وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، البراء ، وقال له رجل : يا أبا عمارة ، أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ فقال : لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 199 ] لم يفر ، إن هوازن كانوا رماة ، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا ، فأقبل الناس على الغنائم ، فاستقبلونا بالسهام ، فانهزم الناس فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، آخذ بلجام بغلته ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : وأبو سفيان بن الحارث
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب متفق عليه . سمع
وأخرجه البخاري ومسلم ، من حديث زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، وفيه : ولكن خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم كبير سلاح ، فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم . وزاد فيه مسلم ، من حديث زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق : اللهم نزل نصرك . قال : وكنا إذا حمي البأس نتقي به صلى الله عليه وسلم .
وقال هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن سعيد بن العاص ، قال : أخبرني سيابة بن عاصم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين : " أنا ابن العواتك " .
وقال أبو عوانة ، عن قتادة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض مغازيه : " أنا ابن العواتك " .
وقال يونس ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني كثير بن العباس بن عبد المطلب ، قال : العباس : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء ، أهداها له وأبو سفيان بن الحارث ، فروة بن نفاثة الجذامي ، فلما التقى المسلمون والكفار ، ولى [ ص: 200 ] المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار ، وأنا آخذ بلجامها ، أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركابه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أي عباس ، ناد أصحاب السمرة . فقال عباس - وكان رجلا صيتا - فقلت بأعلى صوتي : أي أصحاب السمرة . قال : فوالله ، لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي ، عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبيكاه ، يا لبيكاه . فاقتتلوا هم والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار ، يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج ، يا بني الحارث بن الخزرج . فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته ، كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال : " هذا حين حمي الوطيس " ثم أخذ حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار ، ثم قال : " انهزموا ورب محمد " فذهبت أنظر ، فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته ، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا . أخرجه قال مسلم .
وروى معمر ، عن الزهري ، عن كثير ، نحوه ، لكن قال : فروة بن نعامة الجذامي ، وقال : " انهزموا ورب الكعبة " .
وقال : حدثني عكرمة بن عمار إياس بن سلمة ، قال : حدثني أبي ، قال : حنينا ، فلما واجهنا العدو ، تقدمت فأعلو ثنية فأستقبل رجلا من العدو فأرميه بسهم ، وتوارى عني ، فما دريت ما صنع . ثم نظرت إلى القوم ، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى ، فالتقوا هم والمسلمون فولى المسلمون ، فأرجع منهزما ، وعلي بردتان متزر بإحداهما ، مرتد بالأخرى . ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء ، فقال : لقد رأى ابن الأكوع فزعا . فلما غشوا رسول الله [ ص: 201 ] صلى الله عليه وسلم نزل من البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب ، ثم استقبل به وجوههم ، فقال : " شاهت الوجوه " فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا من تلك القبضة ، فولوا مدبرين . وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين . أخرجه غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلم .
وقال أبو داود في مسنده : حدثنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن يسار ، أبي عبد الرحمن الفهري ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين ، فذكر الحديث ، وفيه : فحدثني من كان أقرب إليه مني أنه أخذ حفنة من تراب ، فحثا بها في وجوه القوم ، وقال : " شاهت الوجوه " قال يعلى بن عطاء : فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب ، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست ، فهزمهم الله . عن
وقال عبد الواحد بن زياد : حدثنا الحارث بن حصيرة ، قال : حدثنا القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : قال ابن مسعود : المهاجرين والأنصار ، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة . قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قدما ، فحادت بغلته ، فمال عن السرج ، فشد نحوه ، فقلت : ارتفع ، رفعك الله . قال : " ناولني كفا من تراب " فناولته ، فضرب به وجوههم ، فامتلأت أعينهم ترابا . قال : " أين المهاجرون والأنصار " ؟ فقلت : هم هاهنا . قال : " اهتف بهم " فهتفت بهم ، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنهم الشهب ، وولى المشركون [ ص: 202 ] أدبارهم . كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فولى عنه الناس ، وبقيت معه في ثمانين رجلا من
وقال في تاريخه : حدثنا البخاري أبو عاصم ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، قال : أخبرني عبد الله بن عياض بن الحارث ، عن أبيه ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا ، فقتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء فرمى به وجوهنا ، فانهزمنا .
وقال جعفر بن سليمان : حدثنا عوف ، قال : حدثنا عبد الرحمن مولى أم برثن ، عمن شهد حنينا كافرا ، قال : لما التقينا والمسلمون لم يقوموا لنا حلب شاة ، فجئنا نهش سيوفنا بين يدي رسول الله ، حتى إذا غشيناه إذا بيننا وبينه رجال حسان الوجوه ، فقالوا : شاهت الوجوه ، فارجعوا . فهزمنا من ذلك الكلام . إسناده جيد .
وقال وغيره : حدثني الوليد بن مسلم ، ابن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن قال : شيبة بن عثمان ، لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قد عري ، ذكرت أبي وعمي ، وقتل علي وحمزة إياهما . فقلت : اليوم أدرك ثأري من محمد . فذهبت لأجيئه عن يمينه ، فإذا أنا بالعباس قائم ، عليه درع بيضاء كأنها فضة يكشف عنها العجاج ، فقلت : عمه ولن يخذله . قال : ثم جئته عن يساره ، فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث ، فقلت : ابن عمه ولن يخذله . قال : ثم جئته من خلفه فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف ، إذ رفع لي شواظ من نار بيني وبينه كأنه برق ، فخفت يمحشني ، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقري . والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا شيب يا شيب ، ادن مني . [ ص: 203 ] اللهم أذهب عنه الشيطان " . فرفعت إليه بصري ، فلهو أحب إلي من سمعي وبصري . وقال : " يا شيب ، قاتل الكفار " غريب جدا .
وقال أيوب بن جابر ، عن صدقة بن سعيد ، عن مصعب بن شيبة ، عن أبيه ، قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما أخرجني إسلام ، ولكن أنفت أن تظهر هوازن على قريش . فقلت وأنا واقف معه : يا رسول الله ، إني أرى خيلا بلقا . قال : " يا شيبة ، إنه لا يراها إلا كافر " فضرب يده على صدري ، ثم قال : " اللهم اهد شيبة " فعل ذلك ثلاثا ، حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه . وذكر الحديث .
وقال ابن إسحاق : وقال مالك بن عوف ، يذكر مسيرهم بعد إسلامه :
اذكر مسيرهم للناس إذ جمعوا فوقه الرايات تختفق ومالك مالك ما فوقه أحد يومي ومالك حنين عليه التاج يأتلق حتى لقوا الناس خير الناس يقدمهم عليهم البيض والأبدان والدرق فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا حول النبي وحتى جنه الغسق حتى تنزل جبريل بنصرهم فالقوم منهزم منهم ومعتنق منا ولو غير جبريل يقاتلنا لمنعتنا إذا أسيافنا الغلق وقد وفى عمر الفاروق إذ هزموا بطعنة بل منها سرجه العلق وقال مالك ، في الموطأ ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمر بن كثير بن أفلح ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة ، عن ، قال : أبي قتادة حنين ، فلما التقينا كان للمسلمين جولة . قال : فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين ، فاستدرت له [ ص: 204 ] فضربته بالسيف على حبل عاتقه ، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، ثم أدركه الموت فأرسلني . فأدركت عمر فقلت : ما بال الناس ؟ قال : أمر الله . ثم إن الناس رجعوا ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه " فقمت ثم قلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست . ثم قال : " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه " فقمت ثم قلت : من يشهد لي . ثم الثالثة ، فقمت ، فقال : " ما لك يا أبا قتادة " ؟ فاقتصصت عليه القصة . فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه منه . فقالأبو بكر الصديق : لاها الله إذا ، يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله ، فيعطيك سلبه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق فأعطه إياه " فأعطانيه . فبعت الدرع ، فابتعت به مخرفا في بني سلمة . فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام . أخرجه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام ، البخاري وأبو داود عن القعنبي ، ومسلم .
وقال حماد بن سلمة ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أنس : حنين : " من قتل قتيلا فله سلبه " فقتل يومئذ أبو طلحة عشرين رجلا وأخذ أسلابهم . صحيح . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
وبه ، أنس ، قال : لقي أبو طلحة أم سليم يوم حنين ومعها خنجر ، فقال : يا أم سليم ، ما هذا ؟ قالت : أردت إن دنا مني بعضهم أن [ ص: 205 ] أبعج به بطنه . فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . أخرجه عن مسلم .