[ ص: 183 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28985_30532وويل للكافرين من عذاب شديد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد
لما أفاد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى صراط العزيز الحميد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض تعريضا بالمشركين الذين اتبعوا صراط غير الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض عطف الكلام إلى تهديدهم وإنذارهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وويل للكافرين من عذاب شديد . أي : للمشركين به آلهة أخرى .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وويل للكافرين إنشاء دعاء عليهم في مقام الغضب والذم ، مثل قولهم : ويحك ، فعطفه من عطف الإنشاء على الخبر .
" وويل " مصدر لا يعرف له فعل . ومعناه الهلاك وما يقرب منه من سوء الحالة ، ولأنه لا يعرف له فعل كان اسم مصدر وعومل معاملة المصادر ، ينصب على المفعولية المطلقة ويرفع لإفادة الثبات ، كما تقدم في رفع الحمد لله في سورة الفاتحة . ويقال : ويل لك وويلك . بالإضافة . ويقال : يا ويلك ، بالنداء . وقد يذكر بعد هذا التركيب سببه فيؤتى به مجرورا بحرف ( من ) الابتدائية كما في قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2من عذاب شديد ، أي : هلاكا ينجر لهم من العذاب الشديد الذي يلاقونه وهو عذاب النار . وتقدم الويل عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم في سورة البقرة .
والكافرون هم المعهودون وهم الذين لم يخرجوا من الظلمات إلى النور ، ولا اتبعوا صراط العزيز الحميد ، ولا انتفعوا بالكتاب الذي أنزل لإخراجهم من الظلمات إلى النور .
[ ص: 184 ] و يستحبون بمعنى يحبون ، فالسين والتاء للتأكيد مثل ( استقدم ) و ( استأخر ) . وضمن يستحبون معنى يؤثرون ; لأن المحبة تعدت إلى الحياة الدنيا عقب ذكر العذاب الشديد لهم ، فأنبأ ذلك أنهم يحبون خير الدنيا دون خير الآخرة إذ كان في الآخرة في شقاء ، فنشأ من هذا معنى الإيثار ، فضمنه فعدي إلى مفعول آخر بواسطة حرف ( على ) في قوله على الآخرة أي : يؤثرونها عليها .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا تقدم نظيره في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا في سورة الأعراف ، وعند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء في سورة آل عمران ، فانظره هنالك .
والصد عن سبيل الله : منع الداخلين في الإسلام من الدخول فيه . شبه ذلك بمن يمنع المار من سلوك الطريق ، وجعل الطريق طريق الله لأنه موصل إلى مرضاته فكأنه موصل إليه ، أو يصدون أنفسهم عن سبيل الله ; لأنهم عطلوا مواهبهم ومداركهم من تدبر آيات القرآن ، فكأنهم صدوها عن السير في سبيل الله ويبغون السبيل العوجاء ، فعلم أن سبيل الله مستقيم ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه .
والإشارة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أولئك في ضلال بعيد للتنبيه على أنهم أحرياء بما وصفوا به من الضلال بسبب صدهم عن سبيل الحق وابتغائهم سبيل الباطل . فـ أولئك في محل مبتدأ و
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3في ضلال بعيد خبر عنه ، ودل حرف الظرفية على أن الضلال محيط بهم فهم متمكنون منه .
ووصف الضلال بالبعيد يجوز أن يكون على وجه المجاز العقلي ، وإنما البعيد هم الضالون ، أي : ضلالا بعدوا به عن الحق فأسند البعد إلى سببه .
ويجوز أن يراد وصفه بالبعد على تشبيهه بالطريق الشاسعة التي يتعذر رجوع سالكها ، أي : ضلال قوي يعسر إقلاع صاحبه عنه . ففيه استبعاد
[ ص: 185 ] لاهتداء أمثالهم كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد . وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا في سورة النساء .
[ ص: 183 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28985_30532وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
لَمَّا أَفَادَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ تَعْرِيضًا بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا صِرَاطَ غَيْرِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ عُطِفَ الْكَلَامُ إِلَى تَهْدِيدِهِمْ وَإِنْذَارِهِمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ . أَيْ : لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ آلِهَةً أُخْرَى .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ إِنْشَاءُ دُعَاءٍ عَلَيْهِمْ فِي مَقَامِ الْغَضَبِ وَالذَّمِّ ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ : وَيْحَكَ ، فَعَطْفُهُ مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ .
" وَوَيْلُ " مَصْدَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ فِعْلٌ . وَمَعْنَاهُ الْهَلَاكُ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ مِنْ سُوءِ الْحَالَةِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ فِعْلٌ كَانَ اسْمَ مَصْدَرٍ وَعُومِلَ مُعَامَلَةَ الْمَصَادِرِ ، يُنْصَبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَيُرْفَعُ لِإِفَادَةِ الثَّبَاتِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي رَفْعِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ . وَيُقَالُ : وَيْلٌ لَكَ وَوَيْلُكَ . بِالْإِضَافَةِ . وَيُقَالُ : يَا وَيْلَكَ ، بِالنِّدَاءِ . وَقَدْ يُذْكَرُ بَعْدَ هَذَا التَّرْكِيبِ سَبَبُهُ فَيُؤْتَى بِهِ مَجْرُورًا بِحَرْفِ ( مِنْ ) الِابْتِدَائِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ، أَيْ : هَلَاكًا يَنْجَرُّ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ الَّذِي يُلَاقُونَهُ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ . وَتَقَدَّمَ الْوَيْلُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الْمَعْهُودُونَ وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَخْرُجُوا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَلَا اتَّبَعُوا صِرَاطَ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ، وَلَا انْتَفَعُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ لِإِخْرَاجِهِمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ .
[ ص: 184 ] وَ يَسْتَحِبُّونَ بِمَعْنَى يُحِبُّونَ ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ مِثْلَ ( اسْتَقْدَمَ ) وَ ( اسْتَأْخَرَ ) . وَضُمِّنَ يَسْتَحِبُّونَ مَعْنَى يُؤْثِرُونَ ; لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَعَدَّتْ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَقِبَ ذِكْرِ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ لَهُمْ ، فَأَنْبَأَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ خَيْرَ الدُّنْيَا دُونَ خَيْرِ الْآخِرَةِ إِذْ كَانَ فِي الْآخِرَةِ فِي شَقَاءٍ ، فَنَشَأَ مِنْ هَذَا مَعْنَى الْإِيثَارِ ، فَضَمَّنَهُ فَعُدِّيَ إِلَى مَفْعُولٍ آخَرَ بِوَاسِطَةِ حَرْفِ ( عَلَى ) فِي قَوْلِهِ عَلَى الْآخِرَةِ أَيْ : يُؤْثِرُونَهَا عَلَيْهَا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، فَانْظُرْهُ هُنَالِكَ .
وَالصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ : مَنْعُ الدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ . شَبَّهَ ذَلِكَ بِمَنْ يَمْنَعُ الْمَارَّ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ ، وَجُعِلَ الطَّرِيقُ طَرِيقَ اللَّهِ لِأَنَّهُ مُوَصِّلٌ إِلَى مَرْضَاتِهِ فَكَأَنَّهُ مُوَصِّلٌ إِلَيْهِ ، أَوْ يَصُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُمْ عَطَّلُوا مَوَاهِبَهُمْ وَمَدَارِكَهُمْ مِنْ تَدَبُّرِ آيَاتِ الْقُرْآنِ ، فَكَأَنَّهُمْ صَدُّوهَا عَنِ السَّيْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَ السَّبِيلَ الْعَوْجَاءَ ، فَعُلِمَ أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ مُسْتَقِيمٌ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ .
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا وُصِفُوا بِهِ مِنَ الضَّلَالِ بِسَبَبِ صَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ وَابْتِغَائِهِمْ سَبِيلَ الْبَاطِلِ . فَـ أُولَئِكَ فِي مَحَلِّ مُبْتَدَأٍ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ خَبَرٌ عَنْهُ ، وَدَلَّ حَرْفُ الظَّرْفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الضَّلَالَ مُحِيطٌ بِهِمْ فَهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْهُ .
وَوَصْفُ الضَّلَالِ بِالْبَعِيدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ هُمُ الضَّالُّونَ ، أَيْ : ضَلَالًا بَعُدُوا بِهِ عَنِ الْحَقِّ فَأُسْنِدَ الْبُعْدُ إِلَى سَبَبِهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ وَصْفُهُ بِالْبُعْدِ عَلَى تَشْبِيهِهِ بِالطَّرِيقِ الشَّاسِعَةِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ رُجُوعُ سَالِكِهَا ، أَيْ : ضَلَالٍ قَوِيٍّ يَعْسُرُ إِقْلَاعُ صَاحِبِهِ عَنْهُ . فَفِيهِ اسْتِبْعَادٌ
[ ص: 185 ] لِاهْتِدَاءِ أَمْثَالِهِمْ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .