الخليفة أبو خالد القرشي الأموي الدمشقي ، استخلف بعهد عقده له أخوه سليمان بعد عمر بن عبد العزيز . وأمه هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية . ولد سنة إحدى وسبعين ، وكان أبيض جسيما جميلا مدور الوجه ، لم يتكهل .
قال ابن جابر : أقبل إلى مجلس يزيد بن عبد الملك مكحول ، فهممنا أن نوسع له ، فقال : دعوه يتعلم التواضع .
ابن وهب : حدثنا عبد الرحمن بن يزيد قال : لما توفي عمر بن عبد [ ص: 151 ] العزيز قال يزيد : سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز ، فأتى بأربعين شيخا شهدوا أن الخلفاء ما عليهم حساب ولا عذاب .
وقال ابن الماجشون وآخر : إن يزيد قال : والله ما عمر بن عبد العزيز بأحوج إلى الله مني ، فأقام أربعين يوما يسير بسيرته ، فتلطفت حبابة وغنته أبياتا ، فقال للخادم : ويحك ! قل لصاحب الشرط يصلي بالناس . وهي التي أحب يوما الخلوة معها ، فحذفها بعنبة ، وهي تضحك ، فوقعت في فيها فشرقت ، فماتت ، وبقيت عنده حتى أروحت ، واغتم لها ثم زار قبرها وقال :
فإن تسل عنك النفس أو تدع الصبا فباليأس تسلو عنك لا بالتجلد
وكل خليل زارني فهو قائل :من اجلك هذا هامة اليوم أو غد
ثم رجع ، فما خرج إلا على النعش ، وقيل : عاش بعدها خمسة عشر يوما . وكانت بديعة الحسن ، مجيدة للغناء ، لامه أخوه مسلمة من شغفه بها ، وتركه مصالح المسلمين ، فما أفاد . [ ص: 152 ] وكان لا يصلح للإمامة ، مصروف الهمة إلى اللهو والغواني . قيل : مشى مع جارية في قصوره بعد موت حبابة ، فقالت جاريته :كفى حزنا بالواله الصب أن يرى منازل من يهوى معطلة قفرا