[ ص: 457 ]
قال غزوة ذات الرقاع ابن إسحاق : إنها في جمادى الأولى سنة أربع ، وهي غزوة خصفة من بني ثعلبة من غطفان .
وقال رحمه الله : كانت بعد محمد بن إسماعيل خيبر ، لأن أبا موسى جاء بعد خيبر ، يعني وشهدها . قال : وإنما جاء فأسلم أيام أبو هريرة خيبر .
وقال ابن إسحاق : في هذه الغزوة سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل نخلا ، فلقي بها جمعا من غطفان ، فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب . وقد خاف الناس بعضهم بعضا ، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف . ثم انصرف بالناس .
وقال الواقدي : إنما سميت ذات الرقاع لأنه جبل كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض ، فسمي ذات الرقاع . قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر خلون من المحرم ، على رأس سبعة وأربعين شهرا ، قدم صرارا لخمس بقين من المحرم .
[ ص: 458 ] وذات الرقاع قريبة من النخيل بين السعد والشقرة .
قال الواقدي : فحدثني الضحاك بن عثمان ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر ، وحدثني عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، جابر ، قال : وعن مالك ، وغيره ، عن عن وهب بن كيسان ، جابر ، قال : قدم قادم بجلب له ، فاشترى بسوق النبط ، وقالوا : من أين جلبك ؟ قال : جئت به من نجد ، وقد رأيت أنمارا وثعلبة قد جمعوا لكم جموعا ، وأراكم هادين عنهم . فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ، فخرج في أربعمائة من أصحابه -وقيل : سبعمائة وسلك على المضيق ، ثم أفضى إلى وادي الشقرة ، فأقام به يوما ، وبث السرايا ، فرجعوا إليه مع الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحدا ، وقد وطئوا آثارا حديثة . ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه ، حتى أتى محالهم ، فإذا ليس فيها أحد ، وهربوا إلى الجبال ، فهم مطلون على النبي صلى الله عليه وسلم . وخاف الناس بعضهم بعضا . وفيها صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف .
وقال عبد الملك بن هشام : وإنما قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم . قال : ويقال ذات الرقاع شجرة هناك . والظاهر أنهما غزوتان .
وقال شعيب ، عن الزهري : حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي ، وأبو سلمة ، عن جابر أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد ، فلما قفل قفل [ ص: 459 ] معه ، فأدركته القائلة في واد كثير العضاة ، فنزل وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ، وقال هو تحت شجرة فعلق بها سيفه ، فنمنا نومة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فأجبناه ، فإذا عنده أعرابي جالس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال : من يمنعك مني ؟ قلت : الله . فشام السيف وجلس . فلم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فعل ذلك . متفق عليه . وشام : أغمد .
قال أبو عوانة ، عن أبي بشر : اسم الأعرابي " غورث بن الحارث " .
ثم روى أبو بشر ، عن سليمان بن قيس ، عن جابر ، قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب بن خصفة بنخل ، فرأوا من المسلمين غرة ، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث ، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ، فقال : من يمنعك مني ؟ قال : الله . قال : فسقط السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك مني ؟ قال : كن خير آخذ . قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قال : لا ، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك . فخلى سبيله . فأتى أصحابه وقال : جئتكم من عند خير الناس . ثم ذكر صلاة الخوف ، وأنه صلى بكل طائفة ركعتين . وهذا صحيح إن شاء الله .
وقال البكائي ، عن ابن إسحاق : حدثني عن وهب بن كيسان ، قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة جابر بن عبد الله ، ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف ، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق [ ص: 460 ] تمضي ، وجعلت أتخلف ، حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لك يا جابر ؟ قلت : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا . قال : أنخه . وساق قصة الجمل .