[ ص: 114 ] عمر بن عبد العزيز ( ع ) 
ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد أمير المؤمنين حقا أبو حفص  ، القرشي الأموي المدني ثم المصري ، الخليفة الزاهد الراشد أشج بني أمية   . 
حدث عن  عبد الله بن جعفر بن أبي طالب  ،  والسائب بن يزيد  ،  وسهل بن سعد  ، واستوهب منه قدحا شرب منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم بأنس بن مالك ،  فقال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا الفتى . 
وحدث أيضا عن  سعيد بن المسيب  ، وعروة  ،  وأبي سلمة بن عبد الرحمن  ، وأبي بكر بن عبد الرحمن  ، وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ  ،  وعامر بن سعد  ، ويوسف بن عبد الله بن سلام  ، وطائفة . وأرسل عن عقبة بن عامر  ،  وخولة بنت حكيم  ، وغيرهم . 
وكان من أئمة الاجتهاد ، ومن الخلفاء الراشدين -رحمة الله عليه- . 
حدث عنه أبو سلمة  أحد شيوخه ، وأبو بكر بن حزم ،   ورجاء بن حيوة  ،  وابن المنكدر  ،  والزهري  ، وعنبسة بن سعيد  ،  وأيوب السختياني  ، وإبراهيم بن عبلة  ، وتوبة العنبري  ،  وحميد الطويل  ، وصالح بن محمد بن زائدة الليثي  ،  [ ص: 115 ] وابنه عبد العزيز بن عمر  ، وأخوه زبان  ، وصخر بن عبد الله بن حرملة  ، وابنه عبد الله بن عمر  ، وعثمان بن داود الخولاني  ، وأخوه سليمان بن داود  ، وعمر بن عبد الملك  ، وعمر بن عامر البجلي  ، وعمرو بن مهاجر  ، وعمير بن هانئ العنسي  ، وعيسى بن أبي عطاء  الكاتب ، وغيلان بن أنس  ، وكاتبه ليث بن أبي رقية  ، وأبو هاشم مالك بن زياد  ، ومحمد بن أبي سويد الثقفي  ، ومحمد بن قيس القاص  ، ومروان بن جناح  ، ومسلمة بن عبد الملك الأمير  ،  والنضر بن عربي  ، وكاتبه نعيم بن عبد الله القيني  ، ومولاه هلال أبو طعمة  ، والوليد بن هشام المعيطي  ويحيى بن سعيد الأنصاري  ، ويعقوب بن عتبة بن المغيرة  ، وخلق سواهم . 
قال ابن سعد  في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة  فقال : أمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب   . قالوا : ولد سنة ثلاث وستين ، قال : وكان ثقة مأمونا ، له فقه وعلم وورع ، وروى حديثا كثيرا ، وكان إمام عدل -رحمه الله- ورضي عنه . 
وقال الزبير بن بكار   : وإخوته من أبويه عاصم  وأبو بكر  ومحمد   . 
وقال الفلاس   : سمعت الخريبي  يقول : الأعمش  ،  وهشام بن عروة  ،  وعمر بن عبد العزيز  ، وطلحة بن يحيى  ولدوا سنة مقتل الحسين  ، يعني سنة إحدى وستين ، وكذلك قال خليفة بن خياط  وغير واحد في مولده . 
وذكر صفته سعيد بن عفير   : أنه كان أسمر ، رقيق الوجه ، حسنه ، نحيف الجسم ، حسن اللحية ، غائر العينين ، بجبهته أثر نفحة دابة ، قد وخطه الشيب . 
وقال إسماعيل الخطبي   : رأيت صفته في بعض الكتب : كان أبيض ، رقيق الوجه ، جميلا ، نحيف الجسم ، حسن اللحية ، غائر العينين ، بجبهته أثر حافر  [ ص: 116 ] دابة ، فلذلك سمي أشج بني أمية  ، وقد وخطه الشيب . 
قال ضمرة بن ربيعة   : دخل عمر بن عبد العزيز  إلى إصطبل أبيه ، وهو غلام ، فضربه فرس ، فشجه ، فجعل أبوه يمسح عنه الدم ، ويقول : إن كنت أشج بني أمية  إنك إذا لسعيد . 
وروى ضمام بن إسماعيل  عن أبي قبيل : أن عمر بن عبد العزيز  بكى وهو غلام صغير ، فأرسلت إليه أمه ، وقالت ما يبكيك ؟ قال ذكرت الموت قال : وكان يومئذ قد جمع القرآن ، فبكت أمه حين بلغها ذلك  . 
أبو خيثمة   : حدثنا المفضل بن عبد الله  ، عن  داود بن أبي هند  قال : دخل علينا عمر بن عبد العزيز  من هذا الباب - يعني بابا من أبواب المسجد بالمدينة   - فقال رجل من القوم : بعث إلينا هذا الفاسق بابنه هذا يتعلم الفرائض والسنن ، وزعم أنه يكون خليفة بعده ، ويسير بسيرة  عمر بن الخطاب   -رضي الله عنه- . 
قال : فقال لنا داود   : فوالله ما مات حتى رأينا ذلك فيه . 
قيل : إن عمر بن الخطاب  قال : إن من ولدي رجلا ، بوجهه شتر ، يملأ الأرض عدلا  . 
 مبارك بن فضالة  ، عن عبيد الله بن عمر  ، عن نافع  قال : قال ابن عمر   : يا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر  يملؤها عدلا ، كما ملئت ظلما وجورا  . 
سعيد بن عفير   : حدثنا يعقوب  ، عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان  بعث ابنه عمر  إلى المدينة  يتأدب بها ، وكتب إلى صالح بن كيسان  يتعاهده ، وكان يلزمه الصلوات ، فأبطأ يوما عن الصلاة ، فقال : ما حبسك ؟ قال : كانت مرجلتي تسكن شعري ، فقال : بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة ، وكتب بذلك إلى والده ، فبعث عبد العزيز  رسولا إليه فما كلمه حتى حلق شعره  [ ص: 117 ] وكان عمر بن عبد العزيز  يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله  ، يسمع منه العلم ، فبلغ عبيد الله  أن عمر  يتنقص عليا  ، فأقبل عليه ، فقال : متى بلغك أن الله -تعالى- سخط على أهل بدر  بعد أن رضي عنهم ، قال : فعرف ما أراد ، فقال معذرة إلى الله وإليك ، لا أعود . فما سمع عمر  بعدها ذاكرا عليا   -رضي الله عنه- إلا بخير . 
نقل الزبير بن بكار  عن العتبي   : أن أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز  أن أباه ولي مصر  ، وهو حديث السن ، يشك في بلوغه ، فأراد إخراجه ، فقال : يا أبت . أو غير ذلك ؟ لعله أن يكون أنفع لي ولك : ترحلني إلى المدينة  ، فأقعد إلى فقهاء أهلها ، وأتأدب بآدابهم ، فوجهه إلى المدينة  ، فاشتهر بها بالعلم والعقل مع حداثة سنه . قال : ثم بعث إليه  عبد الملك بن مروان  عند وفاة أبيه ، وخلطه بولده ، وقدمه على كثير منهم ، وزوجه بابنته فاطمة  التي قيل فيها : بنت الخليفة ، والخليفة جدها أخت الخلائف ، والخليفة زوجها وكان الذين يعيبون عمر  ممن يحسده بإفراطه في النعمة ، واختياله في المشية . 
وقال أبو مسهر   : ولي عمر  المدينة  في إمرة الوليد  من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين . 
قلت : ليس له آثار سنة ثنتين وسبعين بالمدينة  ، ولا سماع من  جابر بن عبد الله  ، ولو كان بها وهو حدث لأخذ عن جابر   . 
وقال أبو بكر بن عياش  حج بالناس عمر بن عبد العزيز  غير مرة ، أولها سنة تسع وثمانين . 
 [ ص: 118 ] ابن سعد   : أخبرنا محمد بن عمر ،  حدثنا ابن أبي الزناد  ، عن أبيه ، قال لما قدم عمر بن عبد العزيز  المدينة  واليا ، فصلى الظهر دعا بعشرة : عروة  ، وعبيد الله ،   وسليمان بن يسار  ، والقاسم  ، وسالم  ، وخارجة  ، وأبي بكر بن عبد الرحمن  ، وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة  ،  وعبد الله بن عامر بن ربيعة  ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه ، ونكون فيه أعوانا على الحق ، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم ، أو برأي من حضر منكم ، فإن رأيتم أحدا يتعدى ، أو بلغكم عن عامل ظلامة ، فأحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني فجزوه خيرا ، وافترقوا . 
الليث بن سعد   : حدثني قادم البربري  أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن  شيئا من قضاء عمر بن عبد العزيز  إذ كان بالمدينة  ، فقال ربيعة   : كأنك تقول : أخطأ ، والذي نفسي بيده ما أخطأ قط . 
				
						
						
