أسامة بن زيد رضي الله عنهما جيش
قال ، عن أبيه ، قال : هشام بن عروة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه : " أنفذوا جيش أسامة ، فسار حتى بلغ الجرف ، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بن قيس تقول : لا تعجل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل ، فلم يبرح حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض رجع إلى أبي بكر ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني وأنا على غير حالكم هذه ، وأنا أتخوف أن تكفر العرب ، وإن كفرت كانوا أول من نقاتل ، وإن لم تكفر مضيت ، فإن معي سروات الناس وخيارهم ، قال : فخطب أبو بكر الناس ، ثم قال : والله لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبعثه أبو بكر ، واستأذن لعمر أن يتركه عنده ، وأمر أن يجزر في القوم ، أن يقطع الأيدي ، والأرجل والأوساط في القتال ، قال : [ ص: 33 ] فمضى حتى أغار ، ثم رجعوا وقد غنموا وسلموا .
فكان عمر يقول : ما كنت لأحيي أحدا بالإمارة غير أسامة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو أمير ، قال : فسار ، فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة فسترتهم ، حتى أغاروا وأصابوا حاجتهم ، قال : فقدم بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبرا واحدا ، فقالت الروم : ما بال هؤلاء ، يموت صاحبهم وأغاروا على أرضنا ؟ !
وعن الزهري ، قال : سار أسامة في ربيع الأول حتى بلغ أرض الشام وانصرف ، فكان مسيره ذاهبا وقافلا أربعين يوما .
وقيل كان ابن عشرين سنة .
وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قال : فلما فرغوا من البيعة ، واطمأن الناس قال أبو بكر : امض لوجهك . فكلمه رجال من لأسامة بن زيد المهاجرين والأنصار وقالوا : أمسك أسامة وبعثه ، فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنا أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد اجترأت على أمر عظيم ! والذي نفسي بيده لأن تميل علي العرب أحب إلي من أن أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم امض يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به ، ثم اغز حيث أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية فلسطين ، وعلى أهل مؤتة ، فإن الله سيكفي ما تركت ، ولكن إن رأيت أن تأذن لعمر فأستشيره وأستعين به فافعل ، ففعل أسامة . ورجع عامة العرب عن دينهم وعامة أهل المشرق وغطفان وأسد وعامة أشجع ، وتمسكت طيء بالإسلام .
[ ص: 34 ]