nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28973_31931_32424_31940_30525وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله عطف على الجمل المتقدمة بالواو وبدون إعادة إذ ، فأما عطفه فلأن هاته الجملة لها مزيد الارتباط بالجمل قبلها إذ كانت في معنى النتيجة والأثر لمدلول الجمل قبلها من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وإذ نجيناكم من آل فرعون فإن مضمون تلك الجمل ذكر ما من الله تعالى به عليهم من نعمة تحريرهم من استعباد القبط إياهم وسوقهم إلى الأرض التي وعدهم فتضمن ذلك نعمتي التحرير والتمكين في الأرض وهو جعل الشجاعة طوع يدهم لو فعلوا فلم يقدروا قدر ذلك وتمنوا العود إلى المعيشة في
مصر إذ قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لن نصبر على طعام واحد كما فصلناه لكم هنالك مما حكته التوراة وتقاعسوا عن دخول القرية وجبنوا عن لقاء العدو كما أشارت له الآية الماضية وفصلته آية المائدة فلا جرم إذ لم يشكروا النعمة ولم يقدروها أن تنتزع منهم ويسلبوها ويعوضوا عنها بضدها وهو الذلة المقابلة للشجاعة إذ لم يثقوا بنصر الله إياهم والمسكنة وهي العبودية فتكون الآية مسوقة مساق المجازاة للكلام السابق فهذا وجه العطف .
وأما كونه بالواو دون الفاء فليكون خبرا مقصودا بذاته وليس متفرعا على قول
موسى لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير لأنهم لم يشكروا النعمة فإن شكر النعمة هو إظهار آثارها المقصودة منها كإظهار النصر للحق بنعمة الشجاعة وإغاثة الملهوفين بنعمة الكرم وتثقيف الأذهان بنعمة العلم فكل من لم يشكر النعمة فهو جدير بأن تسلب عنه ويعوض بضدها قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل الآية ، ولو عطف بغير الواو لكان ذكره تبعا لذكر سببه فلم يكن له من الاستقلال ما ينبه البال .
[ ص: 527 ] فالضمير في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم وباءوا إلخ عائدة إلى جميع
بني إسرائيل لا إلى خصوص الذين أبوا دخول القرية والذين قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لن نصبر على طعام واحد بدليل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيئين بغير الحق فإن الذين قتلوا النبيئين هم أبناء الذين أبوا دخول القرية وقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لن نصبر فالإتيان بضمير الغيبة هنا جار على مقتضى الظاهر لأنهم غير المخاطبين فليس هو من الالتفات إذ ليس قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة إلخ من بقية جواب
موسى إياهم لما علمت من شموله للمتحدث عنهم الآبين دخول القرية ولغيرهم ممن أتى بعدهم فقد جاء ضمير الغيبة على أصله ، أما شموله للمخاطبين فإنما هو بطريقة التعريض وهو لزوم توارث الأبناء أخلاق الآباء وشمائلهم كما قررناه في وجه الخطابات الماضية من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وإذ فرقنا بكم البحر الآيات ويؤيده التعليل الآتي بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61ذلك بأنهم كانوا يكفرون المشعر بأن كل من اتصف بذلك فهو جدير بأن يثبت له من الحكم مثل ما ثبت للآخر .
والضرب في كلام العرب يرجع إلى معنى التقاء ظاهر جسم بظاهر جسم آخر بشدة يقال ضرب بعصا وبيده وبالسيف ، وضرب بيده الأرض إذا ألصقها بها ، وتفرعت عن هذا معان مجازية ترجع إلى شدة اللصوق . فمنه ضرب في الأرض . سار طويلا ، وضرب قبة وبيتا في موضع كذا بمعنى شدها ووثقها من الأرض . قال
عبدة بن الطبيب :
إن التي ضربت بيتا مهاجرة
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15934زياد الأعجم :
في قبة ضربت على ابن الحشرج وضرب الطين على الحائط ألصقه
وقد تقدم ما لجميع هذه المعاني عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة والمسكنة استعارة مكنية إذ شبهت الذلة والمسكنة في الإحاطة بهم واللزوم بالبيت أو القبة يضربها الساكن ليلزمها . وذكر الضرب تخييل لأنه ليس له شبيه في علائق المشبه . ويجوز أن يكون ضربت استعارة تبعية وليس ثمة مكنية بأن شبه لزوم الذلة لهم ولصوقها بلصوق الطين بالحائط ، ومعنى التبعية أن المنظور إليه في التشبيه هو الحدث والوصف لا الذات بمعنى أن جريان الاستعارة في الفعل ليس بعنوان كونه تابعا لفاعل كما في التخييلية بل بعنوان كونه حدثا وهو معنى قولهم أجريت في الفعل تبعا لجريانها
[ ص: 528 ] في المصدر وبه يظهر الفرق بين جعل ضربت تخييلا وجعله تبعية وهي طريقة في الآية سلكها
الطيبي في شرح الكشاف وخالفه
التفتزاني وجعل الضرب استعارة تبعية بمعنى الإحاطة والشمول سواء كان المشبه به القبة أو الطين ، وهما احتمالان مقصودان في هذا المقام يشعر بهما البلغاء .
ثم إن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة ليس هو من باب قول
nindex.php?page=showalam&ids=15934زياد الأعجم :
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج
لأن القبة في الآية مشبه بها وليست بموجودة والقبة في البيت يمكن أن تكون حقيقة فالآية استعارة وتصريح والبيت حقيقة وكناية كما نبه عليه
الطيبي وجعل
التفتزاني الآية على الاحتمالين في الاستعارة كناية عن كون
اليهود أذلاء متصاغرين وهي نكت لا تتزاحم . والذلة الصغار وهي بكسر الذال لا غير وهي ضد العزة ولذلك قابل بينهما
السموأل أو
الحارثي في قوله :
وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل
. والمسكنة الفقر مشتقة من السكون لأن الفقر يقلل حركة صاحبه . وتطلق على الضعف ومنه المسكين للفقير .
ومعنى
nindex.php?page=treesubj&link=31931_31940_30525لزوم الذلة والمسكنة لليهود أنهم فقدوا البأس والشجاعة وبدا عليهم سيما الفقر والحاجة مع وفرة ما أنعم الله عليهم فإنهم لما سئموها صارت لديهم كالعدم ولذلك صار الحرص لهم سجية باقية في أعقابهم .
والبوء الرجوع وهو هنا مستعار لانقلاب الحالة مما يرضي الله إلى غضبه .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28973_31931_32424_31940_30525وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ عَطْفٌ عَلَى الْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالْوَاوِ وَبِدُونِ إِعَادَةِ إِذْ ، فَأَمَّا عَطْفُهُ فَلِأَنَّ هَاتِهِ الْجُمْلَةَ لَهَا مَزِيدُ الِارْتِبَاطِ بِالْجُمَلِ قَبْلَهَا إِذْ كَانَتْ فِي مَعْنَى النَّتِيجَةِ وَالْأَثَرِ لِمَدْلُولِ الْجُمَلِ قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَإِنَّ مَضْمُونَ تِلْكَ الْجُمَلِ ذِكْرُ مَا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعْمَةِ تَحْرِيرِهِمْ مِنَ اسْتِعْبَادِ الْقِبْطِ إِيَّاهُمْ وَسَوْقِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي وَعَدَهُمْ فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ نِعْمَتَيِ التَّحْرِيرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ جَعْلُ الشَّجَاعَةِ طَوْعَ يَدِهِمْ لَوْ فَعَلُوا فَلَمْ يُقَدِّرُوا قَدْرَ ذَلِكَ وَتَمَنَّوُا الْعَوْدَ إِلَى الْمَعِيشَةِ فِي
مِصْرَ إِذْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ كَمَا فَصَّلْنَاهُ لَكُمْ هُنَالِكَ مِمَّا حَكَتْهُ التَّوْرَاةُ وَتَقَاعَسُوا عَنْ دُخُولِ الْقَرْيَةِ وَجَبُنُوا عَنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ كَمَا أَشَارَتْ لَهُ الْآيَةُ الْمَاضِيَةُ وَفَصَّلَتْهُ آيَةُ الْمَائِدَةِ فَلَا جَرَمَ إِذْ لَمْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ وَلَمْ يُقَدِّرُوهَا أَنْ تُنْتَزَعَ مِنْهُمْ وَيُسْلَبُوهَا وَيُعَوَّضُوا عَنْهَا بِضِدِّهَا وَهُوَ الذِّلَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلشَّجَاعَةِ إِذْ لَمْ يَثِقُوا بِنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَالْمَسْكَنَةُ وَهِيَ الْعُبُودِيَّةُ فَتَكُونُ الْآيَةُ مَسُوقَةً مَسَاقَ الْمُجَازَاةِ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ فَهَذَا وَجْهُ الْعَطْفِ .
وَأَمَّا كَوْنُهُ بِالْوَاوِ دُونَ الْفَاءِ فَلِيَكُونَ خَبَرًا مَقْصُودًا بِذَاتِهِ وَلَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى قَوْلِ
مُوسَى لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ فَإِنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ هُوَ إِظْهَارُ آثَارِهَا الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا كَإِظْهَارِ النَّصْرِ لِلْحَقِّ بِنِعْمَةِ الشَّجَاعَةِ وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِينَ بِنِعْمَةِ الْكَرَمِ وَتَثْقِيفِ الْأَذْهَانِ بِنِعْمَةِ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعْمَةَ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ تُسْلَبَ عَنْهُ وَيُعَوَّضَ بِضِدِّهَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ الْآيَةَ ، وَلَوْ عَطَفَ بِغَيْرِ الْوَاوِ لَكَانَ ذِكْرُهُ تَبَعًا لِذِكْرِ سَبَبِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الِاسْتِقْلَالِ مَا يُنَبِّهُ الْبَالَ .
[ ص: 527 ] فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ وَبَاءُوا إِلَخْ عَائِدَةٌ إِلَى جَمِيعِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا إِلَى خُصُوصِ الَّذِينَ أَبَوْا دُخُولَ الْقَرْيَةِ وَالَّذِينَ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيئِينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيئِينَ هُمْ أَبْنَاءُ الَّذِينَ أَبَوْا دُخُولَ الْقَرْيَةِ وَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لَنْ نَصْبِرَ فَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ هُنَا جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ الْمُخَاطَبِينَ فَلَيْسَ هُوَ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِذْ لَيْسَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ إِلَخْ مِنْ بَقِيَّةِ جَوَابِ
مُوسَى إِيَّاهُمْ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ شُمُولِهِ لِلْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمُ الْآبِينَ دُخُولَ الْقَرْيَةِ وَلِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَتَى بَعْدَهُمْ فَقَدْ جَاءَ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ عَلَى أَصْلِهِ ، أَمَّا شُمُولُهُ لِلْمُخَاطَبِينَ فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ وَهُوَ لُزُومُ تَوَارُثِ الْأَبْنَاءِ أَخْلَاقَ الْآبَاءِ وَشَمَائِلَهُمْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي وَجْهِ الْخِطَابَاتِ الْمَاضِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ الْآيَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ الْمُشْعِرِ بِأَنَّ كُلَّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَثْبُتَ لَهُ مِنَ الْحُكْمِ مِثْلُ مَا ثَبَتَ لِلْآخَرِ .
وَالضَّرْبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْتِقَاءِ ظَاهِرِ جِسْمٍ بِظَاهِرِ جِسْمٍ آخَرَ بِشِدَّةٍ يُقَالُ ضَرَبَ بِعَصًا وَبِيَدِهِ وَبِالسَّيْفِ ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ إِذَا أَلْصَقَهَا بِهَا ، وَتَفَرَّعَتْ عَنْ هَذَا مَعَانٍ مَجَازِيَّةٌ تَرْجِعُ إِلَى شِدَّةِ اللُّصُوقِ . فَمِنْهُ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ . سَارَ طَوِيلًا ، وَضَرَبَ قُبَّةً وَبَيْتًا فِي مَوْضِعِ كَذَا بِمَعْنَى شَدَّهَا وَوَثَّقَهَا مِنَ الْأَرْضِ . قَالَ
عَبْدَةُ بْنُ الطَّبِيبِ :
إِنَّ الَّتِي ضَرَبَتْ بَيْتًا مُهَاجِرَةٌ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15934زِيَادٌ الْأَعْجَمُ :
فِي قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَجِ وَضَرَبَ الطِّينَ عَلَى الْحَائِطِ أَلْصَقَهُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ إِذْ شُبِّهَتِ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ فِي الْإِحَاطَةِ بِهِمْ وَاللُّزُومِ بِالْبَيْتِ أَوِ الْقُبَّةِ يَضْرِبُهَا السَّاكِنُ لِيَلْزَمَهَا . وَذِكْرُ الضَّرْبِ تَخْيِيلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ فِي عَلَائِقِ الْمُشَبَّهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضُرِبَتِ اسْتِعَارَةً تَبَعِيَّةً وَلَيْسَ ثَمَّةَ مَكْنِيَّةً بِأَنْ شَبَّهَ لُزُومَ الذِّلَّةِ لَهُمْ وَلُصُوقَهَا بِلُصُوقِ الطِّينِ بِالْحَائِطِ ، وَمَعْنَى التَّبَعِيَّةِ أَنَّ الْمَنْظُورَ إِلَيْهِ فِي التَّشْبِيهِ هُوَ الْحَدَثُ وَالْوَصْفُ لَا الذَّاتُ بِمَعْنَى أَنَّ جَرَيَانَ الِاسْتِعَارَةِ فِي الْفِعْلِ لَيْسَ بِعُنْوَانِ كَوْنِهِ تَابِعًا لِفَاعِلٍ كَمَا فِي التَّخْيِيلِيَّةِ بَلْ بِعُنْوَانِ كَوْنِهِ حَدَثًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ أُجْرِيَتْ فِي الْفِعْلِ تَبَعًا لِجَرَيَانِهَا
[ ص: 528 ] فِي الْمَصْدَرِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ جَعْلِ ضُرِبَتْ تَخْيِيلًا وَجَعْلِهِ تَبَعِيَّةً وَهِيَ طَرِيقَةٌ فِي الْآيَةِ سَلَكَهَا
الطَّيِّبِيُّ فِي شَرْحِ الْكَشَّافِ وَخَالَفَهُ
التَّفْتَزَانِيُّ وَجَعَلَ الضَّرْبَ اسْتِعَارَةً تَبَعِيَّةً بِمَعْنَى الْإِحَاطَةِ وَالشُّمُولِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ الْقُبَّةَ أَوِ الطِّينَ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مَقْصُودَانِ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَشْعُرُ بِهِمَا الْبُلَغَاءُ .
ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15934زِيَادٍ الْأَعْجَمِ :
إِنَّ السَّمَاحَةَ وَالْمُرُوءَةَ وَالنَّدَى فِي قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَجِ
لِأَنَّ الْقُبَّةَ فِي الْآيَةِ مُشَبَّهٌ بِهَا وَلَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ وَالْقُبَّةُ فِي الْبَيْتِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً فَالْآيَةُ اسْتِعَارَةٌ وَتَصْرِيحٌ وَالْبَيْتُ حَقِيقَةٌ وَكِنَايَةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ
الطَّيِّبِيُّ وَجَعَلَ
التَّفْتَزَانِيُّ الْآيَةَ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الِاسْتِعَارَةِ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِ
الْيَهُودِ أَذِلَّاءَ مُتَصَاغِرِينَ وَهِيَ نُكَتٌ لَا تَتَزَاحَمُ . وَالذِّلَّةُ الصَّغَارُ وَهِيَ بِكَسْرِ الذَّالِ لَا غَيْرَ وَهِيَ ضِدَّ الْعِزَّةِ وَلِذَلِكَ قَابَلَ بَيْنَهُمَا
السَّمَوْأَلُ أَوِ
الْحَارِثِيُّ فِي قَوْلِهِ :
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا عَزِيزٌ وَجَارُ الْأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
. وَالْمَسْكَنَةُ الْفَقْرُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السُّكُونِ لِأَنَّ الْفَقْرَ يُقَلِّلُ حَرَكَةَ صَاحِبِهِ . وَتُطْلَقُ عَلَى الضَّعْفِ وَمِنْهُ الْمِسْكِينُ لِلْفَقِيرِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=31931_31940_30525لُزُومِ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ لِلْيَهُودِ أَنَّهُمْ فَقَدُوا الْبَأْسَ وَالشَّجَاعَةَ وَبَدَا عَلَيْهِمْ سِيمَا الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ مَعَ وَفْرَةِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ لَمَّا سَئِمُوهَا صَارَتْ لَدَيْهِمْ كَالْعَدَمِ وَلِذَلِكَ صَارَ الْحِرْصُ لَهُمْ سَجِيَّةً بَاقِيَةً فِي أَعْقَابِهِمْ .
وَالْبَوْءُ الرُّجُوعُ وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِانْقِلَابِ الْحَالَةِ مِمَّا يُرْضِي اللَّهَ إِلَى غَضَبِهِ .