وعلى ربهم يتوكلون صلة ثالثة ل المؤمنون أو حال منه ، وجعلت فعلا مضارعا للدلالة على تكرر ذلك منهم ، ووصفهم بالتوكل على الله وهو ليقدر للمتوكل تيسيرا مرة ويعوضه عن الكسب المنهي عنه بأحسن منه من الحلال المأذون فيه . وتقدم تفسير التوكل عند قوله الاعتماد على الله في الأحوال والمساعي فإذا عزمت فتوكل على الله في سورة آل عمران .
ومناسبة هذا الوصف للغرض : أنهم أمروا بالتخلي عن الأنفال ، والرضى بقسمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيها ، فمن كان قد حرم من نفل قتيله يتوكل على الله في تعويضه بأحسن منه .
وتقديم المجرور في قوله وعلى ربهم يتوكلون إما للرعاية على الفاصلة فهو من مقتضيات الفصاحة مع ما فيه من الاهتمام باسم الله ، وإما للتعريض بالمشركين ، لأنهم يتوكلون على إعانة الأصنام ، قال - تعالى - واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا فيكون الكلام مدحا للمؤمنين ، وتعريضا بذم المشركين ، ثم فيه تحذير من أن تبقى في نفوس المؤمنين آثار من التعلق بما نهوا عن التعلق به ، لتوهمهم أنهم إذا فوتوه فقد أضاعوا خيرا من الدنيا .