قال معاوية بن يحيى : حدثنا أرطاة قال : قيل : لو جعلت على طعامك أمينا لا تغتال ، وحرسيا إذا صليت ، وتنح عن الطاعون . لعمر بن عبد العزيز
قال : اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوما دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفي .
قال علي بن أبي حملة ، عن الوليد بن هشام قال : لقيني يهودي فقال : إن عمر بن عبد العزيز سيلي ، ثم لقيني آخر ولاية عمر فقال : إن صاحبك قد سقي ، فمره فليتدارك نفسه ، فأعلمت عمر ، فقال : قاتله الله ما أعلمه ، لقد علمت الساعة التي سقيت فيها ، ولو كان شفائي أن أمسح شحمة أذني ما فعلت . وقد رواها أبو عمير بن النحاس ، عن ضمرة ، عنه ، فقال : عن [ ص: 140 ] عمرو بن مهاجر بدل الوليد .
مروان بن معاوية ، عن معروف بن مشكان ، عن مجاهد : قال لي عمر بن عبد العزيز : ما يقول في الناس ؟ قلت : يقولون : مسحور ، قال : ما أنا بمسحور ، ثم دعا غلاما له فقال : ويحك ! ما حملك على أن سقيتني السم ؟ .
قال : ألف دينار أعطيتها ، وعلى أن أعتق ، قال هاتها ، فجاء بها ، فألقاها في بيت المال ، وقال : اذهب حيث لا يراك أحد .
إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن مهاجر قال : اشتهى عمر بن عبد العزيز تفاحا ، فأهدى له رجل من أهل بيته تفاحا ، فقال : ما أطيب ريحه وأحسنه ! وقال : ارفعه يا غلام للذي أتى به ، وأقر مولاك السلام ، وقل له : إن هديتك وقعت عندنا بحيث تحب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! ابن عمك ، ورجل من أهل بيتك ، وقد بلغك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل الهدية ، قال : ويحك ! إن الهدية كانت له هدية ، وهي اليوم لنا رشوة .
قال ابن عيينة : قلت لعبد العزيز بن عمر : ما آخر ما تكلم به أبوك ؟ فقال : كان له من الولد أنا وعبد الله ، وعاصم وإبراهيم ، وكنا أغيلمة ، فجئنا كالمسلمين عليه والمودعين له ، فقيل له : تركت ولدك ليس لهم مال ، ولم تئوهم إلى أحد ، فقال : ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم ، وما كنت لآخذ منهم حقا هو لهم ، وإن وليي الله فيهم الذي يتولى الصالحين ، إنما هم أحد [ ص: 141 ] رجلين : صالح أو فاسق . وقيل : إن الذي كلمه فيهم خالهم مسلمة .
وروى حماد بن زيد ، عن أيوب قال : قيل : يا أمير المؤمنين ! لو أتيت لعمر بن عبد العزيز المدينة ، فإن قضى الله موتا ، دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : والله لأن يعذبني الله بغير النار أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلا .
وروى ابن شوذب ، عن مطر مثله .
وعن ليث بن أبي رقية أن عمر بن عبد العزيز قال : أجلسوني ، فأجلسوه ، فقال : أنا الذي أمرتني فقصرت ، ونهيتني فعصيت ، ثلاثا ، ولكن لا إله إلا الله ، ثم أحد النظر ، وقال : إني لأرى خضرة ما هم بإنس ولا جن ، ثم قبض . وروى نحوها أبو يعقوب الخطابي ، عن السري بن عبيد الله .
وقال المغيرة بن حكيم : قلت لفاطمة بنت عبد الملك : كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه يقول : اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة ، قالت : قلت له : ألا أخرج عنك ، فإنك لم تنم ، فخرجت ، فجعلت أسمعه يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين مرارا ، ثم أطرق ، فلبثت طويلا لا يسمع له حس ، فقلت لوصيف : ويحك ! انظر ، فلما دخل ، صاح ، فدخلت فوجدته ميتا ، قد أقبل بوجهه على القبلة ، ووضع إحدى يديه على فيه ، والأخرى على عينيه . سمعها جرير بن حازم منه . [ ص: 142 ] عن عبيد بن حسان قال : لما احتضر عمر بن عبد العزيز قال : اخرجوا عني ، فقعد مسلمة وفاطمة على الباب ، فسمعوه يقول : مرحبا بهذه الوجوه ليست بوجوه إنس ولا جان ، ثم تلا تلك الدار الآخرة نجعلها الآية . ثم هدأ الصوت ، فقال مسلمة لفاطمة : قد قبض صاحبك فدخلوا فوجدوه قد قبض .
، عن هشام بن حسان خالد الربعي قال : إنا نجد في التوراة أن السماوات والأرض تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحا .
وقال هشام لما جاء نعيه إلى الحسن ، قال : مات خير الناس قال أبو إسحاق الجوزجاني ، حدثنا محمد بن سعيد القرشي ، حدثنا محمد بن مروان العقيلي ، حدثنا يزيد أن الوفد الذين بعثهم عمر بن عبد العزيز إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، قال : فلما بلغه قدومنا ، تهيأ لنا ، وأقام البطارقة على رأسه والنسطورية واليعقوبية إلى أن قال : فأتاني رسوله : أن أجب فركبت ومضيت ، فإذا أولئك قد تفرقوا عنه ، وإذا البطارقة قد ذهبوا ، ووضع التاج ، ونزل عن السرير ، فقال : أتدري لم بعثت إليك ، قلت : لا ، قال : إن صاحب مسلحتي كتب إلي أن الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز مات ، قال : فبكيت ، واشتد بكائي ، وارتفع صوتي ، فقال لي : ما يبكيك ؟ ألنفسك تبكي أم له أم لأهل دينك ؟ قلت : لكل أبكي ، قال : فابك لنفسك ، ولأهل دينك ، [ ص: 143 ] فأما عمر ، فلا تبك له ، فإن الله لم يكن ليجمع عليه خوف الدنيا وخوف الآخرة ، ثم قال : ما عجبت لهذا الراهب الذي تعبد في صومعته وترك الدنيا ، ولكن عجبت لمن أتته الدنيا منقادة ، حتى صارت في يده ثم خلى عنها .
ابن وهب ، عن مالك أن صالح بن علي الأمير سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز فلم يجد من يخبره ، حتى دل على راهب ، فسأله ، فقال : قبر الصديق تريدون ؟ هو في تلك المزرعة .