إن ربي لسميع الدعاء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق لما دعا الله لأهم ما يهمه وهو إقامة التوحيد وكان يرجو إجابة دعوته ، وأن ذلك ليس بعجب في أمر الله خطر بباله نعمة الله عليه بما كان يسأله ، وهو أن وهب له ولدين في إبان الكبر وحين اليأس من الولادة ; فناجى الله فحمده على ذلك ، وأثنى عليه بأنه سميع الدعاء ، أي : مجيب ، أي : متصف بالإجابة وصفا ذاتيا ، تمهيدا لإجابة دعوته هذه كما أجاب دعوته سلفا ، فهذا مناسبة موقع هذه الجملة بعد ما قبلها بقرينة قوله إن ربي لسميع الدعاء .
واسم الموصول إيماء إلى وجه بناء الحمد ، و ( على ) في قوله على الكبر للاستعلاء المجازي بمعنى ( مع ) ، أي : وهب ذلك تعليا على الحالة التي شأنها أن لا تسمح بذلك ، ولذلك يفسرون ( على ) هذه بمعنى مع ، أي : مع الكبر الذي لا تحصل معه الولادة ، وكان عمر إبراهيم حين ولد له إسماعيل - عليهما السلام - ستا وثمانين سنة ( 86 ) ، وعمره حين ولد له إسحاق - عليهما السلام - مائة سنة ( 100 ) ، وكان لا يولد له من قبل . وجملة إن ربي لسميع الدعاء تعليل لجملة وهب ، أي : وهب ذلك ; لأنه سميع الدعاء ، والسميع مستعمل في إجابة المطلوب كناية ، وصيغ [ ص: 244 ] بمثال المبالغة أو الصفة المشبهة ليدل على كثرة ذلك وأن ذلك شأنه ، فيفيد أنه وصف ذاتي لله تعالى .