nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28981وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون
كان ذكر تكذيبهم الذي جاء في صدر السورة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قال الكافرون إن هذا لسحر مبين ) ، ثم الوعيد عليه بعذاب يحل بهم ، والإشارة إلى أنهم كذبوا بالوعيد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله للناس الشر إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14لننظر كيف تعملون - منذرا بترقب عذاب يحل بهم في الدنيا كما حل بالقرون الذين من قبلهم ،
nindex.php?page=treesubj&link=30984وكان معلوما من خلق النبيء - صلى الله عليه وسلم - رأفته بالناس ورغبته أن يتم هذا الدين وأن يهتدي جميع المدعوين إليه ، فربما كان النبيء يحذر أن ينزل بهم عذاب الاستئصال فيفوت اهتداؤهم . وكان قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون تصريحا بإمكان استبقائهم وإيماء إلى إمهالهم . جاء هذا الكلام بيانا لذلك وإنذارا بأنهم إن أمهلوا فأبقي عليهم في الدنيا فإنهم غير مفلتين من المصير إلى عقاب الآخرة حين يرجعون إلى تصرف الله دون حائل .
[ ص: 184 ] وجاء الكلام على طريقة إبهام الحاصل من الحالين لإيقاع الناس بين الخوف والرجا وإن كان المخاطب به النبيء - صلى الله عليه وسلم .
والمراد بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46بعض الذي نعدهم هو عذاب الدنيا فإنهم أوعدوا بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=47وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك . فالمعنى إن وقع عذاب الدنيا بهم فرأيته أنت أو لم يقع فتوفاك الله فمصيرهم إلينا على كل حال .
فمضمون أو نتوفينك قسيم لمضمون
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46نرينك بعض الذي نعدهم
والجملتان معا جملتا شرط ، وجواب الشرط قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فإلينا مرجعهم
ولما جعل جواب الشرطين إرجاعهم إلى الله المكنى به عن العقاب الآجل ، تعين أن التقسيم الواقع في الشرط ترديد بين حالتين لهما مناسبة بحالة تحقق الإرجاع إلى عذاب الله على كلا التقديرين ، وهما حالة التعجيل لهم بالعذاب في الدنيا وحالة تأخير العذاب إلى الآخرة . وأما إرادة الرسول تعذيبهم وتوفيه بدون إرائته فلا مناسبة لهما بالإرجاع إلى الله على كلتيهما إلا باعتبار مقارنة إحداهما لحالة التعجيل ومناسبة الأخرى لحالة التأخير .
وإنما كني عن التعجيل بأن يريه الله الرسول للإيماء إلى أن حالة تعجيل العذاب لا يريد الله منها إلا الانتصاف لرسوله بأن يريه عذاب معانديه ، ولذلك بني على ضد ذلك ضد التعجيل فكني بتوفيه عن عدم تعجيل العذاب بل عن تأخيره إذ كانت حكمة التعجيل هي الانتصاف للرسول - صلى الله عليه وسلم .
ولما جعل مضمون جملة نتوفينك قسيما لمضمون جملة نرينك تعين أن إراءته ما أوعدوا به من عذاب الدنيا إنما هو جزاء عن تكذيبهم إياه وأذاهم له انتصارا له حتى يكون أمره جاريا على سنة الله في المرسلين ، كما قال
نوح nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=26رب انصرني بما كذبون ، وقد أشار إلى هذا قوله - تعالى - عقبه
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=47ولكل أمة رسول الآية وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=48ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين . وقد أراه الله - تعالى - بعض الذي توعدهم بما لقوا من
[ ص: 185 ] القحط سبع سنين بدعوته عليهم ، وبما أصابهم يوم
بدر من الإهانة ، وقتل صناديدهم ، كما أشار إليه قوله - تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يغشى الناس هذا عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون
والدخان هو ما كانوا يرونه في سنين القحط من شبه الدخان في الأرض . والبطشة الكبرى : بطشة يوم
بدر .
وتأمل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثم تولوا عنه وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16إنا منتقمون
ثم كف الله عنهم عذاب الدنيا إرضاء له أيضا إذ كان يود استبقاء بقيتهم ويقول : لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=30539الكفر بالله فجزاؤه عذاب الآخرة .
فطوي في الكلام جمل دلت عليها الجمل المذكورة إيجازا محكما وصارت قوة الكلام هكذا : وإما نعجل لهم بعض العذاب فنرينك نزوله بهم ، أو نتوفينك فنؤخر عنهم العذاب بعد وفاتك ، أي لانتفاء الحكمة في تعجيله فمرجعهم إلينا ، أي مرجعهم ثابت إلينا دوما فنحن أعلم بالحكمة المقتضية نفوذ الوعيد فيهم في الوقت المناسب في الدنيا إن شئنا في حياتك أو بعدك أو في الآخرة .
وكلمة إما هي ( إن ) الشرطية و ( ما ) المؤكدة للتعليق الشرطي . وكتبت في المصحف بدون نون وبميم مشددة محاكاة لحالة النطق ، وقد أكد فعل الشرط بنون التوكيد فإنه إذا أريد توكيد فعل الشرط بالنون وتعينت زيادة ( ما ) بعد إن الشرطية فهما متلازمان عند
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج وصاحب الكشاف في تفسير قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=77فإما نرينك في سورة غافر ، فلا يقولون إن : تكرمني أكرمك بنون التوكيد ولكن تقولون : إن تكرمني بدون
[ ص: 186 ] نون التوكيد كما أنه لا يقال : إما تكرمني بدون نون التوكيد ولكن تقول : إن تكرمني . وشذ قول
الأعشى :
فإما تريني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها
ثم أكد التعليق الشرطي تأكيدا ثانيا بنون التوكيد وتقديم المجرور على عامله وهو " مرجعهم " للاهتمام . وجملة إلينا مرجعهم اسمية تفيد الدوام والثبات ، أي ذلك أمر في تصرفنا دوما .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46ثم الله شهيد على ما يفعلون معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فإلينا مرجعهم . وحرف " ثم " للتراخي الرتبي كما هو شأن " ثم " في عطفها الجمل . والتراخي الرتبي كون الجملة المعطوفة بها أعلى رتبة من المعطوفة عليها فإن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46ثم الله شهيد على ما يفعلون لاشتمالها على التعريض بالجزاء على سوء أفعالهم كانت أهم مرتبة في الغرض وهو غرض الإخبار بأن مرجعهم إلى الله ; لأن إرجاعهم إلى الله مجمل واطلاعه على أفعالهم المكنى به عن مؤاخذتهم بها هو تفصيل للوعيد المجمل ، والتفصيل أهم من الإجمال . وقد حصل بالإجمال ثم بتفصيله تمام تقرير الغرض المسوق له الكلام وتأكيد الوعيد . وأما كون عذاب الآخرة حاصلا بعد إرجاعهم إلى الله بمهلة - جمع ما فيه من تكلف تقرر تلك المهلة - هو بحيث لا يناسب حمل الكلام البليغ على التصدي لذكره .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46الله شهيد على ما يفعلون خبر مستعمل في معناه الكنائي ، إذ هو كناية عن الوعيد بالجزاء على جميع ما فعلوه في الدنيا بحيث لا يغادر شيئا .
والشهيد : الشاهد ، وحقيقته : المخبر عن أمر فيه تصديق للمخبر ، واستعمل هنا في العالم علم تحقيق .
وعبر بالمضارع في قوله : يفعلون للإشارة إلى أنه عليم بما يحدث من أفعالهم ، فأما ما مضى فهو بعلمه أجدر .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28981وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ
كَانَ ذِكْرُ تَكْذِيبِهِمُ الَّذِي جَاءَ فِي صَدْرِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ) ، ثُمَّ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ بِعَذَابٍ يَحُلُّ بِهِمْ ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِالْوَعِيدِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ - مُنْذِرًا بِتَرَقُّبِ عَذَابٍ يَحُلُّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا حَلَّ بِالْقُرُونِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30984وَكَانَ مَعْلُومًا مِنْ خُلُقِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْفَتُهُ بِالنَّاسِ وَرَغْبَتُهُ أَنْ يَتِمَّ هَذَا الدِّينُ وَأَنْ يَهْتَدِيَ جَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ إِلَيْهِ ، فَرُبَّمَا كَانَ النَّبِيءُ يَحْذَرُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ فَيَفُوتَ اهْتِدَاؤُهُمْ . وَكَانَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمُ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ تَصْرِيحًا بِإِمْكَانِ اسْتِبْقَائِهِمْ وَإِيمَاءً إِلَى إِمْهَالِهِمْ . جَاءَ هَذَا الْكَلَامُ بَيَانًا لِذَلِكَ وَإِنْذَارًا بِأَنَّهُمْ إِنْ أُمْهِلُوا فَأُبْقِيَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مُفْلِتِينَ مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى عِقَابِ الْآخِرَةِ حِينَ يَرْجِعُونَ إِلَى تَصَرُّفِ اللَّهِ دُونَ حَائِلٍ .
[ ص: 184 ] وَجَاءَ الْكَلَامُ عَلَى طَرِيقَةِ إِبْهَامِ الْحَاصِلِ مِنَ الْحَالَيْنِ لِإِيقَاعِ النَّاسِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَا وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ بِهِ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالْمُرَادُ بـِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ هُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ أُوعِدُوا بِعَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ ، قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=47وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ . فَالْمَعْنَى إِنْ وَقَعَ عَذَابُ الدُّنْيَا بِهِمْ فَرَأَيْتَهُ أَنْتَ أَوْ لَمْ يَقَعْ فَتَوَفَّاكَ اللَّهُ فَمَصِيرُهُمْ إِلَيْنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ .
فَمَضْمُونُ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قَسِيمٌ لِمَضْمُونِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ
وَالْجُمْلَتَانِ مَعًا جُمْلَتَا شَرْطٍ ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ
وَلَمَّا جُعِلَ جَوَابُ الشَّرْطَيْنِ إِرْجَاعَهُمْ إِلَى اللَّهِ الْمُكَنَّى بِهِ عَنِ الْعِقَابِ الْآجِلِ ، تَعَيَّنَ أَنَّ التَّقْسِيمَ الْوَاقِعَ فِي الشَّرْطِ تَرْدِيدٌ بَيْنَ حَالَتَيْنِ لَهُمَا مُنَاسَبَةٌ بِحَالَةِ تَحَقُّقِ الْإِرْجَاعِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ ، وَهُمَا حَالَةُ التَّعْجِيلِ لَهُمْ بِالْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَحَالَةُ تَأْخِيرِ الْعَذَابِ إِلَى الْآخِرَةِ . وَأَمَّا إِرَادَةُ الرَّسُولِ تَعْذِيبَهُمْ وَتُوَفِّيهِ بِدُونِ إِرَائَتِهِ فَلَا مُنَاسَبَةَ لَهُمَا بِالْإِرْجَاعِ إِلَى اللَّهِ عَلَى كِلْتَيْهِمَا إِلَّا بِاعْتِبَارِ مُقَارَنَةِ إِحْدَاهُمَا لِحَالَةِ التَّعْجِيلِ وَمُنَاسَبَةِ الْأُخْرَى لِحَالَةِ التَّأْخِيرِ .
وَإِنَّمَا كُنِّيَ عَنِ التَّعْجِيلِ بِأَنْ يُرِيَهُ اللَّهُ الرَّسُولَ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ حَالَةَ تَعْجِيلِ الْعَذَابِ لَا يُرِيدُ اللَّهُ مِنْهَا إِلَّا الِانْتِصَافَ لِرَسُولِهِ بِأَنْ يُرِيَهُ عَذَابَ مُعَانَدِيهِ ، وَلِذَلِكَ بُنِيَ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ ضِدُّ التَّعْجِيلِ فَكُنِّيَ بِتَوَفِّيهِ عَنْ عَدَمِ تَعْجِيلِ الْعَذَابِ بَلْ عَنْ تَأْخِيرِهِ إِذْ كَانَتْ حِكْمَةُ التَّعْجِيلِ هِيَ الِانْتِصَافَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَلَمَّا جَعَلَ مَضْمُونَ جُمْلَةِ نَتَوَفَّيَنَّكَ قَسِيمًا لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ نُرِيَنَّكَ تَعَيَّنَ أَنَّ إِرَاءَتَهُ مَا أُوعِدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ جَزَاءٌ عَنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَأَذَاهُمْ لَهُ انْتِصَارًا لَهُ حَتَّى يَكُونَ أَمْرُهُ جَارِيًا عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ فِي الْمُرْسَلِينَ ، كَمَا قَالَ
نُوحٌ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=26رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا قَوْلُهُ - تَعَالَى - عَقِبَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=47وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ الْآيَةَ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=48وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . وَقَدْ أَرَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بَعْضَ الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِمَا لَقُوا مِنَ
[ ص: 185 ] الْقَحْطِ سَبْعَ سِنِينَ بِدَعْوَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَبِمَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ
بَدْرٍ مِنَ الْإِهَانَةِ ، وَقَتْلِ صَنَادِيدِهِمْ ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ
وَالدُّخَانُ هُوَ مَا كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي سِنِينِ الْقَحْطِ مِنْ شَبَهِ الدُّخَانِ فِي الْأَرْضِ . وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى : بَطْشَةُ يَوْمِ
بَدْرٍ .
وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16إِنَّا مُنْتَقِمُونَ
ثُمَّ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُمْ عَذَابَ الدُّنْيَا إِرْضَاءً لَهُ أَيْضًا إِذْ كَانَ يَوَدُّ اسْتِبْقَاءَ بَقِيَّتِهِمْ وَيَقُولُ : لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُهُ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30539الْكُفْرُ بِاللَّهِ فَجَزَاؤُهُ عَذَابُ الْآخِرَةِ .
فَطُوِيَ فِي الْكَلَامِ جُمَلٌ دَلَّتْ عَلَيْهَا الْجُمَلُ الْمَذْكُورَةُ إِيجَازًا مُحْكَمًا وَصَارَتْ قُوَّةُ الْكَلَامِ هَكَذَا : وَإِمَّا نُعَجِّلُ لَهُمْ بَعْضَ الْعَذَابِ فَنُرِيَنَّكَ نُزُولَهُ بِهِمْ ، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَنُؤَخِّرُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَعْدَ وَفَاتِكَ ، أَيْ لِانْتِفَاءِ الْحِكْمَةِ فِي تَعْجِيلِهِ فَمَرْجِعُهُمْ إِلَيْنَا ، أَيْ مَرْجِعُهُمْ ثَابِتٌ إِلَيْنَا دَوْمًا فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْحِكْمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ نُفُوذَ الْوَعِيدِ فِيهِمْ فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ فِي الدُّنْيَا إِنْ شِئْنَا فِي حَيَاتِكَ أَوْ بَعْدَكَ أَوْ فِي الْآخِرَةِ .
وَكَلِمَةُ إِمَّا هِيَ ( إِنِ ) الشَّرْطِيَّةُ وَ ( مَا ) الْمُؤَكِّدَةُ لِلتَّعْلِيقِ الشَّرْطِيِّ . وَكُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ نُونٍ وَبِمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ مُحَاكَاةً لِحَالَةِ النُّطْقِ ، وَقَدْ أُكِّدَ فِعْلُ الشَّرْطِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ تَوْكِيدُ فِعْلِ الشَّرْطِ بِالنُّونِ وَتَعَيَّنَتْ زِيَادَةُ ( مَا ) بَعْدَ إِنِ الشَّرْطِيَّةِ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجِ وَصَاحِبِ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=77فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ فِي سُورَةِ غَافِرٍ ، فَلَا يَقُولُونَ إِنْ : تُكْرِمَنِّي أُكْرِمْكَ بِنُونِ التَّوْكِيدِ وَلَكِنْ تَقُولُونَ : إِنْ تُكْرِمْنِي بِدُونِ
[ ص: 186 ] نُونِ التَّوْكِيدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ : إِمَّا تُكْرِمْنِي بِدُونِ نُونِ التَّوْكِيدِ وَلَكِنْ تَقُولُ : إِنْ تُكْرِمْنِي . وَشَذَّ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
فَإِمَّا تَرَيْنِي وَلِي لِمَّةٌ فَإِنَّ الْحَوَادِثَ أَوْدَى بِهَا
ثُمَّ أَكَّدَ التَّعْلِيقَ الشَّرْطِيَّ تَأْكِيدًا ثَانِيًا بِنُونِ التَّوْكِيدِ وَتَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ " مَرْجِعُهُمْ " لِلِاهْتِمَامِ . وَجُمْلَةُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ اسْمِيَّةٌ تُفِيدُ الدَّوَامَ وَالثَّبَاتَ ، أَيْ ذَلِكَ أَمْرٌ فِي تَصَرُّفِنَا دَوْمًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ . وَحَرْفُ " ثُمَّ " لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ كَمَا هُوَ شَأْنُ " ثُمَّ " فِي عَطْفِهَا الْجُمَلَ . وَالتَّرَاخِي الرُّتْبِيُّ كَوْنُ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ بِهَا أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى التَّعْرِيضِ بِالْجَزَاءِ عَلَى سُوءِ أَفْعَالِهِمْ كَانَتْ أَهَمَّ مَرْتَبَةً فِي الْغَرَضِ وَهُوَ غَرَضُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَرْجِعَهُمْ إِلَى اللَّهِ ; لِأَنَّ إِرْجَاعَهُمْ إِلَى اللَّهِ مُجْمَلٌ وَاطِّلَاعُهُ عَلَى أَفْعَالِهِمُ الْمُكَنَّى بِهِ عَنْ مُؤَاخَذَتِهِمْ بِهَا هُوَ تَفْصِيلٌ لِلْوَعِيدِ الْمُجْمَلِ ، وَالتَّفْصِيلُ أَهَمُّ مِنَ الْإِجْمَالِ . وَقَدْ حَصَلَ بِالْإِجْمَالِ ثُمَّ بِتَفْصِيلِهِ تَمَامُ تَقْرِيرِ الْغَرَضِ الْمَسُوقِ لَهُ الْكَلَامُ وَتَأْكِيدُ الْوَعِيدِ . وَأَمَّا كَوْنُ عَذَابِ الْآخِرَةِ حَاصِلًا بَعْدَ إِرْجَاعِهِمْ إِلَى اللَّهِ بِمُهْلَةٍ - جُمِعَ مَا فِيهِ مِنْ تَكَلُّفِ تَقَرُّرِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ - هُوَ بِحَيْثُ لَا يُنَاسِبُ حَمْلَ الْكَلَامِ الْبَلِيغِ عَلَى التَّصَدِّي لِذِكْرِهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْكِنَائِيِّ ، إِذْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْوَعِيدِ بِالْجَزَاءِ عَلَى جَمِيعِ مَا فَعَلُوهُ فِي الدُّنْيَا بِحَيْثُ لَا يُغَادِرُ شَيْئًا .
وَالشَّهِيدُ : الشَّاهِدُ ، وَحَقِيقَتُهُ : الْمُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ فِيهِ تَصْدِيقٌ لِلْمُخْبِرِ ، وَاسْتُعْمِلَ هُنَا فِي الْعَالِمِ عِلْمَ تَحْقِيقٍ .
وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ : يَفْعَلُونَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ ، فَأَمَّا مَا مَضَى فَهُوَ بِعِلْمِهِ أَجْدَرُ .