وكان في هذه الغزوة " .
قال سليمان بن حرب : حدثنا حماد بن زيد ، عن معمر ، والنعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة ، عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه . قالت : فأقرع بيننا في غزاة المريسيع ، فخرج سهمي ، فهلك في من هلك . عن
وكذلك قال ابن إسحاق ، وغيرهما : إن حديث الإفك في غزوة والواقدي المريسيع .
وروي عن عباد بن عبد الله ، قال : قلت يا أماه حدثيني حديثك في غزوة المريسيع .
قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن عبد السلام ، ببعلبك ، قال :
[ ص: 476 ] أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : أخبرنا أبو الحسين عبد الحق اليوسفي ، قال : أخبرنا أبو سعد بن خشيش ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ، قال : أخبرنا ميمون بن إسحاق ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا عن يونس بن بكير ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، عائشة ، قالت : بعائشة ؟ فقالت : والله ما أعلم منها شيئا أعيب من أنها ترقد ضحى حتى إن الداجن داجن أهل البيت تأكل خميرها . فأداروها وسألوها حتى فطنت ، فقالت : سبحان الله ، والذي نفسي بيده ما أعلم على عائشة إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر . قالت : فكان هذا وما شعرت .
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فأشيروا علي في أناس أبنوا أهلي ، وايم الله إن علمت على أهلي من سوء قط ، وأبنوهم بمن والله إن علمت عليه سوء قط ، ولا دخل على أهلي إلا وأنا شاهد ، ولا غبت في سفر إلا غاب معي . فقال : أرى يا رسول الله أن تضرب أعناقهم . فقال رجل من سعد بن معاذ الخزرج - وكانت أم حسان من رهطه ، وكان حسان من رهطه : والله ما صدقت ، ولو كان من الأوس ما أشرت بهذا . فكاد يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد ، ولا علمت بشيء منه ، ولا ذكره لي ذاكر ، حتى أمسيت من ذلك اليوم فخرجت في نسوة لحاجتنا ، وخرجت معنا أم مسطح بنت خالة أبي بكر فإنا لنمشي ونحن عامدون لحاجتنا ، عثرت أم مسطح فقالت : تعس مسطح . فقلت : أي أم ، [ ص: 477 ] أتسبين ابنك ؟ فلم تراجعني . فعادت ثم عثرت ، فقالت : تعس مسطح فقلت : أي أم أتسبين ابنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فلم تراجعني . ثم عثرت الثالثة ، فقالت : تعس مسطح . فقلت : أي أم ، أتسبين ابنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : والله ما أسبه إلا من أجلك وفيك . فقلت : وفي أي شأني ؟ قالت : وما علمت بما كان ؟ فقلت : لا ، وما الذي كان ؟ قالت : أشهد أنك مبرأة مما قيل فيك . ثم بقرت لي الحديث ، فلأكر راجعة إلى البيت ما أجد مما خرجت له قليلا ولا كثيرا . وركبتني الحمى فحممت . فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألني عن شأني ، فقلت : أجدني موعوكة ، ائذن لي أذهب إلى أبوي . فأذن لي ، وأرسل معي الغلام ، فقال : امش معها . فجئت فوجدت أمي في البيت الأسفل ، ووجدت أبي يصلي في العلو ، فقلت لها : أي أمه ، ما الذي سمعت ؟ فإذا هي لم ينزل بها من حيث نزل مني ، فقالت : أي بنية وما عليك ، فما من امرأة لها ضرائر تكون جميلة يحبها زوجها إلا وهي يقال لها بعض ذلك . فقلت : وقد سمعه أبي ؟ فقالت : نعم ، فقلت : وسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : ورسول الله صلى الله عليه وسلم . فبكيت ، فسمع أبي البكاء ، فقال : ما شأنها ؟ فقالت : سمعت الذي تحدث به . ففاضت عيناه يبكي ، فقال : أي بنية ، ارجعي إلى بيتك ، فرجعت وأصبح أبواي عندي ، حتى إذا صليت العصر دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بين أبوي ، أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد يا عائشة إن كنت ظلمت أو أخطأت أو أسأت فتوبي وراجعي أمر الله واستغفري ، فوعظني ، وبالباب امرأة من الأنصار قد سلمت ، فهي جالسة بباب البيت في الحجرة ، وأنا أقول : ألا تستحيي أن تذكر هذا ، والمرأة تسمع ، حتى إذا قضى كلامه قلت لأبي وغمزته : ألا تكلمه ؟ فقال : وما أقول له ؟ والتفت إلى أمي فقلت : ألا تكلمينه ؟ فقالت : وماذا [ ص: 478 ] أقول له ؟ فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله ثم قلت : أما بعد فوالله لئن قلت لكم أن قد فعلت والله يشهد أني لبريئة ما فعلت لتقولن قد باءت به على نفسها واعترفت به ، ولئن قلت لم أفعل والله يعلم أني لصادقة ما أنتم بمصدقي . لقد دخل هذا في أنفسكم واستفاض فيكم ، وما أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف العبد الصالح ، وما أعرف يومئذ اسمه : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ( 18 ) ) [ يوسف ] .
ونزل الوحي ساعة قضيت كلامي ، فعرفت والله البشر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتكلم . فمسح جبهته وجبينه ثم قال : أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله عذرك . وتلا القرآن . فكنت أشد ما كنت غضبا ، فقال لي أبواي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا إياكما ولكني أحمد الله الذي برأني . لقد سمعتم فما أنكرتم ولا جادلتم ولا خاصمتم .
فقال الرجل الذي قيل له ما قيل ، حين بلغه نزول العذر : سبحان الله ، فوالذي نفسي بيده ما كشفت قط كنف أنثى . وكان مسطح يتيما في حجر أبي بكر ينفق عليه ، فحلف لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا . فأنزل الله ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ( 22 ) ) إلى قوله ( ألا تحبون أن يغفر الله لكم ( 22 ) [ النور ] . فقال أبو بكر : بلى والله يا رب ، إني أحب أن تغفر لي وفاضت عيناه فبكى ، رضي الله عنه . لقد تحدث بأمري في الإفك واستفيض فيه وما أشعر . وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أناس من أصحابه ، فسألوا جارية لي سوداء كانت تخدمني ، فقالوا : أخبرينا ما علمك
وهذا عال حسن الإسناد ، أخرجه تعليقا ; فقال : وقال البخاري أبو أسامة ، عن . فذكره . هشام بن عروة
وقال الليث - واللفظ له - عن وابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، ابن شهاب : أخبرني عروة ، وابن المسيب ، [ ص: 479 ] وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله ، عن حديث عائشة ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله ; وكل حدثني بطائفة من الحديث ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض . قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه . فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت معه بعدما نزل الحجاب ، وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه . فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك ، وقفل ودنوها من المدينة ، آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع ، فالتمسته ، وحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي واحتملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت . وهم يحسبون أني فيه . وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكروا خفة الهودج حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا . فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب . فأممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة غلبتني عيني فنمت . وكان ثم الذكواني من وراء الجيش . فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت ، فخمرت وجهي بجلبابي ، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه . فأناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك . وكان الذي تولى الإفك صفوان بن المعطل السلمي عبد الله بن أبي بن [ ص: 480 ] سلول . فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك . وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي . إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ؟ ثم ينصرف . فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت يوما بعدما نقهت . فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ; وهو متبرزنا ; وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف نتخذها عند بيوتنا . فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة وابنها أبي بكر الصديق مسطح بن أثاثة بن المطلب ، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي ، قد فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح . فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ قالت : أي هنتاه ، أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : وماذا ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك . فازددت مرضا على مرضي . فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ وأنا أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي ، فجئت أبوي فقلت لأمي : يا أمتاه ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر ، إلا كثرن عليها . فقلت : سبحان الله ، ولقد تحدث الناس بهذا ؟ فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم . ثم أصبحت أبكي .
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله . فأما وأسامة بن زيد أسامة فأشار على رسول [ ص: 481 ] الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود ، فقال أسامة : يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي فقال : يا رسول الله لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، واسأل الجارية تصدقك ، قالت : فدعا رسول الله بريرة فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول ، فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغنا أذاه في أهل بيتي ، فوالله ما علمت في أهلي إلا خيرا . ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي . فقام فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ، إن كان من سعد بن معاذ ، الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية ، فقال : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله . فقام وهو ابن عم أسيد بن حضير ، فقال : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، فتثاور الحيان : سعد بن معاذ ، الأوس والخزرج ، حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت .
قالت : فبكيت يومي ذلك وليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم . فأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ، ولا يرقأ لي دمع ، حتى يظنان أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي ، استأذنت علي امرأة من الأنصار فجلست تبكي معي . فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ، ولم يجلس عندي [ ص: 482 ] منذ قيل لي ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء . قالت : فتشهد حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه . قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته ، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة . فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال . قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت لأمي : أجيبي رسول الله . قالت : ما أدري ما أقول له . فقلت وأنا يومئذ حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن : إني والله لقد علمت لقد سمعت هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم إني بريئة ، والله يعلم أني بريئة ، لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقني ، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ( 18 ) ) [ يوسف ] ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، وأنا أعلم أني بريئة وأن الله يبرئني ببراءتي . ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ، ولشأني كان في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه . فلما سري عنه وهو يضحك كان أول كلمة تكلم بها : يا عائشة أما والله لقد برأك الله . فقالت أمي . قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله . وأنزل الله تعالى : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ( 11 ) ) [ النور ] العشر الآيات كلها .
فلما أنزل الله هذه في براءتي قال أبو بكر ، وكان ينفق على مسطح [ ص: 483 ] لقرابته وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال فأنزل الله تعالى : ( لعائشة ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ( 22 ) ) [ النور ] قال أبو بكر : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي . فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا . قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقالت : أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا ، وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك . متفق عليه من حديث يونس الأيلي .
وقال أبو معشر : حدثني أفلح بن عبد الله بن المغيرة ، عن الزهري ، قال : كنت عند فذكر الحديث بطوله عن الأربعة عن الوليد بن عبد الملك عائشة ، فقال الوليد : وما ذاك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة بني المصطلق فساهم بين نسائه ، فخرج سهمي وسهم أم سلمة .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : كنت عند فقال : الذي تولى كبره منهم علي . فقلت : لا . حدثني الوليد بن عبد الملك سعيد ، وعروة ، وعلقمة ، وعبيد الله كلهم سمع عائشة تقول : الذي تولى كبره عبد الله بن أبي . فقال لي : فما كان جرمه ؟ قلت : سبحان الله ، أخبرني رجلان من قومك : أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو [ ص: 484 ] بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنهما سمعا عائشة تقول : كان مسيئا في أمري . أخرجه . البخاري
وقال عن يونس بن بكير ، ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عن عمرة ، عائشة ، قالت : لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القصة التي نزل بها عذري على الناس ، نزل فأمر برجلين وامرأة ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة فجلدوا الحد . قال : وكان رماها ابن أبي ، ومسطح ، وحسان ، وحمنة بنت جحش .
وقال شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة رضي الله عنها فشبب بأبيات له :
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت : لست كذاك . قلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله عز وجل ( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ( 11 ) ) [ النور ] ، قالت : وأي عذاب أشد من العمى ؟ وقالت : كان يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم . متفق عليه .وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدثني قال : وكان محمد بن إبراهيم التيمي ، صفوان بن المعطل قد كثر عليه حسان في شأن عائشة ، وقال يعرض به :
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
وحدثني يعقوب بن عتبة ، أن صفوان بن المعطل قال حين ضرب حسان :
تلق ذباب السيف عنك فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
[ ص: 486 ]
رأيتك وليغفر لك الله ، حرة من المحصنات غير ذات غوائل
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
وإن الذي قد قيل ليس بلائق بك الدهر بل قيل امرئ متماحل
فإن كنت أهجوكم كما بلغوكم فلا رفعت سوطي إلي أناملي
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل
وإن لهم عزا يرى الناس دونه قصارا ، وطال العز كل التطاول
عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل سوء وباطل
وعن عائشة قالت : لقد سألوا عن ابن المعطل فوجدوه حصورا ما يأتي النساء . ثم قتل بعد ذلك شهيدا .