أبو إسحاق السبيعي ( ع )
عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد ، وقيل : عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني الكوفي الحافظ ، شيخ الكوفة وعالمها ومحدثها لم أظفر له بنسب [ ص: 393 ] متصل إلى السبيع ، وهو من ذرية سبيع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان . وكان -رحمه الله- من العلماء العاملين ، ومن جلة التابعين .
قال : ولدت لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ، ورأيت يخطب . علي بن أبي طالب
وروى عن معاوية ، ، وعدي بن حاتم ، وابن عباس ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي جحيفة السوائي ، ، وسليمان بن صرد وعمارة بن رويبة الثقفي ، وعبد الله بن يزيد الأنصاري ، وعمرو بن الحارث الخزاعي ، وغيرهم من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
ورأى أيضا أسامة بن زيد النبوي ، وقرأ القرآن على الأسود بن يزيد ، ، وكان طلابة للعلم ، كبير القدر . وأبي عبد الرحمن السلمي
وروى أيضا عن علقمة بن قيس ، ، ومسروق بن الأجدع والضحاك بن قيس الفهري ، وعمرو بن شرحبيل الهمداني ، ، والحارث الأعور وهبيرة بن يريم ، وشمر بن ذي الجوشن ، وعمر بن سعد الزهري ، ، وعبيدة بن عمرو السلماني وعاصم بن ضمرة ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، ، وعمرو بن ميمون الأودي وصلة بن زفر العبسي ، وسعيد بن وهب الخيواني ، وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي ، وحارثة بن مضرب ، ، وعبد الله بن معقل ، وصلة بن زفر وأبي الأحوص عوف بن مالك ، ومسلم بن نذير ، ، والأسود بن هلال ، وشريح القاضي وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي ، وكميل بن زياد النخعي والمهلب بن أبي صفرة الأمير ، والأسود بن هلال المحاربي وخلق كثير من كبراء التابعين . تفرد بالأخذ عن عدة منهم .
[ ص: 394 ] حدث عنه وهو من شيوخه ، محمد بن سيرين ، والزهري وقتادة ، وهم من أقرانه ، وصفوان بن سليم ومنصور ، ، والأعمش ، وزيد بن أبي أنيسة ، وزكريا بن أبي زائدة ومسعر ، وسفيان ، ، ومالك بن مغول ، وولده وشعبة بن الحجاج يونس بن أبي إسحاق ، وحفيده إسرائيل ، ، وزائدة بن قدامة ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وأشعث بن سوار والمسعودي ، وعمار بن زريق ، ، والحسين بن واقد ، والحسن بن صالح بن حي ، وإبراهيم بن طهمان وأبو وكيع الجراح بن مليح ، ، وجرير بن حازم وحمزة الزيات ، ، وفطر بن خليفة وورقاء بن عمر ، وشعيب بن صفوان ، وشعيب بن خالد ، ، ورقبة بن مصقلة ، وأخوه وزهير بن معاوية حديج بن معاوية ، وأبو عوانة الوضاح ، ، وشريك القاضي وأبو الأحوص سلام بن سليم ، ، وأبو بكر بن عياش وخلق كثير . وهو ثقة حجة بلا نزاع . وقد كبر وتغير حفظه تغير السن ، ولم يختلط . قرأ عليه القرآن عرضا وسفيان بن عيينة حمزة بن حبيب ، فهو أكبر شيخ له في كتاب الله تعالى ، وغزا الروم في دولة معاوية . وقال : سألني معاوية : كم عطاء أبيك ؟ .
قلت : ثلاثمائة في الشهر يعني قال : ففرضها لي . قلت : نعمة طائلة . إذا حصل للفارس قديما وحديثا في الشهر ثلاثمائة درهم مع نصيبه من المغانم .
قال : روى علي بن المديني أبو إسحاق ، عن سبعين رجلا أو ثمانين لم يرو عنهم غيره ، وأحصيت مشيخته نحوا من ثلاثمائة شيخ ، وقال علي في موضع آخر : أربعمائة شيخ ، وقيل : إنه سمع من ثمانية وثلاثين صحابيا .
قال أبو حاتم : هو يشبه الزهري في الكثرة .
وقال الأعمش : كان أصحاب ابن مسعود إذا رأوا أبا إسحاق ، قالوا : هذا عمرو القارئ الذي لا يلتفت . ابن فضيل ، عن أبيه قال : كان أبو إسحاق يقرأ القرآن في كل ثلاث .
[ ص: 395 ] قال ابن سعد في " الطبقات " : هو عمرو بن عبد الله بن علي بن أحمد . ابن ذي يحمد بن السبيع . ثم قال : وأكثر من سماه لم يتجاوز أباه .
قال سفيان ، عن أبي إسحاق : رأيت عليا -رضي الله عنه- أبيض الرأس واللحية .
وقال شريك : سمعته يقول : ولدت في سنتين من إمارة عثمان . وعن : حدثنا أبي بكر بن عياش أبو إسحاق ، قال : غزوت في زمن زياد يعني : ابن أبيه ست غزوات أو سبع غزوات . فمات قبل معاوية ، وما رأيت قط خيرا من زياد ، فقال له رجل : ولا عمر بن عبد العزيز ؟ قال : ما كان زمن زياد إلا عرسا . رواه أبو القاسم البغوي ، عن محمد بن يزيد الكوفي عن أبي بكر . أنبأنا غير واحد سمعوا ابن طبرزد ، أن عبد الوهاب الحافظ أخبره .
قال : أنبأنا أبو محمد بن هزارمرد ، أنبأنا ابن حبابة ، حدثنا البغوي بهذا . وبه إلى البغوي : حدثنا محمود بن غيلان ، عن قال : قال يحيى بن آدم أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق السبيعي ، يقول : سألني معاوية ، كم كان عطاء أبيك ؟ قلت : ثلاثمائة ، ففرض لي ثلاثمائة . وكذلك كانوا يفرضون للرجل في مثل عطاء أبيه ، ثم قال أبو بكر : فأدركت أبا إسحاق ، وقد بلغ عطاؤه ألف درهم من الزيادة .
وقال شعبة : كان أبو إسحاق أكبر من أبي البختري ، لم يدرك أبو البختري عليا ولم يره . وبه : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن أبي إسحاق قال : ضربني علي -رضي الله عنه- بالدرة عند الميضأة .
[ ص: 396 ] حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : قال أبي : قم فانظر إلى أمير المؤمنين ، فإذا هو على المنبر شيخا أبيض الرأس واللحية ، أجلح ضخم البطن ربعة عليه إزار ورداء ليس عليه قميص ، ولم يرفع يده . فقال رجل : يا أبا إسحاق أقنت ؟ قال : لا .
حدثنا محمود ، حدثنا ، حدثنا يحيى بن آدم أبو بكر ، سمعت أبا إسحاق ، يقول : زعم عبد الملك أني أكبر منه بثلاث سنين يعني : ابن عمير .
حدثني شريح ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، سمعت منذ سبعين سنة ، قال : هذا يدل على أنه طلب العلم في حياة صلة بن زفر عائشة . وأبي هريرة
وقال ابن عيينة : دخلت على أبي إسحاق ، فإذا هو في قبة تركية ومسجد على بابها وهو في المسجد ، فقلت : كيف أنت ؟ قال : مثل الذي أصابه الفالج ، ما ينفعني يد ولا رجل ؟ فقلت : أسمعت من الحارث ؟ فقال لي ابنه يوسف : هو قد رأى عليا -رضي الله عنه- فكيف لم يسمع من الحارث ؟ فقلت : يا أبا إسحاق : رأيت عليا ؟ قال : نعم .
قال سفيان : واجتمع الشعبي وأبو إسحاق ، فقال له الشعبي : أنت خير مني يا أبا إسحاق ، قال : لا والله ، بل أنت خير مني ، وأسن مني .
قال سفيان : وقال أبو إسحاق : كانوا يرون السعة عونا على الدين . وبه : حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، سمعت أبا إسحاق ، يقول : ما أقلت عيني غمضا منذ أربعين سنة .
حدثنا أحمد بن عمران ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا أبي قال : أتيت أبا إسحاق بعدما كف بصره ، قال : قلت : تعرفني ؟ قال : فضيل ؟ قلت : نعم قال : إني والله أحبك ، لولا الحياء منك لقبلتك فضمني إلى صدره ، ثم [ ص: 397 ] قال : حدثني أبو الأحوص عن عبد الله لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم نزلت في المتحابين .
قال يونس : كان أبي يقرأ كل ليلة ألف آية . وقال أبو الأحوص : قال لنا أبو إسحاق : يا معشر الشباب اغتنموا يعني : قوتكم وشبابكم ، قلما مرت بي ليلة إلا وأنا أقرأ فيها ألف آية ، وإني لأقرأ البقرة في ركعة ، وإني لأصوم الأشهر الحرم ، وثلاثة أيام من كل شهر والاثنين والخميس .
حدثنا أحمد بن عمران ، سمعت أبا بكر يقول : قال أبو إسحاق : ذهبت الصلاة مني وضعفت ، وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا بالبقرة وآل عمران ، ثم قال الأخنسي : حدثنا العلاء بن سالم العبدي قال : ضعف أبو إسحاق قبل موته بسنتين ، فما كان يقدر أن يقوم حتى يقام ، فإذا استتم قائما قرأ وهو قائم ألف آية .
وقال : حدثنا يحيى بن آدم الحسن بن ثابت ، سمعت الأعمش ، يعجب من حفظ أبي إسحاق لرجاله الذين يروي عنهم ، ثم قال الحسن : وحدثنا يونس بن أبي إسحاق قال : كان الأعمش إذا جاء إلى أبي ، رحمته من طول جلوس الأعمش معه . : سمعت حفص بن غياث الأعمش قال : كنت إذا خلوت بأبي إسحاق ، حدثنا بأحاديث عبد الله غضا ليس عليها غبار . أبو بكر بن عياش : سألت أبا إسحاق : أين كنت أيام المختار ؟ قال : كنت غائبا بخراسان .
[ ص: 398 ] وبه ، حدثنا محمود بن غيلان ، سمعت يقول : لقي أبا أحمد الزبيري أبو إسحاق من الصحابة عليا ، ، وابن عباس ، وابن عمر ومعاوية ، ، وعدي بن حاتم والبراء ، ، وزيد بن أرقم ، وجابر بن سمرة وحارثة بن وهب ، وحبشي بن جنادة ، وأبا جحيفة ، ، والنعمان بن بشير ، وسليمان بن صرد وعبد الله بن يزيد ، ، وجرير بن عبد الله وذا الجوشن ، وعمارة بن رويبة ، ، والأشعث بن قيس والمغيرة ، ، وأسامة بن زيد ، وعمرو بن الحارث ، وعمرو بن حريث ، ورافع بن خديج ، والمسور بن مخرمة وسلمة بن قيس الأشجعي ، وسراقة بن مالك ، وعبد الرحمن بن أبزى -رضي الله عنهم .
قال ابن عيينة : كان أبو إسحاق يخضب .
وقال : أثبت أصحاب يحيى بن معين أبي إسحاق شعبة . والثوري
قال شريك : ولد أبو إسحاق لثلاث سنين بقين من سلطان عثمان .
وقال مغيرة : كنت إذا رأيت أبا إسحاق ، ذكرت به الضرب الأول .
وقال جرير بن عبد الحميد : كان يقال : من جالس أبا إسحاق ، فقد جالس عليا -رضي الله عنه .
قال : كان الإمام أحمد أبو إسحاق تزوج امرأة ، فوقعت إليه كتبه . الحارث الأعور شبابة ، عن شعبة ، ما سمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث يعني : أن أبا إسحاق ، كان يدلس .
قال شعبة ، عن أبي إسحاق قال : شهدت عند شريح في وصية فأجاز شهادتي وحدي . وقيل لشعبة : أسمع أبو إسحاق من مجاهد ؟ قال : وما كان يصنع به ، هو أحسن حديثا من مجاهد ، ومن الحسن ، . وابن سيرين
[ ص: 399 ] قال عمر بن شبيب المسلي : رأيت أبا إسحاق أعمى يسوقه إسرائيل ، ويقوده ابنه يوسف .
وقال ابن عيينة : قال عون بن عبد الله لأبي إسحاق : ما بقي منك ؟ قال : أقرأ البقرة في ركعة . قال : بقي خيرك ، وذهب شرك .
قال : حفظ العلم على الأمة ستة : علي بن المديني فلأهل الكوفة أبو إسحاق ، والأعمش ولأهل البصرة قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ولأهل المدينة الزهري .
قال أبو بكر بن عياش : ما سمعت أبا إسحاق يعيب أحدا قط ، وإذا ذكر رجلا من الصحابة ، فكأنه أفضلهم عنده .
قال : سمعت فضيل بن مرزوق أبا إسحاق يقول : وددت أني أنجو من علمي كفافا .
قال ، أحمد بن حنبل : ويحيى بن معين أبو إسحاق ثقة .
وقال : يحيى بن معين زكريا بن أبي زائدة ، وزهير ، وإسرائيل ، حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء ، وإنما أصحابه شعبة . والثوري
وقال جرير ، عن مغيرة : ما أفسد حديث أهل الكوفة غير أبي إسحاق . والأعمش
قلت : لا يسمع قول الأقران بعضهم في بعض ، وحديث أبي إسحاق محتج به في دواوين الإسلام ، ويقع لنا من عواليه .
قال : توفي يحيى بن سعيد القطان أبو إسحاق في سنة سبع وعشرين ومائة يوم دخول الضحاك بن قيس غالبا على الكوفة .
[ ص: 400 ] قلت : فيها ورخه الهيثم بن عدي ، ، والواقدي ويحيى بن بكير ، وابن نمير ، وأحمد ، وخليفة ، وأبو حفص الفلاس وغيرهم . وروى قال : قال يحيى بن آدم أبو بكر : دفنا أبا إسحاق أيام الخوارج سنة سبع وعشرين . وقال : مات يوم دخل أحمد بن حنبل الضحاك بن قيس الكوفة سنة سبع وقال محمد بن يزيد : سمعت أبا بكر بن عياش يقول : دخل الضحاك الكوفة ، فرأى الجنازة وكثرة ما فيها . فقال : كأن هذا فيهم رباني . وقال أبو نعيم وأبو عبيد : سنة ثمان وعشرين مات والأول أصح . عاش ثلاثا وتسعين سنة ، وبيني وبينه سبعة أنفس بإجازة وثمانية بالاتصال .
أخبرنا أحمد بن سلامة وغيره في كتابهم قالوا : أنبأنا عبد المنعم بن كليب ، أنبأنا علي بن أحمد بن بيان ، أنبأنا محمد بن محمد بن محمد بن مخلد ، أنبأنا إسماعيل بن محمد ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، البراء ، قال : خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، فأحرمنا بالحج ، فلما قدمنا مكة ، قال : اجعلوا حجكم عمرة . فقال الناس : يا رسول الله قد أحرمنا بالحج ، فكيف نجعلها عمرة ؟ فقال : انظروا الذي آمركم به ، فافعلوا . فردوا عليه القول ، فغضب ، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان ، فرأت الغضب في وجهه ، فقالت : من أغضبك ؟ أغضبه الله . قال : وما لي لا أغضب ؟ ! وأنا آمر بالأمر فلا أتبع أخرجه [ ص: 401 ] عن عن النسائي أبي كريب ، والقزويني عن ابن الصباح ، كلاهما عن أبي بكر .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أنبأنا موسى بن عبد القادر ، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء ، أنبأنا علي بن أحمد بن البسري ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي ، حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا لوين ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : . من سأل الله الجنة ثلاث مرات ، قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة ، ومن استجار بالله من النار ، قالت النار : اللهم أجره من النار
قال أحمد بن عبدة : سمعت أبا داود الطيالسي يقول : وجدنا الحديث عند أربعة : الزهري ، وقتادة ، وأبو إسحاق ، ، وكان والأعمش قتادة أعلمهم بالاختلاف ، أعلمهم بالإسناد ، والزهري وأبو إسحاق أعلمهم بحديث علي ، وكان عند وابن مسعود الأعمش من كل هذا ، ولم يكن عند واحد من هؤلاء إلا الفين الفين .