فإن كانت لصداق فاطمة رضي الله عنها .
وقال أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : علي فاطمة رضي الله عنهما ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعطها شيئا . قال : ما عندي شيء . قال : أين درعك الحطمية ؟ . أخرجه لما تزوج أبو داود .
وقال عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن علي رضي الله عنه ، قال : فاطمة في خميل ، وقربة ، ووسادة أدم حشوها إذخر . جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 374 ] وفيها : توفي سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الخزرجي الساعدي ، والد سهل بن سعد . وكان تجهز إلى بدر فمات قبلها في رمضان . فيقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه ، ورده على ورثته .
وفيها : بعد بدر ، توفي خنيس بن حذافة السهمي ، أحد المهاجرين ، شهد بدرا . وتأيمت منه . حفصة بنت عمر بن الخطاب
وفي شوال : بنى النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها ، وعمرها تسع سنين .