بني سعد وافد
قال ابن إسحاق ، عن محمد بن الوليد ، عن كريب ، ابن عباس : بعثت بنو سعد بن بكر ، ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان جلدا أشعر ذا غديرتين ، فأقبل حتى وقف فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ فقال : أنا . فقال : أنت محمد ؟ قال : " نعم " قال : إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن في نفسك . أنشدك الله [ ص: 274 ] إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد ؟ قال : " اللهم نعم " قال : فأنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس ؟ قال : " نعم " ثم جعل يذكر فرائض الإسلام ينشده عند كل فريضة . ثم قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص .
ثم انصرف إلى بعيره راجعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة " فقدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال : باست اللات والعزى . قالوا : مه يا ضمام ، اتق البرص ، اتق الجنون . قال : ويلكم ، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان . إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه .
قال : فوالله ما أمسى ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما . عن
قال : يقول ابن عباس : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام .
وقال إسحاق بن أبي إسرائيل المروزي : حدثني حمزة بن الحارث بن عمير ، قال : حدثنا أبي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد ، عن قال : أبي هريرة ، ضمام بن ثعلبة . فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 275 ] " فقه الرجل " قال : فكان جاء رجل من أهل البادية إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أنشدك برب من قبلك ورب من بعدك ، آلله أرسلك ؟ وذكر الحديث ، وفيه : فإني قد آمنت وصدقت ، وأنا عمر يقول : ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة . الحارث بن عمير ضعيف ، وقصة ضمام في الصحيحين من حديث أنس .
قال ابن إسحاق : وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو أخو بني عبد القيس - قال عبد الملك بن هشام : وكان نصرانيا - فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام . فقال : يا محمد ، تضمن لي ديني ؟ قال : " نعم ، قد هداك الله إلى ما هو خير منه " قال : فأسلم ، وأسلم أصحابه .