[ ص: 489 ] باب تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم  
قال إبو إسحاق  ، عن عمرو بن الحارث الخزاعي أخي جويرية  قال : والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا ، ولا أمة ، ولا شيئا إلا بغلته البيضاء ، وسلاحه ، وأرضا تركها صدقة  . أخرجه  البخاري   . 
وقال الأعمش  ، عن أبي وائل  ، عن مسروق  ، عن عائشة ،  قالت : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ، ولا درهما ، ولا شاة ، ولا بعيرا ، ولا أوصى بشيء  . مسلم   . 
وقال مسعر  ، عن عاصم  ، عن زر  قالت عائشة   : تسألوني عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا ، ولا وليدة  . 
وقال عروة  ، عن عائشة ،  قالت : لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي إلا شطر شعير ، فأكلت منه حتى ضجرت ، فكلته ففني ، وليتني لم أكله  . متفق عليه . 
وقال الأسود  ، عن عائشة   : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير  . أخرجه  البخاري   . 
وأما البرد الذي عند الخلفاء آل العباس  ، فقد قال  يونس بن بكير  ،  [ ص: 490 ] عن ابن إسحاق  في قصة غزوة تبوك  أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أهل أيلة   برده مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم ، فاشتراه أبو العباس عبد الله بن محمد   - يعني السفاح - بثلاثمائة دينار  . 
وقال ابن عيينة  ، عن الوليد بن كثير  ، عن حسن بن حسين  ، عن فاطمة بنت الحسين ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وله بردان في الحف يعملان  . هذا مرسل ، والحف هي الخشبة التي يلف عليها الحائك وتسمى المطواة . 
وقال زمعة بن صالح  ، عن أبي حازم  ، عن سهل بن سعد  قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله جبة صوف في الحياكة  . إسناده صالح . 
وقال الزهري   : حدثني عروة  ، أن عائشة  أخبرته أن  فاطمة بنت رسول الله  صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر  تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله ، وفاطمة  حينئذ تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة  وفدك ،  وما بقي من خمس خيبر ،  فقال أبو بكر   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا نورث ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد  من هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يزيدوا على المأكل " ، وإني والله لا أغير صدقات النبي صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، وأبى أبو بكر  أن يدفع إلى فاطمة  منها شيئا ، فوجدت فاطمة  على أبي بكر  من ذلك ، وذكر الحديث . رواه  البخاري   . 
وقال أبو بردة   : دخلت على عائشة  فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن ،  وكساء من هذه التي تدعونها الملبدة ، فأقسمت بالله لقد  [ ص: 491 ] قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين  . متفق عليه . 
وقال الزهري : حدثني علي بن الحسين  أنهم حين قدموا المدينة  مقتل الحسين  لقيه المسور بن مخرمة  ، فقال له : هل لك إلي من حاجة تأمرني بها ؟ قلت : لا . قال : هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه ، وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أحد حتى يبلغ نفسي  . اتفقا عليه . 
وقال  عيسى بن طهمان   : أخرج إلينا أنس  نعلين جرداوين لهما قبالان ، فحدثني ثابت  بعد عن أنس  أنهما نعلا النبي صلى الله عليه وسلم  . رواه  البخاري   . 
وقال  سعيد بن أبي عروبة  ، عن قتادة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خمس عشرة امرأة ، ودخل بثلاث عشرة ، واجتمع عنده منهن إحدى عشرة ، وقبض عن تسع  . 
فأما اللتان لم يدخل بهن فأفسدهما النساء فطلقهما ، وذلك أن النساء قلن لإحداهما : إذا دنا منك فتمنعي ، فتمنعت ، فطلقها ، وأما الأخرى فلما مات ابنه إبراهيم  قالت : لو كان نبيا ما مات ابنه ، فطلقها . 
وخمس منهن من قريش   : عائشة ،   وحفصة ،   وأم حبيبة ،   وأم سلمة ،   وسودة بنت زمعة   . 
وميمونة بنت الحارث الهلالية  ، وجويرية بنت الحارث الخزاعية  ، وزينب بنت جحش الأسدية  ، وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية   . 
قبض صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء رضي الله عنهن . 
 [ ص: 492 ] روى  داود بن أبي هند  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج قتيلة أخت الأشعث بن قيس ،  فمات قبل أن يخبرها ، فبرأها الله منه  . 
وقال إبراهيم بن الفضل   : حدثنا حماد بن سلمة  ، عن  داود بن أبي هند  ، عن الشعبي  أن  عكرمة بن أبي جهل  تزوج  قتيلة بنت قيس ،  فأراد أبو بكر  أن يضرب عنقه ، فقال له عمر   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرض لها ولم يدخل بها ، وارتدت مع أخيها فبرئت من الله ورسوله ، فلم يزل به حتى كف عنه  . 
وأما الواقدي  فروى عن ابن أبي الزناد  ، عن هشام  ، عن أبيه ، أن  الوليد بن عبد الملك  كتب إليه يسأله : هل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم قتيلة أخت الأشعث  ؟ فقال : ما تزوجها قط ، ولا تزوج كندية إلا أخت بني الجون ،  فلما أتي بها وقدمت المدينة  نظر إليها فطلقها ولم يبن بها  . 
ويقال : إنها فاطمة بنت الضحاك   : فحدثني محمد بن عبد الله  ، عن الزهري  قال : هي فاطمة بنت الضحاك ،  استعاذت منه فطلقها ، فكانت تلقط البعر وتقول : أنا الشقية . تزوجها في سنة ثمان وتوفيت سنة ستين . 
وقال ابن إسحاق   : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت كعب الجونية ،  فلم يدخل بها حتى طلقها  . 
وتزوج عمرة بنت يزيد ،  وكانت قبله عند الفضل بن العباس بن عبد المطلب   . 
كذا قال ، وهذا شيء منكر . فإن الفضل  يصغر عن ذلك . 
 [ ص: 493 ] وعن قتادة  قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن  أسماء بنت النعمان الجونية ،  فلما دخل بها دعاها ، فقالت : تعال أنت ، فطلقها  . 
وقال الواقدي   : حدثني عبد الله بن جعفر  ، عن عمرو بن صالح  ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى  قال : استعاذت الجونية منه ، وقيل لها : " هو أحظى لك عنده " ، وإنما خدعت لما روي من جمالها وهيئتها ، ولقد ذكر له صلى الله عليه وسلم من حملها على ما قالت له ، فقال : " إنهن صواحب يوسف   " . وذلك سنة تسع . 
وقال  هشام بن الكلبي  ، عن أبيه ، عن أبي صالح  ، عن ابن عباس  قال : لما استعاذت أسماء بنت النعمان  من النبي صلى الله عليه وسلم خرج مغضبا ، فقال له الأشعث بن قيس   : لا يسوءك الله يا رسول الله ، ألا أزوجك من ليس دونها في الجمال والحسب ؟ فقال : " من " ؟ قال : أختي قتيلة   . قال : " قد تزوجتها  " ، فانصرف الأشعث  إلى حضرموت  ثم حملها ، فبلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فردها وارتدت معه . 
ويروى عن قتادة  وغيره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج سناء بنت الصلت السلمية ،  فماتت قبل أن يصل إليها  . 
وعن ابن عمر  من وجه لا يصح ، قال : كان في نساء النبي صلى الله عليه وسلم سناء بنت سفيان الكلابية   . وبعث أبا أسيد الساعدي  يخطب عليه امرأة من بني عامر ،  يقال لها عمرة بنت يزيد ،  فتزوجها ، ثم بلغه أن بها بياضا فطلقها  . 
قال الواقدي   : وحدثني أبو معشر  أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج مليكة بنت  [ ص: 494 ] كعب ،  وكانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة  فقالت : أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك ؟ فاستعاذت منه ، فطلقها فجاء قومها فقالوا : يا رسول الله إنها صغيرة ، ولا رأي لها ، وإنها خدعت فارتجعها . فأبى عليهم ، فاستأذنوه أن يزوجوها ، فأذن لهم . وأبوها قتله خالد  يوم الفتح  . 
وهذا حديث ساقط كالذي قبله . 
وأوهى منهما ما روى الواقدي  ، عن عبد العزيز الجندعي  ، عن أبيه ، عن عطاء الجندعي  قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم مليكة بنت كعب الليثي  في رمضان سنة ثمان ، ودخل بها ، فماتت عنده  . قال الواقدي   : وأصحابنا ينكرون ذلك . 
وقال عقيل  ، عن الزهري  أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني كلاب ،  ثم فارقها  . قال أحمد بن أبي خيثمة   : هي العالية بنت ظبيان  فيما بلغني . 
وقال  هشام بن الكلبي   : تزوج بالعالية بنت ظبيان  ، فمكثت عنده دهرا ، ثم طلقها ، حدثني ذلك رجل من بني كلاب .  
وروى المفضل الغلابي  ، عن علي بن صالح  ، عن علي بن مجاهد  قال : نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم خولة بنت هذيل الثعلبية ،  فحملت إليه من الشام ،  فماتت في الطريق ، فنكح خالتها شراف بنت فضالة ،  فماتت في الطريق أيضا  . 
ويروى عن سهل بن زيد الأنصاري  قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني غفار ،  فدخل بها ، فرأى بها بياضا من برص ، فقال : الحقي بأهلك ، وأكمل لها صداقها  . 
 [ ص: 495 ] هذا ونحوه إنما أوردته للتعجب لا للتقرير . 
ومن سراريه : مارية أم إبراهيم   . 
وقال الواقدي   : حدثني ابن أبي ذئب  ، عن الزهري  قال : كانت ريحانة  أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها ، فكانت تحتجب في أهلها ، وتقول : لا يراني أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  . 
قال الواقدي   : وهذا أثبت عندنا ، وكان زوج ريحانة  قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحكم   . وهي من بني النضير ،  فحدثنا عاصم بن عبد الله بن الحكم  ، عن عمر بن الحكم  قال : أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة ،  وكانت ذات جمال ، قالت : فتزوجني وأصدقني اثنتي عشرة أوقية ونشا ، وأعرس بي وقسم لي  . وكان معجبا بها ، توفيت مرجعه من حجة الوداع ، وكان تزويجه بها في المحرم سنة ست . 
وأخبرني عبد الله بن جعفر  ، عن ابن الهاد  ، عن ثعلبة بن أبي مالك  قال : كانت ريحانة من بني النضير ،  فسباها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعتقها وتزوجها وماتت عنده  . 
وقال ابن وهب   : أخبرنا يونس  ، عن ابن شهاب  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسر ريحانة  ثم أعتقها ، فلحقت بأهلها  . قلت : هذا أشبه وأصح . 
قال أبو عبيدة   : كان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ولائد : مارية ،  وريحانة من بني قريظة ،  وجميلة  فكادها نساؤه ، وكانت له جارية نفيسة وهبتها له زينب بنت جحش   . 
وقال زكريا بن أبي زائدة  ، عن الشعبي   ( ترجي من تشاء منهن   )  [ ص: 496 ]  [ الأحزاب ] قال : كان نساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل ببعضهن وأرجى بعضهن ، فلم ينكحن بعده ، منهن أم شريك ، يعني الدوسية   . 
وقال  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، قال : كنا نتحدث أن  أم شريك  كانت وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت امرأة صالحة  . 
وقال  هشام بن الكلبي  ، عن أبيه ، عن أبي صالح  ، عن ابن عباس   : أقبلت ليلى بنت الخطيم  إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض نفسها عليه ، قال : قد فعلت . فرجعت إلى قومها ، فقالت : قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : أنت امرأة غيرى تغارين من نسائه فيدعو عليك . فرجعت ، فقالت : أقلني . قال : " قد أقلتك  " . 
وقد خطب صلى الله عليه وسلم  أم هانئ بنت أبي طالب ،  وضباعة بنت عامر ،  وصفية بنت بشامة  ولم يقض له أن يتزوج بهن . 
آخر الترجمة النبوية . 
				
						
						
