وقال ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب قال : قال عبد الله بن جحش : اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني ثم يبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني ، ثم تسألني بم ذاك ، فأقول : فيك . قال : إني لأرجو أن يبر الله آخر قسمه كما أبر أوله . سعيد بن المسيب
وروى الزبير بن بكار في " الموفقيات " ، أن عبد الله بن جحش ، انقطع سيفه ، قال : فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجونا فصار في يده سيفا . فكان يسمى العرجون ، ولم يزل يتناول حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار .
وكان عبد الله من السابقين ، أسلم قبل دار الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة هو وإخوته وشهد بدرا .
وقال معمر ، عن سعيد بن عبد الرحمن الجحشي ، حدثنا أشياخنا أن عبد الله بن جحش جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقد ذهب سيفه ، [ ص: 409 ] فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عسيبا من نخل ، فرجع في يد عبد الله سيفا . مرسل .
عن أبيه ، قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم يوم خارجة بن زيد بن ثابت ، أحد لطلب وقال لي : إن رأيته فأقره مني السلام وقل له : يقول لك رسول الله كيف تجدك ؟ فجعلت أطوف بين القتلى ، فأصبته وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك : خبرني كيف تجدك ؟ قال : على رسول الله السلام وعليك ، قل له : يا رسول الله أجد ريح الجنة ، وقل لقومي سعد بن الربيع ، الأنصار : لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شفر يطرف . قال : وفاضت نفسه . أخرجه عن ، ثم ساقه فيما بعد من حديث البيهقي محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المازني ، منقطعا ، فهو شاهد لما رواه خارجة .
وقال : ثم انكفأ المشركون إلى أثقالهم ، لا يدري المسلمون ما يريدون . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن رأيتموهم ركبوا وجعلوا الأثقال تتبع آثار الخيل ، فهم يريدون أن يدنوا من البيوت والآطام التي فيها الذراري ، وأقسم بالله لئن فعلوا لأواقعنهم في جوفها ، وإن كانوا ركبوا الأثقال وجنبوا الخيل فهم يريدون الفرار . فلما أدبروا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم موسى بن عقبة في آثارهم . فلما رجع قال : رأيتهم سائرين على أثقالهم والخيل مجنوبة . قال : فطابت أنفس القوم ، وانتشروا يبتغون قتلاهم . فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثلوا به ، إلا سعد بن أبي وقاص حنظلة بن أبي عامر ، وكان أبوه مع المشركين فترك لأجله . وزعموا أن أباه وقف عليه قتيلا فدفع صدره برجله ثم قال : ذنبان أصبتهما ، قد تقدمت إليك في [ ص: 410 ] مصرعك هذا يا دبيس ، ولعمر الله إن كنت لواصلا للرحم برا بالوالد .
ووجدوا حمزة بن عبد المطلب قد بقر بطنه وحملت كبده ، احتملها وحشي وهو قتله فذهب بكبده إلى هند بنت عتبة في نذر نذرته حين قتل أباها يوم بدر . فدفن في نمرة كانت عليه ، إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه ، فغطوا قدميه بشيء من الشجر .
وقال الزهري : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أحد يكلم في الله إلا وهو يأتي يوم القيامة وجرحه يدمي ، لونه لون الدم ، وريحه ريح المسك . زملوهم بدمائهم ، فإنه ليس
وقال : إن المشركين لن يصيبوا منا مثلها . وقد كان أبو سفيان ناداهم حين ارتحل المشركون : إن موعدكم الموسم ، موسم بدر . وهي سوق كانت تقوم ببدر كل عام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا له : نعم .
قال : ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وإذا النوح في الدور . قال : ما هذا ؟ قالوا : نساء الأنصار يبكين قتلاهم . وأقبلت امرأة تحمل ابنها وزوجها على بعير ، قد ربطتهما بحبل ثم ركبت بينهما ، وحمل قتلى ، فدفنوا في مقابر المدينة ، فنهاهم عن ذلك وقال : واروهم حيث أصيبوا .
وقال لما سمع البكاء : حمزة لا بواكي له . واستغفر له ، فسمع ذلك لكن سعد بن معاذ وغيرهما ، فجمعوا كل نائحة ، وباكية وابن رواحة بالمدينة ، فقالوا : والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم رسول الله [ ص: 411 ] صلى الله عليه وسلم ، فلما سمع رسول الله بالبكاء ، قال : ما هذا ؟ قال : فأخبر ، فاستغفر لهم وقال لهم خيرا ، وقال : ما هذا أردت ، ونهى عنه وما أحب البكاء .
وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن نافع الأنصاري ، قال : انتهى أنس بن النضر إلى عمر ، وطلحة ، ورجال قد ألقوا بأيديهم فقال : ما يجلسكم ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل .