روى نافع بن أبي نعيم ، عن نافع مولى ابن عمر ، قال : كانت [ ص: 104 ] عمرة القضية في ذي القعدة سنة سبع .
وقال معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ، بعث سرايا وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة . ثم نادى في الناس أن تجهزوا إلى العمرة ، فتجهزوا ، وخرجوا معه إلى مكة .
وقال ابن شهاب : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة حتى بلغ يأجج وضع الأداة كلها : الحجف والمجان والرماح والنبل ، ودخلوا بسلاح الراكب : السيوف . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفرا بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن العامرية فخطبها عليه ، فجعلت أمرها إلى العباس ، وكانت أختها تحته ، وهي أم الفضل فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما قدم أمر أصحابه ، فقال : اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ، ليرى المشركون جلدهم وقوتهم ، وكان يكايدهم بكل ما استطاع . فاستلف أهل مكة - الرجال والنساء والصبيان - ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهم يطوفون بالبيت ، يرتجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحا بالسيف يقول : وعبد الله بن رواحة
خلوا بني الكفار عن سبيله أنا الشهيد أنه رسوله قد أنزل الرحمن في تنزيله
في الصحف تتلى على رسوله فاليوم نضربكم على تأويله
كما ضربناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
وقال فليح ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا ، فحال كفار قريش بينه وبين البيت . فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية ، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ، ولا يحمل سلاحا إلا سيوفا ، ولا يقيم بها إلا ما أحبوا . فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما صالحهم ، فلما أن قام بها ثلاثا أمروه أن يخرج ، فخرج . أخرجه . البخاري
وقال الواقدي : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن شرطا على المسلمين أن يعتمروا قابل في الشهر الذي صدهم المشركون .
[ ص: 106 ] وقال عن محمد بن سلمة ، ابن إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، سمعت أبا حاضر الحضرمي يحدث أبي ميمون بن مهران ، قال : خرجت معتمرا سنة حوصر ابن الزبير ، وبعث معي رجال من قومي بهدي ، فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا أن ندخل الحرم ، فنحرت الهدي مكاني ، ثم أحللت ثم رجعت . فلما كان من العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي ، فأتيت ابن عباس فسألته ، فقال : الحديبية في عمرة القضاء . زاد فيه يونس عن أبدل الهدي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام ابن إسحاق ، قال : فعزت الإبل عليهم ، فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقر .
وقال الواقدي : حدثني غانم بن أبي غانم ، عن عن عبد الله بن دينار ، ابن عمر ، قال : قد ساق النبي صلى الله عليه وسلم ، في القضية ستين بدنة . قال : ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران ، وقدم السلاح إلى بطن يأجج ، حيث ينظر إلى أنصاب الحرم . وتخوفت قريش ، فذهبت في رءوس الجبال وخلوا مكة .
وقال معمر ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : مكة في عمرة القضاء ، مشى ابن رواحة بين يديه وهو يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله قد نزل الرحمن في تنزيله
بأن خير القتل في سبيله نحن قتلناكم على تأويله
كما قتلناكم على تنزيله يا رب إني مؤمن بقيله
وقال : أخبرنا يزيد بن هارون الجريري ، عن قال : أبي الطفيل ، : إن قومك يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل وأنها سنة . قال : صدقوا وكذبوا ; إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم لابن عباس مكة والمشركون على قعيقعان ، وكان أهل مكة قوما حسدا ، فجعلوا يتحدثون بينهم أن أصحاب محمد ضعفاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أروهم ما يكرهون منكم . فرمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليريهم قوته وقوة أصحابه . وليست بسنة . أخرجه مسلم . قلت
وقد بقي ; وإن كان قد زالت علته فإن الرمل سنة في طواف القدوم جابرا قد حكى في حجة النبي صلى الله عليه وسلم رمله ، ورملوا في عمرة الجعرانة .
وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن ابن أبي أوفى سمعه يقول : اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنا نستره - حين طاف - من صبيان مكة لا يؤذونه . وأرانا ابن أبي أوفى ضربة أصابته مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر . . البخاري