زيد بن حارثة
وأما ترجمة أبو أسامة زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 131 ] ; فإنه من كبار السابقين الأولين وكان من الرماة المذكورين . آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين وأول من آمن به من الموالي حمزة بن عبد المطلب ، وعاش خمسا وخمسين سنة ، وهو الذي سمى الله في كتابه في قوله : ( فلما قضى زيد منها وطرا ) يعني من زينب بنت جحش : ( زوجناكها ( 37 ) ) [ الأحزاب ] . زيد ابن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت : ( وكان المسلمون يدعونه ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ( 40 ) ) [ الأحزاب ] . وقال تعالى : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ( 4 ) ) [ الأحزاب ] . وقال ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ( 5 ) ) [ الأحزاب ] .
روى عن زيد ابنه أسامة وأخوه جبلة .
واختلف في سنه ، فروى الواقدي أن محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد حدثه ، عن أبيه ، قال : كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عشر سنين; رسول الله أكبر منه ، وكان قصيرا شديد الأدمة أفطس . زيد بن حارثة
قال محمد بن سعد : كذا صفته في هذه الرواية ، وجاءت من وجه آخر أنه كان أبيض وكان ابنه أسود . ولذلك أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز المدلجي القائف : " إن هذه الأقدام بعضها من بعض " .
قلت : وعلى هذه الرواية أيضا يكون عمره خمسين سنة أو نحوها .
وقال : إن أبو إسحاق السبيعي أغارت عليه خيل من زيد بن حارثة تهامة ، فوقع إلى خديجة فاشترته ، ثم وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم . ويروى أنها اشترته بسبع مائة درهم .
[ ص: 132 ] وقال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبله .
وقال : حدثنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله ، ابن عمر ، قال : ما كنا ندعو زيدا إلا زيد بن محمد . فنزلت : ( ادعوهم لآبائهم ( 5 ) ) [ الأحزاب ] .
وقال عن يزيد بن أبي عبيد قال : غزوت مع سلمة بن الأكوع سبع غزوات ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمره علينا . كذا رواه زيد بن حارثة الفسوي عن أبي عاصم عن يزيد .
وقال ابن عيينة : أخبرنا سمع عبد الله بن دينار ، ابن عمر يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة على قوم ، فطعن الناس فى إمارته . فقال : " إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه ، وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن ابنه هذا لأحب الناس إلي بعده " .
وقال ابن إسحاق ، عن عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، محمد بن أسامة ، عن أبيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي : " زيد أنت مولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي " . يا
[ ص: 133 ] وقال محمد بن عبيد : حدثنا إسماعيل ، عن مجالد ، عن عامر ، عن عائشة أنها كانت تقول : " لو أن زيدا كان حيا لاستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورواه محمد بن عبيد مرة أخرى ، فقال : حدثنا وائل بن داود ، عن البهي ، عن عائشة ، قالت : ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قط إلا أمره عليهم ، ولو بقي بعده استخلفه . زيد بن حارثة
وقال عن حسين بن واقد ، عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة ، فقلت : لمن أنت ؟ قالت : لزيد بن حارثة .
إسناده حسن ، رواه الروياني في مسنده . ورواه حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد يرفعه .
وقال حماد بن زيد ، عن خالد بن سلمة المخزومي ، قال : أصيب زيد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم منزله ، فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى حتى انتحب . فقال له سعد بن عبادة : يا رسول الله ، ما هذا ؟ قال : " شوق الحبيب إلى حبيبه "