[ ص: 245 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الأنفال  
عرفت بهذا الاسم من عهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : روى الواحدي  في أسباب النزول عن  سعد بن أبي وقاص  قال : " لما كان يوم بدر  قتل أخي عمير  وقتلت  سعيد بن العاصي  فأخذت سيفه فأتيت به النبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال : اذهب القبض ( بفتحتين الموضع الذي تجمع فيه الغنائم ) فرجعت في ما لا يعلمه إلا الله ، قتل أخي وأخذ سلبي . فما جاوزت قريبا حتى نزلت سورة الأنفال  . 
وأخرج  البخاري  ، عن  سعيد بن جبير  ، قال : قلت  لابن عباس  سورة الأنفال قال : " نزلت في بدر    . فباسم الأنفال عرفت بين المسلمين وبه كتبت تسميتها في المصحف حين كتبت أسماء السور في زمن الحجاج ،  ولم يثبت في تسميتها حديث ، وتسميتها سورة الأنفال من أنها افتتحت بآية فيها اسم الأنفال ، ومن أجل أنها ذكر فيها حكم الأنفال كما سيأتي . 
وتسمى أيضا " سورة بدر " ففي الإتقان أخرج أبو الشيخ  عن  سعيد بن جبير  قال : قلت  لابن عباس    : سورة الأنفال قال : تلك سورة بدر . 
وقد اتفق رجال الأثر كلهم على أنها نزلت في غزوة بدر    : قال  ابن إسحاق    : أنزلت في أمر بدر  سورة الأنفال بأسرها ، وكانت غزوة بدر  في رمضان من العام الثاني للهجرة  بعد عام ونصف من يوم الهجرة ، وذلك بعد تحويل القبلة بشهرين ، وكان ابتداء نزولها قبل الانصراف من بدر  فإن الآية الأولى منها نزلت والمسلمون في بدر  قبل قسمة مغانمها ، كما دل عليه حديث  سعد بن أبي وقاص  والظاهر أنها استمر نزولها إلى ما بعد الانصراف من بدر    . 
وفي كلام أهل أسباب النزول ما يقتضي أن آية الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا إلى مع الصابرين نزلت بعد نزول السورة بمدة طويلة ، كما روي عن  ابن عباس ،  وسيأتي تحقيقه هنالك . 
 [ ص: 246 ] وقال جماعة من المفسرين : إن آيات يا أيها النبيء حسبك الله  إلى لا يفقهون  نزلت بالبيداء في غزوة بدر  قبل ابتداء القتال ، فتكون تلك الآية نزلت قبل نزول أول السورة . 
نزلت هذه السورة بعد سورة البقرة ، ثم قيل هي الثانية نزولا بالمدينة ،  وقيل نزلت البقرة ثم آل عمران ثم الأنفال ، والأصح أنها ثانية السور بالمدينة  نزولا بعد سورة البقرة . 
وقد بينت في المقدمات أن نزول سورة بعد أخرى لا يفهم منه أن التالية تنزل بعد انقضاء نزول التي قبلها ، بل قد يبتدأ نزول سورة قبل انتهاء السورة التي ابتدئ نزولها قبل ، ولعل سورة الأنفال قد انتهت قبل انتهاء نزول سورة البقرة ، لأن الأحكام التي تضمنتها سورة الأنفال من جنس واحد وهي أحكام المغانم والقتال ، وتفننت أحكام سورة البقرة أفانين كثيرة : من أحكام المعاملات الاجتماعية ، ومن الجائز أن تكون البقرة نزلت بعد نزولها بقليل سورة آل عمران ، وبعد نزول آل عمران بقليل نزلت الأنفال ، فكان ابتداء نزول الأنفال قبل انتهاء نزول البقرة وآل عمران . وفي تفسير ابن عطية  عند قوله - تعالى - وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم  من هذه السورة قالت فرقة : نزلت هذه الآية كلها بمكة  قال ابن أبزى    : نزل قوله وما كان الله ليعذبهم  بمكة  إثر قولهم أو ائتنا بعذاب أليم  ونزل قوله وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون  عند خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة  وقد بقي بمكة  مؤمنون يستغفرون ونزل قوله وما لهم ألا يعذبهم الله  بعد بدر    . 
وقد عدت السورة التاسعة والثمانين في عداد نزول سور القرآن في رواية  جابر بن زيد  عن  ابن عباس ،  وإنها نزلت بعد سورة آل عمران وقبل سورة الأحزاب . 
وعدد آيها ، في عد أهل المدينة  وأهل مكة  وأهل البصرة    : ست وسبعون ، وفي عد أهل الشام  سبع وسبعون ، وفي عد أهل الكوفة  خمس وسبعون . 
ونزولها بسبب اختلاف أهل بدر  في غنائم يوم بدر  وأنفاله ، وقيل بسبب ما سأله بعض الغزاة النبيء - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم من الأنفال ، كما سيأتي عند تفسير أول آية منها . 
				
						
						
