قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر ، أن رجلا من أسلم قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فسلك بهم طريقا وعرا أخزل من شعاب ، فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين ، وأفضوا [ ص: 40 ] إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا " نستغفر الله ونتوب إليه " فقالوا ذلك . فقال : " والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها " .
قال عبد الملك بن هشام : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : " ثنية المرار ، مهبط الحديبية من أسفل مكة " فلما رأت اسلكوا ذات اليمين بين ظهري المحمص في طريق تخرجه على قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش .
وقال شعبة ، وغيره ، عن حصين ، عن قال : قلت سالم بن أبي الجعد ، لجابر : . كم كنتم يوم الشجرة ؟ قال : كنا ألفا وخمس مائة : وذكر عطشا أصابهم ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء في تور فوضع يده فيه ، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون ، فشربنا ووسعنا وكفانا ، ولو كنا مائة ألف لكفانا
وقد أخرجه من أوجه أخر عن البخاري حصين .
وقال أبو عوانة ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، قال : قال : جابر بن عبد الله رواه غزونا أو سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن يومئذ أربع عشرة مائة ، فحضرت الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل في القوم من طهور ؟ فجاء رجل يسعى بإداوة فيها شيء من ماء ليس في القوم ماء غيره ، فصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدح ثم توضأ ، ثم انصرف وترك القدح . قال : فركب الناس ذلك القدح وقالوا : تمسحوا تمسحوا . فقال رسول [ ص: 41 ] الله صلى الله عليه وسلم : " على رسلكم " حين سمعهم يقولون ذلك . قال : فوضع كفه في الماء والقدح وقال : " سبحان الله " ثم قال : " أسبغوا الوضوء " فوالذي ابتلاني ببصري لقد رأيت العيون عيون الماء تخرج من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرفعها حتى توضئوا أجمعون ، مسدد ، عنه .
وقال عكرمة بن عمار العجلي : حدثنا إياس بن سلمة ، عن أبيه ، قال : " . أخرجه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فأصابنا جهد ، حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا . فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا فبسطنا له نطعا ، فاجتمع زاد القوم على النطع . فتطاولت لأحزر كم هو ؟ فحزرته كربضة العنز ونحن أربع عشرة مائة . قال : فأكلنا حتى شبعنا جميعا ثم حشونا جرباننا . ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : هل من وضوء ؟ فجاء رجل بإداوة له ، فيها نطفة فأفرغها في قدح . فتوضأنا كلنا ، ندغفقه دغفقة ، أربع عشرة مائة . قال : ثم جاء بعد ذلك ثمانية فقالوا : هل من طهور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فرغ الوضوء مسلم .
وقال عن موسى بن عقبة ، ابن شهاب ، قال : قال ابن عباس : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية كلمه بعض أصحابه فقالوا : جهدنا وفي الناس ظهر فانحره . فقال عمر : لا تفعل يا رسول الله فإن الناس إن يكن معهم بقية ظهر أمثل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابسطوا أنطاعكم وعباءكم . ففعلوا . ثم قال : من كان عنده بقية من زاد وطعام فلينثره . [ ص: 42 ] ودعا لهم ثم قال : قربوا أوعيتكم . فأخذوا ما شاء الله . يحدثه . نافع بن جبير
وقال يحيى بن سليم الطائفي ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عن أبي الطفيل ، ابن عباس ، مر الظهران في صلح قريش قال أصحابه : لو انتحرنا يا رسول الله من ظهورنا فأكلنا من لحومها وشحومها وحسونا من المرق أصبحنا غدا إذا عدونا عليهم وبنا جمام . قال : لا ، ولكن ائتوني بما فضل من أزوادكم . فبسطوا أنطاعا ثم صبوا عليها فضول أزوادهم . فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة ، فأكلوا حتى تضلعوا شبعا ، ثم لففوا فضول ما فضل من أزوادهم في جربهم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل
مالك ، عن إسحاق بن أبي طلحة ، عن أنس ، قال : . متفق عليه . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر والتمسوا الوضوء ، فلم يجدوه . فأتي بوضوء ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال : فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه . فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم
وقال حماد بن زيد : حدثنا ثابت ، عن أنس ، متفق عليه . أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء فأتي بقدح رحراح فجعل القوم يتوضئون . فحزرت ما بين السبعين إلى الثمانين من توضأ منه ، فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه .
وقال عبد الله بن بكر : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : . أخرجه حضرت الصلاة ، فقام من كان قريب الدار إلى أهله يتوضأ وبقي قوم . فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء ، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه [ ص: 43 ] فتوضأ القوم . قلنا : كم هم ؟ قال : ثمانون وزيادة . وجاء : أنهم كانوا البخاري بقباء .
وقال ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، بالزوراء يتوضئون . فوضع كفه في الماء ، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه حتى توضئوا . فقلنا لأنس : كم كنتم ؟ قال : زهاء ثلاث مائة . أخرجه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسلم ، أيضا بمعناه ، والزوراء والبخاري بالمدينة عند السوق والمسجد .
وقال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عبد الرحمن بن زياد ، قال حدثني زياد بن نعيم الحضرمي ، قال : سمعت زياد بن الحارث الصدائي ، قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا طويلا منه : . فوضع كفه صلى الله عليه وسلم في الماء فرأيت بين إصبعين من أصابعه عينا تفور . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أستحيي من ربي لسقينا واستقينا عبد الرحمن ضعيف .
وهذه الأحاديث تدل على البركة في الماء غير مرة .
وقال إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : . أخرجه كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام . وأتي بإناء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم . فقال : حي على الطهور المبارك والبركة من السماء حتى توضأنا كلنا . البخاري
[ ص: 44 ] وقال أبو كدينة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، قال : وذكر الحديث . إسناده جيد . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء من ماء فجعل أصابعه في فم الإناء وفتح أصابعه ، فرأيت العيون تنبع من بين أصابعه ،
وقال ابن لهيعة : حدثنا أبو الأسود ، قال : قال عروة في نزوله صلى الله عليه وسلم بالحديبية : ففزعت قريش لنزوله عليهم ، فأحب أن يبعث إليهم رجلا . فدعا عمر ليبعثه فقال : إني لا آمنهم ، وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي ، فأرسل عثمان فإن عشيرته بها . فدعا عثمان فأرسله وقال : أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وادعهم إلى الإسلام . وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح . فانطلق عثمان فمر على قريش ببلدح . فقالت قريش : إلى أين ؟ فقال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم لأدعوكم إلى الإسلام ، ويخبركم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا . فدعاهم عثمان كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : قد سمعنا ما تقول فانفذ لحاجتك . وقام إليه فرحب به وأسرج فرسه ، فحمل عليه أبان بن سعيد بن العاص عثمان فأجاره ، وردفه أبان حتى جاء مكة . ثم إن قريشا بعثوا بديل بن ورقاء ; فذكر الحديث والصلح . وذكر أنهم أمن بعضهم بعضا وتزاوروا . فبينا هم كذلك ، وطوائف من المسلمين في المشركين ، إذ رمى رجل رجلا من الفريق الآخر . فكانت معاركة ، وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان وارتهن كل واحد من الفريقين من فيهم ، فارتهن المسلمون وغيره ، وارتهن المشركون سهيل بن عمرو عثمان وغيره .
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة . ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن [ ص: 45 ] روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالبيعة ، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا . فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا أبدا . فذكر القصة بطولها ، وفيها : فقال المسلمون وهم بالحديبية قبل أن يرجع : خلص عثمان بن عفان عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون " قالوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص ؟ قال : " ذلك ظني به أن لا يطوف بالكعبة حتى يطوف معنا " فرجع إليهم عثمان ، فقال المسلمون : اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ؟ فقال عثمان : بئس ما ظننتم بي ، فوالذي نفسي بيده لو مكثت بها مقيما سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت .
وقال البكائي ، عن ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل : " لا نبرح حتى نناجز القوم " فدعا الناس إلى البيعة . فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة . فكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت ، وكان جابر يقول : لم يبايعنا على الموت ، ولكن بايعنا على أن لا نفر .
وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدثني بعض آل عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بإحدى يديه على الأخرى ، وقال : هذه لي وهذه لعثمان إن كان حيا : ثم بلغهم أن ذلك باطل ، ورجع عثمان . ولم يتخلف عن بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة . قال جابر : والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد [ ص: 46 ] ضبأ إليها يستتر بها من الناس .
وقال الحسن بن بشر البجلي : حدثنا الحكم بن عبد الملك - وليس بالقوي قاله - عن النسائي قتادة ، عن أنس ، قال : عثمان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة . فبايع الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عثمان في حاجة الله ورسوله . فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم . لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان
وقال ابن عيينة : حدثنا أبو الزبير ، سمع جابرا يقول : لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة وجدنا رجلا منا يقال له الجد بن قيس مختبئا تحت إبط بعير . أخرجه مسلم من حديث ، عن ابن جريج وبه قال : أبي الزبير ، لم نبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الموت ، ولكن بايعناه على أن لا نفر .
أخرجه مسلم عن ابن أبي شيبة ، عن ابن عيينة ، وأخرجه من حديث الليث ، عن وقال : فبايعناه أبي الزبير ، وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة ، وهي سمرة .
وقال خالد الحذاء ، عن الحكم بن عبد الله الأعرج ، عن معقل بن يسار ، قال : . أخرجه لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ، ونحن أربع عشرة مائة . ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر مسلم .