بدر الموعد غزوة
قال عن موسى بن عقبة ، ابن شهاب ، وروي عن عروة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا . وكان أهلا للصدق والوفاء صلى الله عليه وسلم ، فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس ، فمشوا في الناس يخوفونهم ، وقالوا : قد أخبرنا أن قد جمعوا لكم مثل الليل من الناس ، يرجون أن يوافقوكم فيتنهبوكم ، فالحذر الحذر لا تغدوا . فعصم الله المسلمين من تخويف الشيطان فاستجابوا لله ولرسوله وخرجوا ببضائع لهم ، وقالوا : إن لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له ، وإن لم نلقه ابتعنا ببضائعنا . وكان بدر متجرا يوافى في كل عام . فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر ، فقضوا منه حاجتهم ، وأخلف أبو سفيان الموعد ، فلم يخرج هو ولا أصحابه .
وأقبل رجل من بني ضمرة ، بينه وبين المسلمين حلف ، فقال : والله إن كنا لقد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد ، فما أعملكم إلى أهل هذا الموسم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يريد أن يبلغ ذلك عدوه من قريش : أعملنا إليه موعد أبي سفيان وأصحابه وقتالهم ، وإن شئت مع ذلك نبذنا إليك وإلى قومك حلفهم ثم جالدناكم . فقال الضمري : معاذ الله .
[ ص: 461 ] قال : وذكروا أن ابن الحمام قدم على قريش ، فقال : هذا محمد وأصحابه ينتظرونكم لموعدكم . فقال أبو سفيان : قد والله صدق . فنفروا وجمعوا الأموال ، فمن نشط منهم قووه ، ولم يقبل من أحد منهم دون أوقية . ثم سار حتى أقام بمجنة من عسفان ما شاء الله أن يقيم ، ثم ائتمر هو وأصحابه ، فقال أبو سفيان : ما يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه السمر وتشربون من اللبن ، ثم رجع إلى مكة ، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بنعمة من الله وفضل ، وكانت تلك الغزوة تدعى غزوة جيش السويق . وكانت في شعبان سنة أربع .
وقال الواقدي : كانت بدر الموعد ، وتسمى بدرا الصغرى ، لهلال ذي القعدة على رأس خمسة وأربعين شهرا من مهاجره عليه الصلاة والسلام ، وأنه خرج في ألف وخمسمائة من أصحابه ، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة ، وكان موسم بدر يجتمع فيه العرب لهلال ذي القعدة إلى ثامنه . فأقام بها المسلمون ثمانية أيام وباعوا بضائع ، فربح الدرهم درهما ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل .