عاصم بن أبي النجود ( 4 ، خ ، م مقرونا )
الإمام الكبير مقرئ العصر ، أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي واسم أبيه بهدلة ، وقيل : بهدلة أمه ، وليس بشيء ، بل هو أبوه ، مولده في إمرة . وقرأ القرآن على معاوية بن أبي سفيان ، أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش الأسدي ، وحدث عنهما ، وعن أبي وائل ، ، وطائفة من كبار التابعين ، وروى فيما قيل عن ومصعب بن سعد الحارث بن حسان البكري ، ورفاعة بن يثربي التميمي أو التيمي ، ولهما صحبة . وهو معدود في صغار التابعين .
حدث عنه عطاء بن أبي رباح ، ، وهما من شيوخه ، وأبو صالح السمان ، وسليمان التيمي ، وأبو عمرو بن العلاء وشعبة ، ، والثوري ، وحماد بن سلمة وشيبان النحوي ، ، وأبان بن يزيد وأبو عوانة ، ، وأبو بكر بن عياش وعدد كثير . وتصدر للإقراء مدة وسفيان بن عيينة بالكوفة ، فتلا عليه أبو بكر ، وحفص بن سليمان ، [ ص: 257 ] والمفضل بن محمد الضبي ، وسليمان الأعمش ، وأبو عمرو ، وحماد بن شعيب ، وأبان العطار ، ، والحسن بن صالح وحماد بن أبي زياد ، ونعيم بن ميسرة وآخرون . وانتهت إليه رئاسة الإقراء بعد شيخه ، قال أبي عبد الرحمن السلمي أبو بكر بن عياش : لما هلك أبو عبد الرحمن ، جلس عاصم يقرئ الناس ، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن ، حتى كأن في حنجرته جلاجل .
قال أبو خيثمة وغيره : اسم أبي النجود بهدلة ، وقال أبو حفص الفلاس : بهدلة أمه .
قال أبو عبيد : كان من قراء أهل الكوفة يحيى بن وثاب ، ، وعاصم بن أبي النجود وسليمان الأعمش ، وهم من موالي بني أسد .
ابن الأصبهاني ، ومحمد بن إسماعيل قالا : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن الحارث بن حسان ، قال : وبلال قائم متقلد سيفا رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر ، أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق ، يقول : ما رأيت أحدا أقرأ من عاصم .
: حدثنا يحيى بن آدم الحسن بن صالح ، قال : ما رأيت أحدا قط أفصح من عاصم بن أبي النجود ، إذا تكلم كاد يدخله خيلاء .
عفان : حدثنا حماد ، أنبأنا عاصم بن أبي النجود ، قال : ما قدمت على أبي وائل من سفر إلا قبل كفي .
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن ، فقال : رجل صالح خير ثقة ، قلت : أي القراءات أحب إليك ؟ قال : قراءة عاصم بن بهدلة أهل المدينة ، فإن لم يكن ، فقراءة عاصم . [ ص: 258 ]
أبو كريب : حدثنا أبو بكر ، قال لي عاصم : مرضت سنتين ، فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفا .
منجاب بن الحارث ; حدثنا شريك ، قال : كان عاصم صاحب همز ومد وقراءة شديدة .
أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، عن شمر بن عطية ، قال : قام فينا رجلان أحدهما أقرأ القرآن لقراءة زيد وهو عاصم ، والآخر أقرأ الناس لقراءة عبد الله وهو الأعمش .
قال أحمد العجلي : عاصم صاحب سنة وقراءة ، كان رأسا في القرآن قدم البصرة فأقرأهم ، قرأ عليه سلام أبو المنذر ، وكان عثمانيا . قرأ عليه الأعمش في حداثته ، ثم قرأ بعده على يحيى بن وثاب .
قال أبو بكر بن عياش : كان عاصم نحويا فصيحا إذا تكلم ، مشهور الكلام ، وكان هو والأعمش وأبو حصين الأسدي لا يبصرون . جاء رجل يوما يقود عاصما فوقع وقعة شديدة فما نهره ، ولا قال له شيئا .
حماد بن زيد ، عن عاصم ، قال : كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ، ونحن غلمة أيفاع .
قلت : هذا يوضح أنه قرأ القرآن على السلمي في صغره .
قال أبو بكر : قال عاصم : من لم يحسن من العربية إلا وجها واحدا لم يحسن شيئا ، ثم قال : ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن ، وكان قد قرأ على علي -رضي الله عنه- وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر بن حبيش ، وكان زر قد قرأ على ابن مسعود ، فقلت لعاصم : لقد استوثقت . رواها عن يحيى بن آدم أبي بكر ، ثم قال : ما أحصي ما سمعت أبا بكر يذكر هذا عن عاصم .
وروى جماعة عن عمرو بن الصباح ، عن حفص الغاضري ، عن [ ص: 259 ] عاصم ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي بالقراءة ، وذكر عاصم أنه لم يخالف أبا عبد الرحمن في شيء من قراءته ، وأن أبا عبد الرحمن لم يخالف عليا -رضي الله عنه- في شيء من قراءته . وروى ، عن أحمد بن يونس أبي بكر ، قال : كل قراءة عاصم قراءة أبي عبد الرحمن إلا حرفا .
أبو بكر عن عاصم ، قال : كان أبو عمرو الشيباني يقرئ الناس في المسجد الأعظم ، فقرأت عليه ، ثم سألته عن آية ، فاتهمني بهوى ، فكنت إذا دخلت المسجد يشير إلي ، ويحذر أصحابه مني . وروي عن حفص بن سليمان ، قال : قال لي عاصم : ما كان من القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن ، فهي التي أقرأتك بها ، وما كان من القراءة التي أقرأت بها أبا بكر بن عياش ، فهي القراءة التي عرضتها على زر عن ابن مسعود .
قال سلمة بن عاصم : كان عاصم بن أبي النجود ذا أدب ونسك وفصاحة ، وصوت حسن .
يزداد بن أبي حماد : حدثنا ، حدثنا يحيى بن آدم أبو بكر ، قال : لم يكن عاصم يعد " الم " آية ، ولا " حم " آية ، ولا " كهيعص " آية ، ولا " طه " آية ولا نحوها .
زياد بن أيوب : حدثنا أبو بكر ، قال : كان عاصم إذا صلى ينتصب كأنه عود ، وكان يكون يوم الجمعة في المسجد إلى العصر ، وكان عابدا خيرا يصلي أبدا ، ربما أتى حاجة ، فإذا رأى مسجدا ، قال : مل بنا ، فإن حاجتنا لا تفوت ، ثم يدخل ، فيصلي .
، عن حسين الجعفي صالح بن موسى ، قال : سمعت أبي سأل عاصم [ ص: 260 ] بن أبي النجود ، فقال : يا أبا بكر علام تضعون هذا من علي -رضي الله عنه- ، " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر . وعلمت مكان الثالث " ؟ فقال عاصم : ما نضعه إلا أنه عنى عثمان هو كان أفضل من أن يزكي نفسه .
قال أبو بكر بن عياش : دخلت على عاصم ، وهو في الموت فقرأ : ( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ) بكسر الراء وهي لغة لهذيل .
أبو هشام الرفاعي : حدثنا يحيى ، حدثنا أبو بكر ، قال : دخلت على عاصم فأغمي عليه ، ثم أفاق ثم قرأ قوله تعالى : ( ثم ردوا إلى الله ) الآية فهمز فعلمت أن القراءة منه سجية .
قلت : كان عاصم ثبتا في القراءة ، صدوقا في الحديث ، وقد وثقه أبو زرعة وجماعة ، وقال أبو حاتم : محله الصدق ، وقال : في حفظه شيء يعني : للحديث لا للحروف ، وما زال في كل وقت يكون العالم إماما في فن مقصرا في فنون . وكذلك كان صاحبه الدارقطني حفص بن سليمان ثبتا في القراءة ، واهيا في الحديث ، وكان الأعمش بخلافه كان ثبتا في الحديث ، لينا في الحروف ، فإن للأعمش قراءة منقولة في كتاب " المنهج " وغيره لا ترتقي إلى رتبة القراءات السبع ، ولا إلى قراءة يعقوب وأبي جعفر . والله أعلم .
قال : النسائي عاصم ليس بحافظ .
توفي عاصم في آخر سنة سبع وعشرين ومائة وقال إسماعيل بن مجالد : توفي في سنة ثمان وعشرين ومائة ، قلت : حديثه في الكتب الستة ، لكن في " الصحيحين " متابعة ، وهذا الحديث أعلى ما وقع لي من حديث عاصم بيني وبينه سبعة أنفس . [ ص: 261 ] قرأت على إسحاق بن طارق ، أخبركم يوسف بن خليل ، أنبأنا خليل بن بدر ، وعلي بن قادشاه ( ح ) وأنبأني عن خليل وعلي أحمد بن سلامة أن أبا علي الحداد أخبرهما ، قال : أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا عبد الله بن فارس حدثنا محمد بن عاصم ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال عاصم ، عن زر ، قال : أتيت صفوان بن عسال فقال لي : ما جاء بك ؟ فقلت : ابتغاء العلم ، قال : وذكر الحديث . فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب