[ ص: 428 ] باب
سلاح النبي صلى الله عليه وسلم ودوابه وعدته
أخبرنا عمر بن عبد المنعم قراءة ، عن أبي القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي ، عن أبي القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ قال : أخبرنا سليمان بن إبراهيم الحافظ ، وعبد الله بن محمد النيلي قالا : أخبرنا علي بن القاسم المقرئ قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي قال : كان سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار ، وكان سيفا أصابه يوم بدر . وكان له سيف ورثه من أبيه . وأعطاه سعد بن عبادة سيفا يقال له العضب . وأصاب من سلاح بني قينقاع سيفا قلعيا ، وفي رواية كان يقال له البتار واللخيف ، وكان له المخذم ، والرسوب ، وكانت ثمانية أسياف .
وقال شيخنا شرف الدين الدمياطي : أول سيف ملكه سيف يقال له : المأثور ، وهو الذي يقال إنه من عمل الجن ، ورثه من أبيه ، فقدم به في هجرته إلى المدينة . وأرسل إليه سعد بن عبادة بسيف يدعى " العضب " حين سار إلى بدر . وكان له ذو الفقار ، لأنه كان في وسطه مثل فقرات الظهر ، صار إليه يوم بدر ، وكان للعاص بن منبه أخي نبيه [ ص: 429 ] ابني الحجاج بن عامر السهمي - قتل العاص وأبوه وعمه كفارا يوم بدر - وكانت قبيعته ، وقائمته ، وحلقته ، وذؤابته ، وبكراته ، ونعله ، من فضة . والقائمة هي الخشبة التي يمسك بها ، وهي القبضة .
وروى الترمذي . من حديث هود بن عبد الله بن سعد بن مزيدة ، عن جده مزيدة قال : . دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، وعلى سيفه ذهب وفضة
وهو - بالكسر جمع فقرة ، وبالفتح جمع فقارة - سمي بذلك لفقرات كانت فيه ، وهي حفر كانت في متنه حسنة . ويقال : كان أصله من حديدة وجدت مدفونة عند الكعبة من دفن جرهم ، فصنع منها ذو الفقار وصمصامة عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، التي وهبها . لخالد بن سعيد بن العاص
وأخذ من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف : سيفا قلعيا ، منسوب إلى مرج القلعة - بالفتح - موضع بالبادية ، والبتار ، والحنف ، وكان عنده بعد ذلك الرسوب - من رسب في الماء إذا سفل - والمخذم وهو القاطع ، أصابهما من الفلس : صنم كان لطيئ ، وسيف يقال له القضيب ، وهو فعيل بمعنى فاعل ، والقضب : القطع .
وذكر الترمذي ، عن ابن سيرين قال : صنعت سيفي على سيف سمرة ، وزعم سمرة أنه صنعه على سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان حنفيا .
رواه عثمان بن سعد ، عن ابن سيرين ، وليس بالقوي ، وهو الذي روى عن أنس
والحنف : الاعوجاج . أن قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم كانت من فضة .
قال شيخنا : وكانت له صلى الله عليه وسلم درع يقال لها ذات الفضول ، لطولها ، [ ص: 430 ] أرسل بها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر . وذات الوشاح وهي الموشحة ، وذات الحواشي ، ودرعان من بني قينقاع ، وهما السغدية وفضة ، وكانت السغدية درع عكير القينقاعي ، وهي درع داود عليه الصلاة والسلام التي لبسها حين قتل جالوت .
ودرع يقال لها البتراء ، ودرع يقال لها الخرنق ، والخرنق ولد الأرنب . ولبس يوم أحد درعين ذات الفضول وفضة . وكان عليه يوم خيبر : ذات الفضول والسغدية .
وقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير ، أخذها قوتا لأهله .
وقال عبيس بن مرحوم العطار : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن ، عن أبيه ، قال : جعفر بن محمد كان في درع رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقتان من فضة في موضع الصدر ، وحلقتان من خلف ظهره ، قال محمد بن علي : فلبستها فجعلت أخطها في الأرض .
قال شيخنا : وكان له خمسة أقواس : ثلاث من سلاح بني قينقاع ، وقوس تدعى الزوراء ، وقوس تدعى الكتوم ، وكانت جعبته تدعى الكافور .
وكانت له منطقة من أديم مبشور ، فيها ثلاث حلق من فضة ، وترس يقال له الزلوق ، يزلق عنه السلاح ، وترس يقال له العنق ، وأهدي له ترس فيه تمثال عقاب أو كبش ، فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال .
وأصاب ثلاثة أرماح من سلاح بني قينقاع . وكان له رمح يقال له [ ص: 431 ] المثوي ، وآخر يقال له المتثني ، وحربة اسمها البيضاء ، وأخرى صغيرة كالعكاز .
وكان له مغفر من سلاح بني قينقاع ، وآخر يقال له السبوغ .
وكانت له راية سوداء مربعة من نمرة مخملة ، تدعى العقاب .
وأخرج أبو داود ، من حديث ، عن رجل من قومه ، عن آخر قال : سماك بن حرب . رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء ، وكانت ألويته بيضا . وربما جعل فيها الأسود ، وربما كانت من خمر بعض أزواجه
وكان فسطاطه يسمى الكن .
وكان له محجن قدر ذراع أو أكثر ، يمشي ويركب به ، ويعلقه بين يديه على بعيره .
وكانت له مخصرة تسمى العرجون ، وقضيب يسمى الممشوق .
واسم قدحه الريان . وكان له قدح مضبب غير الريان ، يقدر أكثر من نصف المد .
وقال ابن سيرين ، عن أنس : . أخرجه إن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر ، واتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة . البخاري
وكان له قدح من زجاج ، وتور من حجارة ، يتوضأ منه كثيرا ، ومخضب من شبه .
وركوة تسمى الصادرة ، ومغسل من صفر ، وربعة أهداها له المقوقس ، يجعل فيها المرآة ، ومشطا من عاج ، والمكحلة ، والمقص ، والسواك .
[ ص: 432 ] وكانت له نعلان سبتيتان ، وقصعة ، وسرير ، وقطيفة . وكان يتبخر بالعود والكافور .
وقال بإسنادي الماضي إليه : يقال : ترك يوم توفي صلى الله عليه وسلم ثوبي حبرة ، وإزارا عمانيا ، وثوبين صحاريين ، وقميصا صحاريا ، وقميصا سحوليا ، وجبة يمنية ، وخميصة ، وكساء أبيض ، وقلانس صغارا ثلاثا أو أربعا ، وإزارا طوله خمسة أشبار ، وملحفة يمنية مورسة . ابن فارس
وأكثر هذا الباب كما ترى بلا إسناد ، نقله هكذا ، وشيخنا ابن فارس الدمياطي ، فالله أعلم هل هو صحيح أم لا ؟
وأما دوابه فروى من حديث البخاري ، عن أبيه ، عباس بن سهل بن سعد . كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له اللحيف
وروى عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد - وهو ضعيف - عن أبيه ، عن جده قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أفراس يعلفهن عند أبي سعد بن سعد الساعدي ، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يسميهن : اللزاز ، والظرب ، واللحيف . رواه الواقدي عنه ، وزاد في الحديث بالسند : فأما لزاز فأهداه له المقوقس ، وأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبي البراء ، فأثابه عليه فرائض من نعم بني كلاب ، وأما الظرب فأهداه له فروة بن عمرو الجذامي .
واللزاز من قولهم : لاززته أي : لاصقته ، والملزز : المجتمع الخلق .
[ ص: 433 ] والظرب : واحد الظراب وهي الروابي الصغار ، سمي به لكبره وسمنه ، وقيل لقوته ، وقاله الواقدي بطاء مهملة ، وقال : سمي الطرب لتشوفه وحسن صهيله .
واللحيف : بمعنى لاحف ، كأنه يلحف الأرض بذنبه لطوله ، وقيل : اللحيف ، مصغرا .
وأول فرس ملكه : السكب ، وكان اسمه عند الأعرابي الضرس ، فاشتراه منه بعشر أواقي ، أول ما غزا عليه أحدا ، ليس مع المسلمين غيره ، وفرس . وكان له فرس يدعى المرتجز ، سمي به لحسن صهيله ، وكان أبيض . والفرس إذا كان خفيف الجري فهو سكب وفيض كانسكاب الماء . لأبي بردة بن نيار
وأهدى له فرسا يدعى الورد ، فأعطاه تميم الداري عمر .
والورد : بين الكميت والأشقر .
وكانت له فرس تدعى سبحة ، من قولهم : طرف سابح ، إذا كان حسن مد اليدين في الجري .
قال الدمياطي : فهذه سبعة أفراس متفق عليها ، وذكر بعدها خمسة عشر فرسا مختلف فيها ، وقال : قد شرحناها في " كتاب الخيل " .
قال : وكان سرجه دفتاه من ليف .
وكانت له بغلة أهداها له المقوقس ، شهباء يقال لها : دلدل ، مع حمار يقال له : عفير ، وبغلة يقال له : فضة ، أهداها له فروة الجذامي ، مع حمار يقال له يعفور ، فوهب البغلة لأبي بكر ، وبغلة أخرى .
قال أبو حميد الساعدي : ابن العلماء صاحب غزونا تبوك ، فجاء رسول أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب ، وأهدى له بغلة بيضاء ، فكتب [ ص: 434 ] إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بردة ، وكتب له ببحرهم . والحديث في الصحاح .
وقال ابن سعد : دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة سندس . وفي إسناده وبعث صاحب ، وهو ضعيف . عبد الله بن ميمون القداح
ويقال : إن كسرى أهدى له بغلة وهذا بعيد ، لأنه - لعنه الله - مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم .
وكانت له الناقة التي هاجر عليها من مكة ، تسمى القصواء ، والعضباء ، والجدعاء ، وكانت شهباء .
وقال ، عن أيمن بن نابل قدامة بن عبد الله قال : . حديث حسن . رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة صهباء يرمي الجمرة ، لا ضرب ، ولا طرد ، ولا إليك إليك
الصهباء : الشقراء :
غطفان وفزارة ، فاستنقذها وكانت له صلى الله عليه وسلم لقاح أغارت عليها وجاء بها يسوقها . أخرجه سلمة بن الأكوع . وهو من الثلاثيات . البخاري
وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى يوم الحديبية جملا في أنفه برة من فضة ، كان غنمه من أبي جهل يوم بدر ، أهداه ليغيظ بذلك المشركين إذا رأوه ، وكان مهريا يغزو عليه ويضرب في لقاحه .
وقيل : كان له صلى الله عليه وسلم عشرون لقحة بالغابة ، يراح إليه منها كل ليلة بقربتين من لبن .
وكانت له خمس عشرة لقحة ، يرعاها يسار مولاه الذي قتله [ ص: 435 ] العرنيون واستاقوا اللقاح ، فجيء بهم فسملهم .
وكان له من الغنم مائة شاة ، لا يريد أن تزيد ، كلما ولد الراعي بهمة ذبح مكانها شاة .